الرئيسية

أدوار الصحافة والإعلام في تعـزيز حرية الرأي والتعبير

  • خالد عبداللطيف **

    تشكل الصحافة والإعلام المداخل الأساسية ،لتعزيز حرية الرأي والتعبير في علاقتها بالمرجعيات الحقوقية الكونية والعالمية، التي تنص على اعتبار الحرية موجه جوهري ومطلب أساسي في حياة البشرية جمعاء.

    ولعل وظائف الصحافة والإعلام متعددة وكثيرة، تكمن في نشر الوعي بين الناس من خلال المقالات الهادفة التي تفضح الفساد والمفسدين، وتقدم تصورا جريئا ورؤية واضحة في مناهضة كل أشكال التعذيب ،والحط من الكرامة الإنسانية والتي نص عليها ستور2011 في الفصل22.

    إن الصحافة في شخص الصحافي والإعلامي  باعتبار وظيفته، هي ضرورة تاريخية ومعرفية تعتبر العنصر البشري هو رأسمال الحضارة، ومستقبل الرسالة الإعلامية بتعبير الخبير الإعلامي”مارشال ماكلوهان”، والصحافة  بكل تلويناتها وتعدديتها، واختلاف سياساتها التحريرية المستقلة منها أو الحزبية المكتوبة أو الالكترونية ، تتبث  شرعيتها الأخلاقية وفعاليتها من خلال مراقبة السياسات العمومية وانتقادها،والكشف عن التجاوزات والخروقات داخل المؤسسات العمومية والخاصة،ولنقل مع الخبير الإعلامي “رجيس دوبريه” في كتابه”محاضرات  في علوم الإعلام-الميدلوجيا، بأن الصحافة هي العين الثالثة التي تنتقد كل أنواع التسيير والتدبير داخل المؤسسات الرسمية.فالصحافي أو الإعلامي،تكمن وظيفته أولا كما يصرح بذلك فيليب غايار في كتابه” « les technique de journalismes » :

    1/ جمع الأحداث وتحويلها الى أخبار.

    2/ إعلام الآخرين بها.

    وحسب مارشال ماكلوهان في كتابه”وظائف الصحافة” “فإن الصحافي لاينطلق من فراغ،بل إنه يتمتع بثقافة واسعة تمكنه من التحكم في أدوات استعماله التي خبرها وجربها  مرات متعددة(التحليل – البرهنة- المقارنة- التمحيص) ،حتى لايتعرض لعملية تكييف من إحدى المؤسسات،وحتى تظل الصفة المتأصلة فيه هي: الحياد والاستقلالية والموضوعية والآنية والدقة في نقل الحدث ،وتحويله إلى أخبار.

    صحيح أن وظيفة الصحافة والإعلام هي بالدرجة الأولى مسؤولية والتزام، وحيطة وحذر.وهذه المسؤولية في شموليتها هي جوهر الوظيفة الصحافية والإعلامية،باعتبار دور الصحافي هو امتداد وترسيخ للمرجعيات الحقوقية الكونية والدولية(الاعلان العالمي لحقوق الانسان) الذي صادق عليه مجموعة من الدول من بينها المغرب.فوظيفة الصحافة هي الانخراط الكلي في مشاكل المجتمع والإصغاء لمشاكله وهمومه،وهذا الانخراط هو ميثاق الشرف أو ميثاق التعاقد كما سماه خبير الإعلام (جون غوريبي” صاحب الأوروبية رقم1.

    وهذا التعاقد هو المؤسس الحقيقي لاندماج الصحافي في أجرأة المرجعيات الديموقراطية، المتعارف عليها في الديموقراطيات العريقة(فرنسا- انجلترا- اليونان – أمريكا).ودور الصحافة والإعلام من خلال المعطيات التي ذكرنا، تؤكد أن  الصحافي  هو ملزم يوميا في تتبع أشغال اللجان الدائمة داخل الغرفة الأولى(البرلمان) والغرفة الثانية(مجلس المستشارين)  وتتبع أشغال المنظمات والجمعيات الحقوقية( الهيئة المغربية لحقوق الانسان- الجمعية المغربية  لحقوق الانسان- المنظمة المغربية لحقوق الانسان….) من أجل تشكيل  رؤيا جديدة تمكنه من الارتواء من هذه المرجعيات ، لتشمل أشغال الصحافي في مهنته اليومية.

    إن الصحافة منذ ظهورها،وهي تلح دائما في مطالبها على حرية الرأي والتعبير،ومطالبتها  بتغييب كل القوانين التي تكبل حريتها،فللأسف الشديد مازلنا نلاحظ أن أغلب الصحافيين بالمغرب لايتابعون بقانون الصحافة،وإنما بالقانون الجنائي وفصوله (261-262-263 ) وهو مايعرقل وظيفة الصحافة في ترسيخ حرية الرأي والتعبير.

    ومن وظائف وأدوار الصحافة أيضا ،هو أنها تكشف عن المسكوت عنه داخل المجتمع من خلال فضح التفاوت الكائن بين الجنسين ،ورهانانها على تتبيث  دعائم (مدونة الأسرة) والمناصفة بين الجنسين وتوسيع دائرة الكوطا للنساء  في كل المجالات ابتداء من دعوة الصحافيين إلى تغيير (مدونة الشغل ومدونة الانتخابات) وإعادة فتح النقاش  حاليا حول  مسودة القانون الجنائي، والإصلاحات القضائية الآنية والمستعجلة التي من شأنها  أن تؤثر على المؤسسات الدستورية(الغرفة الأولى والغرفة الثانية) وكذا لمحكمة الدستورية التي دعا اليها  الدستور بدل المجلس الدستوري.

    أكيد أن كل التحولات في المجالات القانونية، وكذا القوانين التنظيمية لمجموعة من مؤسسات الدولة، هي من صميم دور الصحافي الذي ينبغي أن يستوعبها ويستوعب فصولها، ليتم إبلاغها للرأي العام بلغة سهلة وبسيطة خالية من الحشو والتكرار والغموض واللغة الأكاديمية المتعالية.

    فوسائل الإعلام بشقيها المكتوب والالكتروني، المستقل والحزبين وظائفه تكمن  في تنافسيته وفي آلية السبق الصحافي من أجل تنوير القارئ وتتقيفه وتعريفه بحقوقه وواجباته، وهو الدور الجوهري الذي سيظل ملازما للصحافة النزيهة في علاقة بالمواطن وخدمة لمصالحه،  وفي زجرها الكلامي( الشطط في استعمال السلطة) من طرف بعض المؤسسات ،التي  لم تستوعب بعد التحولات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية التي عرفها العالم، ومن بينها المقاربة الاجتماعية .وأن الثقافة التشاركية هي رهان أساسي تنهض به الصحافة والإعلام وتؤسس لدعائمه ومرتكزاته وأسسه بالفعل والقوة ، على حد تعبير  قيدوم الصحافيين المغاربة  محمد العربي المساري.

    **خالد عبداللطيف: باحث في علوم الإعلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى