شوف تشوف

الرئيسيةبانوراما

أنفلونزا الخنازير.. حقيقة فيروس H1N1 بين تطمينات الحكومة وغياب اللقاح

موجة من الهلع تصاحب، هذه الأيام، انتشار فيروس الأنفلونزا من نوع H1N1 في المغرب، حيث حصد المرض، المعروف بأنفلونزا الخنازير، 16 حالة وفاة فيما تماثل 20 آخرون للشفاء، وخضعت 36 حالة للعلاج. وبين تأكيد الحكومة المغربية ومكتب منظمة الصحة العالمية بالمغرب للسيطرة على الوضع والتشديد على طمأنة الرأي العام بأن الوضع لا يستوجب القلق، يظل المواطن المغربي خائفا من وباء يجهل الكثيرون حقيقته وطرق التعامل معه.

إعداد: سهيلة التاور
انتشر، أخيرا وبشكل مفاجئ خلال هذه الفترة، الفيروس المعروف بأنفلونزا الخنازير أو H1N1، ما سبب موجة من الهلع بين المواطنين. ورغم أن الحكومة المغربية تطمئن الرأي العام، إلا أن الفيروس حصد 16 حالة وفاة وتماثل 20 آخرون للشفاء، مع خضوع 36 حالة للعلاج.
وبهذا الخصوص، نشرت وزارة الصحة المغربية بلاغا مشتركا مع مكتب منظمة الصحة العالمية بالرباط، يفيد بأن الوضع تحت السيطرة، وأن الجهات المسؤولة عن مرقبة الأنفلونزا يؤكد غياب أي ارتفاع غير طبيعي لحالات الأنفلونزا الموسمية في البلاد، لافتة الى أن فيروس H1N1 ينتشر في العالم منذ 2010 عند كل موسم للأنفلونزا.
وأكد البيان إجراء مجموعة من الاختبارات الخاصة بالفيروسات المتفشية على مستوى المركز الوطني المرجعي للأنفلونزا بانتظام، دون تسجيل أي صنف جديد منها، موضحا أن الفيروس المنتشر هذا الموسم بالمغرب وعلى المستوى العالمي هو على العموم فيروس الأنفلونزا H1N1، والذي يعد فيروسا بشريا يتفشى منذ عام 2010 خلال كل موسم برد.
وتلقت الحكومة المغربية والسلطات والجهات المسؤولة عن المجال الصحي سيلا من الانتقادات بخصوص طريقة إدارة الوضع الصحي في البلاد وكيفية مواجهة هذا الفيروس، في ظل ضعف التواصل مع المواطنين وعدم تمكينهم من المعلومات الكافية للوقاية من الفيروس وطرق التعامل أثناء إصابة أحد أفراد الأسرة، فضلا عن الضجة التي أثارتها طريقة التدخل لدى مؤسسات صحية في مواجهة عدد من الحالات التي عرضت عليها وفشلت في إنقاذ حياتها بسبب التشخيص الخاطئ أو غياب اللقاح المضاد للفيروس أو تأخر وصوله.
وفي ظل تناقل عدد من المعطيات المغلوطة حول المرض، تتزايد التساؤلات حول حقيقته.

ما هي أنفلونزا الخنازير؟
أنفلونزا الخنازير من الأمراض التي انتشرت أخيرا وهي عبارة عن عدوى يسببها فيروس أنفلونزا يؤذي صحة الخنازير ويسبب تلوثا في رئتي الخنزير. في ظروف معينة، انتقل الفيروس إلى الإنسان وأصبح يهدد حياة الكثيرين عبر انتقال العدوى من شخص إلى آخر. وبالرغم من أن هناك عدة أنواع من الفيروس المسبب لأنفلونزا الخنازير، إلا أن النوع الذي يثير قلق الأجهزة الصحية، بشكل خاص، هو فيروس H1N1. وهذه العدوى عندما تصيب الشخص قد يشعر بالتعب وبأوجاع في الجسم، مع التهاب في الحلق وحمى وسعال.
مرض أنفلونزا الخنازير، في أغلب الحالات، ليس خطيرا، لكنه قد يتطور، في بعض الحالات، إلى التهاب رئوي ومشاكل حادة في الرئتين، بل قد يؤدي إلى الموت أيضا.

عوامل تفشي الأنفلونزا
ينتقل فيروس أنفلونزا الخنازير إلى الشخص من خلال مجموعة من العوامل، على غرار لمس الخنازير الحاملة للفيروس، أو خلال التواجد في مزرعة للخنازير أو في سوق لبيع المواشي. وبالتالي، يمكن للشخص أن ينقل الفيروس إلى أشخاص آخرين، عندما يسعل أو يعطس. فقطرات اللعاب التي تنتشر في الهواء، وقت السعال أو العطس، يمكن أن تصيب الموجودين في المحيط القريب بالعدوى. وتحدث عملية انتقال العدوى عند استنشاق هذه القطرات إلى داخل الجهاز التنفسي. ويمكن أن تحدث العدوى، أيضا، عند لمس الفم أو الأنف بعد لمس مناطق ملوثة بالفيروس، مثل طاولة المكتب أو طاولة العمل.

تشخيص H1N1
عندما يحس الشخص ببعض الأعراض المماثلة للأنفلونزا العادية مع كثير من الآلام، من الواجب عليه أن يتوجه إلى الطبيب بسرعة. وعندما يشك الطبيب في وجود أنفلونزا الخنازير، يقوم بإجراء فحص جسدي شامل ويوجه أسئلة عن الأعراض التي يشعر بها المريض وعن وضعه الصحي بشكل عام. ومن الممكن كذلك أن يأخذ مَسحة من الأنف لفحصها، مخبريا، والتحقق من وجود الفيروس. ويتم إجراء هذا الفحص عند وجود حاجة إلى إجرائه.

الوقاية من أنفلونزا الخنازير
بعد التأكد من الإصابة بأنفلونزا الخنازير يجب على الشخص اتباع الخطوات التالية من أجل علاج المرض وتطويقه. وهناك عدة تدابير يمكن اتخاذها للوقاية من الإصابة بالعدوى، منها:
-الحرص على عدم الاختلاط القريب أو التلامس مع أشخاص مصابين بأنفلونزا الخنازير.
ـ الحرص على غسل اليدين بالصابون والماء. وثمة أنواع من غسول اليدين التي تحتوي على الكحول، قد تكون مفيدة جداً.
– الامتناع عن لمس العينين والفم والأنف، إذ إن هذه هي الطريقة التي ينتقل بها الفيروس.
– الامتناع عن لمس الأسطح التي يمكن أن تكون ملوثة بالفيروس. بعض الفيروسات يمكنها أن تعيش لمدة ساعتين أو أكثر على أسطح معينة، مثل مقابض الأبواب، الطاولات في المقاهي وطاولات العمل.
– الحرص على سلامة الصحة العامة، وعلى الراحة الكافية، والتغذية المتوازنة، المتنوعة والصحية، وعلى شرب كميات كبيرة من السوائل.

تصريحات وزير الصحة
صرح أنس الدكالي، وزير الصحة، بخصوص فيروس الأنفلونزا الذي انتشر بالمغرب أخيرا، بأن التحاليل التي أجريت على 656 عينة إلى غاية فاتح فبراير الجاري، أظهرت أن من أصل 20 في المائة من الأشخاص المصابين بأعراض الأنفلونزا أو عدوى الجهاز التنفسي، فإن 80 في المائة منهم مصابون بأنفلونزا H1N1. وأعرب الوزير عن أسفه لوقوع 11 حالة وفاة نتيجة عدوى التهاب التنفس في كل من مدن الدار البيضاء وطنجة وفاس والرباط وأزيلال وطانطان، مشيرا إلى أن هذه الوفيات سجلت جلها عند فئات شديدة الخطر سواء عمريا أو مصابة بأمراض مزمنة أو مرتبطة بالحمل.
وأضاف الدكالي أن مراقبة الأنفلونزا بدأت منذ سنة 2004 من خلال منظومة وضعتها وزارة الصحة من أجل المراقبة الوبائية لمتلازمة أعراض الأنفلونزا، لافتا إلى أنه يتم في 375 مركزا تتبع منحى هذه الأنفلونزا، ومشددا على أن المنحى يظل عاديا ولا يختلف عن السنوات الماضية. كما يتم القيام بعملية الرصد الفيروسي لمعرفة نوع الأنفلونزا في ثمانية مراكز ومستشفيات وشبكة العلاجات الطبية، مشيرا إلى أن عملية التحاليل تتم في مختبر وطني مرجعي للأنفلونزا، بتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
ولتفادي تفشي الوباء، شدد وزير الصحة على أهمية الإجراءات الوقائية وكذا العلاجية، من خلال تعزيز برنامج رعاية في العالم القروي وتوفير الدواء، مشيرا إلى أهمية الحملة التواصلية التي تم الشروع فيها منذ بداية السنة وإلى غاية اليوم.
وبعد أن سجل توفر الدواء في المستشفيات العمومية والخاصة، شدد الدكالي على أهمية الوقاية من هذه الأنفلونزا، وذلك أساسا عبر اتخاذ تدابير النظافة العامة، من قبيل غسل اليدين بصفة منتظمة، والحد من مخالطة المصابين بالأنفلونزا، وتغطية الفم أو العطس بمنديل ورقي، وكذا التلقيح خاصة للفئات الأكثر عرضة للمضاعفات، مثل المسنين والحوامل والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
وصرح الناطق باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، بدوره، أن اللقاح متوفر وتم تعزيزه، مشددا على استفادة حاملي بطاقة التغطية الصحية من الدواء مجانا. وشددت وزارة الصحة على أن علاج الأنفلونزا يظل علاجا غير محدد، وأن الدواء المضاد للفيروسات ينبغي تخصيصه لحالات الإصابة الحادة، والتي يتم التكفل بها بالمستشفى خلال 48 ساعة من بدء ظهور الأعراض.

غياب اللقاح الفعال
صرحت وكالة الصحة العمومية الفرنسية بأن لقاحات أنفلونزا الخنازير التي تتوفر عليها حاليا الصيدليات بالمملكة المغربية لا يمكنها حماية الشخص المصاب بشكلٍ تام وكلي من عدوى H1N1، حيث إن نسبة فعالية تطويقها للوباء لا تتعدى 59 في المائة في أحسن الحالات وعلى أعلى تقدير.
وبعد توصل المغرب بالدفعة الأولى من اللقاحات قادمة من سويسرا بعد تزايد حالات الإصابة بالوباء ووفاة 11 مواطنا، تم طرحها بالصيدليات بأسعار مرتفعة وتزيد عما هو متعارف عليه عالميا.
وأضافت الوكالة أن السبب في ذلك يرجع إلى كون اللقاحات تم تصنيعها قبل 6 أشهر من موسم انتشار الأنفلونزا، وبالتالي فإن الفيروس قد يكون طرأ عليه بعض التطور وأصبح قادرا على مقاومة اللقاح، وبالتالي تكون إمكانية هزمه أضعف من المتوقع مخبريا. ومن وجهة نظر خبراء فرنسيين، يظل الحل الأمثل لمواجهة أنفلونزا الخنازير هو اتخاذ التدابير الوقائية فقط والالتزام بها بالنسبة لكل الفئات العمرية والطبقات الاجتماعية.
فلا يجب التوقف عند دور السلطات لأجل تطويق الأوبئة، حتى وإن كان هذا الدور محوريا، إذ يجب تظافر جهود الجميع، من مواطنين وهيئات مجتمع مدني وإعلاميين وأطر صحية. وما يجب الحرص عليه هو التوعية الشاملة وطمأنة الرأي العام وتجنب خلق حالة الهلع التي ستؤدي إلى الفوضى واتجاه المواطنين للمستعجلات بدون سبب، ما سيخلق الاكتظاظ وسيمنع من التكفل بالحالات الحرجة والحقيقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى