شوف تشوف

إلياسبوتين 3.3

 

 

 

 

 

تحول بنكيران إلى فزاعة في يد إلياس العماري يخيف به جهات في الدولة مقدما نفسه باعتباره درعا واقية للنظام ضد حزبه، والحال أن هذه الفزاعة ليست سوى وسيلة لمراكمة الثروة باسم السياسة، وما قول إلياس لمقربين منه إنه سيعود للسياسة إذا عاد بنكيران لولاية ثالثة، سوى دليل آخر على أن مصلحة البلاد تقتضي أن يرحلا سويا وأن يغادرا المشهد السياسي بلا رجعة لأنهما أصبحا فعلا يهددان الاستقرار في البلد.

والحقيقة التي يجب أن تفهمها الدولة هي أن العماري وبنكيران وجهان لعملة رديئة واحدة، كل ما تنجح في القيام به هو أنها تطرد العملة الجيدة من السوق وتنفر الناس الجادين من السياسة.

كان مشروع إلياس العماري يسير كما خطط له، أي الحلول في المرتبة الأولى والحصول على منصب رئيس الحكومة كما وعد في انتخابات 2011. لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن إلياس، أو بالأحرى جراراته. فحل ثانيا وحصل بنكيران على ولاية ثانية، واتضح أن المشروع الذي باعه إلياس للدولة فشل، وفشلت معه كل المشاريع الأخرى التي سوقها عبر أذرعه الدعائية، خصوصا بعد رفض شباط الانضمام إلى حلفه الذي خطط لمقاطعة تحالف بنكيران، ليس حبا في بنكيران ولكن لأن إلياس رفض منح شباط رئاسة البرلمان، معتبرا أن منحه مقعد برلماني يكفيه وزيادة.

وهنا انكشفت خطة إلياس لعزل بنكيران وأدخل هذا الأخير البلاد والحياة السياسية في دوامة طيلة ستة أشهر قبل إعفائه من طرف الملك وتعيين العثماني مكانه، والذي شكل حكومته، وبقية القصة تعرفونها.

بعد هذا الاندحار السياسي المدوي لمشروع إلياس العماري، وبعد الخطاب الملكي القاسي الذي أعلن فيه الملك عن فقدانه الثقة في الطبقة السياسية، واستغرابه من بعض السياسيين الذين يفشلون في مهامهم ومع ذلك يطالبون بمناصب أكبر، وهي الإشارة التي التقطها إلياس العماري وانبرى يقول إن الخطاب الملكي يعنيه فأعلن استقالته من الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، وأشاع أنه سيستقيل أيضا من رئاسة جهة طنجة- تطوان وسيعتزل السياسة، قبل أن يتراجع عن هذه الاستقالة معللا ذلك بكون مبادرته لم تلق التجارب المطلوب من بقية الأمناء العامين للأحزاب السياسية الذين لم يعلنوا استقالتهم مثله.

والحقيقة أن عودة إلياس العماري للتشبث بكرسي الأمانة العامة للحزب ورئاسة الجهة كان سببها ظهور لاعب جديد في المشهد السياسي استطاع في عز أزمة الريف أن ينزل إلى شوارع الحسيمة بدون حراسة، وهي الخطوة التي لم يجرؤ إلياس العماري ابن المنطقة على القيام بها خوفا على سلامته.

والحقيقة أن المعركة التي فتح إلياس أبوابها بدأت بعد صعود أخنوش لرئاسة حزب الأحرار وفشل العماري في الوفاء بوعده بالوصول أولا في الانتخابات بعدما جمع مئات المليارات.

فبدأت المناوشات في الميناء بالحسيمة وجاءت قضية محسن فكري وشاع لفظ «طحن مو» وهي اللازمة التي يستعملها العماري في كل محادثاته بشأن خصومه وحتى أصدقائه، فإلياس ليس له أصدقاء بل خدم ومعاونون.

وهكذا انطلقت الحرب على اللاعب الجديد عزيز أخنوش وانطلقت حملة المطالبة بمحاسبته وحملة مقاطعة محطات الوقود التابعة لمجموعته.

وآخر فصول هذه الحرب التي يشنها إلياس العماري شخصيا ضد عزيز أخنوش، اتصاله برئيس الفريق البرلماني لـ”البام” بمجلس المستشارين عزيز بنعزوز، لبرمجة سؤالين موجهين لعزيز أخنوش بصفته وزير الفلاحة حول إجراءات مواجهة الجفاف وخروقات الصيد البحري، رغم أن زعيم “البام” كان يعرف أن المجلس توصل بكتاب من مصطفى الخلفي، وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، فيه اعتذار عزيز أخنوش عن حضور الجلسة البرلمانية بسبب حضوره لنشاط رسمي بوزان.

لكن، وبما أن شلة إلياس كانت تعرف أن الجلسة تبث مباشرة ومن أجل إحراج وزير الفلاحة والصيد البحري، أصروا على طرح السؤال.

وليس هذا فحسب، بل إن إلياس العماري اتصل بالعربي المحرشي، رئيس المجلس الإقليمي لوزان، من خلال مكالمة هاتفية أجراها من مارسيليا حيث يتواجد مع عائلته، يحذره من حضور نشاط عزيز أخنوش المتعلق بافتتاح معرض للزيتون بالإقليم.

لكن رغم كل هذا «التنوعير»، فقد انقلب السحر على الساحر فجأة، فبينما خطط إلياس وزبانيته لكي تجرف أحداث الحسيمة وزير الفلاحة والصيد البحري وتنتهي به أمام لجان المحاسبة لتوقيف مشروع «اللاعب الجديد»، اتضح أخيرا أن الذي أصبح في قفص الاتهام هو إلياس نفسه.

وها قد بدأت قضية الزفزافي تأخذ منعطفا خطيرا، بعد اعتراف جاء على لسان محاميه خلال انعقاد جلسة محاكمته بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، عندما طالب المحكمة باستدعاء إلياس العماري، رئيس جهة طنجة- تطوان- الحسيمة، والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى الجلسة للاستماع إليه بخصوص تحريضه نشطاء الحراك على أفعال خطيرة تمس النظام والمؤسسة الملكية، بحيث كشف الزفزافي لمحاميه أن العماري اتصل به مرارا، وحرضه هو ونشطاء الحراك على التآمر على الملك والبلاد، لكنه رفض.

الأسئلة التي يطرحها اليوم الرأي العام هي هل لهذه المعطيات والتطورات التي يعرفها الملف علاقة بإقدام إلياس العماري مؤخرا على بيع ممتلكاته العقارية وتردده بشكل مستمر على فرنسا لتسوية وضعية استقرار أبنائه الذين تابعوا كلهم دراستهم العليا هناك؟

ومن بين الممتلكات التي شرع إلياس في بيعها بمدينة طنجة، فندق فخم كان في ملكيته رفقة شقيقه وشركاء آخرين، ويتواجد بشاطئ المدينة، وجرت هذه العملية وسط تكتم شديد، واستقر السعر على أزيد من 20 مليار سنتيم.

وهناك علاقة تربط الفندق إياه بمجلس الجهة الذي يترأسه العماري، من خلال إيواء ضيوف الجهة الذين يتم استدعاؤهم لحضور الندوات واللقاءات التي تنظمها.

وسارع إلياس، أيضا، إلى بيع بناية ضخمة توجد في منطقة استراتيجية على بعد أمتار فقط من مقر ولاية جهة طنجة- تطوان- الحسيمة، والتي كان قد اقتناها في وقت سابق لدى الشركة المغربية للتبغ، حيث كان العماري بصدد إقامة مقر رئيسي لمجموعته الإعلامية إذاعة «كاب راديو»، و«آخر ساعة» التي تخلص منها كذلك وساهم في تشريد عشرات الصحافيين والتقنيين، وهناك ممتلكات أخرى مسجلة في أسماء عائلة العماري في طور البيع، ومنها أرض بنواحي الحسيمة اقتناها مؤخرا أحد أقارب نور الدين مضيان، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال.

فهل هو ترتيب للأمور واعتزال السياسة و«التنوعير» من أجل الرحيل عن المغرب نحو باريس، أم هي محاولة لمشاغلة الرأي العام في انتظار أن تهدأ الأمور وتعود لسابق عهدها، مثلما وقع في 2011 عندما هرب إلياس إلى باريس ولم يعد إلا بعدما سلمه بعض «براهش» 20 فبراير القيادة وجمعهم في الفندق المعلوم بطنجة حيث وجد كل واحد منهم ضالته؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى