شوف تشوف

الرئيسية

إيميلي.. المرأة البريطانية التي سرقت قلب أقوى شرفاء الزوايا بالمغرب

من يطمر مولاي عبد السلام بن العربي شريف وزان الكبير، إلا ويقرنه بشجرة مرفوعة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وبالسلطة الدينية التي امتلكها والمكانة العظيمة التي احتلها في ميزان القوى داخل المملكة التي كانت تعيش عهد السيبة. كان يتمتع بصفة الحماية الأجنبية التي وزعتها كل من فرنسا وبريطاينا ثم ألمانيا، واستفاد منها الكثير من كبار التجار المغاربة والشرفاء، وأصبحوا خارج قانون المخزن، محميين من طرف الأجانب.
لكن قصة شريف وزان، الذي كان صيته يضاهي صيت السلطان وقتها، تختلف عن قصص بقية الكبار، حيث اقترن اسمه بـ«إيميلي كيين»، الشقراء التي جاءت إلى المغرب قبل الحماية الفرنسية وتحديدا سنة 1872، استهواها المغرب بعد أن جاءت إليه في مهمة عمل كونها كانت تشتغل في الإدارة البريطانية، وحطت الرحال بوزان قادمة إليها من طنجة، وكان آخر ما تفكر فيه وقتها هو الاستقرار بالمغرب.
في تلك الحقبة، كانت وزان عبارة عن معقل وقلعة نفوذ كبير لأسرة شريف وزان المولى عبد السلام. ورث عن أجداده زاوية يحج إليها الناس من كل حدب وصوب، من جهات المغرب الأربع.
يقول الدكتور محمد اليملاحي الوزاني، وهو حفيد المولى عبد السلام شريف وزان، إن جده كان سيحصل على الحماية البريطانية لو أراد ذلك، خصوصا وأن زوجته شريفة وزان، إيميلي كيين، بريطانية الجنسية، وظلت محتفظة بجنسيتها البريطانية إلى أن توفيت. لكنه رفض الحصول على الحماية البريطانية واكتفى بالفرنسية.
تقدير الأمور يقول إن مولاي الحاج عبد السلام كان يحتاج إلى دعم وجده في فرنسا، بعد أن تزعزعت مكانته في وزان إثر قراره الزواج من «نصرانية» كان ينظر المغاربة وقتها إلى جنسها، نظرة العدو القادم من الشمال.
في ما بعد، وبعد أن أصبحت زوجته إيميلي وأبناؤه يعيشون في طنجة، لعب الاثنان أدوارا حاسمة في فض النزاعات الكبيرة، مسترجعين مكانة العائلة في ميزان القوة السياسية بالمغرب، وتقلبا في المناصب الكبرى للدولة، وأصبحا ممثلين للقصر في منطقة طنجة.
حياة مولاي عبد السلام شريف وزان عرفت تغيرات كثيرة بعد تعرفه على إيميلي كيين، حيث جر عليه ذلك الزواج الكثير من الانتقادات. العائلة، ممثلة في الدكتور الوزاني، تقول إنها باتت تتوفر اليوم على نسخة من عقد زواج إيميلي بمولاي عبد السلام وفي العقد توجد شروط الطرفين. بدت شروط مولاي عبد السلام شريف وزان، أكثر انغلاقا من تلك التي وضعتها إيميلي، إذ طالب في عقد الزواج بأن يعين لها من يرافقها في جولاتها في مدينة وزان، وألا تخرج مكشوفة الرأس. كما طالبت هي من جهتها بما كانت تريد المرأة الحديثة لنفسها أن تعيشه: ألا تقاسمها زوجة أخرى فيه، كما أن الطرفين ارتضيا أن يجعلا أبناءهما من الذكور يتلقون تربية إسلامية دينية وفق الشريعة الإسلامية، ويتولى تربيتهم مسلمون يعينهم مولاي عبد السلام. في حين أن الوضع سيكون مختلفا في حالة إنجاب الإناث، إذ إن إيميلي اتفقت مع شريف وزان في عقد الزواج دائما، على التكلف بتربية بناتها بنفسها، وأن تلقنهن الحياة التي تعلمتها. لكن إيميلي بعد زواجها بشريف وزان، لم تنجب إلا الذكور، وهما مولاي أحمد ومولاي علي اللذان يرقدان قربها اليوم بمقرة للعائلة في أعلى مناطق طنجة وأقربها إلى البحر الأبيض المتوسط.
تقول إيميلي، بخصوص ديانتها، متحدثة في كتابها عن شريف وزان، إنه كان متفهما، وبما أنه مسلم الديانة فإنه يحل له أن يتزوج كتابية، نصرانية، وشرحت أن الدين الإسلامي لا يقف في وجه المسلمين في حال رغبوا في الزواج من كتابية. كانت أسرتها ترفض بالقطع أن تزوج بنتها من رجل مغربي حتى لو كان سيد قومه. والأكثر أن مسألة زواجها من شريف وزان لقيت معارضة شديدة من السلطان المغربي مولاي محمد بن عبد الرحمن، سيما أن العلاقة بين العرش العلوي ومولاي عبد السلام كانت قد بدأت في التدهور قبل زواجه بقليل، لكن الشريف تمرد بل كان يرافقها إلى الكنيسة أيام الآحاد، وتقول إيميلي إنها في الوقت الذي تكون فيه هي منهمكة بتلاوة الصلوات مع بقية البريطانيين الذين اختاروا طنجة مقاما لهم، كان شريف وزان يجلس مطرقا، وذهب الرجل إلى حد تطليق زوجاته المسلمات الثلاث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى