شوف تشوف

الرئيسية

الأخبار ترصد اختلالات التسيير بمستشفى سانية الرمل بتطوان

فضائح رشوة وتعطل متكرر للأجهزة وتوجيه مرضى إلى مصحات خاصة

زيارة قصيرة إلى المستشفى الجهوي سانية الرمل تبين لك بالملموس الفوضى والعشوائية اللذين يطبعان تدبير هذا المرفق العمومي. يتيه المواطن وسط دروب المستشفى الذي بني على مساحة واسعة بحثا عن جواب عن أسئلته الكثيرة كثرة العراقيل والمشاكل التي تصادفه، دون أن يجد أي جواب يذكر سوى إحالته على هذه المصلحة التي تحيله على تلك.
مستعجلات المستشفى في حالة استنفار دائم بسبب كثافة السكان بالمنطقة التي يغطيها إضافة إلى استقباله لحالات من طنجة. الوضع تفاقم بشكل كبير لتنفجر فضائحه في أكثر من مناسبة، والتي وصل بعضها إلى مكتب الوزير الوردي الذي تنتظر منه الساكنة قرارات صارمة لإنقاذ الخدمات الصحية بمدينة تطوان.

تطوان: حسن الخضراوي

احتجاجات ذوي المرضى على ضعف الخدمات الصحية المقدمة بمستشفى سانية الرمل لا تنقطع، وتتسبب في اصطدامات مع الأطر الطبية التي خرجت بدورها في الأيام القليلة الماضية للاحتجاج ودق ناقوس خطر الفوضى التي يعيشها القطاع بتطوان والمضيق/ الفنيدق، وضرورة تدخل وزير الصحة، الوردي لمعالجة الوضع وإصلاح أعطاب التسيير والتدبير التي عمرت طويلا دون حل.

تحذير النقابات

لطالما حذرت العديد من النقابات مما أسمته الوضعية الكارثية للمستشفى الجهوي سانية الرمل بتطوان، وضرورة تدخل الوزارة المسؤولة لتصحيح الاختلالات وتقديم خدمات صحية في المستوى تحترم حق المواطن في الصحة الذي نص عليه الدستور الجديد للمملكة.
النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بتطوان والنقابة الوطنية للصحة العمومية بجهة طنجة تطوان، سبق لهما إصدار بيان للرأي العام تنبهان فيه إلى الوضعية الكارثية التي أصبح يعيشها المستشفى الجهوي سانية الرمل من حيث التنظيم والهيكلة، وتشيران إلى أنهما عقدتا لقاءات عديدة مع إدارة المستشفى الجهوي حول موضوع تدني الخدمات الطبية المقدمة إلى المواطنين بسبب الفوضى وغياب التجهيزات وإكراهات آخرى عدة. غير أنه لم يتم التوصل إلى أي شيء إيجابي في ظل استمرار الفوضى والعشوائية التي تعيشها الإدارة، ما زاد من معاناة المرضى وذويهم.
النقابات وعلى الرغم من تحذيرها الشديد من رصد ميزانية مهمة من طرف المسؤولين لإصلاح المراكز الإدارية على حساب الاستشفائية، إلا أن تحذيرها لم يجد الأذان الصاغية، ما يتطلب بحسبها تدخلا عاجلا من الوردي الوزير المسؤول عن قطاع الصحة في حكومة بنكيران.
الناشطون بهيآت المجتمع المدني بتطوان والعديد من الفاعلين في القطاع الصحي دقوا ناقوس الخطر أكثر من مرة حول مستشفى سانية الرمل الجهوي، الذي يعرف الكثير من المشاكل التي تهم التسيير والتدبير وغياب العديد من الأجهزة الضرورية ما يجعل المرضى يعانون الأمرين للحصول على فرصة للعلاج.

توجيه المرضى إلى المصحات

عبر مجموعة من المواطنين ممن يقصدون مستشفى سانية الرمل للعلاج عن تذمرهم واستيائهم من إرسالهم وتوجيههم من طرف بعض الأطباء إلى مصحات خاصة لإجراء بعض الفحوصات الطبية، بدعوى عدم إمكانية إنجاز ذلك بالمستشفى أو لكون بعض الأجهزة خارج الخدمة بسبب الأعطاب.
بعض ذوي مرضى قسم القلب والشرايين بالمستشفى الجهوي سانية الرمل بتطوان يقولون إنه يتم توجيه العديد منهم إلى مصحة خاصة لإجراء بعض الكشوفات على الرغم من إمكانية إجرائها بمستشفى الحسن الثاني بالمضيق. وقد وجه مواطن من الفنيدق شكاية في الموضوع إلى كل من المندوب ووزير الصحة (تتوفر الأخبار على نسخة منها) وجاء في تفاصيلها أنه نقل والده المسن إلى مستشفى سانية الرمل من أجل العلاج وبعض قضائه ليومين بالعناية المركزة، تم إرساله إلى قسم القلب والشرايين بنفس المستشفى، ليفاجأ بتصرفات غير قانونية لأحد الأطباء الذي يعمل بالقسم، وتتنافى ومهنة الطب، حسب نص الشكاية دائما.
هذا الطبيب يقول المتحدث، أمر والدي بالتوجه إلى مصحة خاصة للقيام ببعض الفحوصات الضرورية (الإيكو) بدعوى أن “مستشفى سانية الرمل لا يتوفر عليها، لكنها موجودة بمستشفى الحسن الثاني بالمضيق الذي كان يجب أن يرسل إليه والدي”، يقول المتحدث ذاته.
الغريب في الأمر، حسب نفس الشكاية، هو مطالبة والدي بمغادرة المستشفى وتسليمه ورقة توجيه إلى المصحة من طرف الطبيب، وهو في حالة صحية حرجة، ليسلم والدي بعدها رقم هاتفي إلى موظفة اتصلت بي لتخبرني بذلك، وعندما التحقت بالمكان دخلت في حوار مع الطبيب حول حيثيات إرسال والدي إلى المصحة الخاصة ليثور في وجهي ويسلبني ورقة التوجيه، دون أي توضيح لسبب “توجيه والدي إلى المصحة الخاصة، عوض توجيهه إلى مستشفى محمد السادس بالمضيق”.
مصادر «الأخبار» الخاصة من داخل مستشفى سانية الرمل تحدثت عن أن المستشفى يفتقر إلى العديد من الأجهزة الطبية الضرورية، الأمر الذي يضاعف معاناة مرضى الطبقة الفقيرة ويعمقها بتوجيههم في الكثير من الأحيان إلى إجراء كشوفات بالمصحات الخاصة تتطلب مبالغ قد تصل إلى 9000 درهم وأكثر. “لذلك على المسؤولين التدخل من أجل توفير كل الأجهزة الضرورية مع الصيانة اللازمة لتقديم خدمات صحية في المستوى ترقى إلى ما يصرح به المسؤولون على المستوى الحكومي بشأن الإصلاح”، تقول المصادر.

إضراب علمي

استنكر أطباء القطاع العام في وقت سابق ما أسموه بسياسة الصمت المطبق من قبل إدارة المستشفى الجهوي والجهات المسؤولة، والمتمثل في عدم الوفاء بالتزامات تم التعهد بتنفيذها، مما أدى إلى تراكم المشاكل وتضخمها، كما خلق حالة من الاحتقان وسط الأطباء والعاملين بمختلف المؤسسات الاستشفائية من جهة، ومن جهة آخرى بين المريض والطبيب المعالج.
في نفس الموضوع صرح كريم عماري «للأخبار» في وقت سابق، وهو أحد أطباء القطاع العام بمستشفى سانية الرمل أن القضية ترجع إلى فبراير 2013، حيث خاض الأطباء ما أسموه إضراب علمي لم يطالب فيه الأطباء بحقوقهم بقدر ما كان هدف الإضراب هو تحقيق حق المواطن في العلاج وسط محيط ملائم والاستفادة من تجهيزات طبية حديثة.
الوزارة آنذاك أرسلت لجنة وزارية في إطار تفاعلها مع مطالب الأطباء فتم الاتفاق على مخطط يروم إعادة هيكلة قسم المستعجلات والإنعاش وقسم العمليات بالإضافة إلى أقسام أخرى لاستقبال المريض وعلاجه في ظروف أحسن. لكن المثير هو أنه منذ الاجتماع الذي جمع الأطباء باللجنة الوزارية لم يتحقق أي شيء يذكر مما تم الاتفاق عليه، كما أن الأطباء فوجئوا خلال الأيام الأخيرة بأن المسؤولين يريدون صرف ميزانية مهمة على تجديد بعض المرافق الإدارية على حساب المرافق الطبية التي تعاني الهشاشة والفوضى وقلة التجهيزات الضرورية التي يحتاجها الأطباء لتقديم خدمات استشفائية للمواطن المريض.
الدكتور عماري يقول إن المريض الذي يقصد المستشفى “لا يمكن استقباله في مرفق إداري فخم وعلاجه بعد ذلك بتجهيزات طبية ليست في المستوى المطلوب وتفتقر إلى الشروط الضرورية. ثم إن التصريحات على أعلى مستوى تتحدث عن إصلاح المنظومة الصحية وتحسن الخدمات الصحية المقدمة، وهذا يخلق لنا صداما مع المواطنين الذين يظنون أن المشكل في الأطباء وحدهم، من غير أن يعرفوا أن الأمر متعلق باختلالات كبيرة في التسيير والتدبير وأن الطبيب يعاني بدوره من سوء المحيط الذي يزاول فيه المهنة وقلة التجهيزات الطبية الضرورية”. ويضيف: “إننا داخل المستشفى نحاول تدبير الواقع ليس إلا… وليس تقديم خدمات علاجية ذات جودة عالية يستفيد منها المواطن”.

فضيحة رشوة

من الفضائح المدوية التي عرفها مستشفى سانية الرمل بتطوان فضيحة الطبيب (م.ل) العامل بقسم المستعجلات. وتعود أطوار الفضيحة إلى شتنبر الماضي، حين تقدم مواطن فرنسي إلى قسم المستعجلات بالمستشفى لإجراء فحوصات طبية لوعكة صحية ألمت به، حيث كان يوجد في المداومة الطبيب (م.ل) الذي طالبه بأداء مبلغ 100 درهم مقابل فحص طبي بسيط أجراه له ووصفة دواء، وهو الأمر الذي لم يتردد المواطن الفرنسي في تلبيته ظنا منه أنه إجراء قانوني، قبل أن يكتشف حين تقدم إلى شباك الأداء طالبا من الموظف المسؤول منحه وصل أداء مقابل مبلغ الـ100 درهم الذي دفعه للطبيب المذكور، أن الفحص يتم مجانا فشرع في الاحتجاج والصراخ داخل قسم المستعجلات قبل التوجه إلى مدير المستشفى لتقديم شكاية في الموضوع.
الطبيب المعني سبق أن قدمت ضده العشرات من الشكايات في محطات مختلفة تتعلق برفض تقديم المساعدة الطبية لأشخاص في حالة خطر، ومنح شهادات طبية مفبركة وغيرها، وكانت آخرها شهادة طبية منحها في ظروف غامضة وبها مدة عجز 45 يوما، تم منحها لأحد الأشخاص بهدف إدخال شخص بريء للسجن، وبعد الخبرة المضادة التي أجريت بأوامر من وكيل الملك تبين بالملموس أن الشهادة مفبركة بالفعل.
وزير الصحة في حكومة بنكيران وبعد واقعة طلب الطبيب رشوة من المواطن الفرنسي سارع إلى إصدار قرار يقضي بتوقيف الطبيب عن عمله وعرضه على هيئة الأطباء لتقول كلمتها الأخيرة في موضوع فصله عن مهنة الطب نهائيا، أو استمراره في مزاولتها، وهو الطبيب نفسه الذي ما زالت بعض القضايا المرفوعة ضده بالمحاكم تنتظر أن يتم البت فيها في الأيام القليلة المقبلة.

أخطاء طبية وخصاص
يعرف قسم الولادة بمستشفى سانية الرمل بتطوان العديد من الاختلالات والأخطاء الطبية التي تسببت في تضرر العديد من النساء الحوامل ممن يقصدن المستشفى من أجل الولادة، نذكر منها خطأ طبيا تسبب في استئصال رحم سيدة وتخريب جهازها البولي. المعنية التي تنحدر من جماعة الجبهة قصدت المستشفى بعد إرسالها من طرف المستوصف الموجود ببلدتها، لعدم توفره على المعدات اللازمة من أجل إجراء عملية قيصرية. وكانت عائلة المعنية بالأمر آنذاك قد حملت المسؤولية لإدارة المستشفى بسبب عدم استشارتها في ما يتعلق بأمر إجراء العملية القيصرية، في حين ردت الإدارة على أن الخطأ وقع بالمستوصف وليس داخل المستشفى.
شكاية أخرى تتوفر «الأخبار» على نسخة منها، وتم توجيهها من طرف زوج يقول إن زوجته تعرضت للإهمال الطبي عندما قصدت المستشفى من أجل وضع مولود، حيث تم ترك ثلاث ضمادات برحمها بعد الولادة، بحسب شكاية الزوج. الأخير يقول إنه يحمل الطبيب الذي أشرف على عملية ولادة زوجته كامل المسؤولية في ما تعرضت له من إهمال طبي والمضاعفات الناتجة عن ذلك، حيث إنه وبعد مرور 15 يوما على وضع زوجته لمولودها بدأت تنبعث رائحة نتنة من رحمها ما تطلب زيارة مختص من أجل إجراء الفحوصات التي كشفت أن رحم الزوجة به ثلاث ضمادات هي السبب في تعفن الرحم.
وطالب الزوج المسؤولين بفتح تحقيق، واتخاذ الاجراءات اللازمة في ما تعرضت له زوجته من إهمال طبي ومضاعفات ذلك على إمكانية إنجابها في المستقبل وصحتها بصفة عامة.
مجموعة من الهيئات الحقوقية أبدت تضامنها مع الزوجة الضحية، وأعلنت مساندتها ودعمها في ما تعرضت له من إهمال طبي.
أما المصالح المسؤولة فقالت إن المستشفى الذي يحاول تلبية حاجيات فئات واسعة من الساكنة يعاني عدة إكراهات أمام كثرة الحالات الواردة عليه، كما أن “الأطر الطبية تقوم بمجهود مضاعف لتقديم العلاجات الضرورية، لكن فوق طاقتك لا يمكن أن تلام”، بحسب تعبير أحد المسؤولين بالقطاع.
قسم المستعجلات بسانية الرمل يعرف احتجاجات دائمة للمواطنين ويحتاج إلى العديد من الأدوية، خاصة الأدوية المضادة للألم، كما يعاني قسم الجراحة والقسم الخاص بطب الأطفال خصاصا مهولا في الموارد البشرية والتجهيزات الضرورية. مصدر طبي كشف أن الأطفال يعهد بمراقبتهم خلال الليل لممرضات متدربات بسبب النقص الحاد في الأطر الطبية، وهذا خلل كبير يجب أن يتم تداركه من المسؤولين في أسرع وقت، يقول المتحدث ذاته.

تعطل الراديو والسكانير

كشفت مصادر خاصة لـ«الأخبار» من داخل المستشفى الجهوي سانية الرمل بتطوان، أن الراديو والسكانير بالمستشفى لا يعملان بشكل منتظم ومستمر على الرغم من الأهمية البالغة لهما في العلاج، ما يتسبب في معاناة للمرضى ويربك عمل الأطر الطبية على حد سواء.
تعطل الراديو والسكانير، حسب المصادر نفسها يحتم على الأطر الطبية إرسال كل الحالات المستعجلة إلى مستشفى مدينة المضيق بواسطة سيارة الإسعاف لإجراء الكشوفات الضرورية ومن ثم الرجوع لتلقي العلاج بسانية الرمل، وهو الأمر الذي يشكل خطرا على الحالات المستعجلة التي ترد على المستشفى بالإضافة إلى الضغط الذي يحدثه لدى مصالح مستشفى المضيق.

مصعد قديم جدا

مصعد مستشفى سانية الرمل يتعطل بشكل مستمر خاصة عند انقطاع التيار الكهربائي، ما يتسبب للمرضى وذويهم في معاناة حقيقية للانتقال بين طبقات المستشفى.
المصعد عتيق جدا، وقد تسبب لأحد العاملين بالمستشفى في بتر أصابع يده، كما أنه يتعطل باستمرار وإصلاحه يتطلب مدة من الزمن لحضور شركة من الدار البيضاء لتباشر عملية إصلاحه بالنظر إلى عقد يجمعها مع المصالح المسؤولة بوزارة الصحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى