شوف تشوف

الرئيسية

الأخبار ترصد فوضى القطاع السياحي بالشمال

تطوان: حسن الخضراوي
الكل يعلم كيف كانت المنطقة الشمالية من قبل، والحال الذي أصبحت عليه اليوم بعد تدشين مشاريع سياحية ضخمة من طرف الملك محمد السادس، وتشييد بنية تحتية مهمة ساهمت في جلب السياحة الداخلية وخلق رواج اقتصادي يبلغ ذروته مع الموسم الصيفي من كل سنة، ويشغل يدا عاملة مهمة بطرق مباشرة وغير مباشرة، فضلا عن الرؤية المستقبلية للمنطقة الساحلية عامة والتحضير لمنافسة الدول المتقدمة في النشاط السياحي وجلب السياحة الخارجية ليستفيد من عائداتها الاقتصاد المحلي والوطني على حد سواء.

هذه المشاريع الملكية، وبعدما أصبح الجميع يتذوق غلتها الأولى، أصبحت مهددة بالتراجع بسبب فشل المجالس الجماعية في مسايرتها، خاصة مع استقبال المناطق الشمالية لعدد هائل وغير متوقع من الزوار، وسط فوضى عارمة تتخبط فيها العديد من القطاعات، وزيادات صاروخية ومزاجية لبعض الخدمات خارج أي مراقبة تذكر من طرف السلطات المسؤولة، ما يتسبب في سخط وتذمر المواطنين من تركهم عرضة للاستغلال من طرف لوبيات جشعة لا يهمها سوى رفع الأسعار واستغلال الطلب المتزايد.

عشوائية الخدمات
يعيش قطاع الخدمات المرتبط بالسياحة بالشمال العديد من الاختلالات الظاهرة، والزيادات الصاروخية التي يتحملها المواطن في غياب أي مراقبة أو تنظيم من طرف السلطات المسؤولة، ما يساهم في انتعاش العشوائية أكثر والتأثير السلبي على الصورة الإيجابية للمشاريع السياحية وعرقلة شروعها في أخذ مكانها بين المنافسين دوليا، فضلا عن تهديد الأمل في الاستمرار في حصد النتائج الإيجابية المشجعة وتحقيق حلم الإقلاع الاقتصادي.
من ضمن الفوضى التي تعيشها المنطقة موسميا انتشار ظاهرة احتلال الملك العمومي بشواطئ تطوان، ما يتسبب في استياء وتذمر المواطنين المصطافين وانزعاجهم من بعض السلوكات المشينة، إذ رغم الحملات المحدودة التي تباشرها السلطات المحلية بين الفينة والأخرى، وتأكيد مصالح الجماعات المسؤولة على أن الولوج إلى الشواطئ بالمجان، فإن بعض الأشخاص يعمدون إلى احتلال مساحات مهمة واستراتيجية من الملك العمومي في ظروف غامضة وفرض أداء المواطن لمبلغ من المال خارج أي قوانين تذكر.
وقال مصدر إن بعض الأشخاص يعمدون إلى احتلال الملك العمومي بالشواطئ في واضحة النهار، بوضعهم كراسي ومظلات واقية من الشمس على الواجهة مقابل كرائها للمصطافين بأثمنة تزيد وتنقص، ويتم تحديدها بمزاجية حسب درجة الطلب ومدى الاكتظاظ.
وكشف المصدر نفسه أن المصطافين الذين يأتون رفقة عائلاتهم ويرغبون في الجلوس بمكان قرب البحر، يفاجؤون باحتلال كافة الأماكن ببعض شواطئ تطوان، ما يحتم عليهم دفع حوالي خمسين درهما في اليوم أو أكثر لضمان مكان مريح، رغم أن الفضاء عمومي وتؤكد جل الجماعات، في بلاغات لها، أنه مجاني، لكن دون جدوى.
وشدد المصدر ذاته على أن بعض مالكي الإقامات الشاطئية الفاخرة يعمدون إلى إقامة حواجز فولاذية بممرات عمومية ويمنعون المصطافين من استعمالها، في تحد صارخ للقوانين، فضلا عن تكليف حراس أمن خاصين للإشراف على المهمة، ما يتطلب التدخل العاجل للسلطات المسؤولة لمعالجة هذه الظواهر التي تخدش وجه السياحة بالمنطقة وتساهم في عزوف السياح على المديين المتوسط والبعيد.
هذا وعبر عدد من المصطافين كذلك عن استيائهم من السلوك الابتزازي لبعض مستخدمي الشركات المكلفة بتدبير مواقف السيارات، وفرض أثمنة خارج دفتر التحملات، باعتماد درجة الطلب دائما، ما يعد خرقا سافرا للقوانين المعمول بها وانتهاكا لحق المواطن في استفادته من المواقف العمومية بأثمان مناسبة ومعقولة.
وقالت مصادر «الأخبار» إن مصالح عمالة المضيق- الفنيدق سبق لها أن توصلت بشكايات متعددة في موضوع الفوضى التي تعرفها بعض المرافق العمومية المرتبطة بالسياحة، قبل أن يسارع العامل إلى مراسلة رؤساء الجماعات الترابية لتنبيههم إلى الاختلالات الواردة في الشكايات وضرورة معالجتها بالسرعة والفعالية المطلوبة، من خلال التقيد ببنود دفتر التحملات المتعلق بعقود كراء مواقف السيارات، مع تفعيل الإجراءات الزجرية لردع المخالفين للقوانين.
وكشفت المصادر نفسها، أن أغلب دفاتر التحملات الخاصة باستغلال مواقف السيارات بالعمالة تحدد أسعار الوقوف في 5 دراهم نهارا و10 ليلا، لكن بعض المستخدمين داخل الشركات يعمدون إلى عدم إشهار الأثمان بغية ابتزاز المواطنين.

فوضى النقل
من أهم المشاكل التي يعيشها المواطنون، خلال الموسم الصيفي بالشمال، فوضى النقل العمومي وارتفاع أثمان الرحلات بشكل صاروخي، فضلا عن السلوكات الاستفزازية والمشينة لبعض سائقي سيارات الأجرة تجاه المسافرين، في غياب كامل للمراقبة الضرورية من طرف السلطات المسؤولة وإهمالها لدورها في ردع المخالفين للقوانين الجاري بها العمل.
وقال أحد المواطنين إن سائقي سيارات الأجرة بمحطة الفنيدق والمضيق يعمدون إلى ترك سياراتهم فارغة والذهاب بعيدا في انتظار اكتظاظ المحطة بالمسافرين، لفرض الأمر الواقع ومضاعفة الأثمان بشكل استفزازي لا يجد معه المواطن بدا من الدفع أو انتظاره تحت الشمس الحارقة، خاصة العائلات التي تصحب أطفالها والأشخاص المسنين.
وأضاف المتحدث ذاته، أن الزيادة التي يفرضها سائقو الطاكسيات تتم بشكل مكشوف، وعندما يحتج المسافر يواجهونه بالعنف اللفظي ودعوته إلى تسجيل شكاية في أي مكتب شاء، سواء لدى السلطات المحلية أو الأمنية أو مصالح العمالة.
وكشف أحد السائقين أن الزيادات تفرضها حالة الازدحام على جميع المحاور الطرقية، وضرورة استعمال الطريق السيار كحل خلال أوقات الذروة، مشددا على أن تصرفات بعض السائقين تختلف من شخص لآخر حسب مزاجه وثقافته والتكوين الذي تلقاه.
وطالب المواطنون السلطات المحلية والأمنية بضرورة التدخل من أجل الحد من فوضى النقل العمومي بصفة عامة، والعمل على إيجاد حلول واقعية باعتماد استراتيجية تقطع مع المزاجية وتفرض احترام المسافر والمواطن زائر المدينة بالدرجة الأولى لتشجيع القطاع السياحي أكثر، في أفق جلب السياحة الخارجية التي تتطلب هيكلة خاصة للخدمات وتكوينا مستمرا يتلقاه كل مستخدمي القطاعات الذين يتواصلون مع السائح بشكل مباشر.

غياب المراقبة
من أخطر ما يتهدد المشاريع السياحية واستراتيجية النظرة المستقبلية لازدهارها وتوسعها، غياب الدور الفعال للمصالح المسؤولة عن المراقبة، وانتشار الفوضى والاستغلال البشع للسائح الذي يظهر مع كل طلب متزايد ويتسبب في تذمر الزوار واستيائهم، فضلا عن خدش الصورة الإيجابية للسياحة التي تروم المشاريع الملكية رسمها على مستوى الساحل الشمالي بصفة عامة.
وقال أحد المهتمين بالقطاع السياحي إن العديد من المطاعم والمقاهي بالشمال ضاعفت أسعار الخدمات بشكل غير مسبوق، إذ وعوض تشجيعها للسياحة أكثر والمساهمة في جلب سياح جدد، بادرت إلى استغلال الطلب المتزايد والرفع من الأثمان كإجراء عشوائي يترك انطباعا سيئا لدى الزائر وتقليل حظوظ عودته مجددا إلى المنطقة، أو حتى نصح الآخرين بمزاياها المتعددة وخدماتها ذات الجودة العالية.
وأضاف المتحدث نفسه، أن المشاريع التي دشنها الملك محمد السادس وفرت بنية تحتية مهمة وأرضية مناسبة لنجاح مجموعة من المشاريع السياحية، خاصة والمرافق العمومية المتعددة والمساحات الخضراء الواسعة وإعادة الهيكلة الشاملة، لكن المشكل هو غياب المتابعة والمراقبة الضرورية من طرف المجالس الجماعية وإهمالها للصيانة المستمرة.
إلى ذلك، يشتكي المواطنون من بعض الظواهر السلبية التي يسهل تداركها، من قبيل غياب مراقبة التصرفات الطائشة لبعض أصحاب الدراجات المائية الذين يزاولون هواياتهم بالقرب من الساحل دون احترامهم الإشارات التي تمنع اقترابهم، ما يزعج المصطافين ويهدد سلامتهم، فضلا عن ضرورة تدخل الجهات المسؤولة لتوسيع مراقبة الشواطئ من طرف المنقذين السباحين واستفادتهم من تكوين شامل، ناهيك عن توفير سيارات الإسعاف وسرعة تدخلها وتأمين الشواطئ من كل ظاهرة مشينة يمكنها التأثير بشكل سلبي على وجه السياحة الإيجابي بالمنطقة.

مجالس فاشلة
فشلت المجالس الجماعية بالشمال في مسايرة الرؤية المستقبلية للمشاريع السياحية التي أشرف على تدشينها الملك، وغابت بصمتها الخاصة بالصيانة المستمرة وتنظيم وتسيير المرافق العمومية، بشكل يضمن راحة سكان المدن والزوار، وتشجيع القطاع السياحي ليكون رافدا مهما في النهوض بالاقتصاد المحلي والوطني، في انتظار الاعتماد عليه كقطاع مهيكل، والقطع بشكل نهائي مع ما اشتهرت به المنطقة من اعتماد على التهريب المعيشي والمنظم والاتجار في الممنوعات بصفة عامة.
وكشفت مصادر أن جماعة الفنيدق أهملت صيانة العديد من المرافق العمومية التي شيدت ليستفيد منها المصطافون بشواطئ المدينة، بحيث توجد المراحيض العمومية على قلتها مثلا في حالة كارثية وافتقارها للكهرباء، فضلا عن غياب الرشاشات التي تم تخريبها بالكامل في ظروف غامضة نتيجة عدم المراقبة الضرورية والصيانة المستمرة.
وأضافت المصادر نفسها، أن ضعف المجالس المنتخبة وافتقارها إلى كفاءات عالية تمكنها من وضع استراتيجية واضحة لمسايرة التحول الذي تعرفه المنطقة، ساهم بشكل كبير في عرقلة نجاح المشاريع والتخبط في عشوائية التسيير والتدبير والصيانة.
ويرى شاب مستثمر في قطاع السياحة أن المنطقة مؤهلة بشكل كبير لتنافس الدول المتقدمة في المجال، بتمكنها من جلب عدد كبير من السياح، لكن غياب هذه العقلية عن المجالس المنتخبة واستغراقها في الحسابات السياسية الضيقة يمكن أن يفوت فرصة حقيقية على البلاد لتحقيق التنمية المنشودة والاقلاع الاقتصادي.
وأضاف المتحدث نفسه، أن بعض المرافق العمومية بتطوان والمآثر التاريخية يتم إهمالها وتترك عرضة لتجمع الأزبال والتخريب رغم الإصلاحات العشوائية الهشة التي تتم بين الفينة والأخرى، دون تقدير أن هذه المرافق والمآثر هي لبنة أساس للاستقطاب السياحي بالموازاة مع حسن الاستقبال وجودة الخدمات المقدمة من جميع القطاعات.
ودعا المتحدث إلى ضرورة التنسيق بين كافة المؤسسات المسؤولة والمصالح المكلفة بالمراقبة وجميع المتدخلين، من أجل مسايرة التدشينات الملكية والإجابة عن سؤال واحد: هو كيف نرضي السائح وفق القوانين الجاري بها العمل؟ ما دام الأخير هو محور كل شيء.

إشاعات غامضة
من أخطر الأسلحة التي تستعمل دوليا في التنافس على جلب السياحة، حرب إطلاق الإشاعات وتضخيمها لتخويف السياح من زيارة منطقة معينة منافسة ورسم صورة سلبية عنها في المخيلة، والمنطقة الشمالية لم تسلم من هذه الإشاعات الغامضة التي يجهل مصدرها، وقد فتحت السلطات الأمنية في موضوعها تحقيقا موسعا لكشف حيثياتها وأهدافها.
ومن ضمن الإشاعات التي تظهر مع كل موسم صيف، إشاعة وجود قناديل البحر من نوع سام وخطير، يمكن أن تتسبب في وفاة المصطاف لحظات بعض تعرضه للسعة مفاجئة، وهي الإشاعة التي انتقلت بسرعة قبل أن يظهر زيفها، لأن القناديل التي ظهرت بالبحر الأبيض المتوسط ثبتت عدم خطورتها على حياة المصطافين ولم تسجل أي حالة غير عادية طيلة الموسم الصيفي. مع هذا الموسم الصيفي أطلقت إشاعة أخرى أكثر خطورة، تتحدث عن وجود أسماك القرش المفترسة بالقرب من الشواطئ الشمالية، والغريب في الأمر هو انتشار فيديوهات توضح هجمات مسجلة ببعض الأفلام السينمائية والتلفزيونية لإثارة الرعب أكثر في صفوف المصطافين، قبل أن يتلقفها رواد المواقع الاجتماعية وتنتشر بسرعة البرق.
يقول أحد المهتمين إن هذه الإشاعات يجهل مصدرها وتظهر مع كل موسم، ما يتطلب من المؤسسات المسؤولة التعامل معها بحذر شديد وعدم الصمت والتجاهل الذي ينعكس بالسلب دائما. وأضاف المتحدث نفسه، أن إشاعة تواجد القرش خلال هذا الموسم تعامل معها المسؤولون باستخفاف، خاصة المجالس الجماعية التي بدا وكأن الأمر لا يعنيها، والسبب هو افتقارها لطاقات وكفاءات تقدر معنى الاستثمار في السياحة والتنافس الدولي الشرس في المجال لكسب ثقة السائح ومساهمته في التنمية وإنعاش الاقتصاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى