شوف تشوف

الرئيسيةخاص

الأخبار تنقل كواليس أسبوع قضاها الوفد المغربي في جوهانسبورغ

جوهانسبورغ: كريم أمزيان
لم يكن الوفد الذي مثل المغرب، في جوهانسبورغ العاصمة الاقتصادية لجنوب إفريقيا، التي احتضنت مؤتمر الحكومات المحلية والمدن الإفريقية، الأسبوع الماضي، يعتقد أنه سيعود إلى البلد منتشيا بفرحة ما حققه من نتائج مبهرة، طيلة حوالي خمسة أيام كانت مليئة عن آخرها ببرنامج يومي، لا يكاد يختلف عن برنامج الملتحقين حديثا بالتجنيد. كان هدفه بلوغ أهداف سطرها «قادة» الوفد الذي ضم أزيد من 140 شخصا، يمثلون عددا من الهيئات المنتخبة وغير المنتخبة، والذين نزلوا بثقلهم الكبير وانصهروا جميعا في بوتقة أنارت أمامهم الطريق، مُتبعين وصفة «سحرية» كانت كافية لـ «ردع» الجزائر والبوليساريو، في حدث قاري ذي أهمية كبيرة.
إنزال مغربي مكثف
أول مكونات الوفد المغربي وضع أقدامه في جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا، بلد الزعيم نيلسون مانديلا، يوم 27 نونبر الماضي، بعد أزيد من 16 ساعة من الطيران والتحليق في السماء، ثم بدأ الآخرون يصلون تباعا يوما بعد يوم، لحضور حفل افتتاح مؤتمر الحكومات المحلية والمدن الإفريقية «أفريسيتي 2015»، في دورته السابعة، والذي انطلق صبيحة يوم الأحد الماضي، وكان فيه الوفد المغربي بارزا بقوة، بين باقي المشاركين، إذ عرف الفضاء الذي تقام فيه أشغال المؤتمر قبل بدايته بحوالي ساعتين، إنزالا مكثفا للمغاربة الذين يمكن تمييزهم من خلال اللباس الذي اختاروا ارتداءه، بالإضافة إلى وضعهم «شالات» مرسوم عليها العلم المغربي باللون الأحمر، فكان ذلك كافيا لتمييزهم عن الآخرين، وجعلت حضورهم لافتا للانتباه، خصوصا أنهم توزعوا في كل أرجاء المكان، وتعمدوا الانتشار في مختلف أركانه في بهو كبير، بين بقية المشاركين القادمين من دول إفريقية أخرى، فكانت فرصة «ثمينة» للتعارف معهم.
حيثما وليت وجهك، قبل دخول الوفد الرسمي، إيذانا بإعطاء الانطلاقة الرسمية لأكبر تجمع للمسؤولين والمنتخبين الذين تضمهم القارة الإفريقية، (أفريسيتي 2015)، كنت تجد المشاركين واقفين مثنى وثلاثا ورباعا، في كل تجمع يوجد مغربي أو اثنان، تقسموا بطريقة غاية في الدقة، إذ تعمدوا اختراق الوفود الأخرى، حريصين على تطبيق خطة مدروسة بعناية كبيرة، فدخلوا مع زملائهم المنتمين إلى جنسيات أخرى، في أحاديث ومناقشات تهدف، في نهاية المطاف، إلى تعريفهم أكثر بالمغرب، ووضع تصور موحد لأهداف المؤتمر، الذي قدموا جميعا لحضوره، سعيا منهم إلى تجاوز كل العراقيل المفترض مواجهتها، خصوصا في آخر مرحلة من المؤتمر، خلال الجمع العام للمنظمة التي ينتخب فيها رئيسها الذي تستمر ولايته ثلاث سنوات، والذي كان فيه هذه السنة صراع محتدم بين ثلاثة مرشحين، كان انتخاب واحد منهم في صالح المغرب، أما الآخرين فيهددان مصالحه وأجندته السياسية.
الحديث الذي دار بين المشاركين المغاربة ونظرائهم القادمين من دول أخرى، قبيل بداية المؤتمر، اعتبره البعض «حملة انتخابية» سابقة لأوانها لدعم المرشح المقرب من المغرب، غير أن جوهره في الأصل كان تقريب مخاطبيهم من حقيقة النزاع المفتعل بخصوص ملف الصحراء المغربية، وإعطائهم وصفا دقيقا لطرح مقترح الحكم الذاتي الذي يتبناه المغرب ويدافع عنه باستماتة قوية، عملا بالتوجيهات التي قدمت لهم، قبل إيفادهم لتمثيل المغرب دبلوماسيا في جوهانسبورغ، وتطبيقا للتعليمات التي أعطيت لهم صبيحة المؤتمر في الفندق الذي يجمعهم.
لحظات قليلة فقط قبل إعطاء الضوء الأخضر لبداية «أفريسيتي 2005»، ظهر الوفد الرسمي المغربي، الذي ترأسه الشرقي الضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، المرفوق بعبد اللطيف بنشريفة، الوالي المدير العام للجماعات المحلية، وإلياس العماري رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة، وامحند العنصر رئيس جهة فاس مكناس، وعبد الصمد سكال رئيس جهة الرباط سلا القنيطرة، وعبد النبي بيوي رئيس الجهة الشرقية، فضلا عن عبد العزيز العماري، وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، وإدريس الأزمي، الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، واللذين حضرا بصفتهما رئيسي مجلسي مدينتي الدار البيضاء وفاس، ورؤساء المجالس الإقليمية، وعدد من رؤساء مجالس الجماعات المنتمين إلى الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، فضلا عن عدد من المسؤولين في وزارة الداخلية.
حضور الوفد الرسمي الذي يمثل المغرب، كان بارزا بقوة في الصفوف الأمامية للمشاركين في المؤتمر، إذ كان واضحا أن وجوده كان مكثفا، واتضح أنه يولي أهمية كبيرة لخدمة القضايا المشتركة بين كل دول القارة الإفريقية، التي تجمعها منظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية، التي يوجد مقرها في الرباط، ما جعله يتمكن من إجهاض كل التحركات السلبية على الساحة الإفريقية التي تحاك ضد المغرب، وتحركها الجزائر، أشهرا قبل إعلان احتضان جنوب إفريقيا هذا الحدث، بدل بوتسوانا.

مشاركان شبح اسمهما الجزائر و«البوليساريو»
الكل أجمع على أن الجزائر وصنيعتها «البوليساريو»، كانا مشاركين شبحا في مؤتمر الحكومات المحلية والمدن الإفريقية في دورته السابعة، على الرغم من أن قبول جنوب إفريقيا البلد المنظم هذه السنة «أفريسيتي 2015» يعد اعترافا بـ «قيام» «البوليساريو» كدولة، واعتبارها هي أيضا تحتوي على مدن، تعتبرها فلسفة المنظمة التي توحد الدول الإفريقية، حكومات محلية، على الرغم من عدم وجود ذلك في الواقع، غير البؤس والفقر الذي يعانيه سكان مخيمات تندوف.
المغاربة لم يتقبلوا في البداية مشاركتهما، خصوصا «البوليساريو»، وفكر البعض في مقاطعة هذا الحدث القاري، كما جرى بعد سحب المغرب عضويته من الاتحاد الإفريقي، بعيد اعترافه بـ«الدولة الوهمية»، إذ كان هناك تخوف كبير من أن يقع احتكاك بين مشاركي البلدين، بالنظر إلى طبيعة الصراع القائم، غير أن المغرب فطن إلى خطة لم تخطر لأحد على البال، منتهجا بذلك سياسة ذكية كانت كافية لـ «ردعهما».
المعطيات الحصرية التي حصلت عليها «الأخبار»، من مصادر رفيعة المستوى، تشير إلى أن المغرب استغل حظوة شركة مغربية آلت إليها صفقة تنظيم المعرض المقام بالتوازي مع المؤتمر، وخلال إعداد تصميم خاص بتوزيع الأروقة على الدول المشاركة في المعرض المنظم في الطابق السفلي، تفتقت عبقريته عن خطة كافية لإضعاف خصمه، وتوجيه ضربة قاضية له، تحت الحزام، تكون كافية لإضعافه.
المعطيات نفسها تشير إلى أنه، في الوقت الذي كان معرض المؤتمر مازال مجرد تصميم على الورق، جرى منح «البوليساريو» التي تحظى بدعم من الجهات المنظمة، مساحة ضيقة هي نفسها التي أقيمت فيها المراحيض المتنقلة للمعرض، والتي كان من المفترض أن يتم توفيرها للعارضين والزوار، غير أنها لم تبن أصلا في ما بعد، وهي إشارة كبيرة لتبخيسها، ما جعلها تسحب مشاركتها، بعد علمها بالحضور الوازن للمغرب في المؤتمر، ورغم ذلك، لم يطمئن الوفد المغربي، إذ خشي أن تغيب الجزائر والبوليساريو في افتتاح المعرض، وعن الورشات واللقاءات، وتعودان للحضور بشكل مكثف وقوي خلال انعقاد جمع المنظمة، بعدما تكونا قد عبأتا أكبر قدر من الدول، من أجل التصويت على المرشح الذي يدعمهما، ويدعم الطرح الانفصالي ويعترف بكينونته.
كل هذه المعطيات الموضوعية، خلطت أوراق الوفد المغربي في البداية، غير أن مخاوفه سرعان ما تبددت، إذ لم تكد تنتهي كلمات المتدخلين في حفل الافتتاح الرسمي لمؤتمر الحكومات المحلية والمدن الإفريقية، والتي استهلها خليفة سال، رئيس منظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية، وعمدة دكار عاصمة السنغال، الذي أشار إلى أن «المغرب دولة رائدة، ولا أحد يجادل بشأن المكانة التي يحتلها على الصعيد الإفريقي»، حتى شعر المغاربة بنوع من الارتياح والطمأنينة، بعد حالة التوجس التي رافقت الجميع في وقت سابق، خشية بروز مواقف لم تكن في الحسبان، بعدما طفت على السطح مؤشرات ليست في صالح المغرب، غير أن مخاوف الوفد المغربي الذي ترأسه الشرقي الضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، انمحت قبل بداية مؤتمر المدن الإفريقية في جوهانسبورغ، بحوالي ساعة من الزمن، بعدما تناهى إلى علمه أن الجزائر و«البوليساريو»، غائبتان عن هذا الحدث القاري، وأن لا أثر لهما فيه، بعدما كان هناك ترجيح لمشاركتهما، خصوصا أنهما تحظيان بدعم من باركس طو عمدة مدينة جوهانسبورغ التي احتضنت «أفريسيتي 2015».
بدا ظاهرا لـ «الأخبار» أن الوفد المغربي تنفس الصعداء بعد انتهاء كل المداخلات التي لم تحمل ولا إشارة تمس بالوحدة الترابية، وبالصحراء المغربية، من خلال أطراف الحديث الذي تبادلته مكوناته، خلال استراحة الشاي التي تلت حفل الافتتاح، والابتسامة تظهر على محيا الجميع، خصوصا أنهم في مهمة تكليف وليست تشريفا، إذ جرى انتقاء معظمهم بناء على معايير عدة، منها فهمهم الجيد لملف الوحدة الترابية، وإتقانهم للغات الأجنبية، خصوصا الفرنسية والإنجليزية، حتى يتسنى لهم التواصل مع بقية المشاركين القادمين من دول إفريقية أخرى، وفتح جسور التواصل معهم بغية تقريبهم من حقيقة ملف الصحراء المغربية، واستقطابهم لدعم المغرب في كل مراحله.
في الصبيحة الأولى لأول أيام المؤتمر، كان الوفد المغربي قد خطا أولى خطواته إلى الأمام، إذ قام بدوره على أكمل وجه، من خلال حضوره الوازن والتزامه بالتعليمات التي جرى توجيهها إليه، والإرشادات التي قدمت له، حتى يتسنى له القيام بمهامه على أكمل وجه. غير أنه كانت ماتزال أمامه أربعة أيام أخرى، وجب عليه أن يحرص فيها على أن يتفانى في السير إلى الأمام، بالملفات التي تحظى بأهمية كبيرة في أجندته السياسية، باستغلاله فضاء المعرض والأروقة المغربية التي تستقبل مختلف الزائرين الوافدين من الدول الإفريقية، بفتحه حوارات ونقاشات معهم.

استقطاب وتعبئة للدول المعادية
بالرجوع إلى برنامج مؤتمر الحكومات المحلية والمدن الإفريقية، يتبين أن المنظمين برمجوا عددا من اللقاءات لكل وفد على حدة، مع ممثلي وفود أخرى، وهو الأمر نفسه الذي انسحب على الوفد المغربي، الذي وجد نفسه مقيدا ببرنامج يقدم من خلاله تجربته في مجال الحكامة واللامركزية، وطرق تدبير وتسيير رؤساء مجلس الجماعات فيه ملفاتهم المالية واللوجيستية وغيرها، والتي كانت تنعقد طيلة أيام المؤتمر، بناء على برنامج خاص. غير أن المثير في بعض أعضاء الوفد المغربي الذين يعدون على رؤوس الأصابع، هو حركيتهم وروح المبادرة التي كانت تحكمهم، إذ لم يكونوا كالبقية ممن فضلوا تبادل أطراف الحديث بينهم، وتسجيل الملاحظات، والتعليق على ما يجري في محيطهم، بل كانوا يتنقلون بين الأروقة ويبحثون عن عمداء مدن إفريقية، لاستقطابهم ودعوتهم إلى جلسة شاي مغربي، يكون فيه تبادل الحديث مع المسؤولين المغاربة، من الوزراء الحاضرين، ورؤساء الجهات، ورؤساء مجالس المدن وغيرهم من ممثلي الجمعية المغربية لرؤساء الجماعات، إذ كانوا يركزون على تلك الدول المعادية للمغرب، أو التي تميل كفتها إلى دعم الطرح الانفصالي، وهي طريقة استحسنها الوفد المغربي وقادته، بالنظر إلى أنها آتت أكلها من خلال تمكينها من فتح قنوات التواصل معهم، عبر الاستماع إليهم جيدا وفهم ما يدور في خلدهم بشأن ملف الوحدة الترابية، ثم العمل على تفكيك خطوطه معهم، من أجل تقريبهم من حقيقته، وتفنيد المزاعم التي يروجها الأعداء في ما يخص الصحراء المغربية.
وبذلك يكون الوفد المغربي قد تمكن من استقطاب دول معادية للبلاد، من بينها الموزمبيق، بعد تمكن الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، من عقد لقاء مع كاليستو مواسيس كوسا، عمدة مدينة ماتولا إحدى مدن الدولة ذاتها، التي تدعم الجزائر و«البوليساريو»، إذ جرت محادثات طويلة بين ممثلي الدولتين، تم فيها الحديث بشكل غير مباشر عن ملف الصحراء المغربية، وعن المشاريع التي تدخل في سياق مبادرات الحفاظ على المدن وتنميتها، ومن بينها تلك المخصصة للأقاليم الجنوبية، فضلا عن محادثات مع وفود كل من السنغال والبنين والكاميرون وبوروندي، وهي اللقاءات التي مكنت الوفد المغربي من الفوز في آخر مرحلة من المؤتمر، على اعتبار أنها كانت ودية ولا تدخل في طابعها الرسمي، وتمكن المغرب من خلالها من تسويق صورة إيجابية عنه.

مناصفة في الوفد المغربي
الحضور النسائي في «أفريسيتي 2015» كان وازنا ومهما، مثلته عدد من رئيسات مجالس عدد من الجماعات، رافقن زملاءهن إلى جوهانسبورغ، لتمثيل المغرب، في مؤتمر ينعقد كل ثلاث سنوات، تطرح فيه قضايا كثيرة، وينتخب فيه رئيس منظمة الحكومات المحلية والمدن الإفريقية الجديد، ويكون مناسبة لإعطاء انطلاقة جديدة لعمل المدن والحكومات الإفريقية، وفق خارطة طريق وبرنامج ينبثق عن المؤتمر، تشارك جميع الدول في إعداده وصياغته، وفق مقاربة تشاركية، تضع المرأة نصب عينيها، وهو المناسبة نفسها التي يجري فيها الجمع العام لانتخاب المكتب المسير لشبكة النساء المنتخبات المحليات بإفريقيا، التي تتكون من 15 عضوا يمارسن الوظيفة الانتخابية داخل الجماعات المحلية بالجهات الخمس لإفريقيا، التي كانت انطلاقتها من مدينة طنجة.
الدورة السابعة لـ«أفريسيتي» التي اختتمت أشغالها، عرفت إجراء جمع الشبكة ذاتها، التي كانت ميلودة حازب، رئيستها سابقا، بعد انتخابها في المنتدى الأول للنساء المنتخبات المحليات بإفريقيا، الذي نظم في سنة 2011 بطنجة، بحضور أزيد من 650 مشاركة، يمثلن 38 بلدا إفريقيا ومنظمة عالمية، تفعيلا للتوصيات الصادرة عن دورة 2009 لـ»أفريسيتي» المنعقد بمراكش في دجنبر 2009، التي كان حضورها بارزا على هامش الدورة السابعة لمؤتمر الحكومات المحلية والمدن الإفريقية المنعقد بجوهانسبورغ، الذي تم فيه انتخاب سيليستين كيتشا كورتيز من الكاميرون على رأسها، بعد ولاية فاطماتو منت عبد المالك الموريتانية، التي انتهت ولايتها الممتدة على مدى ثلاث سنوات، منذ انتخابها في سنة 2012 بدكار على هامش الدورة السادسة لقمة المدن والحكومات الإفريقية المحلية، بعد حازب الرئيسة الأولى للمنظمة النسائية، التي كانت قد انتخبت عند إحداث الشبكة ذاتها لأول مرة سنة 2011 بطنجة، بعدما حظيت في جمعها العام بانتخاب بالإجماع، ما جعلها تحصل في هذه الدورة على لقب الرئيسة الشرفية للشبكة، فيما احتفظت فاطنة الكيحل بعضوية المكتب التنفيذي للشبكة، الذي يضم 15 عضوا، بمعدل 3 ممثلات لكل جهة من الجهات الخمس للقارة.
حضورهن لم يكن مقتصرا على هذا الجانب فقط، بل اتسع كذلك في ما يخص إجراءهن لمباحثات مع نظيراتهن الإفريقيات، ومساهماتهن في مختلف اللقاءت التي نظمت طيلة الأيام الخمسة لمؤتمر جوهانسبورغ، الذي سوق فيه المغرب لتجربة رائدة.

«أفريسيتي 2015» في أرقام
5000 مشارك
ناقش حوالي خمسة آلاف من المسؤولين الحكوميين والمنتخبين المحليين ومنظمات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين والباحثين والجامعيين المتحدرين من عدة بلدان إفريقية، الاستراتيجيات الملائمة من أجل تحسين شروط عيش الساكنة على المستوى المحلي في إفريقيا، خلال أيام المؤتمر.
140 مغربيا
تمكن حوالي 140 من المشاركين المغاربة في «أفريسيتي 2015»، من لعب دور مهم على مستوى الدبلوماسية المغربية، من خلال رجوعهم فائزين، من اللقاء القاري المنعقد في جوهانسبورغ، خصوصا أن المغرب لا يتوفر على سفير في دولة جنوب إفريقيا، بسبب دعمها البوليساريو، وهو ما جعل المغرب، يغض الطرف عن ذلك ويكتفي بوضع مسؤولين في قنصلية هذا البلد بمدينة بريتوريا، الواقعة على بعد حوالي 40 كيلومترا عن مدينة جوهانسبورغ، العاصمة الاقتصادية لجنوب إفريقيا.
أربعة فنادق
توزع الوفد المغربي على أربعة فنادق في مدينة جوهانسبورغ، تقع معظمها على بعد حوالي ساعة من الطريق، إلى الفندق الضخم الذي احتضن «أفريسيتي 2015»، بسبب الإقبال المتزايد على كل الفنادق التي توجد في وسط المدينة، فيما كانت هناك فنادق أخرى أقرب، غير أن المسؤولين المغاربة فضلوا أخرى عنها، يتوفر فيها الأمن أكثر من غيرها.

مغرب متنقل
لم يصدق الوفد المغربي إلى جوهانسبورغ، الذي مثل المغرب في دورة «أفريسيتي 2015» بعد قمة أبيدجان بالكوت ديفوار سنة 1998، وويندهوك بناميبيا سنة 2000، وياوندي بالكاميرون في عام 2003، ثم نيروبي بكينيا سنة 2006، ومراكش في 2009، ودكار بالسينغال سنة 2012، التي كانت من تنظيم حصري للمغرب، وحظيت بنجاح مبهر وفق شهادات الدول المشاركة فيه، أن تعتبر الوفود الأخرى تجربته رائدة، وتأكد أنه أضحى «نموذجا» في مجال التنمية والتأهيل خصوصا، في ما يتعلق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومشروع مارتشيكا اللذين حظيا برعاية الملك محمد السادس، من خلال الإجماع على أن التجربة المغربية، أضحت نموذجا يحتذى به في هذا الحدث المنظم على الصعيد الإفريقي، والذي عبرت فيه عدد من الدول عن رغبتها في الاستفادة منه واستيراده ليشكل إضافة نوعية في هذه البلدان، طمعا في تنميتها، وفقا لرؤية 2063، التي أعطت «أفريسيتي 2015» انطلاقتها الرسمية.
وتبين بالملموس أن عدة دول كانت بصدد البحث عن شراكات وتبادل خبرات مع المغرب، ووجدت في المغرب أهم شريك، حين وجدت لديه سبل تطوير سياساتها واستراتيجياتها للنهوض بالتنمية المحلية، بناء على رؤية تستجيب لحاجيات الساكنة، باعتبارها فرص ستتيح لمختلف الشبكات التي تعنى بالشأن المحلي، تقديم مقترحاتها، والمساهمة في النقاش حول القضايا التي تهم الشأن الإفريقي المحلي.
الرواق المغربي، الذي شكل مغربا متنقلا، يمتد على حوالي 318 مترا مربعا تقريبا، وهي المساحة التي تشكل الثلث من المساحة الإجمالية، إذ تتيح للزائرين، فرصة الاطلاع على معلومات رقمية، وتمكنهم من معرفة دور العديد من المؤسسات، من بينها المديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية، والجمعية المغربية لرؤساء الجماعات، فضلا عن جناح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الذي يمكن من الاطلاع على التقدم الذي حققه المغرب في مجال التنمية البشرية، إلى رواق مشروع «مارشيكا ميد»، الذي تم إحداثه من أجل تعزيز التنمية السوسيو- اقتصادية.

المغاربة يحافظون على المقر في الرباط
التخوفات التي كانت تقلق الوفد المغربي، هي تلك المتعلقة بانتخابات رئيس منظمة الحكومات المحلية والمدن الإفريقية، إذ لا حديث منذ وصوله إلى جوهانسبورغ، إلا عن الموضوع ذاته، في جو يوحي بأن هناك «حملة انتخابية» سابقة لأوانها، استعدادا لانتخاب رئيس المنظمة التي يوجد مقرها في الرباط، التي تنظم «أفريسيتي» بعد كل ثلاث سنوات.
التخوفات متعلقة بالجهة التي قد تؤول إليها الرئاسة، بعد احتدام المنافسة بين عمدة دكار، وعمدة جوهانسبورغ، الذي كان سينقل مقر المنظمة من الرباط إلى مدينة إفريقية، لو آلت إليه الرئاسة.
«الأخبار» علمت من مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى، أن الوفد المغربي استعد بشكل جيد لهذه المرحلة الحاسمة والفاصلة في المؤتمر، وأجرى ترتيبات في غاية الأهمية، قبل بدايته، استعدادا لها، بالنظر إلى أنها لا تقل أهمية عن سابقاتها، فرئيسها السابق خليفة سال عمدة دكار، تربطه علاقات قوية بالمغرب، وفيما الثاني باركس طو، عمدة جوهناسبورغ المنتمي إلى البلد المنظم للمؤتمر، يدعم «البوليساريو»، إذ إن انتخاب الأول سيكون في صالح المغرب، خدمة لأجندته السياسية، المتعلقة أساسا بملف الصحراء المغربية، فيما ترجيح كفة فوز الثاني، لن يكون في صالحه، بالنظر إلى دعمه كلا من الجزائر وصنيعتها «البوليساريو»، بالنظر إلى قيمتهما لدى جنوب إفريقيا، التي كانت رحبت بمشاركتهما في المؤتمر ذاته.
المغرب استعد بشكل كبير للجمع العام للمنظمة، ويعد ضمن البلدان، التي تدعم سال السينغالي، فضلاَ عن أن عددا من عمد مدن إفريقية، من بينهم عمدة مصري وتونسي، الغائبان عن المؤتمر، فوضوا مغاربة للتصويت عوضهم، إذ توصلت المنظمة بتراخيص موقعة من قبلهم، تبرر غيابهم، وتعطي الحق لأسماء أخرى مغربية حاضرة من أجل النيابة عنهم، في مؤتمر جوهانسبورغ، الذي سجل فيه المشاركون اختلاف دورته لهذا العام، مقارنة مع سابقاتها.
فوفق إفادات الذين حضروا أغلب مؤتمراته يتم التوافق على كل النقاط، غير أنه في هذه الدورة، طفت على السطح بعض الخلافات، إذ إنه وفق المصادر ذاتها، تدعم أربع جهات في إفريقيا خليفة سال، بينما باركس طو العمدة المنتمي إلى جنوب إفريقيا، يحظى بدعم جهة واحدة فقط، ما جعله يضع بعض العراقيل القانونية أمام منافسه، من قبل أن قانون المنظمة لا يسمح لرئيسها بالترشح لولاية ثانية، وأن الرئاسة يجب أن تكون دورية بين الجهات الخمس للقارة الإفريقية، فضلا عن تأكيده على أن القانون لا يسمح للدول التي لا تدفع واجبات الاشتراك، بالتصويت، وهو ما اعتبره المغاربة في جلسة جماعية، عراقيل يضعها حتى تكون حجرة عثرة، أمام سال الذي رشح نفسه لولاية ثانية بدعم من المغرب، وهي في الحقيقة مردودة عليه بقوة القانون، إذ إنه بشأن دورية الرئاسة، فلا حق له أصلا في تقديم ترشحه، لأن جنوب إفريقيا سبق وترأست المنظمة، أما في ما يخص عدم أحقية الرئيس في الترشح لولاية ثانية، فهو بند قانوني لم تتم المصادقة عليه بشكل رسمي، بل بقي مجرد كلام.
القانون الأساسي للمنظمة يشير إلى أن مجلسها الإداري يضم 45 عضوا، تقدم كل جهة إفريقية منها خمسة أعضاء، يتشكل منهم المكتب التنفيذي، الذي يتكون هو الآخر من 15 عضوا، ما يعني أن كل جهة إفريقية تُمثل بثلاثة أعضاء، والذي يمثل فيه المغرب، فؤاد العماري، رئيس الجمعية المغربية لرؤساء المجالس الجماعية، لعضويتها، وعبد العزيز العماري، رئيس مجلس مدينة الدار البيضاء، ومحمد الصديقي، رئيس مجلس مدينة الرباط، الذين جالسوا عددا من الأعضاء الذين يحق لهم التصويت، فوجهوا صفعة قوية إلى الجزائر وصنيعتها البوليساريو، بعد تجديد الثقة في عمدة دكار، العاصمة السينغالية، المدعوم من قبل المغرب وكل الدول المقربة منه، الذي جرى انتخابه رئيسا لمنظمة الحكومات المحلية والمدن الإفريقية، التي يوجد مقرها في الرباط، لولاية ثانية تمتد لثلاث سنوات، بعد مفاوضات ومناقشات طويلة، استمرت طيلة ساعات طويلة، خلال الجمع العام للمنظمة.
انتهاء مرحلة التصويت التي عادت من خلالها رئاسة منظمة الحكومات المحلية والمدن الإفريقية لخليفة سال، يكون المغرب، قد فاز فيها بالرهان، ولم تذهب مجهوداته سدى، وسيكون النقاش الذي طرح بخصوص تغيير مقر المنظمة الذي يوجد في الرباط قد أغلق بشكل نهائي، بعد الدعم الذي حظي به المغرب، في هذا اللقاء الإفريقي.

كواليس
تجندت النساء اللواتي يعتبرن رئيسات مجالس جماعية في المغرب، طيلة أيام «أفريستي 2015»، إذ عملن على إعداد الشاي لكل الوفود التي يستقبلها المغرب في أروقته بالمعرض المنظم موازاة مع مؤتمر الحكومات المحلية والمدن الإفريقية، وقدمن الحلويات التي حرصن على أن تكون مغربية، إبرازا لخاصية الكرم التي يتميز بها المغاربة، فضلا عن ارتدائهن ملابس تقليدية مغربية، تبرز تجذر الأصالة في الهوية المغربية.

حرص عبد الصمد السكال، رئيس جهة الرباط سلا القنيطرة، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، على المواظبة على ممارسة الرياضة في الفندق الذي كان يقيم فيه، بمعية كل من الشرقي الضريس وإلياس العماري وامحند العنصر وعبد النبي بيوي.
اختفت من حين لآخر، وطيلة أيام المؤتمر عدد من الوجوه السياسية، إذ سجل حضورها، قبل أن تختفي عن الأنظار، إلى حين البحث عنها، أو عودتها في التوقيت ذاته الذي تصل فيه الحافلات التي تقل الوفد المغربي إلى الفنادق، حيث يقيم، ومن أبرز هؤلاء ممثلون عن حزب العدالة والتنمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى