الرأي

الامم المتحدة بي الحلم والواقع

تعتبر منظمة الأمم المتحدة التي يوجد مقرها بنيويورك من أكبر المنظمات على الصعيد الدولي،وقد تأسست هذه المنظمة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة1945،وذلك بهدف الحفاظ على السلم العالمي واحترام حقوق الإنسان كما جاء ذلك في المادة الأولى من الفصل الأول لميثاق المنظمة. تضم هذه المنظمة عضوية خمس دول كبرى تتمتع بحق الفيتو (الصين،روسيا،الولايات المتحدة الأمريكية،المملكة المتحدة ،فرنسا)، وبذلك يكون حلم تأسيس المنظمة قد تحقق على الواقع لكن على مستوى تحقيق الأهداف المنوطة بها والتي من أجلها تم تأسيسها ،نجد أن تلك الأهداف والغايات غير موجودة على أرض الواقع خاصة في ظل الأزمات التي يعيشها العالم من حروب ومجاعات واختطاف وهدر لحقوق الإنسانية… وإذا تصفحنا ديباجة ميثاق المنظمة فإننا نجدها تقول: “…نحن شعوب الأمم المتحدة ،وقد ألينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف،وأننا نؤكد من جديد إيماننا الراسخ بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما لرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية…”.
هكذا تنص ديباجة ميثاق المنظمة وهكذا تنص فصول الميثاق ومواده لكن على مستوى الواقع ثمة أمور أخرى تحصل،وتكشف بالواضح نفاق هذه الفلسفة المكتوبة على جبهة الأمم المتحدة. صحيح أن هذه المنظمة حققت حلمنا الوحيد والمتمثل في إنقاذ البشرية من حرب عالمية ثالثة، كما جاء ذلك في ديباجة الميثاق، لكنها لم تحقق هدفها الرئيسي وهو الحفاظ على السلم العالمي. هل حقا حافظت المنظمة على السلم العالمي كما يرى الكثيرون؟ وأين يكمن الخلل الذي دفع بالمنظمة إلى عدم تحقيق غاياتها وأهدافها؟ للإجابة على هذه الأسئلة يجب البحث عن الخلل داخل فصول ومواد ميثاق المنظمة. فإذا بحثنا في كافة صفحات ميثاق المنظمة فسنجد مفهوم حق النقض أومايصطلح عليه بحق النقض أن دولة دائمة العضوية تقوم بمعارضة أي قرار صادر عن باقي الدول الخمس الدائمة العضوية داخل المنظمة،كالصين وروسيا الذين عارضا التدخل الدولي في سوريا. ومن الملاحظ أن روسيا والولايات المتحدة الأمريكية هما الأكثر الدول الأعضاء استعمالا لهذا الرفض / الفيتو وذلك راجع إلى ماسجله التاريخ في علاقاتهم من توتر زمن “الحرب الباردة”. فحق الفيتو هو المشكل الوحيد الذي يشل حركة منظمة الأمم المتحدة ويجعلها عاجزة لاتقدر على التدخل لفك الأزمات الدولية من حروب ومجاعات…
ليبقى السؤال كيف يمكن لدولة واحدة أن تقف أمام مجموعة من الدول وذلك من أجل مصالحها الخاصة ؟ لقد كنا ننتظر من المنظمة المعنية أن تحافظ على حقوق الإنسان وإعطاء كل ذي حق حقه ،لكن كانت هي الأولى السباقة إلى اختراق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948،والذي نص على مجموعة من الحقوق أولها الحق في الحياة .هل حقا حافظت المنظمة على هذا الحق ؟لا، فكم من امرأة وكم من شيخ وكم من طفل قتل أمام أنظار منظمة الأمم المتحدة التي وقفت بدون تحريك أي ساكن؟ وعليه ففي حالة إزالة حق الفيتو من ميثاق المنظمة فإننا سنقف أمام حاجز آخر والذي يتحكم في جذور المنظمة وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر شرطي المرور أمام حركية هذه المنظمة ،وسنجد أنفسنا بالتالي أمام مجموعة من الحواجز إذا تم إلغاء حق الفيتو،ستصبح كل دولة تصب الزيت في النار وتشعل فتيلة الأزمات الدولية ويبقى كل واحد “يلغي بلغاه “. إن المشكل الكبير لا يكمن في حق الفيتو وإنما يكمن في العقلية وأهداف الدول ومصالحها ، التي تتنافى مع ميثاق المنظمة لتبقى هذه الأخيرة مجرد حلم لم يتحقق بعد ، ولتبقى الإنسانية تعيش في بركة من الدماء بين الآمال في حقنها والخوف على إراقة سيول حمراء هنا وهناك ودون حسيب ولا رقيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى