الرأي

الشرف لا تمنحه وثيقة يا سادة

خطوة جيدة أن يكون إسناد المسؤوليات في قطاع التعليم مبنيا على ميثاق شرف، مهني وأخلاقي. وذلك بعد عقود، كان تقويم أداء المسؤولين يتم إما بمزاجية، أقرب إلى مزاجية الأسياد في الروايات التاريخية لعصور الإقطاع، أو يتم وفق حجم السند الحزبي أو العائلي الذي يتوفر عليه هؤلاء. والسؤال هو هل سيشمل هذا الميثاق مسؤولي الإدارة المركزية؟
طبعا، بحسب بلاغ وزارة التربية الوطنية، فالجواب هو «نعم». لكن المتأمل لواقع الإدارات المركزية الآن، سيستنتج أننا سنكون أمام مسرحية عبثية أخرى، إذا لم تسبق هذا التوقيع الشكلي للميثاق جملة قرارات لتوفير المناخ الطبيعي لذلك، عبر تنظيف الوزارة من رؤساء أقسام ومدراء المركزيين أشباح، يستفيدون من كل حقوق مناصبهم دون أن تكون لهم مسؤوليات حقيقية، بموجب التنظيم الرسمي للوزارة، وإلا كيف سيلتزم مسؤول باحترام ميثاق أخلاقي مع أن تواجده في الإدارة المركزية هو وضع لا أخلاقي؟ وكيف سيلتزم مسؤول على ميثاق مهني وهو مجرد مدير مركزي مكلف بـ«شي حاجة» تمكنه من أن يختبئ هناك حتى «يخرج من السَّرْبِيسْ على خير»؟ ولأن الأمر يتعلق بأكثر من عشرة مدراء مركزيين مكلفين بمديريات وهمية، بعضها مجرد أقسام تم تضخيمها من أجل عيونهم، وآخرون لا يعرفون هم أنفسهم مهامهم الحقيقية، فإن أي حديث عن ميثاق مهني وأخلاقي في ظل هذه الوضعية الكارثية مركزيا، سيبقى مجرد مسرحية سيئة الإخراج، وإلا بماذا سيلتزم السي المدير المكلف بأمننا الإنساني تحديدا، عدا إلقاء التحايا الصباحية على موظفي مقر الوزارة بباب الرواح؟
الصور المرافقة لحفل التوقيع على ميثاق المسؤولية، تظهر مدراء مركزيين، يُعد تواجدهم في هذا الحفل مشكلة أخلاقية في حد ذاتها. ليس فقط لأن تعييناتهم لم تحترم قواعد الترشيح النزيه والشفاف، لكونهم عينوا مباشرة، بل لأن ما قاموا به، وهم يطبخون خريطة التعيينات الجديدة للمسؤولين الجهويين والمركزيين، يعد فضيحة كبرى على المستوى الأخلاقي، حيث الزبونية والمحسوبية والحزبوية «على عينك أبنعدي». وإلا هل عملية إعفاء المدراء السابقين لأكاديميتي القنيطرة والجديدة والعيون دون تبرير ذلك يعد قرارا أخلاقيا ومهنيا؟ كيف يطلب من المدراء الجهويين والإقليميين احترام ميثاق أخلاقي ومهني، والذين صاغوا هذا الميثاق وحرصوا على إخراج مسرحية التوقيعات، لا علاقة لهم بالأخلاق والمهنة؟ وهل عملية إعادة تعيين مدير أكاديمية العيون، بعد حذف اسمه في وقت سابق هي عملية بريئة، أخلاقيا ومهنيا؟ هل عدم إخراج اسم مديرية جهة سوس حتى الآن هي عملية بريئة أيضا؟ وهل عدم إخراج أسماء سبعة مدراء إقليميين، وبقاء مناصبهم شاغرة حتى الآن، عملية تخضع لميثاق أخلاقي ومهني؟ وهل التعيينات التي تمت في أكاديميات طنجة ومراكش والدار البيضاء، والجميع يعرف حيثياتها، تخضع لميثاق مهني وأخلاقي؟ هل إعفاء 22 نائبا دون تبرير ذلك يدخل ضمن أي ميثاق مهني أو أخلاقي؟ ثم أخيرا، هل التدخلات السافرة لأعضاء ديوان الوزير بلمختار في عمل المدراء المركزيين، وتواطؤ البعض من هؤلاء معهم ضد زملائهم يعد عملا أخلاقيا وقانونيا؟
فكما أن «شهادة العذرية» التي يقدمها طبيب ليست هي ما يمنح صفة الشرف لصاحبتها، فإن التوقيع على ميثاق شرف ليس هو ما سيمنح لهؤلاء شرف تدبير القطاع. فإما أن يكون المرء شريفا أو غير شريف. فالشرف لا تمنحه الوثائق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى