الرئيسيةسياسية

الصويرية بدون ماء ولا كهرباء وحتى العلم الوطني لم يتبق منه إلا النصف

الـمَهْـدي الـكًــرَّاوي

تفتقر جماعة المعاشات التي تضم المنتجع السياحي الصويرية، 20 كلم جنوب ساحل مدينة آسفي، إلى أبسط البنيات التحتية والخدمات العمومية المرتبطة بالصحة والتعليم والتجهيز، وعلى الرغم من كون جماعة المعاشات تعتبر من أغنى الجماعات القروية في المغرب بضمها لأكبر تجمع لمقالع الرمال السرية والمرخص لها، إلا أن ساكنة هذه الجماعة القروية لا زالت تعاني من أكبر معدلات التهميش والفقر.
«الأخبار» زارت جماعة المعاشات واستمعت لساعات طوال إلى الساكنة القروية التي لم يتم إحصاؤها وتعويضها جراء الفيضانات التي عرفتها المنطقة على الرغم من كون واد تانسيفت يصب في أرضها، وهو ما خلف خسائر كبيرة على امتداد المئات من الهكتارات الفلاحية، كما تم تسجيل خسائر مادية في القناطر والبنيات الطرقية وشبكة الإنارة العمومية، ولم تستفد المنطقة من برنامج استعجالي لإصلاح ما تهدم كما وعد بذلك وزيرالتجهيز،عزيز رباح، خلال زيارته إلى آسفي لتقييم خسائر موسم الفيضانات.
ساكنة الصويرية وجماعة المعاشات تشير في حديثها إلى المفارقة التي تعيشها منطقتهم بين الأموال الضخمة المتحصلة من مقالع الرمال السرية والمرخص لها، وبين واقع البنيات التحتية والخدمات الجماعية والعمومية بها، مذكرين بكون دواوير بالعشرات لا يصلهم الكهرباء وغير مرتبطين بشبكة الماء الصالح للشرب، كما تفتقر المستوصفات الصحية بالمنطقة إلى أطباء وممرضين مؤهلين، رغم الإقبال الكبير على هذه المرافق الصحية التي تفتقر إلى قنينات الأوكسجين وإلى أبسط التجهيزات الطبية الضرورية سواء الخاصة بالولادة، أو الإسعافات الأولية وسيارات الإسعاف.
رمال مقالع الصورية تغطي حاجيات كبار المقاولين العقاريين في المغرب وتصل إلى أكبر مدن المغرب كالدار البيضاء والمحمدية ومراكش وطنجة ويصل رقم معاملات يوم واحد من جرف الرمال إلى أزيد من 120 مليون سنتيم، وأرباب المقالع أسماء وازنة في قيادات أحزاب الأغلبية الحكومية وفي مجال المال والأعمال، وجماعة المعاشات يرأسها منذ أزيد من 18 سنة امبارك السباعي، القيادي والبرلماني في حزب الحركة الشعبية، وهو أيضا رئيس جمعية أرباب مقالع الرمال، لكن واقع الجماعة يضعها إلى اليوم ضمن «مناطق المغرب غير النافع»، بافتقارها إلى شبكة التطهير السائل وإلى مطرح عمومي للنفايات بمواصفات بيئية وتقنية، وإلى شبكة طرقية وإنارة عمومية، وحتى البنايات الإدارية للدولة ترفرف فوقها أعلام وطنية مهترئة ومهملة لم يتبق منها سوى جزء يسير.
جماعة المعاشات تضم أحد أكبر وأهم المنتجعات الشاطئية لإقليم آسفي، هنا تتراص فيلات كبار مسؤولي الداخلية والبرلمانيين وكبار المنتخبين ورجال المال والأعمال، كما توجد في منتجع الصويرية جالية أجنبية تقيم هنا على طول العام، وتتوفر شركة «العمران» على تجزئات شاطئية، وفي مقابل ذلك تفتقر المجموعات المدرسية الأربعة المتوفرة في الجماعة على مراحيض وعلى أبسط ضروريات التجهيزات كالماء والإنارة والسكن الوظيفي والنقل والمطاعم المدرسية لتلاميذ الساكنة القروية.
و تتوفر جماعة المعاشات على سيارة إسعاف واحدة تفتقر إلى التجهيزات الطبية، وتستعمل فقط كوسيلة لنقل المرضى، أما النساء الحوامل في مختلف الدواوير القروية التي تصل الساكنة بها إلى 15 ألف نسمة، فعليهن الانتقال إلى المستشفى الجهوي محمد الخامس في آسفي لافتقار المراكز الصحية في المعاشات إلى قسم للولادة، وإلى الأطر الطبية المختصة.
و تشتكي الساكنة من ضعف وانعدام برامج التنمية البشرية وفوضى الشاحنات التي تعمل في مقالع الرمال وتسببها في خسائر مادية كبيرة للشبكة الطرقية، دون أن يتم إصلاحها أو تغريم أصحاب المقالع من قبل وزارة التجهيز، كما سبق وأن تعهد بذلك الوزير رباح في أكثر من مناسبة داخل قبة البرلمان، وقد اشتهرت جماعة المعاشات أكثر بتصريح لوزير الداخلية، محمد حصاد اعترف فيه في البرلمان بقوله «كاينة شي حاجة تما»، جوابا على احتجاجات الساكنة وجمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية على فوضى قطاع المقالع والتساهل في مراقبته واستغلال عائداته المالية الضخمة في صناعة والتحكم في الخريطة الانتخابية بالمنطقة.

maachat

المعاشات اليوم جماعة غنية بخيراتها الطبيعية كالرمال وأشجار الزيتون والأركان ومينائها للصيد التقليدي الذي أنجز بهبة من دولة اليابان، تتوفر أيضا على أحد أجمل الشواطئ والمنتجعات السياحية الوطنية، ولديها نصيبها من مآثر تاريخية جد مهمة تعود إلى الوجود العسكري البرتغالي على السواحل المغربية، وبها يصب نهر تانسيفت ويعيش سكانها على الفلاحة والزراعة وتمتاز بخصوبة أرضها ولم يصلها بعد مخطط المغرب الأخضر، في مقابل ذلك لازالت المنطقة تعيش في أدنى مؤشرات التنمية البشرية، والهشاشة الاجتماعية وافتقارها لبنيات صحية وتعليمية وإدارية، مع معدلات كبيرة في البطالة، وانعدام الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية وخدمات القرب، مما ساهم في هجرة قروية واسعة، وعزل المنطقة وعدم استفادتها من مؤهلاتها وخيارتها الطبيعية التي تستنزف يوميا على ظهر شاحنات مقالع الرمال التي أغنت عائلات سياسية معروفة وأفقرت جماعة بساكنتها القروية وحرمتها من حقها في التنمية والصحة والتعليم، والنتيجة هي جماعة تضم القصور والفيلات شيدت على الرمال والغابات أمام الشاطئ، ودواوير لم يصلها حتى اليوم لا ماء ولا كهرباء، وأطفالها ينقطعون عن الدراسة ويجوبون الكيلومترات للوصول إلى مياه الآبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى