شوف تشوف

الرئيسية

المرحلون من مصر

حسن البصري
حين كان الناس يعيشون صخب بطولة كأس الأمم الإفريقية ويضربون أخماسا في أسداس بحثا عن تألق وسط محرقة مصر، قامت جماعة التكفير المسلحة بسيناء بخطف البرلماني محمود سعيد لطفي، رئيس نادى نجمة سيناء، الذي يمارس ضمن منافسات القسم الثاني بالدوري المصري.
جاءت عملية الاختطاف ضمن عمليات مماثلة شهدتها سيناء منذ أيام، حيث وصل عدد المختطفين أربعة عشر شخصا. وقالت الجماعة إن الرئيس الموقوف كانت في حوزته بطاقة تخول له دخول جميع ملاعب «الكان»، واعتبرتها دليل إدانة في حق رجل كفرته الجماعة المتشددة واتهمته بنشر الرذيلة بين الشباب حين قبل رئاسة فريق للكرة.
من سوء حظ الرئيس أن اعتقاله تزامن مع بطولة إفريقية، يعلو فيها خبر الكرة على أخبار الإرهاب، لذا كتب عليه أن يقرأ نتائج منتخب مصر من ملامح معتقليه.
لم تنشغل وزارة الداخلية المصرية باختطاف رئيس فريق، لأنها تعلم أن مصر لها اكتفاء ذاتي من الرؤساء، بل تعاني من فائض في هذا المجال، لذا انشغلت أكثر بإصدار بلاغات تحذيرية وذكرت الجماهير بقائمة الممنوعات وحذرت من نواقض الفرجة.
تذكرك بيانات الداخلية المصرية بلائحة المحظورات، بدءا بالصواريخ والألعاب النارية والولاعات، وشواحن التليفونات المحمولة، والقارورات الزجاجية والبلاستيكية، واللافتات الحاملة لشعارات غير رياضية، نحمد الله أن البيان لم يجرد المشجعين من ملابسهم.
لم ينتبه مشجع جزائري لهذه التحذيرات، وحول مدرجات الملعب إلى فضاء للاحتجاج، ملوحا بعبارة «ارحل» بصيغة الجمع، وعلى الفور استجابت لندائه شرطة الملعب وقررت ترحيله إلى الجزائر، كي لا يخلف الموعد مع الحراك.
وعاش مشجع مغربي وضعا مماثلا، حين اعتقل من طرف السلطات الأمنية المصرية، بملعب السلام، بعدما حاول إدخال لافتة إلى المدرجات تحمل عبارات خاصة بـ«الإلتراس». قضى الولد أزيد من ساعتين من الاستنطاق وساعات من الاعتقال، تدخلت السفارة المغربية وتم ترحيله ليتابع مباراة الكوت ديفوار في بيته، وهو يشكر بوليس المغرب على تفهمه.
الترحيل لا جنسية له ولا لون ولا دين ولا لغة، فقد تم اقتياد مشجع كيني نحو المطار، قيل، والعهدة على بيان لشرطة الملاعب، إنه أشعل «بخورا» في الملعب مع دخول فريق بلاده أرضية الميدان، وقال كلاما يبين مناجاته لرئيسه المباشر في نيروبي ابتغاء انتصار على الجزائر، قبل أن يجد نفسه في قائمة المرحلين.
شمل الترحيل لاعبا في منتخب مصر، اسمه عمرو وردة. أظهر الولد مهارة عالية في التحرش الجنسي، فأبعد من معسكر الفريق، الغريب في النازلة أن حيثيات الترحيل نبشت في تاريخ غزوات هذا اللاعب، وقالت إن بداية أزمة عمرو وردة كانت مع منتخب الشباب بالمغرب، حيث حاول تطبيق تقنيات التحرش في مقر الإقامة مع موظفة الاستقبال. سلوك مماثل قام به وردة في تونس حين اقتحم غرفة الفندق واعتدى على فتاة فرنسية لتقوم باستدعاء الأمن، ليقرر رئيس البعثة حينها ترحيل اللاعب مجددا إلى مصر.
نحمد الله ونشكره على نعمته، لأن البطولة تجرى في مصر، بلد متعدد الثقافات ومنبع للحضارات، فقد عانت الوفود الرياضية خلال دورة كأس العرب في السعودية من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي لا يمر يوم دون أن نقرأ في صفحات الجرائد السعودية، خبرا عن خرجاتها، رغم أن الهيئة اختزلت عملها في النساء والخمر، واكتفت بالنهي عن المنكر دون الأمر بالمعروف.
على امتداد مجريات دورة كأس العرب، ظل شبح هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يخيم على الوفود الرياضية العربية، ويدفعها إلى توخي الحذر وكأنها أمام تقنية «فار» أخلاقي.
في مطار مصر تواجهك لافتة بخط جميل كتب عليها «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين»، ولكن دخول مصر ليس كمغادرتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى