الرئيسية

تذاكر مزورة بالمحطات الطرقية ومسافرون يشتكون زيادات في الأثمنة

حمزة سعود
قطاع النقل الطرقي بالمغرب عبر الحافلات، يعرف العديد من الخروقات والاختلالات.. بحيث يعمد «الوسطاء» إلى ترويج تذاكر مزورة، مع فرض زيادات في الأثمنة طيلة فترات السنة، فيما تخضع بعض المحطات الطرقية لتدبير شركات تمارس أساليب من النصب والاحتيال على المسافرين. «الأخبار» توصلت بشكايات، تفيد تعرض عدد من المسافرين لعمليات نصب واحتيال من طرف بعض الوسطاء، بعدما اقتنوا تذاكر سفر مزورة. بالإضافة إلى شكايات تكشف عن وجود تلاعبات في أثمنة التذاكر الخاصة بالرحلات. وزارة التجهيز والنقل وحسب فاعلين في مجال الدفاع عن حقوق المسافرين، لا تهتم بإيجاد حلول للمشاكل والخروقات التي يعرفها مجال النقل الطرقي عبر الحافلات، بحيث تعمد الوزارة، حسب نفس المصادر، إلى تجاهل الفساد المستشري في القطاع. «الأخبار» تكشف في هذا التحقيق، أسرار الزيادات المستمرة التي تعرفها تذاكر الحافلات، بالإضافة إلى شكايات توثق وجود حالات ارتشاء داخل المحطات الطرقية بالمغرب.
عقارب الساعة تتحرك نحو التاسعة من مساء الجمعة، حافلات المسافرين تلج المحطة من الباب الرئيسي، وأخرى تنتظر دورها للانطلاق نحو وجهات مختلفة. أصوات المحركات تخترق آذان زائري المحطة تعلوها أصوات تصدح بأسماء مدن ومناطق مختلفة.
في المدخل الرئيسي للمحطة، حيث وُجدت أبواب وواجهات تستقبل يوميا آلاف المسافرين، يتوزع عشرات «الكورتية». حالاتهم الاجتماعية حتى وإن اختلفت، فإن جلهم يفضل كسب دراهم معدودات والعودة سريعا إلى وجهاتهم، عوض قضاء عقوبات سجنية ودفع غرامات مالية، في ظل عدم مشروعية «الوساطة» في هذا القطاع.
فهمي صلاح، «كورتي» بالمحطة الطرقية أولاد زيان، اشتغل في هذا المجال لسنوات، بعدما وجد فيه سبيلا لكسب مقابل مادي يكفيه مصاريف الحياة اليومية. الأجر اليومي الذي يُحصله فهمي صلاح من المهام التي يزاولها داخل المحطة يتراوح بين 70 و120 درهما.
بالنسبة لصلاح، فالاشتغال بالمحطة الطرقية أولاد زيان، يوفر له مصدر رزق يعيل من خلاله عائلته الصغيرة. يتوجه إلى المحطة في الساعات الأولى من كل صباح، ويغادرها خلال منتصف النهار، يقول بنبرة حادة بعدما رمقت أعينه سيارة أمن تمر جانبه: «بعض الحملات الأمنية تنتهي باعتقال العشرات من الـ «كورتية» خلال فترات محددة من السنة».
في ظل عدم مشروعية مهنة «كورتي»، قال صلاح : «أزيد من 160 كورتي يعملون بالمحطة الطرقية أولاد زيان، يعيلون أسرهم وعائلاتهم وذلك في غياب للبديل.. والوساطة بين المسافرين وأرباب الحافلات هي سبيلنا الوحيد لإعالة أسرنا».
طارق، «كورتي» بالمحطة، كان قد أمضى عقوبة سجنية ودفع غرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم، بعدما تم إلقاء القبض عليه، أثناء ترويجه تذاكر سفر خاصة بإحدى الحافلات في المحطة الطرقية أولاد زيان، مع الزيادة في أثمنة بعض التذاكر.
بالنسبة لطارق فالعقوبة السجنية التي قضاها خلف القضبان، لم تبعده عن مجال الوساطة بالمحطة الطرقية أولاد زيان، فيما استطاع بعد قضاء العقوبة، تكوين علاقات جديدة مع أرباب الحافلات بعد الاستعانة ببعض الوسطاء.
هشام، «كورتي» بالمحطة، يترصد المسافرين المقبلين على السفر إلى وجهات مختلفة، بعد محاولات لإقناعهم باقتناء تذاكر السفر الخاصة بحافلات مُرقمة تنتظرهم داخل المحطة بين الأرصفة.
يوضح هشام، بأن أثمنة التذاكر في غالبية المحطات الطرقية بالمغرب تعرف العديد من الاضطرابات، بحيث يعمد العديد من أرباب الحافلات إلى الزيادة في أسعار التذاكر بشكل دوري، الأمر الذي يفرض على المسافرين زيادات قد تصل إلى 150 درهما.

اعتداءات وخمور وحالات سرقة
عقارب الساعة تشير إلى الواحدة صباحا من يوم السبت، حركة «الكورتية» تتوقف نسبيا مع بلوغ أولى ساعات الصباح. حافلات مركونة في أماكن متفرقة داخل المحطة الطرقية أولاد زيان. بينما تلج أخرى المدخل الرئيسي وتتهيأ لاستئناف رحلاتها نحو وجهات ومدن مختلفة.
في زاوية معزولة بين أرصفة المحطة، جلس محمد بناني، شاب في العشرينيات من العمر، متأبطا محفظة، رتب داخلها ملابسه بعناية، عائدا صوب مدينة قلعة السراغنة بعد مسيرة، قادته إلى منطقة كتامة للبحث عن عمل والمتاجرة في المخدرات.
الحافلات المتوجهة إلى منطقة قلعة السراغنة تَستأنف رحلاتها، ابتداء من السابعة صباحا.. محمد بناني سينتظر أزيد من 6 ساعات داخل فضاءات المحطة قبل استئناف رحلته الأخيرة صوب مسقط رأسه، بعدما قطع مئات الكيلومترات بحثا عن عمل.
قبل أن يتوجه الشاب محمد بناني، إلى منطقة كتامة قصد البحث عن عمل يزاوله، كان قد أمضى بضعة أيام داخل المحطة الطرقية أولاد زيان قادما إليها من مدينة قلعة السراغنة. بين أرصفة المحطة قضى عدة ليال بعدما تعذر عليه إيجاد مسكن أو منزل للمبيت. بعدما قضى بين أرصفة المحطة أكثر من أسبوع، توجه بناني صوب منطقة «كتامة» للبحث عن عمل جديد في مجال تجارة المخدرات، بحيث كان ينوي المكوث هناك لسنوات مقبلة. إلا أن القدر، قاده بعد أقل من أسبوع هناك، إلى مدينة طنجة. بعدما تعذر عليه إيجاد عمل، نظرا لقساوة الظروف المناخية التي كانت تمر بها المنطقة.
يحكي محمد بناني بنبرة متلعثمة :»قضيت بالمحطة الطرقية «أولاد زيان» عدة أيام. زاولت بعض المهن البسيطة لكسب قوت كل يوم. كنت أبيت بين أرصفة المحطة رغم قساوة البرد، كما أن عددا من المتشردين كنت أرصدهم يبيتون بين الأرصفة، بحيث تُسجل عمليات سرقة واعتداءات تطول المسافرين بين جنبات المحطة».
خلال الحديث مع الشاب محمد بناني، رصدت «الأخبار» تداول قنينات من الخمر، يتم ترويجها بشكل خفي بين بعض الشباب والمتشردين، الذين يترددون على مقاهي المحطة لارتشاف كؤوس من الخمر. محمد بناني، وبحكم المدة التي قضاها داخل المحطة الطرقية أولا زيان، أشار إلى أن المشهد يتكرر باستمرار وأن العديد من المتشردين يعمدون إلى تداول قنينات الخمر بين الأرصفة والمقاهي بشكل خفي داخل المحطة.
ويشير عدد من «الكورتية» بالمحطة الطرقية أولاد زيان، إلى أن العديد من حالات السرقة يتعرض لها المسافرون داخل المحطة من حين لآخر، وذلك خلال الساعات المتأخرة من الليل، والسبب انتشار عدد من المتشردين في الواجهة الأمامية للمحطة.

فساد وتذاكر مزورة
حسب شكايات توصلت بها «الأخبار»، فالعديد من المسافرين يسقطون ضحايا عمليات نصب واحتيال بعد اقتنائهم تذاكر مزورة من وسطاء داخل محطات الحافلات بعموم ربوع المغرب، بحيث سجلت نفس الشكايات وجود تلاعبات في أثمنة تذاكر السفر الخاصة بالرحلات.
الشكايات التي توصلت بها «الأخبار» تكشف عن وجود تلاعبات في أثمنة تذاكر الرحلات الخاصة بالمسافرين. ضمن الشكايات إحدى المسافرات، التي تعرضت للنصب والاحتيال بخصوص تذكرة سفر مزورة، ثمنها 60 درهم، بحيث أشارت مصادر عليمة إلى أن التذاكر المزورة تعرف رواجا داخل المحطات الطرقية بالمغرب.
من بين الشكايات التي توصلت بها «الأخبار»، تذاكر تفوق أثمنتها أسعارها الحقيقية، بحيث تراوحت الزيادات بين 50 و150 درهما، كما تسببت بعض التذاكر المزورة لعدد من المسافرين في تأجيل رحلاتهم.
وتسجل بعض الهيئات الجمعوية في مجال الدفاع عن حقوق المسافرين، وجود تلاعبات في الأثمنة الحقيقية لتذاكر السفر، بحيث تشير نفس المصادر إلى وجود تسعيرة خاصة بثلاثة أنواع من الحافلات، متمثلة في الحافلات من الدرجة الأولى الممتازة والحافلات من الدرجة الأولى بالإضافة إلى الحافلات من الدرجة الثانية.
وتسجل هذه الهيئات الجمعوية، بناء على قرار وزاري يقضي بتحديد الأجور القصوى لنقل المسافرين والطرود على متن حافلات النقل العام، بأن أثمنة التذاكر تعرف بعض الزيادات خلال جميع فترات السنة، بحيث يتم تخصيص حوالي 24 درهما للحافلات من الدرجة الأولى الممتازة في ما يخص المسافات الواقعة بين 100 و110 كيلومترات، فيما تخصص حوالي 19 درهما بالنسبة للحافلات من الدرجة الأولى وحوالي 15 درهما بالنسبة للحافلات من الدرجة الثانية، بالنسبة لنفس المسافات.
ومن المؤشرات الحسابية التي يتم اعتمادها في تحديد الأثمنة الخاصة بالنقل الطرقي عبر الحافلات، فالأسعار تبلغ حوالي 0.2143 درهم للكيلومتر الواحد بالدرجة الأولى الممتازة بخصوص المسافات التي تتجاوز 110 كيلومترات، فيما تخصص حوالي 0.1716 درهم للكيلومتر بالنسبة للدرجة الأولى، وحوالي 0.1298 درهم للكيلومتر الواحد بالنسبة للدرجة الثانية.. هذه المؤشرات لا يتم احترامها في كافة المحطات الطرقية بالمغرب، نظرا للأرباح المالية الإضافية التي يمكن جنيها، دون الاهتمام بطبيعة الحافلات المعتمدة في عمليات النقل الطرقي. وحسب تصريحات فاعلين جمعويين في مجال الدفاع عن حقوق المسافرين، فإن العديد من أرباب الحافلات و»الوسطاء» يعمدون إلى الزيادة في أثمنة تذاكر الحافلات طيلة أشهر السنة، فيما تؤكد نفس التصريحات بأن زيادات «صاروخية» تطال أسعار التذاكر خلال الأعياد والمناسبات والعطل المدرسية. نفس التصريحات، أكدت بأن عددا من الوسطاء المحسوبين على بعض أرباب الحافلات، يعمدون إلى الزيادة في أسعار التذاكر باستمرار دون مراعاة أسعارها الحقيقية في شباك التذاكر، بالإضافة إلى تسجيل تفاوتات في أسعار التذاكر داخل الحافلة الواحدة.
وأَسر بعض المشتكين لـ «الأخبار» بوجود العديد من حالات الارتشاء، داخل المحطات الطرقية، بحيث تشير نفس الشكايات إلى تسليم مبالغ مالية مهمة لجهات محددة داخل المحطات الطرقية، قصد الاستفادة من بعض الامتيازات.
ويعمد بعض الوسطاء المتخصصين في النصب والاحتيال على المسافرين، إلى تسويق وترويج تذاكر مزورة داخل المحطات الطرقية بالمغرب، من خلال تقليد التذاكر الحقيقية المطروحة للبيع في شباك التذاكر.
ويتم تسجيل العديد من حالات النصب والاحتيال في العديد من المحطات الطرقية، بعد حجز تذاكر مزورة لدى بعض الوسطاء أو لدى بعض المتخصصين في مجال النصب والاحتيال، الذين يقدمون أنفسهم كوسطاء.

رحوي : «وزارة النقل والتجهيز تتجاهل الفساد المستشري في قطاع النقل الطرقي عبر الحافلات»
كشف سعيد رحوي، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المسافرين، أن السلطات الأمنية داخل المحطات الطرقية، تعمد إلى توفير الحماية لفائدة بعض الوسطاء الذين ينشطون في مجال ترويج وتسويق تذاكر الحافلات.
وقال رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المسافرين، إن قطاع النقل الطرقي يعرف العديد من الاختلالات والتجاوزات من رشوة وتزوير، بالإضافة إلى تلاعبات في أثمنة التذاكر.
وأكد سعيد رحوي، بأن وزارة النقل والتجهيز تتجاهل الاختلالات والخروقات التي يعرفها قطاع النقل الطرقي عبر الحافلات، فاسحة المجال أمام بعض الشركات للاستحواذ على صفقات تدبير وتسيير بعض المحطات الطرقية.
وأشار رحوي، إلى أن أرباب الحافلات يعمدون إلى انتقاء وسطاء من ذوي السوابق العدلية، نظرا لشدة المخاطر التي يعرفها هذا المجال، مشددا على أن الوسطاء يروجون تذاكر سفر مزورة بالإضافة إلى الزيادة في أثمنة بعض التذاكر.
وأبرز رحوي، بأن قطاع النقل الطرقي تتحكم فيه «لوبيات» تمتص أموال المغاربة، بحيث تجني الحافلات أكثر من 100 مليون سنتيم سنويا، من خلال الزيادات التي يجري اعتمادها في أسعار تذاكر السفر.
وأوضح رحوي، بأن الرشوة مستشرية، في قطاع النقل الطرقي عبر الحافلات، بحيث يعمد العديد من أرباب الحافلات، حسب نفس المتحدث، إلى التلاعب في أثمنة التذاكر، طيلة فترات السنة.
وأفاد رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المسافرين، أن وزارة التجهيز والنقل تعلم بوجود فساد مستشري في قطاع النقل الطرقي عبر الحافلات، مشيرا إلى دعم الدولة لشركات في مجال النقل الطرقي، تمارس أساليب من النصب والاحتيال على المسافرين. مضيفا: «عزيز الرباح، وزير النقل والتجهيز تجاهل اتصالات هاتفية للجمعية، تفيد بوجود حالات فساد مستشرية في المحطات الطرقية بالمغرب».
وأوضح رحوي، بأن الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المسافرين، تسجل وجود زيادات تشمل جميع تذاكر السفر، وذلك طيلة فترات السنة في جل المحطات الطرقية بالمغرب. مشيرا إلى أن بعض التذاكر يتم ترويجها بحوالي 100 درهم فيما يتم التصريح بحوالي 60 درهما للتذكرة الواحدة، قصد الاستفادة من العملية على المستوى الضريبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى