الرأي

«تريكة ايهاااااااااب»

يبدو أنه أصبح من المحتوم علينا أن  نتعايش مع نوعية جديدة من «النجوم» يتم تفريخها اصطناعيا في سبعة أيام، ثم ما أن يصدح صوتها بما يشبه الغناء في برامج المسابقات الفضائية وتعود إلى أرض الوطن محملة برسوبها وخسارتها لرهان التفوق والنبوغ حتى احتشدت جماهير غفيرة من الفتيات في المطار يستقبلن النجم الفاشل بالزغاريد والصراخ والزعيق الذي يصم الآذان مصحوبا بالإغماءات السينمائية ومحاولة تمزيق ثياب النجم «إيهااااب» العائد من أدغال الفضائيات العربية يجر أذيال الهزيمة فيما تتسابق أخريات على التقاط صور «السيلفي» لتلك اللحظة التاريخية التي لن يجود الزمان بمثلها. لكن ماذا إذا كان الأمر كله يتعلق بمسرحية محبوكة من الأول إلى الآخر، مخرجوها أقرباء وأصدقاء المهزوم الذين تفننوا في تحويل الهزيمة إلى نصر مبين ودفعوا تعويضات مجزية للصارخات والزاعقات المحترفات مثلما كان يحدث في اليونان القديمة حين كان الناس يكترون نساء كن يتقن البكاء في مآتم الآخرين مقابل دراهم معدودة، فيبالغن في النواح ولطم الخدود وإظهار الأسى والأسف على الفقيد أكثر من عائلته المباشرة التي تنحو إلى الصبر وضبط النفس.
وفي نفس السياق، لوحظ حضور تسكت وهي «فنانة» يافعة وهي كاسية عارية لقاء سياسيا حضرته قيادات حزبية، وحرصت على أن تقتعد الكرسي في الصفوف الأمامية حتى يتأمل الحاضرون جيدا الوشم المرسوم أعلى ظهرها، وفي ذوقها الاستثنائي في انتقاء الملابس الشفافة التي تظهر أكثر مما تخفي، وهو ما يعني أن فنانتنا الصاعدة لم تعد تفرق بين اللقاءات السياسية وبلاطوهات ستار أكاديمي أو آراب أيدول.. المهم بالنسبة لها أن تكون هناك الكاميرا وأن تجد عند عودتها إلى البيت لقطات على «اليوتيوب» تؤرخ لحضورها التاريخي، وتعليقا لجيشها الإلكتروني يشيد بجمالها الفتاك ونظراتها «اللي كاتطيح الزرزور من فوق السور» فيما سيتجادل «فقهاء» «الفيسبوك» في المغزى العميق للوشم الرائع المبثوث برفق وأنفة على ظهرها والذي لا شك سيختلف في تأويله العلماء.
و«ينغل» موقع «الفيسبوك» أيضا بهذا النوع من المخلوقات الباحثة عن الشهرة بأي ثمن بالرغم من كونها مجرد نكرات. هؤلاء يختارون من الحلول أسهلها أي تسول الجيمات و«رمي العار» على «الفيسبوكيين» من أجل التصدق عليهم ببعض الجيمات واللايكات مع حسن الدعاء للمحسنين  وعائلاتهم بالسداد ولأمواتهم الرحمة والثواب وفسيح الجنان.
هذه مخلوقات مهووسة بالشهرة بأقل التكاليف أصبح محكوما علينا أن نتعايش معها، أردنا أم  كرهنا، لكن مع ذلك لا يسعنا إلا أن ننصح أكثرنا شجاعة بأن لا يكتفي بواقع «شوف وسكت».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى