الرئيسية

تزامن اقتطاعات الإضرابات مع اقتطاعات التقاعد رفع منسوب الاحتقان في القطاع

أمزازي «يُشهر عصا» الاقتطاعات من الرواتب لمواجهة تنامي الاحتجاجات

م.م
وجد الآلاف من موظفي وزارة التربية الوطنية رواتبهم وقد خضعت لاقتطاعات مهمة، بسبب أوامر صارمة صدرت عن سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية، موجهة للمسؤولين الجهويين والإقليميين بالبدء الفوري في تطبيق مسطرة الاقتطاعات من الرواتب، فضلا عن توجيه استفسارات كتابية عاجلة إلى الموظفين المنتمين لمختلف الهيئات والتنسيقيات، التي نفذت إضرابات في شهر يناير الماضي. ومن أبرز الفئات التي وجدت نفسها ضحية لهذا القرار، نجد الأساتذة المتعاقدين والمفتشين والمديرين وحاملي الشهادات، فضلا عن «موظفي الزنزانة 9».
تزامن هذه الاقتطاعات مع اقتطاعات همت صندوق التقاعد أثر بشكل كبير على رواتب الآلاف من الموظفين، سيما ذوي الرتب والدرجات المتوسطة والصغيرة، وهو الأمر الذي خلف موجة احتجاجات كبيرة، فضلا عن تصاعد خطابات الوعيد بتنظيم محطات احتجاجية في المستقبل القريب من طرف بعض التنسيقيات والهيئات، ومنها تنسيقية الأساتذة المتعاقدين، الذين حددوا تاريخ 20 فبراير موعدا لتنظيم مسيرة وطنية للمطالبة بإسقاط التعاقد.

المسؤولون «يجتهدون» في محاربة الاحتجاجات

عقب الإضراب الذي خاضته العديد من الهيئات والتنسيقيات يوم 3 يناير، وهو الإضراب الذي فاجأ الوزارة وتسبب في غضب كبير في صفوف المسؤولين في القطاع..، عقد أمزازي سلسلة لقاءات مطولة مع مديري الأكاديميات الجهوية بغرض تطويق سلسلة الاحتجاجات، حيث أمر بسلوك المساطر الإدارية المعمول بها في حالات الانقطاع عن العمل والتغيبات غير المبررة، فضلا عن الإخلال بالواجب. وهذا ما تم في الأسبوع الموالي لهذا الإضراب، حيث وجهت المديريات الإقليمية استفسارات إلى كل المديرين التربويين وكذا المفتشين والمدرسين المشاركين في هذا الإضراب والإضرابات التي تلته. بعض هذه المديريات الإقليمية حرصت على أن تصل الاستفسارات إلى منازل المعنيين بالأمر عبر مفوضين قضائيين بغرض إعطائها قوة قانونية، والأمر نفسه تم القيام به مع المديرين التربويين، حيث جرى توجيه استفسارات لبعض منهم ممن يقاطعون الاجتماعات والبريد الإداري.
وأكدت مصادر «الأخبار» في بعض المديريات الإقليمية، أن هذا «الحزم» في التعامل مع هذه الاحتجاجات أدى إلى التحاق المئات من المفتشين بمقرات عملهم فور تلقيهم لهذه الاستسفارات، فضلا عن صدور بيان عن جمعية المديرين التربويين تعلن فيه تعليق العديد من الخطوات الاحتجاجية التي اتخذتها الجمعية منذ السنة الدراسية الماضية. وأدخلت جمعية مديري التعليم الابتدائي قرارها هذا، بحسب البيان ذاته، في إطار ما أسمته «انتهاء الشطر الثاني من البرنامج النضالي بعد تحقيق أهدافه. تعليق المديرين لاحتجاجاتهم قوبل برفض من طرف بعض المكاتب المحلية لهذه الهيئة، وعلى رأسها مكتب الجمعية في وجدة، والذي وصف قرار رفع الاحتجاجات بـ«الانفرادي»، وامتد الرفض أيضا إلى مكاتب أخرى، من قبيل خنيفرة والقنيطرة.

النقابات تدين سياسة الاقتطاعات
في السياق ذاته، وتجاوبا من النقابات مع موجة الاقتطاعات التي مست رواتب الآلاف من موظفي وزارة التربية الوطنية، طالبت ثلاث نقابات تعليمية الوزارة بالتراجع عن الاقتطاعات من أجور المضربين، وإعطاء أجوبة عاجلة ومطمئنة حول الملفات العالقة، معلنة عن قرب اتخاذ خطوات احتجاجية وحدوية للدفاع عن التعليم العمومي وعن مطالب وحقوق الشغيلة التعليمية. ونددت النقابتان الوطنيتان للتعليم، المنضويتان تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل والجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي، (نددت)، في بيان مشترك، بـ «لجوء وزارة التربية الوطنية إلى أسلوب الاستفزاز والترهيب والتضييق على الحق الدستوري في الإضراب والاحتجاج»، وطالبت بضرورة «التراجع الفوري عن الاستفسارات والاقتطاعات من أجور المضربين». وحذرت النقابات الثلاث، أيضا، من الإعفاءات التي قد تستهدف بعض أطر الإدارة التربوية، مشددة على وجوب «إعطاء أجوبة عاجلة ومطمئنة حول الملفات المشتركة، كالزيادة في الأجور في مختلف الملفات الفئوية من أجل ترقٍّ عادل ومنصف لصالح المنظومة التعليمية». وطالب التنسيق النقابي، أيضا، بضرورة القيام «بحوار تفاوضي ممأسس يفضي إلى نتائج ملموسة ومنصفة لمختلف فئات الشغيلة التعليمية التي طالها الحيف»، موردا أن «الوضع التعليمي مطبوع بالاحتقان كنتيجة طبيعية لتمادي الحكومة ووزارة التربية الوطنية في الاستمرار في الاختيارات نفسها الرامية إلى تفكيك التعليم العمومي بتبضيعه في أفق التخلي عنه، والإجهاز على مكتسبات وحقوق الشغيلة التعليمية وتجاهل مطالبها المشروعة والعادلة، وتعطيل الحوار الاجتماعي مركزيا وقطاعيا».
واعتبر البيان أن «تماسك وتقوية النضال الوحدوي هو السبيل لمواجهة ما يحاك ضد المدرسة العمومية والهجوم على المكتسبات والحقوق»، مشددا على وجوب «التعجيل بإخراج نظام أساسي ونظام تعويضات منصفين وعادلين ومحفزين يعززان المكتسبات ويكرسان الحقوق».
وجدد التنسيق النقابي «موقفه الرافض للقانون الإطار لما له من انعكاسات وخيمة على التعليم العمومي، خصوصا في ما يتعلق بالإجهاز على ما تبقى من مجانية التعليم وعلى العمل القار لوظيفة التعليم».

تحدي الاقتطاعات بالمزيد من الاحتجاجات

سياسة الاقتطاعات التي نهجتها الوزارة لم تثن الأساتذة المتعاقدين، ومن تسميهم الوزارة في أدبياتها الرسمية «موظفي الأكاديميات»، عن الاحتجاج، إذ أكدت تنسيقيتهم، أنها «ماضية في خطواتها النضالية، عبر خوض إضراب لمدة أربعة أيام ومسيرة وطنية تزامنا مع ذكرى حركة عشرين فبراير، من أجل المطالبة بإسقاط نظام التعاقد، والإدماج الفوري للمتعاقدين في سلك الوظيفة العمومية ضمن النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، وعودة جميع المطرودين».
وبالموازاة مع تصريحات سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، حول ملف الأساتذة المتعاقدين، والتي قال فيها إن هؤلاء «سيتم ترسيمهم كأطر في الأكاديميات بعد أن يستوفوا سنتين من العمل، واجتياز اختبار الكفاءة التأهيلية»، اعتبرت «التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد»، في تصريح صحفي لأحد منسقيها، أن «حديث الوزير أمزازي عن إدماج الأساتذة المتعاقدين بالأكاديميات هو خطاب جرى تداوله في أكثر من خرجة إعلامية للوزارة والحكومة، وهو بالنسبة لنا لم يشكل جديدا على ما قيل سابقا، وبالتالي فنحن متشبثون كل التشبث بالإدماج في سلك الوظيفة العمومية وضمن النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية وإسقاط التعاقد». مضيفا أن حديث أمزازي «مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي»، مذكرا بموقف التنسيقية الذي يؤكد «أن التوظيف بالعقدة أدخل الهشاشة في قطاعي التعليم والوظيفة العمومية وخلق حالة من اللااستقرار النفسي والاجتماعي، والدليل ما وقع لأستاذة في إفران قبل يومين حينما توصلت بقرار عزلها دون تعويض أو إشعار، وهذا يكرسه النظام الأساسي لموظفي الأكاديميات الذي تحدث عنه الوزير والذي ما زلنا نرفضه»، يقول المتحدث ذاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى