الرئيسية

جدل حول الاستغلال السياسي لتقرير المحروقات والداودي يفتخر بتصويت المغاربة عليهم رغم زيادتهم في الأسعار

محمد اليوبي

 

 

 

حمل برلمانيون من المعارضة والأغلبية المسؤولية للحكومة السابقة برئاسة عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، في ارتفاع أسعار المحروقات، وذلك منذ رفع دعم صندوق المقاصة عنها، دون اتخاذ إجراءات مواكبة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين الذين تضرروا بشكل كبير من القرار، وهو ما أكده التقرير الذي أنجزته اللجنة البرلمانية حول أسعار المحروقات.

وقال إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس فريق حزب العدالة والتنمية، خلال الاجتماع الذي عقدته لجنة المالية بمجلس النواب، أول أمس (الثلاثاء)، لمناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية، إن هذه المهمة، التي جاءت بطلب من فريق حزبه، لم تكن موجهة ضد أحد، وكان هدفها، حسب قوله، معرفة وتحليل معادلة احتساب أسعار المحروقات ومدى استجابتها للتغيرات في أثمان البترول على الصعيد الدولي، مسجلا باعتزاز أن الدولة هي التي استفادت من التحرير واستطاعت توفير اعتمادات مالية مهمة كانت تثقل كاهل الميزانية، وطالب الحكومة بالتدخل لضبط أسعار المحروقات حتى لا تتجاوز سقفا معينا، يجب تحديده.

ومن جهته، انتقد توفيق كميل، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، الاستغلال السياسي لموضوع المحروقات من طرف بعض الأحزاب السياسية، في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية، مشيرا إلى أن اشتغال اللجنة الاستطلاعية كان في ظروف مناسبة، داعيا إلى تفادي المزايدات السياسية والاستغلال السياسي للتقرير، وقال: «ليس هناك حزب يدافع عن مصلحة المغاربة أكثر من حزب آخر»، لأن الهدف، حسب قوله، هو إعطاء المعلومة للمغاربة دون تغليطهم، مشيرا إلى أن الطبقة المتوسطة والهشة كانت تستفيد من الدعم وليس الأغنياء وحدهم، والآن، بعد قرار رفع الدعم، فإن الدولة هي المستفيد الأول. وطالب بتقييم البرامج الاجتماعية التي وعدت الحكومة السابقة بتمويلها من الأموال التي وفرتها من صندوق المقاصة بعد دفع الدعم عن المحروقات، وحذر من خطورة الاحتقان الاجتماعي، خاصة أن أسعار المحروقات مرشحة للارتفاع، حسب مؤشرات الأسواق الدولية٠

وبدوره، حمل الفريق الاستقلالي المسؤولية للحكومة السابقة، في ما وصلت إليه أسعار المحروقات، وتحدث علال العمراوي، النائب البرلماني عن الفريق، عن اندهاش كبير على مستوى الرأي العام الوطني، نظرا للارتفاع الكبير في أسعار المحروقات منذ عملية تحرير هذا القطاع في يناير 2015، وهو تحرير جاءت نتائجه صادمة للجميع، نظرا لأن الحكومة لم تواكبه بدراسة لحيثياته ولم ترافقه دراسة لآثاره وتبعاته على أسعار السلع ولا على القدرة الشرائية للمواطنين، كما أنها لم ترافق هذا التحرير بأية إجراءات مواكبة للتنزيل ولا للمراقبة من أجل حماية الأسواق والمنافسة الشريفة، معتبرا أن «عملية التحرير تمت بطريقة تنتمي إلى السياسات الليبرالية المتوحشة»، وهو ما أثار غضب وزير الشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، الذي قال: «وخا زاد ثمن المازوط، صوتو علينا المغاربة، وغادي يصوتو علينا في 2021، ايوا قولو باز»٠

من جانبه، تبرأ عبد الله بوانو، رئيس اللجنة الاستطلاعية، من التقرير الذي تم تسريبه ونشرته بعض وسائل الإعلام، والذي تضمن معلومات حول أرباح شركات المحروقات. وأكد بوانو، في مداخلة له قبل عرض تقرير اللجنة، أن أعضاء المهمة الاستطلاعية عقدوا اجتماعا يوم 26 فبراير الماضي، خصص للاشتغال على التقرير الذي أعده مقرر اللجنة، سعيد الضور، عن حزب الأصالة والمعاصرة، وخلال الاجتماع نفسه تم اعتماد التقرير النهائي الذي جرى توزيعه على الفرق البرلمانية. وأوضح بوانو أنه منذ 28 فبراير الماضي وإلى غاية الأسبوع الماضي، كان التقرير المعتمد في أمان ولم يطرأ عليه أي تعديل أو تحريف، مشيرا إلى توزيع نسخ منه على أعضاء اللجنة الاستطلاعية ووضعت نسخ لدى مكتب المجلس، طبقا للقانون، وكذلك إرسال نسخ إلى الحكومة، كذلك طبقا للقانون، مشددا على أن هناك تقريرا وحيدا هو الذي تتم مناقشته أمام لجنة المالية، وقال: «لا أحد يمكنه الحسم كيف تسرب التقرير الأول الذي روجته بعض المواقع الإلكترونية».

ومن أهم الخلاصات التي توصل إليها التقرير، الذي سيعرض على لجنة المالية بمجلس النواب، في اجتماعها الذي سينعقد يوم الثلاثاء المقبل، هو أن أول مستفيد من عملية رفع الدعم عن المواد البترولية وتحرير القطاع، الذي أقره بنكيران، هو الحكومة التي استفادت من توفير ما يزيد عن 35 مليار درهم سنويا، التي تشكل نفقات المقاصة والتي بلغت سنة 2012 مستوى قياسيا يقدر بـ 56 مليار درهم.

وأشار التقرير إلى أن قرار تحرير أسعار المحروقات سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين، مؤكدا وجود تأثير مباشر لارتفاع المحروقات على القدرة الشرائية للمواطنين، وذلك بالاستناد إلى أرقام وإحصائيات المندوبية السامية للتخطيط.

وبعد اطلاع أعضاء اللجنة على كل الوثائق التي وفرتها وزارة الطاقة والمعادن ووزارة الشؤون العامة والحكامة، اللتان يوجد على رأسهما وزيران من حزب العدالة والتنمية، أكد التقرير أن الأسعار المطبقة في المغرب بعد التحرير تبقى من بين الأسعار المنخفضة مقارنة بنظيراتها في الدول غير المنتجة للبترول، مشيرا إلى أنه يتضح من خلال تحليل بنية أسعار المحروقات التي تباع للعموم، أنها تتكون من شطرين أساسيين: شطر ثابت يتعلق بالضريبة الداخلية على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة، وشطر متغير يتعلق بسعر المنتوج العالمي ومصاريف استيراده وتوزيعه، وهذه التركيبة معمول بها في جل الدول غير المنتجة للنفط والخاضعة لتحرير القطاع.

وحمل التقرير المسؤولية للحكومة التي مررت قرار رفع دعم المقاصة، بسبب غياب الإجراءات المصاحبة لتحرير سوق المحروقات، وعلى رأسها غياب نظام للتتبع الدقيق لحركة الأسعار على المستوى الدولي وأثرها على المستوى الداخلي، والتدخل عند الضرورة كما هو معمول به في المواد الغذائية الأساسية المحررة. وسجل التقرير خلاصة مهمة تؤكد أن التغيير في سعر النفط الخام على الصعيد الدولي يتم عكسه على الثمن داخل المغرب بصفة مباشرة، ولكن أساسا في الشطر المتغير من تركيبة الأسعار بشكل متفاوت، لأن قبل مرحلة التحرير، لم يكن ثمن البيع للعموم يتأثر بالسوق الدولية اعتبارا لتدخل صندوق المقاصة في موازنة الأسعار، أما حاليا، ونظرا للاعتماد الكلي على الاستيراد لتزويد السوق الوطنية ولإلغاء دعم المقاصة، تتأثر أسعار البيع النهائي مباشرة بتغيرات أثمان المواد الخام على الصعيد الدولي وكذا تغير أسعار صرف العملات الأجنبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى