شوف تشوف

الرأي

خسارة

هي
ليس من السهل أن أعود إلى كل سنوات الماضي، وأن أتكلم عما فعله. هناك الكثير من الأشياء التي لا أريد أن أتذكرها مجددا، لقد أهديته جمالي وشبابي وفي المقابل أخذت منه القهر والعذاب.. رجل قاسي القلب، معدوم الشعور.
أمضيت معه ثلاثة عقود، خلالها تكبدت خسائر مادية ومعنوية بالجملة، معاملته الفظة معي ومع أولاده، جعلتني أبتعد عنه بالتدريج إلى أن انزويت في ركن أحزاني أعيش خيبة حياتي بصمت..
لم أعش يوما هانئة معه، الأفراح كانت تمر كأنها أتراح، يعشق النكد ويتلذذ في تعذيبي، يجد متعته في جو الصراع، يختلق المشاكل من العدم..
يجد العيوب في كل شيء أطبخه أو ألبسه أو أفعله أو أقوله، ولا يتردد في لومي أو معاتبتي أمام الملأ، حوّل المنزل إلى جحيم لا يطاق، وبت أكره الخروج من البيت حتى لا يرانا الناس على ما نحن عليه..
إحساس المرأة فقدته مع الوقت، ترك نبتتي إلى أن ذبلت، لم يسقني حبا ولم أعرف للعشق طعما. ترهل جسمي وأعلن انهزامه في معركة الحياة معه، لم أعد أنتظر منه شيئا بعد أن اقترب رحيلي عن هذا العالم..

  هو
أصعب شيء أن تعيش حياتك كلها في ندم، عدت من الغربة لأرتبط بامرأة جل ما يعنيها في الحياة المظاهر، تهتم للناس أكثر من أي شيء آخر، نظرات الناس، أقوال الناس، ردود أفعال الناس، تراني في حياتها المعكر للصفو والمخل لسير الأمور..
آخر من تفكر فيه هو أنا، وكأني غير موجود، لم تكن لكلمتي أهمية، ومع الوقت أحسست أنني مجرد دخيل على مملكتها التي تزينها من أجل الناس. سنوات طويلة من الحرب معها ولم تضع أوزارها، تعبت من النقاش ومن الصراخ بدون جدوى. كانت تعاند أكثر وتتمرد أكثر ولم أكن قادرا على التخلي عن دور الرجل والقبول بصفة لاشيء، لكنها لم تكن لتتركني أمارس حتى ذلك اللاشيء..
لا أنا ولا أحد قادر على ردعها أو جعلها تغير رأيها، تحملت كثيرا وفي الأخير استسلمت لجبروتها بعد أن أنهكني المرض. لم أكن أجد ملاذا سوى غرفتي، أهتم بحاجياتي بنفسي وأطبخ لنفسي.. بقينا هكذا صونا للصورة التي رسمتها للناس، لم أكن محسوبا من هؤلاء الناس، ولم يعد لي وقت لأراجع الحساب معها لأعرف من فينا الخاسر ومن الرابح، هل نحن أم الناس؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى