شوف تشوف

شوف تشوف

دار لقمان (2/2)

كانت المباراة التي أجراها مجلس المستشارين، عن طريق وكالة خاصة، قد أثارت الكثير من الجدل والصراعات داخل المجلس، بسبب الخروقات التي تم تسجيلها بهذا الخصوص، من قبيل عدم الإعلان عن تنظيم هذه المباراة بالموقع الرسمي للمجلس، والاكتفاء بنشر الإعلان بجريدة حزبية محدودة الانتشار. ووصل هذا الصراع إلى داخل بعض الفرق البرلمانية حول «وزيعة» المناصب، بحيث تسابق البرلمانيون إلى الفوز بمناصب لتوظيف أقاربهم داخل المجلس قبل انتهاء ولايته.
أما الترقيات فتم توزيعها على المقربين، فقد وظفت الموظفة المدللة، التي دخلت الوظيفة في سلم عشرة ثم قفزت إلى السلم الحادي عشر، وبعد ذلك تمت ترقيتها إلى درجة مستشارة، في خرق قانوني واضح للنظام الأساسي للمجلس، والذي ينص على أن موظفي المجلس تلزمهم خمس عشرة سنة من الأقدمية قبل الترقية.
وإلى جانب الآنسة المدللة غزلان، هناك زوجة ابن فوزي بنعلال، والذي وظف بدوره في إطار العلاقات العائلية، هذه السيدة تم توظيفها في السلم الثامن على أساس دبلوم حصلت عليه من ألمانيا، وتمت ترقيتها إلى السلم العاشر فالحادي عشر، ثم جرى تعيينها مهندسة ليتم منحها منصب رئيسة مصلحة بدون منافس قبل نهاية ولاية المجلس السابق.
وهناك لائحة تتعلق بترسيم بعض الملحقين بالمجلس من وزارة التربية الوطنية، وأغلبهم من رجال التعليم، وإدماجهم ضمن أطر المجلس، مع منحهم درجة «مستشار إداري»، مع كل ما تخوله لهم هذه الصفة من امتيازات.
وهو ما خلف احتجاجات واسعة في صفوف موظفي وأطر المجلس الذين يرون أن لهم حق الأسبقية والأحقية في الحصول على هذه الدرجة التي تعادل درجة متصرف بالوظيفة العمومية، في حين أن صفة «مستشار» لا تمنح للملحقين بالمجلس، لأنها لا تكتسب بالإلحاق، حسب القانون التنظيمي لموظفي مجلس المستشارين، لأنه يجب على حامل هذه الصفة، كما ينص على ذلك القانون، أن يكون إطارا بالمجلس وحاصلا على شهادة الإجازة على الأقل مع أقدمية 15 سنة من العمل داخل المجلس، أو حاصلا على دبلوم الدراسات العليا.
ومن خلال الاطلاع على لائحة الترقية، يلاحظ أن هناك تقاربا كبيرا في تصنيف أطر المجلس، بغض النظر عن تاريخ التوظيف والترقية في درجة مستشار، ولا حتى من تاريخ الحصول على شهادة الإجازة، وهو ما اعتبره الموظفون المتضررون، خرقا للقانون الأساسي لموظفي مجلس المستشارين وللعدالة والمساواة في الاستفادة من الترقية بين جميع فئات الموظفين. وهذه «الخروقات القانونية» لا تستند على أي سند قانوني وإداري، نظرا للتفاوت المسجل في الاستفادة بين أطر المجلس، ومن بينهم من يتحمل مسؤولية إدارية، يوجد بين بعضهم فارق زمني كبير يتعدى في بعض الحالات 10 سنوات من الخدمة الفعلية، ومن المفروض أن يصنف بعضهم في الرتبة الرابعة من درجة مستشار «ج».
وهناك مجموعة من أطر المجلس المصنفين في درجة مستشار، استفادوا من الترقية بأثر رجعي، أي ابتداء من تاريخ ترتيبهم في الدرجة المذكورة، وهو ما اعتبره المتضررون خرقا للقرار الصادر عن رئيس مجلس المستشارين عدد 356- 09 الصادر بتاريخ 2 أكتوبر 2009، وهو القرار الذي يحدد تاريخ الاستفادة بالنسبة لجميع المستشارين ابتداء من فاتح أكتوبر 2009.
أما الحزب الذي جاء إلى السلطة بعدما أقنع ناخبيه بأنه سيحارب الفساد والاستبداد، فقد ذاق بدوره حلاوة الكعكة، وأصبح حزب العدالة والتنمية يستميت في المطالبة بنصيبه من كعكة الريع البرلماني.
وهذا طبيعي، فموظفو البرلمان يحصلون على العديد من الامتيازات والتعويضات التي قد تصل إلى 30 ألف درهم شهريا، «فين عمرهم حلمو بيها».
وهكذا فقد أعلن فريق الحزب عن مباراة التوظيف داخل المجلس عن طريق إلحاق أعضاء ينتمون إلى الحزب، وتهم المباراة توظيف 20 موظفا يرغب الحزب في توظيفهم بإدارة فريقه داخل المجلس، رغم أن الحكومة لم تخصص أي منصب مالي للغرفة الثانية منذ سنتين، ما أصبح معه إلحاق أي موظف يفترض بالضرورة وجود منصب مالي، خلافا للوضع رهن الإشارة الذي يحتفظ فيه الموظف بمنصبه المالي الأصلي.
ويمارس فريق العدالة والتنمية الضغط على رئيس المجلس حكيم بنشماش برفض موظفين موجودين وضعتهم إدارة المجلس رهن إشارته، والمطالبة بموظفين ينتمون إلى الحزب، لذلك أعلن الحزب، عبر موقعه الرسمي، ودون استشارة إدارة ومكتب المجلس، عن مباراة إلحاق 20 موظفا، منها 4 مناصب خارج السلم، و8 مناصب في السلم 10 و11، ونفس عدد المناصب في السلمين 8 و9، سيشتغلون في إدارة فريق الحزب الحاكم.
أما الموظفون الأشباح فتلك حكاية أخرى، فهناك حوالي 60 موظفا شبحا بمجلس المستشارين من أصل 330 موظفا بالمجلس، كلهم يتقاضون أجورهم بطريقة عادية جدا، كما يتلقى بعضهم التعويضات التي تمنح لباقي الموظفين، رغم أنهم لا يحضرون إلى مكاتب عملهم، ورغم مراقبة عملية حضور الموظفين باعتماد آلة «البوانتاج» التي كلفت ميزانية المجلس 20 مليون سنتيم، وهي البطاقة التي يتجنبها الموظفون مثلما يتجنبون الطاعون بحيث يرفضون تسلمها خوفا من المراقبة.
وفي إطار تشجيع تبادل الريع داخليا، يتجه حكيم بنشماش إلى تأسيس مكتب للدراسات داخلي، سيتولى رئاسته الأمين العام للمجلس، وحيد خوجة، المتقاعد منذ سنتين، ستخصص له ميزانية تقارب المليار سنتيم، في حين أن المنطق والحكامة يفترضان أن المجلس يجب عليه التعاقد مع مكتب للدراسات والخبرة من خارج المجلس وليس من داخله، حرصا على الموضوعية والحياد.
واستفاد وحيد خوجة من قرار أصدره الرئيس السابق للمجلس بتمديد عمله بعد حصوله على التقاعد، قبل سنتين إلى حين نهاية ولاية المجلس السابق، لكن خوجة واصل عمله مع حلول ولاية المجلس الحالية، وكأن شيئا لم يقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى