شوف تشوف

شكون الدجاجة شكون الفروج

يستوي أمام مقتضيات قانون الإرهاب، الذي جوده وقواه مصطفى الرميد، الذين هللوا لمقتل السفير الروسي بإسطنبول مع الذين وجدوا أعذارا للإرهابي الذي قتل وجرح مغربيات كن في الملهى الليلي بإسطنبول عندما فتح النار عليهن.
وإذا كان معجبو «الشهيد» الذي صرخ «الله أكبر» وهو يهدي قتل السفير التركي برصاص مسدسه للسوريين، قد وجدوا في ما قام به هذا المعتوه بطولة، فإن معجبي المعتوه الآخر الذي أمضى عشرين دقيقة يطلق الرصاص على أبرياء عزل برروا ما قام به بسؤال يدغدغ ذلك الإرهابي القابع في دواخلهم عندما كتبوا حول المغربيات اللواتي سقطن ضحايا الرصاص «وهوما آش داهم لتما، كون بقاو فديورهم ما يوقع ليهم والو».
أصحاب هذا «الرأي»، على رأي ماء العينين وإخوانها ممن يعتبرون الدعوة إلى القتل حرية تعبير، يستوون في الجرم مع الذين هللوا لمقتل السفير الروسي والذين يتابعون اليوم بقانون الإرهاب، وليس هناك ما يمنع الفرقة الوطنية من تعقبهم واستدعائهم لمتابعتهم بتهمة الإشادة بقتل إرهابي لتسعة وثلاثين مواطنا أغلبهم عرب.
ولو أن الضحايا المغاربة كانوا ذكورا لما سمعنا من يقول «كون بقاو فديورهم ما يوقع ليهم والو»، فالذكر في ثقافتنا المغربية يعثرون له على أعذار يحرمون منها الأنثى، والجواب على أمثال هؤلاء «ونتا سوقك فين مشاو، شريتي ليهم شي ورقة الطيارة ؟ خلصتي ليهم شي بيت فلوطيل ؟ إوا ديها فراسك ودخل سوق جواك».
والواقع أن ما حدث يكشف أن هناك في المغرب عداء بين الرجل والمرأة أخطر من العداء الموجود بين القط والفأر، فالمرأة دائما متهمة إلى أن يثبت العكس، وهي دائما مطالبة بتبرير أخطائها عكس الرجل.
ومنذ طفولتنا علمونا نحن الذكور لعبة «شكون الدجاجة شكون الفروج»، حيث يتسابق الجميع للفوز بلقب الفروج تجنبا لحمل لقب الدجاجة بكل ما ترمز إليه من أوصاف الأنوثة.
وسبب هذا العداء والجفاء بين الرجال والنساء في المغرب هو غياب الحنان والمودة، حتى إن مغربية أضرمت النار في جسدها لأن زوجها رفض تمضية رأس السنة معها.
وهناك نوع من المغاربة بمجرد ما تقع أبصارهم على امرأة وراء مقود سيارة حتى يذهب خيالهم المريض إلى أنها حصلت عليها بطريقة غير شريفة، ويستنتج بسهولة بالغة أن السيارات في المغرب أصبحت تسوقها النساء فقط، بينما الرجال لا يجدون حتى دراجة هوائية يسوقونها، مع أن الإحصائيات تؤكد مرة أخرى أن النساء مستعملات الطريق لسن سوى أقلية صغيرة مقارنة بالرجال.
وهذا السلوك يعكس العداء الخفي بين الرجل المغربي والمرأة المغربية والحروب الطاحنة التي تدور في الخفاء بين الحدود الإقليمية لكل واحد منهما، والتي لم تزدها المدونة إلا اشتعالا، فقد فهمت طبقة من الرجال أن المدونة ليست سوى اقتصاص من مياههم الإقليمية لصالح المرأة، وانتصار لها ضد الرجل.
وهناك نوع من المسافرين يعتقدون أن كل امرأة جالسة بمفردها في القطار هي صيد ثمين يجب الفوز به. فيقطعون مقصورات القطار ذهابا وإيابا بحثا عن هذا الصيد الثمين، ويتسببون في إزعاج وإقلاق راحة الآخرين بحثا عن راحتهم النفسية المريضة.
ولعل أكبر نقص في التربية يعاني منه بعض المغاربة هو التحرش بالفتيات والنساء في الفضاءات العامة، وإساءة معاملتهن بمعجم مدمر من الكلمات النابية التي تكشف عن حقد دفين تجاه المرأة في حالة رفضها الخضوع لتحرشات هؤلاء المرضى، فهي غزالة وجميلة ورائعة إذا ابتسمت وعاهرة وساقطة وذميمة إذا حاولت أن تستنكر أو تحتج.
إن مشكلة المغاربة تكمن في عدم قدرتهم على التعبير عن مشاعر الحب والمودة والحنان، وفي صالونات كثير من البيوت يكون موضوع المناقشة عند النساء هو غياب الحل وتأخر وصول فارس الأحلام.
بعضهن يعلقن ساخرات بأن فارس أحلامهن ربما تعثر به الجواد وسقط في الطريق، وأخريات يقلن متهكمات إن فارس أحلامهن لا بد أن يكون راكبا بغلا عوض الجواد، ولذلك تأخر كل هذا الوقت في الوصول إليهن.
والكراهية بين الرجل والمرأة تمتد حتى داخل الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة والمؤسسات العمومية التي تشغل فيها النساء موقع المسؤولية.
وهناك حقيقة يجب أن تقال وهي أن النساء لسن مرتشيات بالقدر الذي عليه بعض الرجال، ويتمتعن بحس المسؤولية ولديهن رغبة دفينة في النجاح وتحقيق ذواتهن. الرجال في السياسة ميالون إلى الكذب والنفاق والانتهازية، عندما يصبح أحدهم وزيرا أول شيء يقوم به هو تغيير رقم هاتفه، دون أن ينسى طبعا تغيير زوجته.
وأكثر من وزير عندنا غير زوجته خلال فترة وجوده بالحكومات المتعاقبة، أما الذين غيروا معاطفهم فبلا عدد. قد يقول لي أحدكم إن تغيير المنازل راحة، لكن أن يغير الواحد منا زوجته التي ضحت بشبابها ومالها من أجله وتذوقت معه الحلو والمر بأخرى لم تتذوق معه سوى أطباق الكافيار في المطاعم الراقية، فهذا تصرف يكشف عن احتقار دفين للمرأة.
ورغم أن الرجل يعتقد واهما أنه «السي سيد»، فإن النساء في الواقع هن الحاكمات الحقيقيات اللواتي يحركن رجالهن من خلف الستار، وكم من سياسي كبير، في السن طبعا، لا يحرك إصبعه الصغير دون إذن مسبق من زوجته الشابة.
وفي كثير من البيوت المغربية، تبقى المرأة هي مولات الدار الحقيقية، إليها تعود كل القرارات، من لون الستائر إلى شكل العرائس التي سيتزوجها أبناؤها، مرورا بالإشراف المباشر على شؤون «البزطام».
وكم من زوج لا تترك له زوجته من راتبه آخر الشهر سوى ثمن السجائر والقهوة، وإذا كان مبليا بالقمار تترك له ثمن سباق كلاب واحد أو سباقين. وهذا من مصلحة بعض الرجال، لأنهم بمجرد ما يتسلمون رواتبهم حتى يذهبون بها مباشرة إلى البارات ومحلات القمار ليخسروها في الشرب والمراهنة على «الطوكارات».
والحقيقة أن السياسة نفسها في المغرب مجرد سلسلة من المقامرات المضحكة، هناك من دخلها بلا رصيد نضالي و»قمر» على حقيبة وزارية فطلع له «الجوك» وأصبح ثريا يملك المراكب في أعالي البحار والضيعات الواسعة حيث يربي الأبقار الهولندية، فغير «السوليكس» بالسيارة، وانتقل من دور الكراء إلى فيلا فسيحة في بير قاسم، وطلق «الشيبانية» وأتى بالشابة لتعيده إلى صباه.
نحتاج فعلا إلى وزارة ومنظمات نسائية تتحدث وتدافع عن المرأة المغربية ضد دعوات تبرير قتلها لمجرد أنها اختارت أن تسافر وتتواجد في المكان الذي قرر معتوه أن «يجاهد» فيه برشاشه.
وأهم من ذلك أننا نحتاج إلى الصرامة وعدم التساهل مع كل من يكتب تعليقا يجد فيه للإرهابيين مبررا لجرائمهم محملا الضحايا مسؤولية ما وقع لهم.
إنه لمن المحزن أن تجد أم المرأة المغربية التي قتلت في ملهى إسطنبول نفسها مجبرة على تبرير أسباب تواجد ابنتها في الكويت في بيت زوج أختها وكيف أنها كانت على وشك الزواج.
لقد وجدت هذه الأم نفسها فجأة مجبرة على تبرير أشياء خاصة تتعلق بحرية ابنتها الشخصية، لأنها بدأت تسمع اتهامات جاهزة يتناقلها مكبوتون ومعتوهون نصبوا أنفسهم أوصياء على الناس في وسائل التواصل الاجتماعي.
لماذا نطالب بمحاكمة واعتقال كل من يكتب مهللا أو مبررا للأعمال الإرهابية؟ لسبب بسيط، وهو أن يفهم كل من لديه حساب في الفيسبوك أو أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي أن أي شيء يكتبه يصبح منشورا ويسري عليه القانون ويتحمل مسؤوليته.
هكذا سيفهم فقهاء وعلماء وفرسان الفيسبوك أن ما ينشرونه على حيطان صفحاتهم في الفيسبوك من حماقات يمكن أن ينتهي بهم في السجن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى