الافتتاحية

شهادة الفشل

وجهت مؤسسة رايت فيتش ضربة موجعة لحكومة سعد الدين العثماني، التي لطالما تغنت بتقاريرها لإحراج المعارضة وإضفاء الشرعية على قراراتها.
ملاحظات مؤسسة التنقيط الأمريكية تقول إن المغرب يبقى أضعف من الدول المماثلة له على مستوى مؤشرات الحكامة والتنمية، ويتمثل ذلك في ضُعف نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي واستمرار البطالة المرتفعة، خاصة في صفوف الشباب في المناطق الحضرية، وهو ما يمثل مصدرا للتوترات الاجتماعية التي تهدد الاستقرار والتوازن.
خلاصات المؤسسة المالية واضحة ولا تقبل أي تأويل وبالفعل وضعت يدها على الجرح الغائر، مؤكدة أن الاحتجاجات التي تعرفها الشوارع المغربية مردها بالأساس إلى تداعيات السياسات العمومية الفاشلة للحكومة، التي تجعل فئات نشيطة من المجتمع خارج دائرة الاستفادة من أثرها. وهنا بالضبط تكمن معضلة العشرات من السياسات التي تبشر بها الحكومة للقضاء على الفقر والتهميش، دون أن ينفذ مفعولها إلى بيوت المغاربة، الذين لا يشعرون بأي تحول في معيشتهم.
واليوم هناك كثير من المشاريع الاجتماعية لا تحقق الجدوى من وضعها (مدن بدون صفيح، أو راميد..) إما لأنه توقف العمل على تنفيذها، مثل برنامج مقاولتي الذي يهدد آلاف الشباب بالسجن والانتحار، وإما توقف العمل على مواصلة تنفيذها جراء ما تتطلبه من موارد مالية باهظة نتيجة سوء التقدير، مثل البرنامج الاستعجالي الذي التهم 4000 مليار سنتيم دون فائدة، ومنها ما صادف طريق الفشل، فضاعت اعتماداته المالية هدرا، كان من الواجب استثمارها في مشروعات أجدى نفعا كما هو الشأن بالنسبة إلى مشاريع تكوين 25 ألف مجاز، أو 10 آلاف إطار التي التهمت حوالي 20 مليارا دون نتائج تذكر.
وفي الحقيقة، فإن المغاربة عانوا كثيرا بعد مجيء حكومتي العدالة والتنمية من مشكلة عدم قدرة الإسلاميين على صنع سياسات عامة تتوافق مع مصالح الطبقة الهشة، وتحظى بدعم شعبي واجتماعي وتوافق سياسي داخل الأغلبية، ما جعل السياسات التي يطلقها الحزب الحاكم تفتقد لأي مساندة شعبية تمنحها شرعية، بل أصبحت الصفة البارزة لسياسات الحكومة منذ 2012 هي التخبط والارتباك والارتجال وسوء إدارة الحكومة للسياسات الاجتماعية.
ومما لا شك فيه أن بلدنا سيعاني كثيرا، إذا لم يشرع أصحاب القرار العمومي في مراجعة منطق التدبير القائم على الشعبوية وكسب النقاط الانتخابية، واعتماد سياسات عادلة من شأنها القطع مع كل أشكال العشوائية في تدبير الشأن العام، خصوصا في فترة أوصلت فيه حكومتا ما يسمى “الربيع المغربي” الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد إلى مستوى لا يطاق من الاحتجاج والغضب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى