شوف تشوف

سياسية

عمدة مراكش يفوت عقارا عبارة عن هبة ملكية لجمعية مقربة

 عزيز باطراح

 

حصلت «الأخبار» على وثائق رسمية تكشف تورط عمدة مراكش في إخفاء معلومات ومعطيات عن عقار جماعي يستعد لتفويته لفائدة جمعية قدماء المحاربين العسكريين التي يسيرها مستشاران من حزب العدالة والتنمية، وهو العقار الذي كان عبارة عن هبة ملكية لفائدة المجلس الجماعي لمراكش.

وكان عمدة المدينة قد عرض على المجلس الجماعي، في أول جلسة لدورة أكتوبر، المصادقة على اتفاقية شراكة بين المجلس والجمعية المذكورة، من أجل وضع بقعة أرضية في ملك الجماعة رهن إشارة الجمعية السالف ذكرها من أجل اتخاذها مقرا لها، قبل أن يتدخل مستشارون من المعارضة أكدوا أن الأمر فيه تدليس على أعضاء المجلس، إذ إن العقار ليس بقعة أرضة خالية كما جاء في النقطة الواردة على المجلس، بل بها بناية قديمة تستغلها الجمعية نفسها مقرا لها منذ سنوات دون سند قانوني. فضلا عن أن العقار شهد أخيرا بناء أربعة محلات تجارية في واجهته الأمامية المطلة على الشارع.

وتساءل أعضاء من المعارضة حول الجهة التي شيدت هذه المحلات فوق عقار جماعي، ومن أصدر الترخيص بالبناء؟ وهل تم الإعلان عن صفقة لبناء هذه المحلات دون علم أعضاء المجلس الجماعي؟ وهي التساؤلات التي رد عليها العمدة بكونه ليس على علم بوجود هذه البناية، متسائلا إن كانت هذه النقطة وردت على المجلس من والي الجهة، قبل أن يرد عليه أحد موظفي المجلس بأنها نقطة واردة من المكتب المسير للمجلس، والذي يرأسه العمدة صاحب التساؤل، ما جعله يسحب المصادقة على هذه النقطة إلى حين تجميع كل المعطيات والمعلومات الضرورية حول وضعية هذا العقار.

يذكر أنه سبق لوالي جهة مراكش- آسفي أن راسل عمدة مراكش بتاريخ 13 أكتوبر 2017، مؤكدا أن لجنة ولائية، بتنسيق مع السلطة المحلية، «وقفت بتاريخ 10 أكتوبر 2017 على الورش الكائن بشارع فلسطين الحي المحمدي والمتعلق بإعادة تهيئة مقر الجمعية الوطنية لقدماء المحاربين، حيث لاحظت اللجنة أشغال التهييء لفتح أربعة أبواب من الحجم الكبير بالواجهة الأمامية المطلة على الشارع خلافا لمضمون رخصة البناء عدد 192/ 2017 الصادرة بتاريخ 08/9/2017 والمسلمة من طرف مجلس مقاطعة جليز، مع إخفاء معالم الورش بغطاء بلاستيكي أسود، مما يصعب معه التتبع والمراقبة»، بحسب ما جاء في رسالة الوالي الموجهة إلى عمدة مراكش.

وتضيف الرسالة ذاتها: «وباعتبار الجماعة الحضرية لمراكش هي صاحبة المشروع، واحتراما للمقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل في ميدان التعمير، وحفاظا على الغرض المخصصة له البناية موضوع الأشغال الجارية كمقر للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين، يشرفني أن أطلب منكم التدخل بكل استعجال لدى المشرف على الأشغال لحثه وتنبيهه بضرورة التقيد باحترام مضمون التصميم المرخص سالف الذكر».

وبالرغم من توصل العمدة بهذه الرسالة من والي جهة مراكش- آسفي منذ حوالي سنة، فإنه نفى علمه بوجود بناية فوق العقار الجماعي المذكور، والذي يعتزم وضعه رهن إشارة جمعية قدماء المحاربين التي يسير مكتبها مستشاران من حزب العدالة والتنمية، أحدهما كاتب عام بالجمعية ويشغل مهام نائب رئيس مقاطعة جليز عبد السلام السيكوري، المستشار البرلماني عن حزب العدالة والتنمية والنائب الثاني للعمدة، بينما أمين مال الجمعية هو مستشار جماعي عن حزب العدالة والتنمية ويشغل مهام رئيس لجنة بالمجلس الجماعي.

هذا، وحصلت «الأخبار» على وثيقة رسمية صدرت عن مجلس مقاطعة جليز، الذي يسيره الكاتب الجهوي السابق لحزب العدالة والتنمية عبد السلام السي كوري، وهي عبارة عن رخصة لـ«الأشغال الطفيفة» تحت عدد 1745، صادرة بتاريخ 04 أبريل 2017، لفائدة أحمد الشافعي، الكاتب العام للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين العسكريين بمراكش، والذي ليس سوى المستشار الجماعي عن حزب العدالة والتنمية، الذي يشغل مهام النائب الثامن لرئيس مقاطعة جليز.

وتشير هذه الرخصة إلى أن طالبها تسلمها من أجل إنجاز أشغال طفيفة، ويتعلق الأمر «بأشغال الترميم والإصلاحات التالية: التبليط، التزليج، الجبص، الكهرباء، النجارة، الألمنيوم، الحدادة والصباغة… بالعنوان التالي: مقر جمعية قدماء المحاربين العسكريين بالداوديات»، حسب ما ورد في رخصة الأشغال الطفيفة.

وبالرجوع إلى هذه الرخصة، فإن الموقع عليها ليس سوى عمر لخضر، النائب السابع لرئيس مقاطعة جليز، المنتمي لحزب العدالة والتنمية، والمستفيد منها ليس سوى النائب الثامن لرئيس المقاطعة المنتمي بدوره لحزب العدالة والتنمية. غير أن الأشغال الطفيفة التي تشير إليها الرخصة، تحولت بقدرة قادر إلى بناء أربعة محلات تجارية مطلة على الشارع الرئيسي، ما يطرح السؤال حول الأهداف الحقيقية لهذه الجمعية، هل هو العمل الجمعوي والاجتماعي الخاص بقدماء العسكريين، أم أن الأمر يتعلق بمشروع استثماري، طالما أن الأمر يتعلق بأربعة محلات تجارية قيمتها المالية تتجاوز 120 مليون سنتيم للمحل الواحد؟

وبحسب كواليس المجلس الجماعي، فإن البناء أشرف عليه أحد المتعهدين الذي وعدته الجمعية بكراء هذه المحلات من أجل إقامة مطعم ومقهى وأنشطة تجارية أخرى مقابل سومة كرائية شهرية، وهو ما جعل أعضاء من المعارضة يطالبون الوالي بالتدخل وفتح تحقيق في ظروف وملابسات بناء هذه المحلات التجارية، والجهة التي سمحت ببنائها فوق عقار جماعي هو جزء من عقار قدمه الملك هبة لفائدة جماعة مراكش شيدت فوقه، في وقت سابق، المسبح البلدي بالحي المحمدي، والسوق البلدي «الخير» ودار المسنين، إضافة إلى مقر لجمعية قدماء المحاربين، قبل أن يتقدم العمدة أمام المجلس الجماعي باقتراح عقد اتفاقية شراكة مع الجمعية المذكورة لوضع بقعة أرضية رهن إشارتها من أجل بناء مقر لها.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى