الملف السياسي

كواليس انسحاب الاستقلال من سباق رئاسة مجلس المستشارين

محمد اليوبي

في تطور مفاجئ، قررت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، بالإجماع عدم تقديم مرشح للتنافس على رئاسة مجلس المستشارين، خلال الجلسة التي ستنعقد اليوم الاثنين، لإعادة انتخاب رئيس ومكتب المجلس، بعد انتهاء منتصف الولاية التشريعية، وبذلك سيكون حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، مرشحا وحيدا لخلافة نفسه على كرسي رئاسة الغرفة الثانية للبرلمان.

وأوضح بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، المنعقد يوم الجمعة الماضي، مباشرة بعد الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس، خلال ترؤسه للجلسة الافتتاحية للبرلمان، أنها تداولت في موضوع الترشيح لرئاسة مجلس المستشارين والتطورات السياسية المرتبطة به، حيث سبق أن رشحت بالإجماع عبد الصمد قيوح لخوض هذا الاستحقاق الانتخابي باسم حزب الاستقلال، وذلك «إيمانا بأهمية تكريس التنافس الديمقراطي في الحياة السياسية، وتطلعا إلى النهوض بهذه المؤسسة الدستورية في التشريع والمراقبة والديبلوماسية الموازية، وفق عرض جديد يستثمر بكيفية خلاقة التنوع الذي تتميز به هذه المؤسسة بفضل مكوناتها الترابية والاجتماعية والاقتصادية»، حسب البلاغ.

وأشار المصدر ذاته، إلى أن التنافس الانتخابي السليم على رئاسة مجلس المستشارين لا يستقيم مع ممارسات واصطفافات لا تصب في اتجاه بناء ترسيخ ديمقراطية مبنية على تعددية حقيقية تعتمد خيارات واضحة وبرامج مقنعة تتحدد على أساسها التموقعات المتمايزة والطبيعية بين الأغلبية والمعارضة، وهو ما يعتبر مقوما حيويا لإعطاء هذا الاستحقاق الدستوري مصداقيته في أعين المواطنين والمواطنات، ويمكن من استرجاع الثقة المطلوبة في المؤسسات المنتخبة عموما ويحد من تفاقم ظاهرة عزوف فئات عريضة من المواطنات والمواطنين، وخاصة فئة الشباب، عن الانتخابات. وأضاف البلاغ «إن المعارضة الاستقلالية الوطنية التي اختارها مناضلات ومناضلي حزبنا، والتي تعتمد على رؤية استراتيجية واضحة تهدف أساسا تقييم السياسات العمومية واقتراح البدائل دون استهداف الأشخاص أو المؤسسات أو الهيئات، لتدعو حزبنا في هذا الاستحقاق إلى أن ينأى عن تزكية منطق الغموض والضبابية السياسية التي يحاول البعض أن يخلط بها الأوراق لإرباك المشهد السياسي ببلادنا والإجهاز على المصداقية السياسية والتطور الديمقراطي ببلادنا». واعتبارا لهذه الحيثيات التي «تقتضي الحزم والمسؤولية»، يقول بلاغ اللجنة التنفيذية، فإنه قرر بالإجماع عدم تقديم الحزب مرشحا لانتخابات رئاسة مجلس المستشارين.

لكن مصادر استقلالية تحدثت عن وجود مبررات أخرى كانت وراء التراجع عن قرار تقديم مرشح للتنافس مع بنشماش على منصب رئاسة مجلس المستشارين، وذلك باندلاع صراعات طاحنة حول المناصب بين أعضاء الفريق الاستقلالي بالمجلس، حيث طالب أعضاء بالفريق بالتداول على المسؤوليات، ما أدى إلى بروز أطماع للحصول على مناصب بمكتب المجلس ورئاسة اللجان البرلمانية ورئاسة الفريق، وهي المناصب التي يحصل بموجبها البرلمانيون على امتيازات إضافية من قبيل السيارات وتعويض قيمته 7 آلاف درهم شهريا. وأفادت المصادر بأن فؤاد القادري طالب بمنصب في مكتب المجلس في حال ترشح عبد الصمد قيوح للرئاسة، ما جعل هذا الأخير يتراجع عن «المقامرة» بمنصب الخليفة الأول للرئيس، فيما يطالب عبد اللطيف أبدوح برئاسة الفريق البرلماني بدل عبد السلام اللبار. وبدورها تطالب خديجة الزومي برئاسة إحدى اللجان البرلمانية عوض رحال المكاوي، الذي يشغل منصب رئيس لجنة المالية.

هذا، ويعقد مجلس المستشارين جلسة عمومية، اليوم الاثنين، ستخصص لانتخاب رئيس المجلس الجديد، طبقاً لأحكام الفصل 63 من الدستور، وسيترأس الجلسة، المستشار البرلماني، محمد عبو، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، باعتباره العضو الأكبر  سنا بالمجلس. وسيعلن خلال الجلسة عن فتح باب الترشيح، فيتلقى الترشيحات في الجلسة نفسها ويعلن عنها أو يطلب ذلك من أحد أعضاء المكتب المؤقت، ثم ينادى على المستشارين كل باسمه، للشروع في عملية التصويت، التي تتم بشكل سري، كتابة داخل معزل.

وفشلت أحزاب الأغلبية الحكومية في تقديم مرشح مشترك للتنافس على رئاسة مجلس المستشارين، وبالتالي ستكون فرقها البرلمانية مضطرة للتصويت على المرشح الوحيد، بعد انسحاب مرشح حزب الاستقلال من السباق. وكشفت المصادر، أنه تفاديا للحرج من التصويت لفائدة مرشح «البام»، تقدم فريق العدالة والتنمية بمقترح للأمانة العامة للحزب، من أجل تقديم مرشح «شكلي» باسم الفريق، وذلك لتفادي التصويت بأوراق بيضاء، خلال الجلسة، كما وقع في جلسة انتخاب الحبيب المالكي، لرئاسة مجلس النواب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى