الرئيسية

ليلى شهيد.. زوجة محمد برادة التي سقطت في حب المغرب بتذوق «طاجين» أمازيغي

حسن البصري
ولدت ليلى شهيد في 13 يوليوز 1949 في العاصمة اللبنانية بيروت، لكنها عاشت الجزء الأكبر من حياتها بين باريس التي قضت فيها 12 سنة مندوبة لفلسطين، والرباط. تنتمي ليلى إلى عائلة الحسيني البورجوازية، عاشت في رخاء خلال تواجدها في أوربا وتحولت صالوناتها إلى منتديات سياسية وأدبية، في ما يشبه التباين المكشوف بين التراجيديا التي يعيشها الفلسطينيون والرفاه التي تعيش على إيقاعه عدد من العائلات الموسرة في الاغتراب الأوربي.
بدأت ليلى مشوارها الدراسي في الجامعة الأمريكية في بيروت، وتخصصت في علم الإنسان وعلم النفس، حيث كانت تحاول الغوص إلى أعماق الذات العربية. وفي سنة 1974 انتقلت إلى باريس، لتبدأ مسارا آخر، يتقاطع فيه الفكر مع الدبلوماسية، رغم أن وجودها في العاصمة الفرنسية كان من أجل استكمال الدراسات العليا قصد الحصول على شهادة الدكتوراه. وبعد سنة التقت في مونبرناس بالكاتب المغربي يهودي الديانة إيدمون عمران المالح، في إطار بحثها الجامعي، وهي العلاقة التي قربتها من المغرب ومكنتها، بعد سنة واحدة، من التعرف على الكاتب المغربي محمد برادة لتنتهي الحكاية بزواج صيف 1978 لتقرر الاستقرار في المغرب ومنه بدأت مسارا دبلوماسيا.
كانت أول زيارة قامت بها ليلى إلى المغرب في صيف 1976 بدعوة من عمران وزوجته، حيث رافقتهما في رحلة صيفية قادتهم إلى عدد من المدن المغربية، على متن سيارة بسيطة في ملكية الكاتب اليهودي، الذي عرف ليلى على يهودي آخر مدافع عن القضية الفلسطينية وهو أبراهام السرفاتي بعيدا عن عيون المخبرين المغاربة، لكن أجمل ما تعرفت عليه في رحلتها نحو الجنوب المغربي «طاجين» أمازيغي جعلها تعشق المغرب بمعدتها قبل قلبها.
في السنة نفسها تلقت ليلى دعوة للمشاركة في لقاء لاتحاد الكتاب الفلسطينيين بالعاصمة التونسية، «هناك التقيت رئيس اتحاد كتاب المغرب الذي أبهجني جدا. إنه محمد برادة الذي سيصبح زوجي. دعاني لحضور لقاء لاتحاد كتاب المغرب، فعدت إلى المغرب مجددا في 1977، عرفته على إدمون، فأصبحا جد مقربين من بعضهما البعض وجد متفاهمين»، تقول ليلى في حوار لها مع «ليبراسيون» الفرنسية.
تقدم برادة لخطبة ليلى فلم يجد أي اعتراض لأن الخطيبة كانت تنتمي لأسرة متفتحة، عاشت في أوربا التي تمنح للفتاة هامشا أكبر في اختيار شريك حياتها، وهو ما حصل على وجه السرعة، سيما وأن والدتها سيرين كانت تنتمي لفصيلة الكتاب حيث ألفت أكثر من مؤلف باللغة الإنجليزية. أقامت الزوجة الفلسطينية في العاصمة الرباط من 1977 إلى 1989، حيث أصبحت مدرسة في أحد الأحياء الهامشية، قبل أن تغير مسارها نحو النشر إذ التحقت بإحدى دور النشر رفقة الكاتب المغربي عبد الكبير الخطيبي في مجال النشر، إلا أنها بدأت تلفت نظر النظام بلقاءاتها مع اليسار المغربي، في زمن سنوات الرصاص، خاصة زيارتها للسرفاتي في سجنه والعلاقة التي ربطتها مع زوجته، إلى جانب استضافتها في منزل الزوجية بحي أكدال بالرباط عددا من الوجوه الثورية من المغرب والمشرق، من قبيل الشاعر محمود درويش والمفكر إدوارد سعيد وجان جيني، الذي كانت وراء نقله من فرنسا إلى المغرب ليدفن في العرائش، وغيرهم من الوجوه التي أغضبت أجهزة الداخلية.
من المفارقات الغريبة في حياة ليلى شهيد، زيارتها للمغرب قبل زيارة بيروت التي غادرتها سنة 1974، ولم تتمكن من العودة إليها إلا سنة 1982 مباشرة بعد انتهاء الحصار الذي ضرب عليها، بل إنها مثلت حركة التحرير الفلسطينية في عدد من العواصم الأوربية قبل أن تزور فلسطين التي وطأت ترابها سنة 1994.
مثلت ليلى حركة تحرير فلسطين في إيرلندا ومن ثم عملت مديرة المكتب الإعلامي للمنظمة في لاهاي، وشغلت في الوقت نفسه منصب مندوبة فلسطين في هولندا والدنمارك. بين 1993 و2005 عملت مندوبة لفلسطين في فرنسا، لكن على الرغم من انشغالاتها ظلت قارئة وفية لكتابات زوجها ناقدة لأعماله، داعمة ومساندة لكثير من الكتاب المغاربة، خاصة حين يزورون عواصم أوربية، لكن ليلى شهيد ظلت، على امتداد مسارها السياسي، عرضة لقصف تنظيم «حماس» الذي لطالما وصفها بالمرأة التي «لا تفوت الفرصة للتهجم على حماس».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى