الرأي

ناشطة تدرب منتخبنا

حسن البصري
وافق المدير التقني الوطني أوشن، على تعيين الأمريكية كيلي ليندسي مدربة للمنتخب المغربي النسوي لكرة القدم، لا أحد يشك في المستوى الذي وصله هذا النوع الرياضي في الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أن المدربة الجديدة هي ناشطة حقوقية أكثر منها مدربة كرة القدم، أو بتعبير آخر «ناشطة كروية».
في سجلها الرياضي تجربة في تدريب منتخب أفغانستان، نعم المنتخب النسوي لأفغانستان، هي من دفعتهن للتخلص من الخمار، وربما هي من كانت وراء استقطاب السبايا لممارسة الكرة كي لا يصبحن حرثا لزعماء ملتحين.
كيلي لمست في رئيس اتحاد كرة القدم الأفغاني، شيئا من اللمس والهمس والآهات، فحذرته من الاقتراب من المعسكر، لكنه انتفض في وجهها، اجتمعت المدربة مع اللاعبات ونفخت فيهن روح الاحتجاج، بعد أن لاحظت أنهن لا يرفعن أصواتهن خشية غضب الرجال.
وضعت على مكتب المدعي العام الأفغاني مجموعة من الدعاوى التي قدمتها لاعباتها الأفغانيات، وعززت الشكايات بتصريح جريء كشفت فيه مكالمات خادشة للحياء من الرئيس كرم الدين كريم الذي افتقد الدين وكان كريما مع الفتيات.
ركبت الناشطة كيلي الطائرة صوب سويسرا ووضعت على مكتب رئيس «الفيفا» جياني إنفانتينو، شكاية مماثلة وعليها عبارة «خطير ومستعجل»، وحين تأخر عن الرد هاجمته بسبب تعمده تجاهل ملف آفة التحرش الذي «يعيق تطور كرة القدم النسائية عالميا»، كما قالت في أكثر من منبر إعلامي. قفز رئيس «الفيفا» من مكتبه وهو يرى صور كيلي تجوب العالم وأصدر قرارا بتوقيف كريم الدين.
من جهته، أصدر مكتب النائب العام في أفغانستان مذكرة اعتقال بحق الرئيس غداة إيقافه عن تسيير شؤون الكرة الأفغانية من قبل الاتحاد الدولي على خلفية اتهامات بالتحرش الجنسي، خلال الفترة ما بين عامي 2013 و2018 وهي الاتهامات التي ظل ينفيها الرئيس السابق للاتحاد الأفغاني، قائلا إن الأمريكية لا تفهم تقاليدنا، فيما تؤكد المدربة أن اللمس والغمز يستحقان ركلة خارج محيط الكرة، وأن حلم الأفغانيات بكرة القدم أصبح كابوسا.
الآن الناشطة الأمريكية بيننا، وملف التحرش قد يصبح من أولوياتها، فقد تحمل في حقيبتها جهاز تنظيف البطولة النسوية التي لا تخلو من مداعبات قد تتجاوز الخطوط الحمراء.
المشكل لا يكمن في تحرش عابر، والقضية ليست قضية «جنس مقابل صفة لاعبة دولية»، بل يكمن في إشكالية آليات التبليغ وعطل قانون التحرش الذي خرج ولم يعد، فقد تعرضت لاعبة دولية لتحرش من مدربها وقررت التبليغ عنه في أقرب «كوميسارية» من الملعب، وهي تحمل في أحشاء هاتفها الذكي دليل الإدانة، وتتأكد من سلامة صوت مقاطع تعلمها دروس هتك الشباك.
قالت اللاعبة لرجال الأمن إن مدربها يراودها عن نفسها، ويعتقلها في كرسي الاحتياط مادامت ترفض التمرين السريري، وتعلن الفيتو على الدروس الإضافية بالليل، فإذا هي تتعرض لنوع آخر من التحرش على يد المداومين، الذين فتحوا تحقيقا شفويا وأخذوا يسألونها عن تفاصيل التحرش بألفاظ أشد تحرشا، حينها غادرت المخفر تاركة بطاقتها الوطنية بين يدي شرطي يعيد على مسامعها رائعة محمد عبد الوهاب «جفنه علم الغزل».
شكرا للجامعة التي عينت مناضلة حقوقية على رأس منتخبنا النسوي، رغم أنه سبق للمنتخب الذكوري أن تدرب على يد ناشط حقوقي يدعى مارداريسكو. ففي سنة 1974، تعاقدت جامعة كرة القدم مع مدرب روماني كان طالبا للجوء السياسي في واشنطن هربا من الديكتاتور تشاوشيسكو، انتقل الرجل إلى المغرب وفي قلبه خوف لا يقاوم، كان يعقد المواعد مع أعضاء الجامعة ثم يغير مكانها في آخر لحظة، وكأن شبح الحاكم لا يفارقه، قبل أن يطمئنه الملك الحسن الثاني ويعين عساكر لحراسة مقر سكناه ومديرا تقنيا بدرجة كومندار اسمه بلمجدوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى