الرئيسيةخاص

هكذا أصبح المغرب نموذجا في محاربة الإرهاب

إعداد: محمد اليوبي- نعمان اليعلاوي- كريم أمزيان
دخل المغرب، منذ تفجيرات نيويورك، ضمن الدول المهددة بالإرهاب، ولم يخرج من دائرتها منذ ذلك الحين، ما فرض عليه أن يتبنى خطة استراتيجية من أجل مكافحة الإرهاب، حتى أصبح اسمه، بعد نحو عشر سنوات من ذلك، يتردد في المنتديات واللقاءات العالمية باعتباره بلدا يتوفر على أجهزة أمنية يقظة، ويضرب به المثل في قوة الضربات الاستباقية في ما يخص تفكيك الخلايا الإرهابية.
في ظل تمدد ما أضحى يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام في العالم، المعروفة اختصاراً بـ «داعش»، بدا المغرب مسخراً جهوده ومستنفراً موارده البشرية، بغرض حماية أمن المملكة وتحصين مكتسباتها،  خصوصا أمنها الداخلي، فضلاً عن التنسيق الدولي مع بلدان عدة تستنجد بالمغرب، من أجل إفادتها في ما يخص التجربة المغربية التي راكمتها أجهزته في مجال الأمن الاستباقي، وذلك في إطار التعاون والتنسيق مع عدد من الأجهزة الاستخباراتية التي اكتوت بلدانها بنيران الإرهاب، ما جعل المغرب يتحول إلى «قوة قاهرة» للإرهاب، في المحيط الإقليمي الذي أصبح بشكل مفاجئ مجالا خصبا يترعرع فيه التطرف، وبيئة عبارة عن «عش» لتفريخ الجماعات الإسلامية المسلحة في شمال مالي وأخرى ذات صلة بتنظيمات إرهابية، وفي مقدمتها «داعش».
وفي هذا الإطار تعمل خلية التواصل التي تشتغل بوزارة الاتصال، على إخبار الصحافيين بكل ما استجد في مجال تفكيك الخلايا الإرهابية، حتى أضحت العملية متواصلة بشكل مستمر، إذ لا يمر أسبوع إلا ويعمل المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، المعروف اختصاراً بـ«ديستي»، على تفكيك خلايا إرهابية عبر ربوع المملكة، فتعمل الوزارة المعنية على إخبار الصحافة بالطريقة التي تمكن عبرها الجهاز الأمني المغربي، من وضع يده على عشرات الخلايا النائمة أو تلك المستيقظة أو النشيطة. وفي حال تعلق الأمر بخلية تصفها الجهات الاستخباراتية بـ«الخطيرة»، تعمل على عقد ندوة صحافية من أجل عرض المحجوزات التي تكون في غالب الأحيان عبارة عن أجهزة ووسائل كانت ستستعمل في العمليات التي خطط أفراد الخلية الإرهابية المفككة من أجل استخدامها.

كيف تترصد الاستخبارات الإرهابيين وتفكك خلاياهم

غالباً ما تكون عملية الترصد، وفق ما كشفه عبد الحق الخيام، رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، منذ مدة طويلة، ولما يتبين أن العملية الإرهابية التي جرى التخطيط لها، تقرر تنفيذها وحدد تاريخها يكون التدخل وفق التنسيق الذي يجري مع النيابة العامة المختصة، ويتم إجهاض العملية. فوفق الخيام، الأوقات التي تجري فيها عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية، لا تشير بالضرورة إلى تاريخ اكتشافها. فعملية التفكيك، يسبقها، بحسبه، عمل شاق وطويل، من قبل المصالح الأمنية والاستخباراتية، من أجل تتبع كل فرد مشتبه فيه، ويشكل الخطورة على البلاد، وعلى نفسية المواطنين، فيما التدخل يتم بشكل دقيق وفي الوقت المناسب.
وفي وزارة الداخلية، توجد مديرية تعد خط دفاع أول يصد الخطر الإرهابي، فهي أساس كل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في البلاد، إذ تعمل على جمع المعلومات والمعطيات، مهما كانت نوعيتها، من خلال قاعدة أساسية تنتقل عبر هرم السلطة، من الوالي والباشا والقائد و«الشيوخ» و«المقدمين»، فضلا عن شبكة أخرى من المخبرين، هذا بالإضافة إلى  مديرية الاستعلامات العامة، التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، والتي تتبنى في عملها سياسة القرب من المواطنين، ونسجت بعد سنوات طويلة من العمل شبكات عنقودية مهمة، هدفها مكافحة الجريمة السياسية ومحاربة الإرهاب.
وتتم عمليات التفكيك، وفق ما أكده الخيام لـ«الأخبار»، عملية التفكيك، في وقت واحد، في حال إذا كان الأفراد في أماكن متباعدة، حتى «نتجنب أي انعكاس سلبي لتدخلات متفاوتة في الزمن، إذ تكون الفرق الأمنية، بحسب قوله، مستعدة في كل المدن والمواقع التي توجد فيها العناصر المستهدفة، فيجري ربط الاتصال بها، من أجل إشعارها بانطلاق العملية، لتمر في وقت موحد.
يعتبر المغرب أنه ليست هناك مقاربة أمنية فعالة، أكثر من التي يعتمدها المكتب المركزي للأبحاث القضائية. فالضربات الاستباقية هي التي تقي المغرب من خطر هذه الخلايا. فالمقاربة الأمينة والتعاطى مع التغيرات التي جرت أخيراً بنوع من الحزم وباستعداد دائم هي السبيل الوحيد لمواجهة الخطر القادم من هناك. فـ«داعش» تعتبر المغرب، وفق تأكيد الخيام، معادلة صعبة، لم تتمكن من استهدافها، ولم تستطع تشكيل ولاية لها فيه.
ويرى الخيام أنه ما يميز «داعش»، هو أن الخلايا التي تتوفر عليها، لا صلة بينها، وتخطط لأن تجتمع وتنسق في ما بينها، بعد أول عملية إرهابية، تزعزع نفسية المواطنين، وتجعل الجميع ينشغل بهول الصدمة، بعدما تجد حيزاً وفراغاً وحرية للقيام بذلك. والأنترنيت أصبح مع الأسف يشكل عائقاً في الحد من هذه الظاهرة، إذ عبره يتم التواصل بينها.
وعن حصيلة «البسيج» في سنة 2015 فقط، فقد جرى تفكيك 21 خلية، فيما فكك المكتب المركزي للأبحاث القضائية في سنة 2016 أربع خلايا، 22 من هذه الخلايا، تربطها صلة بما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام. أما بخصوص الأشخاص الذين جرى تقديمهم أمام النيابة العامة، في 2015 من أجل متابعتهم بالمنسوب إليهم، فيصل عددهم إلى 275 متهماً. وفي سنة 2016، وباحتساب أفراد خلية «أشبال الجهاد» المفككة أخيراً، 33 شخصاً، يعني أن مجموعهم 308 متهمين تربطهم صلة بـ «داعش» بعضهم تربطهم صلة بقيادييها في ليبيا، واثنان منهم على ارتباط بها، في محور العراق وسوريا. ومن هؤلاء أربع نساء وثمانية قاصرين، وبالنسبة إلى الأشخاص الموقوفين، الذين عادوا من سوريا أو العراق، وعلى ارتباط بـ«داعش»، فقد بلغ عددهم في 2015، 24 شخصاً، فيما وصل عدد الموقوفين سنة 2016 إلى ثمانية أشخاص. أما بخصوص الأشخاص الذين جرى توقيفهم، واتضح أنه سبق لهم أن اعتقلوا بسبب اتهامات بالإرهاب، فبلغ عددهم 14 شخصا.

المغرب منخرط في الحرب العالمية ضد إرهاب تنظيم «داعش»
الأحداث الإرهابية التي ضربت كلا من العاصمة الفرنسية باريس والعاصمة البلجيكية بروكسيل، كشفت أهمية التعاون الأمني بين المغرب والدول الأوربية في ملاحقة الخلايا الإرهابية الموالية لتنظيم «داعش»، حيث لعبت الأجهزة الأمنية المغربية دورا كبيرا في اعتقال عدد من المبحوث عنهم لهم صلة بهذه العمليات الإرهابية التي خلفت العشرات من الضحايا. ونالت المصالح الأمنية المغربية إشادة عالمية لما قدمته من معلومات مكنت من تجنيب دول أوربية عمليات إرهابية أخرى.
وتؤكد السلطات المغربية على أهمية التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الإرهاب، من خلال احتضانها العديد من المؤتمرات الداعمة لوضع أسس ومقترحات تفضي إلى القضاء عليه. ففي عام 2009، أطلق المغرب المؤتمر الوزاري للبلدان الإفريقية الأطلسية، وتم تأسيس أمانة عامة دائمة له في المغرب، وتبنى المؤتمر الوزاري الثاني الذي التأم في المغرب في نونبر 2010، خطةَ عمل للتعاون والتنسيق في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد والبيئة. كما نظمت المملكة المغربية سلسلة من المنتديات الدولية التي عقدت بالمغرب بين عامي 2009 و2012 لربط الدول الإفريقية الأطلسية بنظيراتها الأوربية والأمريكية، وأخيرا انعقدت في المغرب أشغال الدورة الخامسة لمنتدى مراكش للأمن، لمناقشة موضوع «الفراغ الأمني وتوسع مناطق الهشاشات بشمال إفريقيا والساحل والصحراء»، حيث شدد الخبراء والمسؤولون الأمنيون وممثلو منظمات دولية، بعد نقاش مستفيض حول الإشكاليات الأمنية بمختلف بؤر عدم الاستقرار بإفريقيا، على «وضع إطارات لتدبير مشترك للأزمات وإرساء تعاون إقليمي ودولي فعال» لمواجهة التهديدات الإرهابية والجريمة العابرة للحدود التي تغتنم فرصة الفراغ الأمني من أجل الانتشار.
هذا وصادق البرلمان المغربي، بغرفتيه، على مشروع قانون رقم 54.13 يوافق بموجبه على اتفاقية مجلس أوربا بشأن محاربة غسل الأموال وتجميد وحجز ومصادرة الأموال المتحصلة من الجريمة وبشأن تمويل الإرهاب، الموقعة بفارسوفيا في 16 ماي 2005. وهذه الاتفاقية تعتبر أول معاهدة دولية تشمل كلا من منع ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتلزم هذه الاتفاقية «كل دولة طرف أن تعتمد تدابير تشريعية وتدابير أخرى قد تكون ضرورية لتمكينها من تطبيق الأحكام المتعلقة بتمويل الإرهاب وكذا بغسل الأموال، وتحديد وتجميد ومصادرة الممتلكات المشروعة وغير المشروعة المخصصة لغرض تمويل الإرهاب».
وتؤكد الاتفاقية على «ضرورة اعتماد تدابير يتعين اتخاذها على المستوى الوطني، من قبيل تدابير المصادرة، التحقيق والتدابير المؤقتة، التجميد والحجز والمصادرة، إدارة الممتلكات المجمدة، سلطات التحقيق والتقنيات وجرائم غسل الأموال، مسؤولية الشركات، وكذا تدابير دولية تتمثل في العمل على التعاون لإنشاء وحدة الاستخبارات المالية والوقائية، حيث يتعين على كل طرف أن يعتمد على تدابير تشريعية وتدابير أخرى قد تكون ضرورية لإنشاء وحدة للاستخبارات المالية».
وتؤكد الاتفاقية كذلك حقيقة أن الوصول السريع إلى المعلومات المالية أو المعلومات عن الأصول التي تحتفظ بها المنظمات الإجرامية، بما فيها الجماعات الإرهابية، هو المفتاح لنجاح الإجراءات الوقائية والقمعية».
وركزت الاتفاقية على ضرورة تقوية أوجه التعاون الدولي في مجال محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال المساعدة في التحقيقات واعتماد تدابير مؤقتة، والالتزام بالمصادرة، مع ضرورة الإعلام وحماية حقوق الغير. كما تدعو الاتفاقية الأطراف الموقعة على بنودها إلى ضرورة خلق آلية لرصد وتسوية المنازعات. وتدخل الاتفاقية في إطار الوضع المتقدم الذي منح للمغرب في أكتوبر 2008، في ما يخص علاقاته بالاتحاد الأوربي، إذ اقترح مجلس أوربا انضمام المغرب بصفة تدريجية إلى عدد من اتفاقيات المجلس الأوربي المفتوحة للانضمام أمام الدول غير الأعضاء، ومن ضمنها الاتفاقية الأوربية المتعلقة بغسل الأموال وتجميد وحجز ومصادرة الأموال المتحصلة من الجريمة وتمويل الإرهاب المبرمة في فارسوفيا بتاريخ 16 ماي 2005. وأوضحت أن المغرب منخرط في سياسة مكافحة الإرهاب وتعزيز المنظومة القانونية في مجال تبييض الأموال.
وفي هذا الإطار، أكدت الوزيرة مباركة بوعيدة أن المغرب منخرط أيضا في وحدة لمعالجة المعلومات المالية التي تهم تبييض الأموال، مضيفة أن هذه الاتفاقية صادقت عليها جميع دول الاتحاد الأوربي، ويمكن أن تنخرط فيها دول خارج الاتحاد.

المغرب يضع قانونا لتجريم الالتحاق بـ «داعش»
تزامنا مع تنزيل المخطط الأمني «حذر»، وضع المغرب قانونا يتعلق بتغيير وتتميم أحكام مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، بحيث أصبح كل شخص سافر إلى بؤر التوتر وعاد منها، مهددا بالسجن قد تصل مدته إلى 15 سنة، هذا ما ينص عليه مشروع قانون بهدف الحد من التحاق الشباب المغاربة بالتنظيمات الجهادية بمناطق التوتر.
ويهدف هذا القانون إلى تحيين المنظومة الجنائية الوطنية بهدف تقوية الآليات القانونية لمواجهة ظاهرة الالتحاق أو محاولة الالتحاق بالمعسكرات التدريبية الإرهابية بالخارج وتلقي تدريبات بها، وتضمن مقتضيات قانونية تروم مراجعة مجموعة القانون الجنائي في ما يخص الشق التجريمي والعقابي، بإدراج مجموعة من الأفعال ذات الصلة بمعسكرات التدريب ببؤر التوتر، بوصفها جنايات معاقبا عليها بالسجن من خمس إلى خمس عشرة سنة، مع تخصيص الشخص المعنوي بعقوبات تتلاءم وطبيعته القانونية. ويتضمن القانون ذاته، أيضا، مقتضيات تهم مراجعة قانون المسطرة الجنائية في ما يخص الاختصاص القضائي، من خلال إضافة مادة تجيز متابعة ومحاكمة كل شخص مغربي سواء كان يوجد داخل التراب الوطني أو خارجه، أو أجنبيا يوجد داخل التراب الوطني، من أجل ارتكابه جريمة إرهابية خارج المملكة المغربية.
ومن بين الأفعال المجرمة بموجب القانون، الالتحاق أو محاولة الالتحاق بشكل فردي أو جماعي في إطار منظم أو غير منظم، بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية أيا كان شكلها أو هدفها أو مكان وجودها، ولو كانت الأفعال لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية أو بمصالحها، وكذلك تلقي تدريبات أو تكوينات، كيفما كان شكلها أو نوعها أو مدتها داخل وخارج أراضي المملكة المغربية أو محاولة ذلك، بقصد ارتكاب أحد الأفعال الإرهابية داخل المملكة أو خارجها، سواء وقع الفعل المذكور أو لم يقع، فضلا عن تجريم تجنيد أو تدريب أو دفع شخص أو أكثر من أجل الالتحاق بالجماعات الإرهابية داخل المغرب أو خارجه، كما تمت، بموجب المشروع، إضافة فقرة ضمن قانون الإرهاب، تجرم القيام بأي فعل من أفعال الدعاية أو الإشادة أو الترويج لفائدة هذه الجماعات.
وخلافا لما هو منصوص عليه في مجموعة القانون الجنائي الحالي، تم وفق التعديل، تخفيض العقوبة المقررة لفعل التحريض على ارتكاب الجريمة الإرهابية، إلى السجن المؤقت من خمس سنوات إلى خمس عشر سنة وغرامة تتراوح ما بين 50 ألفا و500 ألف درهم، بدلا من العقوبة المقررة للجريمة الإرهابية الأصلية، والتي قد تصل إلى عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو ثلاثين سنة.

«أشبال الجهاد».. أشهر الخلايا المفككة في مغرب 2016
قبل حوالي شهر من الآن، تفاجأ المغاربة وهم يطلعون عبر التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي على الترسانة التي تم حجزها لدى أفراد خلية «أشبال الجهاد» التي تم تفكيكها.
بالإضافة إلى السيارة المفخخة جرى عرض المحجوزات المضبوطة، بحوزة أمير الخلية، على طاولات خشبية في قاعة عرض كبير، وتولى مختصون تابعون لقسم الشرطة العلمية والتقنية بمديرية الشرطة القضائية، تقديم شروحات حولها.
الأمر يتعلق بعدد من المحجوزات المختلفة، تبرز بحسب رئيس الـ«بسيج»، خطورة الأشخاص المتورطين في الخلية، صنفها خبراء المركز إلى خمسة أنواع؛ منها الأسلحة وذخيرتها، التي شددوا على أنها «متطورة ومتعددة الاستعمال»، ومواد كيميائية تدخل في صناعة المتفجرات التقليدية، التي يمكن أن ينتج عنها غازات يمكن أن تصنع بها أسلحة كيميائية، فضلاً عن مواد لصنع أسلحة بيولوجية، ومواد متعلقة بأسلحة محترفة؛ ككبسولات غازات مسيلة للدموع، وصاعق كهربائي، وعصي حديدية بالإضافة إلى أسلحة بيضاء، ثم محجوزات عبارة عن وسائل معلوماتية وهواتف نقالة.
المجموعة الأولى من المحجوزات، قسمت إلى محورين، أولهما متعلق بالأسلحة والثاني بالذخيرة، فالأولى عبارة عن وجود «أسلحة نارية رشاشة، من عيار 7.65 مليمترات، تشيكية الصنع، وهي أسلحة تحتوي على قاعدة متحركة قابلة للطي، تمكن مستعملها من استخدامها إما بشكل يدوي أو محمولة على الكتف»، فضلاً عن نوع آخر من السلاح، «يحتوي على ثلاثة أنظمة للاشتغال؛ نظام الحماية ونظام الطلقة الوحيدة والنظام المتعدد الطلقات، بشكل يصل صبيبه عند فوهة السلاح إلى 850 طلقة في الدقيقة، أي ما يعادل 15 طلقة في الثانية»، وفي حالة اشتغال جيدة، ومجهز لاستعمال خراطيش ذات مقذوف، علاوة على «وجود بندقية تشتغل بالضغط الهوائي مجهزة بمكبرة، تمكن مستعملها من الاستهداف عن بعد، وهي من عيار 4.5 مليمترات، إسبانية الصنع»، وهي سلاح خطير جداً، خصوصاً إذا استهدف الأماكن الحساسة من جسم الإنسان، كالوجه والأعضاء التناسلية، بالإضافة إلى نوع ثالث من الأسلحة المحجوزة، «عبارة عن ثلاثة أسلحة دوارة أو ما يعرف بالأسلحة ذات الراحة، وهي من عيار 38 Spécial، أمريكية الصنع»، ثم سلاح أخير، «عبارة عن مسدس نصف آلي، ذي صنع عراقي، مكتوب عليه صنع القادسية، من عيار 7.65 مليمترات، ومتعدد لاستعمال الخراطيش». وبخصوص المعطيات المتعلقة بـ«الخراطيش»، أورد حجي أن «أمير الخلية، كان يتوفر على حوالي 269 خرطوشة، تصنف إلى عيارين؛ عيار 144 خرطوشة ذات 38 Spécial ، وهي مطابقة الاستعمال مع الأسلحة الدوارة وذات الراحة، و125 خرطوشة ذات عيار 9 مليمترات».
أما في ما يخص المواد التي تم العثور عليها، في «البيت الآمن»، فقد جرى حجز ست قنينات تحتوي على مادتي الكبريت والرينو، إذ إنه فضلاً عن استعمالهما كمبيد في مجال الفلاحة والزراعة، فإنهما تدخلان في تركيبة الشحنات والعبوات الناسفة، التي يمكن أن تحدث دماراً وتخريباً شاملاً، وإن «المادتين المذكورتين، مع احتراقهما وتحللهما ينتج عنهما انبعاث غازات سامة، يمكن تصنيفهما دولياً من بين الأسلحة الكيماوية المحظورة».
المجموعة الثالثة من المحجوازت بيولوجية، تتعلق بخليط بيولوجي تقليدي، مكون من فئران ميتة وشرائح من اللحم ممزوجة بقطع من الليمون، ومسامير، جرى مزجها كلها، للحصول في ظروف لا يوجد فيها الأكسجين على مادة «سم الكزاز»، وهي مادة أكد عرجي أنها «معدة للاستعمال كسلاح بيولوجي وذلك لإصابة الأشخاص على مستوى الجهاز العصبي المركزي، بعد طلائه بمزلاج باب أو مقبض سيارة، ما يؤدي إلى وفاتهم في الحين، بمجرد لمسه». ولم يكتف أعضاء الخلية المفككة بهذه الأسلحة المتطورة فقط، بل هيؤوا كبسولات غازية ذات محتويات مختلفة، وعصا كهربائية تصل قيمة توترها 2000 فولط، فضلاً عن عصي حديدية وأخرى خشبية، وأسلحة بيضاء مختلفة الأحجام، وأصفاد بلاستيكية، بالإضافة إلى وسائل للترصد كمنظارين، وأخرى تدخل في إطار طرق تهييء العبوات الناسفة كالأسلاك والأجهزة الكهربائية وغيرها.
كل هذه الأجهزة، جعلت المغاربة يقتنعون أن الأمر يتعلق بـ«صيد ثمين»، جعل المغرب يعد من بين أبرز الدول التي تكافح الإرهاب، ما هيأه ليساعد دولا أخرى في عملية شبيهة، من خلال خدمات الـ«بسيج» أو «إف بي أي» المغرب.

العجلاوي: «البوليساريو تغذي الجماعات الإرهابية بدول جنوب الساحل والصحراء»
تطرح الارتباطات بين التنظيمات الإرهابية المسلحة في بلدان الساحل والصحراء، والمخيمات التابعة لجبهة البوليساريو جنوب غرب الجزائر، الكثير من التساؤلات حول التبادل المحتمل للمصالح بين الكيان الوهمي والتنظيمات التي باتت تهدد أمن واستقرار المنطقة، خصوصا أن تموقع العناصر التابعة للبوليساريو على الشريط الحدودي بين المغرب والجزائر، ومع مساعدة الجزائر لهذا الأمر، وأيضا في أقصى الجنوب الجزائري، مقابل انتشار عناصر تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وجماعتي «أنصار الجهاد» و«بوكو حرام» شمال مالي، يجعل الأطراف في نقط تلاق تستوجب «تعايشا» سريا بينها لتجنب التناحر.
من جهته، يرى الموساوي العجلاوي، الأستاذ في معهد الدراسات الإفريقية، أن البوليساريو تغذي الجماعات الإرهابية في البلدان جنوب الساحل والصحراء، مشيرا إلى تقرير صدر في 21 يناير 2009 للجنة أمنية تابعة لقيادة البوليساريو، يؤكد أن المخيمات، خصوصا مخيم الداخلة ومخيمات أخرى، خرجت عن المراقبة الأمنية لأجهزة الجبهة، وهو ما يترجم، حسب العجلاوي، الاختطافات التي تمت في مخيم الرابوني في أكتوبر 2011، والتي تؤكد أن البوليساريو مخترقة عن آخرها من الجماعات الإرهابية، وخاصة من جماعة «التوحيد والجهاد»، والتي قال العجلاوي  إنها تعتبر مكونة من أكثر عناصرها من أفراد البوليساريو وبعض الموريتانيين.
وبالعودة إلى واقع المخيمات، حسب الأستاذ في معهد الدراسات الإفريقية، فإن الشباب هناك يتجه إلى منحيين لا ثالث لهما: أولهما تهريب المخدرات والمحروقات، أو النشاط في جماعات إرهابية مسلحة، إذ هناك العديد من التقارير التي تظهر علاقة وطيدة بين الجماعات الإرهابية من قبيل «بوكو حرام» وحركة «التوحيد والجهاد» وعناصر البوليساريو، وبالتالي فـ«بوكو حرام»، يقول العجلاوي، تستمد عناصرها من البوليساريو التي تغذيها وليس من «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» كما يعتقد الكثيرون، خصوصا أن هناك صراعا بين جماعة «بوكو حرام» وتنظيم «القاعدة» حول قيادة الجماعات الإرهابية في إفريقيا جنوب الصحراء.
وعن ارتباط هذه الشبكات التي تضم عناصر البوليساريو بتهديد أمن المنطقة وخصوصا المغرب، يرى العجلاوي أنه بالرجوع إلى خريطة الصراع، نجد أن المغرب مؤمن من الجانب الحدودي الشرقي من خلال الجدار الرملي، غير أن تقريرا أخيرا للأمين العام للأمم المتحدة، وهو التقرير الصادر في 2013، أكد أن شرق الجدار الأمني يعتبر مشتلا لعناصر إرهابية تنشط في ما بعد في تلك الجماعات. وباعتبار أن المغرب يوجد على الحدود الغربية لهذا الجدار، فلا خلاف حول ضرورة تأمين أراضيه من تخطي هذه العناصر التراب الوطني، بل الأكثر من هذا، حسب العجلاوي، أن نشاط تلك الجماعات يهدد حتى مواطني عدد من الدول الأوربية من خلال عمليات الاختطاف للمواطنين الفرنسيين.
وعن دور الجزائر في المنطقة، يقول العجلاوي إن الأمر يتشعب بين الاستغلال السياسي للجزائر من أجل كسب المزيد من الدعم بالنسبة للمسؤولين الأمنيين الجزائريين من جهة، بالإضافة إلى التهديد الذي يخلقه تنامي وجود تلك العناصر الإرهابية داخل المخيمات، وهو ما حذا بالجزائر إلى تشييد الأسوار حول المخيمات، والتي حولتها إلى سجن مفتوح للمحتجزين، حيث تمنع الجزائر الدخول والخروج منها، بل وصل الأمر إلى منعها تهريب المواد النفطية، وهو ما أجج- حسب العجلاوي- موجة الغضب الشبابي التي تعرفها المخيمات، على اعتبار أن أغلب الأسر هناك تعيش على تجارة وتهريب المحروقات، هذا دون إغفال التهديد القادم للجزائر من الشرق، حيث تحول غرب ليبيا في الحدود الليبية- الجزائرية إلى قاعدة لنشاط الجماعات الإرهابية بعد الانتقال من مالي.

المغرب يطارد الإرهاب ويجفف منابعه في إفريقيا
يحظى دور المغرب في مكافحة الإرهاب بإشادة عالمية، فبعد إعراب فرنسا عن أملها ورغبتها في التعاون الاستخباراتي والأمني مع المغرب، في أعقاب الهجمات الإرهابية التي ضربت العاصمة  الفرنسية، باريس، والتي أودت بحياة أزيد من 120 شخصا، جاء الاتصال الهاتفي بين الملك محمد السادس والملك فيليب، عاهل المملكة البلجيكية، والذي أعرب من خلاله الأخير عن دعوة الحكومة البلجيكية للمملكة المغربية إلى «التعاون الوثيق بين مصالح الاستخبارات والأمن في البلدين، لمواجهة المخاطر التي تهدد أمن بلجيكا وبلدان أوروبية أخرى»، إذ بدت جهود المغرب في مواجهة التطرف والإرهاب أكثر توسعا، حيث انتقل المحققون المغاربة، المتخصصون في قضايا الإرهاب، خارج المغرب، لتعقب «القاعدة في المغرب الإسلامي»، تحت مظلة تعاون جنوب – جنوب ضد الإرهاب، بين المغرب وساحل العاج.
وبتوجيهات من الملك محمد السادس، انتقل وزير الداخلية محمد حصاد، وعبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، ومدير مديرية مراقبة التراب الوطني، إلى ساحل العاج، رفقة فريق من المكتب المركزي للأبحاث القضائية من أجل الإشراف على التحقيقات التي تلت فتح مسلحين النار على أشخاص في منتجع «غراند بسام» السياحي شرق أبيدجان، ما أدى إلى مقتل 19 مواطنا، بينهم سياح أجانب.
ملاحقة المغرب للتنظيمات الإرهابية في بلدان جنوب الصحراء والساحل، جاء بعد مباحثات أجرها الملك محمد السادس مع الحسن واتارا، رئيس جمهورية كوت ديفوار، إثر الهجمات المسلحة، حيث أعرب عن إدانته بشدة لهذه الأعمال الإرهابية الشنيعة التي مست البلد الإفريقي، وأكد للرئيس واتارا تضامن المملكة المغربية الكامل مع الشعب الإيفواري ودعمها الثابت له، واقترح على الرئيس الحسن واتارا إرسال فريق من المكتب المركزي للتحقيقات القضائية (البسيج) إلى كوت ديفوار من أجل مواكبة السلطات الإيفوارية ودعمها في التحقيقات التي تقوم بها حول هذه الأعمال الإرهابية، وتلقى الرئيس الإيفواري هذا الاقتراح بالإيجاب.
وإلى جانب المقاربة الأمنية التي تمثلت في التعاون بين المغرب والكوت ديفوار لمطاردة العناصر الإرهابية، فقد عمل المغرب على محاصرة الفكر المتطرف في العديد من البلدان الإفريقية، وعلى رأسها مالي والكوت ديفوار، من خلال استقبال أفواج من طلبة العلوم الدينية والشرعية، حيث جرى خلال الجولة الملكية  للبلدان الإفريقية، التوقيع على اتفاقيات لتكوين أئمة أفارقة تشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، كما جرى تأسيس معهد متخصص بهذا الغرض، والذي كان الملك محمد السادس قد دشنه السنة الماضية.
بالإضافة إلى ذلك، ومن باب محاربة أسباب التطرف والغلو والانحراف، شرع المغرب في فتح باب التعاون جنوب- جنوب مع العديد من الدول الإفريقية في الجانب الأمني وفي مجال التكوين المرتبط به. فضلا عن أن المغرب فتح أيضا العديد من المشاريع التي من شأنها تحسين وتعزيز الاستثمار في البلدان جنوب الصحراء، وهي المشاريع التي تم التوقيع كذلك على اتفاقيات بشأنها خلال الجولة الملكية للبلدان الإفريقية، والتي قال المتتبعون إنها شكلت قنطرة للنماء والتعاون المشترك بين المغرب وتلك البلدان، من خلال الاتفاقيات الموقعة والتي جاوزت الأربعين اتفاقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى