الرئيسيةصحةن- النسوة

هكذا يجب التعامل مع اضطراب الشخصية الحدي

مفاتيح من أجل فهم الحالات المرضية وأعراض متباينة وعلاجات ممكنة

اضطراب الشخصية الحدي هو نوع من أنواع اضطراب الشخصية من المجموعةB، والذي من أبرز أعراضه وملامحه وجود اندفاعية مميزة وعدم اتزان في التعبير عن المشاعر وفي العلاقات مع الأشخاص وفي صورة الذات. إن هذا المرض مصنف ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية.
ويظهر هذا الاضطراب في مراحل المراهقة، ويمكن أن يظهر عرضة حسب الموقف.
من الأعراض الأخرى الشائعة لهذا الاضطراب الخوف من الهجر والتهميش، وحدوث نوبات شديدة من الغضب والتهيجية، الأمر الذي يكون من الصعب فهمه بالنسبة للآخرين. غالبا ما يبدي الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدي رأيهم في الأشخاص المحيطين بحالة إقصائية، إما بجعلهم مثاليين أو أنهم غير متحلين بالقيم، وذلك بشكل متفاوت بين التقدير العالي الإيجابي أو خيبة الأمل السلبية. بالإضافة إلى ذلك، فإنه من الممكن أن يصل الأمر إلى إيذاء النفس أو حتى الانتحار.
بما أن هذا الاضطراب يتميز بطول الأمد وبقابليته للانتشار وللتغلغل، فإنه غالبا ما يجد ممانعة من قبل المصابين بهذا الاضطراب لتشخيص الحالة النفسية، وخاصة في المراحل الأولى من المراهقة أو البلوغ المبكر. ومن الممكن أن تزداد أعراض هذا الاضطراب سوءا في حال عدم الحصول على علاج مبكر لها.

أعراض الاضطراب
تتضمن أعراض اضطراب الشخصيّة الحدي:
-مشاعر خارجة عن السيطرة.
-علاقات غير متوازنة مع الأشخاص.
-قلق ينتاب الشخص بتخلي الناس عنه وهجرانه.
-سلوك مؤذي للذات.
-اندفاعية.
-وغالبا ما يكون مصحوبا بالاكتئاب أو القلق أو الغضب.
ومن أكثر أعراض اضطراب الشخصية الحدي تميزاً هي الحساسية تجاه الرفض الاجتماعي، والأفكار والمخاوف أن يلفظ ذاك الشخص من المجتمع. ويمكن أن يتعدى الأمر إلى حدوث اضطراب في مفهوم الهوية والقيم الذاتية، بحيث يمكن أن ترد أفكار جنون الارتياب عندما يشعر بالتوتر، بالإضافة إلى شعور بالفراق.

مشاعر أعمق
يشعر الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدي بالمشاعر النفسية بشكل أسهل وأعمق ولمدة أطول من الآخرين. يمكن للمشاعر أن تظهر على السطح بشكل متكرر، وأن تستمر لفترة طويلة. بالتالي، فإن المصابين بذلك الاضطراب يتطلبون وقتا أطول من الناس العاديين كي يعودوا إلى حالة من التوازن العاطفي الطبيعي بعد خضوعهم لتجارب عاطفية شديدة التأثير.
فهم غالبا ما يكونون مثاليين ومفعمين بالسعادة والحب في حالة المشاعر الإيجابية، ولكنهم بالمقابل يشعرون بطغيان المشاعر السلبية عند الأسى، فهم يشعرون بالفجع الشديد بدل الحزن، وبالخزي والإذلال بدل الحرج، وبالغضب بدل الانزعاج، وبالفزع بدل القلق. غالبا ما يكون المصابون بهذا الاضطراب حساسين تجاه المشاعر المرافقة للرفض أو العزلة أو الفشل. في حال عدم وجود بوادر للتأقلم، فإن محاولات هؤلاء الأشخاص للتحكم أو الهرب من المشاعر السلبية قد تودي بهم في نهاية المطاف إلى إيذاء الذات أو الانتحار.
يكون الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدي عرضة بشكل خاص لحالة الانزعاج، أو للشعور بحالة من المعاناة الذهنية والعاطفية. وهناك أربعة أصناف من حالة الانزعاج، والتي تكون نمطية ومرافقة لمرضى اضطراب الشخصية الحدي، وهي: المشاعر الجامحة، التدمير أو التدمير الذاتي، والشعور بالتجزئة أو بنقص الهوية، والشعور بالتضحية. ضمن هذه التصنيفات، يترافق تشخيص الحالة بشكل كبير مع مزيج من ثلاث حالات محددة: وهي الشعور بالخيانة، والشعور بالأذى النفسي، والشعور بالوجود في حالة خارجة عن السيطرة. بما أن هناك تنوعا كبيرا في أنماط حالات الانزعاج المصادفة لدى مرضى هذا الاضطراب، فإن مقدار المعاناة يعد مؤشرا مهما على وجود اضطراب الشخصية الحدي.
بالإضافة إلى المشاعر الجامحة، قد يعاني المصابون بهذا الاضطراب من التقلقل (أو عدم الثبات الانفعالي)، أو بتقلب المشاعر، حيث إن مزاج الناس المصابين باضطراب الشخصية الحدي يتأرجح في العادة بين الغضب والقلق، وأحيانا بين الاكتئاب والقلق.
سلوك اندفاعي
يشيع السلوك الاندفاعي عند مرضى اضطراب الشخصية الحدي، بما في ذلك تعاطي مواد الإدمان أو الكحول أو اضطرابات الأكل أو التهور في القيادة أو تبذير النقود. كما يمكن أن يصدر عن المصاب باضطراب الشخصية الحدي سلوكا اندفاعيا يتمثل بهجر العمل أو العلاقات أو بالهرب.
يتصرف المصابون بهذا الاضطراب باندفاعية، لأنها تمنحهم شعورا بالارتياح الفوري من آلامهم الانفعالية، وذلك دون التفكير بالعواقب على المدى الطويل، والتي ستزيد من معاناتهم بالشعور بالخزي والندم جراء تلك الأفعال.
إيذاء النفس والانتحار
يكون إيذاء النفس أو السلوك المؤدي للانتحار أحد شروط التشخيص الرئيسية لاضطراب الشخصية الحدي في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-IV-TR .
يكون كل من إيذاء النفس والإقدام على الانتحار عبارة عن ردود أفعال للإحساس بمشاعر سلبية. إن إدارة وعلاج هذا السلوك معقد وليس بالأمر الهين.
إن إيذاء النفس عند المصابين باضطراب الشخصية الحدي أمر شائع، ويمكن أن يحدث مع أو بدون نية للانتحار، حيث إن الأسباب المؤدية لإيذاء النفس تختلف عن الأسباب المؤدية لمحاولات الانتحار. تتضمن الأسباب المؤدية لإيذاء النفس دون الانتحار إظهار مشاعر الغضب، ومعاقبة النفس بالألم الجسدي لمحاولة إخماد الألم الانفعالي أو الظروف الصعبة. بالمقابل، فإن محاولات الانتحار تعكس غالبا إيمانا بأن الآخرين سيكونون بحال أفضل بعد الانتحار.
العلاقات مع الأشخاص
يعاني المصابون باضطراب الشخصية الحدي من صعوبة تشكيل علاقات عاطفية.
يمكن للأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدي أن يكونوا حساسين جدا لكيفية تعامل الآخرين معهم، حيث يشعرون بفرحة غامرة وبامتنان عند فهم التعبيرات اللطيفة من الأشخاص المحيطين، في حين أنهم يشعرون بحزن شديد أو بغضب عند فهم تعابير الانتقاد أو الإيذاء. إن مشاعر المصابين بأعراض اضطراب الشخصية الحدي تجاه الآخرين يمكن أن تنزاح من الإيجابية إلى السلبية بعد حدوث أمر ما مخيب لأمل المريض، أوعند فهم قضية ما على أنها تهديد بفقدان شخص ما، أو عند إحساسهم بأنهم قد سقطوا من عين من يقدرون. تتضمن هذه الظاهرة، والتي تدعى أحيانا باسم الانفصام أو أسلوب التفكير أبيض-أسود، حدوث انزياح في التوجه من جعل الآخرين مثاليين (مشاعر الإعجاب والود تجاههم) إلى جعلهم خالين من القيم (مشاعر الغضب أو الكره).
على الرغم من الرغبة الداخلية للمصابين بهذه الحالة في إنشاء علاقات حميمة، إلا أنهم يخشون في المقابل من التعلق بشخص في العلاقة معه، ويفضلون القيام بعلاقات عابرة مع الأشخاص، وغالبا ما يظهرون العالم الخارجي على أنه مليء بالشر والحقد. يرافق اضطراب الشخصية الحدي وجود مستويات متزايدة من المشاكل المزمنة والخلافات في العلاقات الرومانسية، كما يكون هناك عدم رضى من شريك تلك العلاقة.
إن وجود التلاعب للحصول على الرعاية من الآخرين هو خاصية مميزة لاضطراب الشخصية الحدي. على الرغم من أن مفهوم التلاعب ينبغي أن لا يعطى أكبر من حجمه عند تشخيص المرض، لأن ذلك قد يودي إلى سوء فهم للحالة، خاصة للمعالجين ضمن نظام الرعاية الصحية.

مفاتيح من أجل الفهم
الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدي يواجهون فرطا في الانفعالية بشكل يومي. في فرنسا، يمثلون حوالي 2 ٪ من السكان، عند النساء 3 حالات من كل 4 نساء. ضرورة الوقوف عند مرض نفسي لا يمكن التنبؤ به، سواء بالنسبة للشخص المتضرر ومن حوله.
إنهم يشبهوننا، في بعض الأحيان يبدون طفوليين وأنانيين قليلا، ثم يكونون عرضة لموقف صعب حيث تظهر فيه هذه الانفعالات: الغضب، السلوك الخطير، الميل إلى التلاعب، فكرة الانتحار. الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدي، وفقا لما يقوله الطبيب النفسي آلان تورتوسا «إنهم كطنجرة الضغط، دائما على وشك الانفجار».
من هم الحديون ؟
ولكن من هم الحديون؟ من الصعب الإجابة عن هذا التساؤل، لأن هذا الاضطراب متعدد، كما يوضح عالم نفسي في أحد المنتديات: «إنهم بشر ولحم وروح وعواطف. من جهتي، أشعر بأنني مرن. أنا أميل إلى الضوء، وأشحن من التوتر، وأوجه نفسي وألتقي إما بجدار أو فراغ. أحارب من أجل ألا أشحن… »
صعوبة إدارة العواطف هي الفكرة الأساسية لهذا المرض النفسي، يقع في منتصف الطريق بين العصاب والذهان. مظاهره: فرط الانفعالية، ردود الفعل المفرطة لأدنى انزعاج. بالإضافة إلى هذه المميزات الشائعة، توجد أعراض مميزة يقوم عليها التشخيص الطبي للمرض (وجود 5 أعراض أو أكثر في كل شخص)
– مشاعر مزمنة بالفراغ
– صعوبة في إدارة الغضب
– انخفاض القدرة على التنبؤ بعواقب أفعال الشخص
– اضطراب الهوية (التشكيك في المشاريع أو بعض المشاعر، التشكيك في الذات، صعوبات تحليل مشاعر الفرد)
-الميل إلى المثالية ثم تخفيض قيمة الآخر
– عدم الاستقرار في العلاقات الشخصية (التغييرات المتكررة للأصدقاء، والشريك، والخلفيات المهنية، والميل إلى التلاعب، وما إلى ذلك)
– الجهود غير المقيدة لتجنب الهجر (الخوف المفرط من الهجران والابتعاد)
-أعراض الانفصام والتفكير الاضطهادي (شعور بالخروج من الذات، وكونه ضحية مؤامرة)
– السلوكيات الاندفاعية والخطيرة والتشويه الذاتي (الأكل بشراهة، الميل إلى اللعب، الاستهلاك المفرط للكحول أو المخدرات)
– الأفكار والأفعال الانتحارية
لذلك يصعب تحديد حالة اضطراب الشخصية الحدي، خاصة لأنها غالبا ما تكون مصحوبة باضطراب آخر في الشخصية، مثل التبعية العاطفية.
أغلبية من النساء
وفقا لمنظمة الصحة العالمية (منظمة الصحة العالمية)، يعاني ما يقرب من 2٪ من سكان العالم من اضطراب الشخصية الحدية، بدءا من النساء، اللائي يشكلن حوالي ثلاث حالات من كل أربع حالات مرضية.
مثل أعراضه، فإن أسباب اضطراب الشخصية الحدي متعددة. إذا كانت الأسباب البيولوجية والكيميائية (اضطراب إنتاج السيروتونين) والتأهب الوراثي واضحة، فإن هذا المرض يكون أكثر وضوحا عند الأشخاص الذين عانوا من سوء المعاملة أو النقص العاطفي أو الانفصال الصعب في طفولتهم.

ميل للتفارق
بسبب المشاعر الجامحة التي تنتاب مرضى اضطراب الشخصية الحدي، فإنه يكون من الصعب عليهم أن يحافظوا على تركيز انتباههم. بالإضافة إلى ذلك، فإن المصابين بهذا الاضطراب يميلون إلى التفارق، والذي يمكن أن يفهم بكونه حالة متطرفة للخروج من الصورة الضيقة إلى الصورة الشاملة. يمكن للتفارق أيضا أن يحدث كرد فعل على تجربة حدث مؤلم (أو المرور بتجربة أمر ما يمكن أن يولد ذكرى حدث مؤلم)، بحيث أن الذهن يصرف انتباهه تلقائيا عن ذلك الحدث، كوسيلة دفاع من أجل تجنب الوقوع في الإحساس بمشاعر جامحة، وبالتالي من الاندفاعات السلوكية التي تولدها مثل تلك المشاعر. على الرغم من أن عادة الذهن القيام بحجب المشاعر شديدة الألم يمكن له أن يزود بشعور مؤقت بالراحة، إلا أنه في الوقت نفسه يمكن أن يكون لذلك أثر جانبي بحجب أو كسر حد تجارب المشاعر العادية، مما يقلل من إمكانية وصول مرضى تلك الحالة إلى المعلومات التي تحتويها هذه المشاعر، والتي تفيد في توجيه صناعة القرار في الحياة اليومية.

الشعور بالذات
يعاني المصابون باضطراب الشخصية الحدي من مشاكل في تكوين صورة واضحة عن شخصيتهم وهويتهم، فهم يميلون على وجه الخصوص إلى مواجهة مشاكل مع أنفسهم لمعرفة ما الشيء الذي يقيمونه أو الذي يؤمنون به أو يفضلونه أو يستمتعون به، كما يكونون غير واثقين من أهدافهم بعيدة الأمد، وذلك فيما يتعلق بالعلاقات والعمل. هذه الصعوبة التي تواجه هؤلاء المرضى بمعرفة ذواتهم وقيمتهم يمكن أن تسبب لهم شعورا بالفراغ أو الضياع.

علاج مزدوج
في مواجهة المرض، يتم تقديم حل علاجي مزدوج للأشخاص:
– يوصى بصفة عامة بوصفة الأدوية المضادة للاكتئاب ومزيلات القلق لعلاج الأسباب البيولوجية للمرض وتقليل الممرات الاكتئابية أو نوبات الهلع أو القلق. الحل الأول لتحقيق الاستقرار، كما تقول إحدى الشاهدات في منتدى psychologies: «كل شخص يعاني من صعود وهبوط في المشاعر. لكن بالنسبة لابنتي (التي تعاني من اضطراب الشخصية الحدي)، ألاحظ أنها تتغير في الساعة الواحدة بحث تكون منفعلة جدا ثم هادئة جدا. وعلى هذا الصعيد تساعدها مثبتات الحالة المزاجية…»
– يكمل الدواء دائما العمل العلاجي، يساعد النهج السلوكي (نوع العلاج المعرفي السلوكي) المرضى على تصحيح أنماط التفكير التي تشعرهم بالانزعاج من عواطفهم وتعلم السلوكيات الصحية. يعرف العلاج السلوكي الجدلي أيضا بفعاليته، وهو يقدم مقاربة أكثر اكتمالا، سواء التحليلية – على معرفة الذات، وفهم المشاعر – والسلوكية، ولكن لا يتم العمل بها كثيرا في فرنسا.

العيش مع شخص مصاب بالمرض
مرض اضطراب الشخصية الحدي هو مرض طويل الأمد، وهو دائما محنة الحياة، لكل من الشخص المصاب ومن حوله. مثل السيدة روز، مشاركة في المنتدى: «يجب على كل عائلة العمل لإيجاد توازن جديد حول الانفعالات العاطفية للمريض»: «أعتقد أنه يتعين علينا الاستماع إليهم، دون الحكم. كن حاضرا، ولكن كن حذرا أيضا من أجل السماح له بتحمل المسؤولية. لا تعامله كطفل أو تحاكمه أو تقدم له ملاحظات مسيئة قد تقلل من شأنه. أظهر له أنه مخطئ، وأنه يرتكب أخطاء وأننا هناك لإرشاده».
في حين أن الاستماع والتحدث غالبا ما يكونان وسيلة للتعامل مع المرض من كلا الطرفين، تنصح جمعيات دعم الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدي أيضا المقربين من:
– معرفة كيفية الحفاظ على مسافات عادلة لتجنب العلاقات الانصهارية الشديدة
– عدم تضخيم الغضب الذي غالبا ما يكون المرضى غير مدركين له
– عدم إصدار حكم على السلوكيات الاندفاعية والخطيرة التي تتطلب الكثير من المساعدة. قبل كل شيء، يحتاج الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدي إلى من حولهم لتذكيرهم بمدى حبهم لهم وقلقهم عليهم.
– شجعهم على مشاركة مشاعرهم مع طمأنتهم بشأن صفاتهم وقيمتهم عندما يظهرون اضطرابا في الهوية أو تدني احترام الذات
– الاعتراف بالشعور بالظلم أو التمرد على السلطة التي يتقاسمها جل المصابين بهذا المرض، مع تذكيرهم بالحقائق اليومية التي يواجهها الجميع.
– قبول شكل معين من أشكال السيطرة والتلاعب إذا كان يمكن من خلالها كسب الثقة ووضع حدود في دائرة الأسرة.

تقلب المزاج يزيد محنة المصابين
اضطراب الشخصية الحدي، هو مرض نفسي معقد تتنوع مظاهره إلى حد كبير من شخص لآخر (في هذه الحالة، نتحدث عن تعدد أشكال كبير)
بشكل عام، يعاني الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض العقلي من عدم استقرار نفسي وعاطفي كبيرين. ويجدون صعوبة في إدارة مشاعرهم. يمكن أن ينجرفوا بسهولة، وبصورة غير متوقعة، ويتصرفوا بسرعة. يعد تقلب المزاج أو الشعور بالفراغ أمر شائع في هذا الاضطراب.
يعاني هؤلاء الأشخاص في كثير من الأحيان في الانفعالية الزائدة. عادة ما يكون يحملون صورة ذاتية سيئة جدا. في كثير من الأحيان يكونون غير مستقرين على مستوى العلاقات، كما يميلون إلى إيذاء النفس. كما تكون سلوكيات المخاطرة (الكحول والمخدرات والألعاب والنظام الغذائي …) شائعة بين الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدي؛ إلى جانب محاولات الانتحار أيضا.
يتم تصنيف اضطراب الشخصية الحدي في بعض الأحيان بين العصاب والذهان. ويشترك هذا الاضطراب في شيء واحد مع الاضطراب الثنائي القطب وفرط النشاط: السيكلوثيميا (أي تغير المزاج السريع). يمكن أن يؤدي اضطراب الشخصية الحدي إلى الاكتئاب. وغالبا ما يرتبط باضطرابات الشخصية الأخرى أو غيرها من الأمراض العقلية مثل اضطرابات القلق أو الأكل أو الاكتئاب أو فرط الحركة ونقص الانتباه.
من الصعب مشاركة الحياة اليومية مع الأشخاص الذين يعانون من الشخصية الحدية بسبب أعراض المرض بشكل خاص. إذ قد يكون من الصعب فهم سلوك الشخص المريض. في بعض الأحيان يتمكن المريض من إخفاء مرضه عن المحيطين به. على الرغم من الأعراض الصعبة، يمكن للأشخاص المصابين به أن يعيشوا حياة عادية ويعملون مع اتباع العلاج والمرافقة النفسية المناسبين. في بعض الحالات، يكون من الضروري البقاء في المستشفى.
منذ زمن ليس ببعيد، أكدت الدراسات إمكانية علاج هذا المرض النفسي بفعالية. وحتى وقت قريب، كان لا يزال يعتبر اضطراب الشخصية الحدي غير قابل للشفاء، وهو ما لم يعد عليه الحال اليوم.
نسبة الانتشار
يؤثر اضطراب الشخصية الحدي على 2٪ من السكان. ويظهر عادة في أواخر سن المراهقة، وسن البلوغ المبكر. لكن بعض الدراسات تتحدث عن الأعراض المبكرة أثناء الطفولة.
التشخيص
تشخيص اضطراب الشخصية الحدي أمر صعب. ويعتمد على التقييم النفسي والتحدث مع طبيب نفسي. من الواضح أن علامات وأعراض المرض توجه التشخيص.
مضاعفات
يمكن أن يؤدي اضطراب الشخصية الحدي إلى ظهور أمراض نفسية أخرى مثل الاكتئاب أو الاضطراب الثنائي القطب أو اضطرابات القلق العامة. يمكن أن تؤثر أيضا على العمل والحياة الاجتماعية واحترام الذات. غالبا ما يكون لدى الشخصيات الحدية سلوكيات تسبب الإدمان. يرتفع معدل الانتحار بين صفوف المصابين بهذا الاضطراب بشكل خاص.
الأسباب
إن أسباب اضطراب الشخصية الحدي متعددة وليست كلها محددة. كما تتعدد عوامل هذا المرض.
هناك على سبيل المثال العوامل البيولوجية والكيميائية (لا سيما نقص السيروتونين) ولكن أيضا الأسباب الوراثية. قد تكون أيضا التشوهات في الدماغ، وخاصة في مجال تنظيم العواطف، مسؤولة عن ظهور اضطراب الشخصية الحدي.
من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة؟
تختلف الأعراض على نطاق واسع من شخص لآخر. ومع ذلك، يمكننا الاستشهاد بما يلي:
المزاج
-غضب شديد
-فرط الانفعالية
-صعوبة في السيطرة على العواطف
-السلوك الدافع
-سلوكيات المخاطرة
-السلوكيات المدمرة (إيذاء الذات على سبيل المثال)
-قلق
-كآبة
-الخوف من الشعور بالوحدة والهجر
-الشعور بالفراغ واليأس
-الشعور بعدم الأمان
-كراهية الذات
-إدمان
-الانتحار
وتتأثر النساء في الغالب أكثر من الرجال (ثلاث مرات بصفة أكبر). كما لوحظ أن الأشخاص الذين عانوا من الهجر أو الانفصال الصعب أو القصور العاطفي أو سوء المعاملة أو الصدمة أثناء مرحلة الطفولة أظهروا مخاطر أعلى للإصابة باضطراب الشخصية الحدي.
عوامل الخطر
هناك استعداد وراثي في اضطراب الشخصية الحدي. وتكون مخاطر الإصابة بهذا المرض أكبر إذا كانت والدته أو والده أو أخته تعاني من هذا الاضطراب، على سبيل المثال.
الوقاية والعلاج
ثبت الآن أن العلاج المناسب يمكن أن يخفف ويساعد الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدي. ويتضمن هذا العلاج عموما وصفة من مضادات الاكتئاب ومزيلات القلق من أجل تقليل أعراض الاكتئاب والقلق. إن هذا العلاج لا يتصدى للمرض مباشرة ولكن للأعراض الناتجة عنه. يمكن وصف مضادات الذهان (مضادات الذهان) في بعض حالات التشويش على الفكر (الحالة التي يكون فيها الشخص مصابا بالارتباك، يعاني من اضطراب نقص الانتباه، لا يتعرف على المقربين منه، يعاني من ضعف في الذاكرة، يبدو غائبا …) أو ضد خلل النطق، أي اضطراب مزاجي. أخيرا، يمكن وصف مثبتات المزاج، مثبطات الغدة الدرقية.
ويتم إكمال العلاج بالعقاقير بالعلاج النفسي. حيث يمكن أن يساعد العمل العلاجي المرضى على فهم أدائهم بشكل أفضل وبالتالي إدارة عواطفهم بشكل أفضل. في بعض الأحيان قد يكون من الضروري دخول المستشفى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى