خاص

أئمة ومصلون يتعرضون لمواقف طريفة خلال ليالي رمضان

بقدر ما تكشف صلاة التراويح في مساجد المغرب كل سنة عن مواهب جديدة من القراء الشباب الذين يستقطبون أعدادا كبيرة من المصلين. وبقدر ما تعمد المندوبيات الإقليمية للشؤون الإسلامية في مختلف المدن إلى توزيع هؤلاء المشاهير بكل مدينة في رمضان على أكبر المساجد فيها، والتي تستطيع استيعاب الأعداد الكبيرة من المصلين، بقدر ما يغيب عنها الجانب الوقائي للمصلين والأئمة على وجه الخصوص، إذ تغيب دفاتر تحملات صارمة تجعل سلامة الناس فوق كل الاعتبارات، خاصة في ظل وجود أحداث تتجاوز حدود الإصابات العابرة إلى القاتلة.
وأمام ارتفاع درجة الاستقطاب وحجم جاذبية بيوت الله في الأمسيات الرمضانية، ترتفع نسبة الحوادث هنا وهناك، خاصة وأن الجيل الجديد من المقرئين أصبح يجذب الآلاف من المصلين، بأهم مساجد المدن المغربية.
يقتصر دور وزارة الأوقاف على إصلاح وترميم المساجد ومنح رخص صلاة التراويح وتقييم المقرئين، «وفق شروط ومعايير تحدد من هو الأصلح والأنسب لإمامة الناس في صلاة التراويح»، وقد تمتد المراقبة إلى ما بعد منح الرخص، لمتابعة مدى التزام الأئمة المكلفين بصلاة التراويح بالالتزامات التي يوقع عليها الإمام المكلف، وتأتي في مقدمتها إمامة المصلين في صلاة التراويح دون مصحف وبرواية ورش، والإلمام بختم القرآن الكريم كاملا في شهر رمضان.
لكن السلطات تحصر دورها الرقابي على الجانب الأمني لتفادي المد الأصولي، وهو ما ألغى الجانب الوقائي من الحوادث التي يمكن أن تترتب عن الاختناق الذي تعرفه هذه الفضاءات في هذا الشهر الفضيل.
«الأخبار» ترصد أبرز الحوادث التي عرفتها التراويح، والتي زعزعت سكينة المصلين بسبب انفلات زرع الفزع في نفوس مصلين أصبحوا «عن صلاتهم ساهون».

وخز حصير من الدوم يقتل سيدتين
في شهر رمضان من العام الماضي، قتلت سيدتان في تدافع نسائي خلال صلاة التراويح، بأحد مساجد حي سيدي يوسف بن علي بمراكش. لم يعرف أحد سر صرخة زعزعت استقرار الفضاء وحولته إلى مكان هائج، انسحب منه الخشوع واستوطنته الفوضى. تعددت الروايات حول أسباب الانفلات، ودار جدل كبير بين المصلين والسلطات الدينية والإدارية والأمنية، بين قائل بأن عقربا تسلل تحت السجادات وأراد شرا بالمصليات، وبين متحدث عن تماس كهربائي أثار الرعب في صفوف المصليات قبل أن تنتقل العدوى إلى المصلين.
ولأن مشهد الصراصير يرعب النسوة ومنظر الفئران يفزعهن، فإن تداول وجود عقرب يكفي لتحويل صلاة التراويح إلى ساحة للركض في كل الاتجاهات والهروب من الموت، بالرغم من مضامين الآيات التي كانت تتلا على المصلين والتي تعتبر الموت موقوتا بأجل لا يتقدم ولا يتأخر، لكن المصليات نسين فجأة كل الآيات والأذكار وهرولن نحو الباب، حين كان من يؤمهن يردد قوله تعالى: «سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين». لكن المصليات سارعن إلى القفز العلوي وإظهار قدرتهن على الفرار دون أي اعتبار للمسنات والصبيات، وهو ما أسفر عن ضحايا بسبب دهس سيدتين عجزتا عن مجاراة حالة الانفلات وإصابة عشر نساء إصابات مختلفة الخطورة.
كان السبب تافها، حسب البحث الذي أعقب الحادث، إذ إن طفلة كانت تصلي إلى جوار والدتها أطلقت صرخة ألم، بعدما تعرضت لوخز الحصير الحاد، فاعتقدت والدتها أن الأمر يتعلق بوخز عقرب متسلل إلى فضاء النساء، فأطلقت بدورها صرخة قوية، كانت كافية لتحويل صلاة التراويح إلى مباراة للركض الجماعي. ولأن صلاة التراويح كانت تقام في ساحة مدرسة «الإمام السهيلي»، فإن الجميع هرول نحو الباب الصغير للمؤسسة التعليمية وهو يسعى للانعتاق الذاتي، ولسان الحال يقول: «أنا وبعدي الطوفان».
لفظت سيدتان نفسيهما، من بين 300 امرأة كانت تحضر صلاة التراويح، وتأكد أن إقامة الصلاة في ساحة مدرسة يتنافى والضوابط القانونية، مما أدخل الإدارة في نفق السين والجيم، بينما قالت اللجنة المشرفة على الفضاء، في شخص جمعية آباء تلاميذ المدرسة، إن فرضية لسعة العقرب غير واردة تماما، حيث تم تطهير المكان بالأدوية المضادة للحشرات بكل أنواعها.
نقلت الضحيتان إلى مستعجلات مستشفى ابن طفيل، التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، كما تم نقل تسع سيدات تبين أن إصاباتهن متفاوتة، فيما أحيلت سيدة حامل على مستشفى الأم والطفل لتلقي العلاجات اللازمة.
وقالت إحدى الناجيات وهي تصف المشهد الغريب: «لا أحد كان يعلم سر الاندفاع، فالجميع يريد الهروب أولا والتساؤل عن سبب الهروب بعد النجاة، قيل إن تماسا كهربائيا بجهاز تحويل وتصفية الصوت، وقيل إن عقربا أسود اللون ضرب طفلة فقتلها، لذا عم الصراخ والبكاء ومن النساء من قفزن من أعلى درج المدرسة فأصبن بكسور، خاصة اللواتي كن يؤدين صلاة التراويح بالطابق العلوي من المدرسة، لكن السبب كان تافها، إذ إن وخز عود رفيع من الحصير المصنوع من الدوم هو من أشعل الفتنة».
دخلت نيابة التربية الوطنية على الخط، وأوفدت محققين لمعرفة سر تحويل مدرسة ابتدائية إلى فضاء للصلاة، وكيف أصبحت ساحتها ملطخة بالدم، كما تمت مساءلة المدير وأعضاء مكتب جمعية الآباء، ليتبين للنيابة أن عددا من المدارس في مراكش تتحول إلى فضاءات دينية خلال شهر رمضان، منها ما هو مخصص للذكور، ومنها ما كان مخصصا للإناث، قبل أن يصدر قرار بمنع إقامة صلاة التراويح في مؤسسات التعليم العمومي. وسبق لمسجد الكتبية بمراكش أن عرف حالة فزع في صفوف المصلين والمصليات خلال صلاة التراويح قبل عامين، حينما أدى انسلال فأر صغير بين صفوف المصليات، إلى اندلاع حالة من الذعر الشديد نتج عنه تدافع شديد بين النساء الموجودات بالمسجد، فأدى إلى جرح عدد منهن، ناهيك عن تسجيل العشرات من حالات الإغماء.

إسعاف وتدخل أمني بسبب فأر
لم يكن أحد يتوقع أن فأرا مشاغبا يستطيع أن يبعثر استواء الصفوف ويحدث رعبا بين المصلين في ليلة رمضانية، فجر الثلاثاء الماضي. في أقل من عشر دقائق تمكن الفأر من إحداث اختلال كبير، وأسفرت الفوضى التي تلت ظهوره عن إصابة 81 شخصا أغلبهم من النساء، منهن من عشن تحت رحمة الإغماء من شدة الازدحام والتدافع.
لأول مرة في تاريخ مسجد الحسن الثاني، تصدر ولاية الدار البيضاء بيانا رسميا حول واقعة 14 يوليوز، قالت فيه إن من بين 81 إصابة هناك فقط 3 نساء «أصبن بجروح طفيفة بسبب التدافع، تم نقلهن على عجل إلى مستشفى مولاي يوسف، حيث خضعن لفحوص طبية، وقدمت إليهن الإسعافات الضرورية، ونقلت حالات منها إلى المستشفى الجامعي ابن رشد». وأورد بلاغ ولاية جهة الدار البيضاء، اعتمادا على ما أسماه بالبحث الذي أجري بعين المكان، أن «المعلومات التي تم الترويج لها غير صحيحة، حول الأسباب الكامنة وراء وقوع هذا الحادث، حيث تم الترويج لمجموعة من الأسباب، اعتبرها البيان غير صحيحة، خصوصا ما تم تداوله من وقوع تماس كهربائي، تسبب في انفجار في أحد أركان المسجد، أو ارتفاع موج البحر إلى غير ذلك من الإشاعات». وأضاف البلاغ أن «مصالح الوقاية المدنية ومصالح الأمن والسلطة المحلية التي كانت حاضرة بعين المكان، تدخلت في حينه، لتهدئة الأوضاع ونقل المصابين إلى المستشفى».
ساد الذعر المكان حين كان الجميع منهمكا في صلواته، وتحديدا أثناء صلاة الفجر بمسجد الحسن الثاني، وحصل ارتباك كبير في صفوف مجموعة من المصليات والمصلين الذين كانوا يؤدون صلاة تراويح ليلة القدر، وعلا صراخ النسوة وبكاء الأطفال وبدأ الكثيرون في التشهد معلنين نهاية الحياة الدنيا نسيما، بعد أن تناسلت إشاعة تسونامي.
حسب الرواية الرسمية التي أوردتها ولاية الدار البيضاء، عبر قسم الشؤون العامة، فإن أسباب كل هذه الجلبة تبقى تافهة، إذ إن نظر إحدى السيدات قد وقع على فأر خلق لها فزعا مفاجئا، وامتد الخوف ليشمل المصطفات إلى جانبها، فبدأ الركض نحو كل الاتجاهات هروبا من زائر غير مرغوب فيه، مع ما رافق عملية الهروب من صراخ وضجيج، ساهم في انتشار الرعب في صفوف نساء كن بعيدات عن موقع ظهور الفأر، بل إن الساحة الخارجية للمسجد تحولت إلى موقف لسيارات الإسعاف في مشهد يعطي الانطباع للمارة بأن انفجارا قد حدث داخل المسجد، وهو ما يتنافى وتفاهة الخطب.
حل الفزع مكان الخشوع والسكينة، وعلت أصوات منبهات سيارات الإسعاف، ولحسن الحظ أن مستشفى الصوفي لا يبعد إلا بأمتار قليلة عن المسجد، مما حال دون انتشار الرعب «المزيف» في باقي أحياء المدينة التي كانت تعيش ليلة روحانية.
لم يمر الحدث مرور الكرام عند عشيرة الفايسبوكيين، ونال الفأر اللعين شهرة فاقت شهرة مقرئي المساجد في الليالي الرمضانية، وكتب عن الضيف المرعب ما لم يكتب عن مداهمي مساجد السعودية والكويت، واعتبر شيعيا من طرف بعد الصفحات الساخرة، وظهر محللون في الشؤون الدينية اعتبروا وجود الفأر في جناح خاص بالنساء كافيا لإدانته بتهمة التحرش، وقيل إنه ضل الطريق نحو جناح الرجال، وذهب البعض إلى حد القول بأنه هارب من قبضة سيدة كانت تعتزم استعمال ذيله في طقوس السحر والشعوذة خلال ليلة القدر، كما حاول بعض مدمني مواقع التواصل الاجتماعي استحضار نقاش «الصاية» وقالت إحدى التدوينات: «قالوا إن الصايات تزعزع عقيدتهم قلنا ممكن.. قالوا الإفطار في رمضان يزعزع عقيدتهم قلنا ممكن.. قالوا الحداثة والعلمانية تزعزع عقيدتهم قلنا ممكن.. ولكن باش يجي فار ويزعزع العقيدة والصلاة والوطنية.. بزاف».

القزابري يقدم شكاية ضد دجال
ظل المقرئ عمر القزابري عرضة للشعوذة من طرف مجهولين، مما دفعه إلى عرض القضية على مصالح الشرطة، مباشرة بعد إتمام صلاة التراويح سنة 2009. توجه عمر إلى مخفر الشرطة التابع للمنطقة الأمنية بأنفا، حيث قدم شكوى ضد شخص لا يتردد في استعمال السحر وكل أشكال الدجل في حق الإمام. واستند عمر في شكواه على وجود صوره في محل يستغل لأعمال الشعوذة بحي الألفة، انتقلت فرقة أمنية إلى المحل المذكور وتبين صدق محضر الادعاء، لكن الدجال برر وجود صور القزابري بالإعجاب والافتتان بشخصيته، وطمأن رجال الأمن على حسن سريرته. لكن هذه الإفادة لم تجنبه اعتقالا احتياطيا جعله يعترف بوجود شخص يسعى إلى إلحاق الضرر بالقزابري، دون أن يكشف عن هويته، الشيء الذي جعل هذا الأخير يفوض الشكوى لله ويقرر عدم متابعة المتهم.
من المفارقات العجيبة في حياة المقرئ والخطيب عمر القزابري تلقيه مئات «عروض الزواج» من نساء ترددن على مسجد الريان بحي الألفة، أعجبن بصوت وصورة عمر. وأرسلن عبارة «زوجتك نفسي» في رسائل نصية داهمت محمول الرجل، بينما فضلت بعض السيدات عرض بناتهن عليه مباشرة بعد انتهائه من صلاة التراويح..
ولأن الزواج قسمة ونصيب فقد تزوج الخطيب من فتاة لا تخلف الوعد مع خطبه وتراتيله، وأصرت على الارتباط به حتى وهو عاطل عن العمل، بعد صدور قرار ينهي خطبه ويعفيه من إمامة الناس في حي الألفة سنة 2003، مباشرة بعد أحداث 16 ماي الدامية. لكن بعد زواجه بحوالي ثلاثة أشهر تلقى عمر قرار تنصيبه إماما لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء بظهير ملكي، وهو حينها في الديار المقدسة، حيث قرر الاستقرار هناك وإمامة الناس في مسجد بمكة المكرمة.
ومن الأحداث التي عاشها المقرئ، تزامن توشيحه بوسام ملكي، في مدينة تطوان، مع ليلة السابع والعشرين من رمضان. وحين نال الوسام الملكي قبيل أذان المغرب، قرر السفر على وجه السرعة إلى الدار البيضاء، لكنه كان في ضيافة الملك محمد السادس على غرار باقي الموشحين، ففكر في تفويض إمامة المصلين بمسجد الحسن الثاني لإمام بديل، لأن المسافة الرابطة بين تطوان والعاصمة الاقتصادية لا تمكنه من الوصول إلى المسجد قبل صلاة العشاء. لكن، وفي غمرة التفكير، تلقى عمر أمرا بالسفر على متن طائرة خاصة نقلته من مطار تطوان إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، ومنه مباشرة إلى مسجد الحسن الثاني، حيث كان أزيد من نصف مليون مصل في انتظاره.

قطة غير لطيفة تبعثر مسجدا في أكادير

في شهر رمضان من العام الماضي، فوجئ إمام مسجد بأحد أحياء مدينة أكادير، بقطة تسقط على رأسه، أثناء إمامته للناس في صلاة التراويح. بدا المشهد غريبا وتوقف عن تلاوة القرآن الكريم وردد في هدوء الحوقلة، بينما تحلق حوله الناس وقدموا إليه تمرا وكوب ماء كي يستعيد إيقاعه، بعد فاصل مشمئز.
تبين من خلال التحريات الأولية التي قام بها المصلون أن شخصا أدخل معه قطة إلى المسجد وقذف بها نحو مكان الإمام بشكل مفاجئ ولأسباب مجهولة، قبل أن يلوذ بالفرار حاملا معه سر المداهمة، بينما ظلت القطة رهن «الحراسة النظرية»، دون أن تعرف بدورها سر وجودها في هذا الفضاء.
طارد بعض المصلين صاحب القطة، لكن زحمة الحي ابتلعته، فيما بذل بعض المصلين جهودا كبيرة للبحث عن خيوط تؤدي إلى وضع اليد على الفاعل، لكن دون جدوى، بل إن الدوائر الأمنية بعين المكان سجلت الواقعة ضد مجهول واعتبرته «مختلا عقليا».
بعد دقائق استعاد الإمام إيقاعه وشرع في تلاوة ما تيسر من القرآن الحكيم، بينما ظلت القطة ترابط أمام المسجد تنتظر مصيرها، وحين انتهى المصلون من أداء صلاة التراويح تحلق الناس حول الإمام يسألونه عن «مول القطة» وما إذا كان له خصم معتوه، لكن الرجل رفض منح الموضوع أكثر مما يستحق.
في الفترة نفسها عرفت مدينة تطوان حادثة غريبة، شهد فصولها مسجد سيدي عبد الله الحاج الموجود في ساحة الفدان، حيث قامت امرأة بإثارة الرعب داخل المسجد خلال صلاة التراويح، إذ كانت تحمل عصا تنهال بها على ضريح الولي الصالح سيدي عبد الله الحاج، دفين المكان. تقول الروايات التي عاينت الواقعة إن السيدة، التي كان عمرها يطل على الخمسينات، ظلت مصرة على ضرب كائن غير مرئي قالت إنه تسلل إلى الضريح، قبل أن تشرع في ترهيب النساء المصليات وهي تلوح بالعصا في وجوههن، مما أحدث جوا من الرعب والفزع بينهن، أدى إلى توقف الإمام عن استكمال ما تبقى من ركعات، بينما قررت كثير من النساء الهروب والعودة إلى منازلهن، مما أحدث اندفاعا وزحمة عند باب المسجد، بل إن عددا من المصليات اخترن الفرار تاركات أغراضهن، بل إن حصيلة الغارة تجاوزت سجادات وأحذية وحقائب إلى أطفال ظل بحثهم جاريا عن أمهات غادرن المكان ركضا خوفا من عدوان غاشم. توقفت الصلاة لأزيد من نصف ساعة، قبل أن ينجح مجموعة من المصلين في تهدئة المرأة التي كانت في حالة هيجان غير مبرر، وتم إخراجها من المسجد بمساعدة مقدم الحي الذي كان يدون الحادث على سبيل الإخبار.
وفي سيناريو مشابه، اعتقلت عناصر الدرك الملكي بالمركز الترابي بقيادة أهل الغابة بإقليم قلعة السراغنة، شابا اعتدى على رجل بينما كان في حالة ركوع خلال أداء صلاة التراويح قبل عامين، قبل أن يقرر الفرار والاختباء في مكان، تاركا المصلي مضرجا في دمائه.
وعمد الجاني إلى قطع الإنارة العمومية بالأزقة المجاورة للمسجد، قبل تنفيذ اعتدائه، حتى يختفي في جنح الليل بعد فعلته، لكن أحد المصلين طارده حتى تمكن من التعرف عليه، وتم تبليغ السلطات بهوية مداهم المصلين وهم في خشوع.
وخلف الحادث استنكارا كبيرا وهلعا في صفوف المصلين، ذلك أن سبب الاعتداء على الشخص راجع إلى خصومة والد المعتدي مع المعتدى عليه، وهو خلاف يعود إلى أزيد من سنة، وتطور إلى نزاع عرض على أنظار المحكمة بقلعة السراغنة، قبل أن يفضل الجاني القصاص لنفسه.

عقرب بوعرفة في جناح النساء

إذا كانت واقعة مراكش قد «مسحت» في عقرب وهمي لا وجود له خلال صلاة التراويح بمدرسة الإمام السهيلي، أو بمسجد الكتبية، فإن عقرب بوعرفة كان حقيقيا، في منتصف شهر رمضان الجاري، تعرضت فتاة عشرينية للدغة عقرب أثناء تأديتها لصلاة التراويح بمسجد ببوعرفة، عند حي نقطة الماء المعروفة بـ«السانداج» التابع لجماعة بني كيل.
كان المقرئ منخرطا في تلاوة ما تيسر من الذكر الحكيم، وسط حرارة تأسر المكان وتخنقه، قبل أن يسمع صراخ فتاة اعتقد المقربات منها أن الخشوع داهمها، وجعلها تبكي من شدة الألم. توقف المقرئ اعتقادا منه أن نوبة بكاء ناتجة عن أعلى درجات الخشوع قد انتابت الفتاة، وتم فسح المجال لدخول ممرض كان من بين المصلين إلى الفضاء المخصص للنساء، ليتأكد أن القضية تتعلق بحادث يستدعي نقل الضحية عاجلا إلى المستشفى المحلي لبوعرفة، وهو ما تم بعد أن تلقت الإسعافات الضرورية، لتغادره في الليلة نفسها وهي تعاني من حالة تسمم، سرعان ما تم تجاوزها بالأدوية.
زرع الحادث ذعرا كبيرا وسط المصليات والمصلين الذين كانوا يترددون على هذا المسجد لأداء صلواتهم، خاصة وأن الحادث ليس الأول من نوعه بالمنطقة، حيث سبق لمواطنين أن تعرضوا للسعات العقارب في فضاءات للتعبد والتقوى، خاصة بدواوير المنطقة، وقامت بعض الهيئات الحقوقية بمساءلة نظارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حول الشروط الواجب توفرها في المساجد التي تحتضن الصلوات، كما وجهت انتقادات إلى السلطات المحلية ووزارة الفلاحة والمجلس البلدي، مما استنفرهم في إطار لجنة مشتركة انتبهت إلى ضرورة رش المبيدات المضادة للحشرات والقوارض والعقارب بشكل منتظم حماية للمصلين.

الكرعاني تحت رحمة «السيلفي»
ظل المقرئ عبد العزيز الكرعاني، إمام مسجد القاضي عياض بحي سيدي معروف بالدار البيضاء، يؤم مئات المصلين يوميا، سيما خلال صلاة التراويح، حيث يرتفع عدد المقبلين على الصلاة خلف المقرئ، لكن ما إن ينتهي من الدعاء حتى تقبل عليه أعداد من المصلين الشباب وهم يضعون هواتفهم في حالة استنفار ابتغاء «سيلفي» مع الإمام الشهير.
يقول أحد المصلين إنه كان يتقاسم الفصل الدراسي مع الإمام حين كان الكرعاني طالبا جامعيا في شعبة الأدب الإسباني، كما كان المقرئ في السهرات التي كان يحييها بفنادق الدار البيضاء المصنفة وغير المصنفة، حيث كان يغني كل الألوان الغنائية من الشعبي إلى الراي ومن الشرقي إلى الغربي، وحين علم بتوبته أصبح مدمنا على متابعته، وعند نهاية كل صلاة يتحول إلى حارس يمنع عنه جحافل المصلين الراغبين في التقاط صور للذكرى عبر تقنية «السيلفي» في مسجد القاضي عياض، حيث يصلي الكرعاني صلاة التراويح ويمتلئ عن آخره بالمصلين الذين يتوافدون للصلاة وراءه من مختلف مناطق الدار البيضاء.
ليس عبدو الطالب الجامعي السابق هو من يصر على الاستمتاع بالصوت الرخيم للكرعاني، بل إنه كان شاهدا على عدة مواقف طريفة حصلت للمقرئ، من طرف شخص كان يشتغل مع عبد العزيز حين كان هذا الأخير مستخدما في أحد مختبرات الأدوية بالعاصمة الاقتصادية، مكلفا بترجمة التعليمات الطبية الواردة في الوصفات من اللغة الإسبانية إلى العربية، يقول عبدو: «عندما كان الكرعاني يؤم الناس في مسجد التوبة بدرب الفقراء، كان رجل يزوره ويصر على البقاء إلى جانبه مستندا إلى علاقة شغل سابقة، وحين انتقل إلى مسجد التيسير في حي سيدي معروف لمدة ثلاث سنوات، ظلت المطاردة مستمرة، خاصة في شهر رمضان بعد صلاة التراويح، حيث يحرجه ببعض الطلبات التي لا يمكن تلبيتها، ناهيك عن الصور التي يلتقطها مع أفراد من أسرته، وهو الوضع الذي أزعج كثيرا من المصلين قبل أن ينقطع، بعد أن نال الكرعاني صفة إمام رسمي في مسجد القاضي عياض في حي سيدي معروف».
وعلى الرغم من القبول باقتحام «السيلفي» للمساجد، فإن تطورا غريبا قد طال التراويح في علاقتها بالصورة، بل إن بعض المشاهير يفضلون التقاط صور وهم في حالة «خشوع» ويتقاسمونها على مواقع التواصل الاجتماعي، كما حصل للفنان العالمي من أصول مغربية سعيد تغماوي، الذي شارك متابعي صفحته بصورة له وهو يؤدي صلاة تراويح رمضان هذه السنة، بأحد المساجد المغربية. في صورة حملت له انتقادات واسعة، بسبب إخلاله بمبدأ الخشوع وضربه لأبسط آداب الصلاة، ووصف الفايسبوكيون موقف المخرج «بسلوك مندرج ضمن حملة شوفوني وانا كنصلي»، في حين تساءل آخرون: «الكل يصلي فمن يصورك يا ترى؟».

ملعب رابطة درب غلف مغلق بسبب التراويح
لأن مساجد الدار البيضاء لم تعد تستوعب أزيد من مليون مصل يوميا لأداء صلاة التراويح الرمضانية، فإن المكتب المديري لفريق الرابطة الرياضية، اختار تحويل قاعته «شبه المغطاة» إلى فضاء لأداء صلاة التراويح، وكان رئيس النادي عبد اللطيف الطاطبي يريد أن يجعل من هذا الفضاء فرصة للقاء الرياضيين، حيث وجه إليهم دعوات لحضور صلاة التراويح وليلة القدر في القاعة التي تستغل في الأيام العادية للعبة كرة اليد، أو كرة القدم المصغرة. فما إن يرتفع أذان صلاة العشاء حتى تعلن حالة الطوارئ في درب غلف، وتتحول القاعة إلى مسجد مؤقت لاستيعاب المقبلين بكثرة على أداء صلاة التراويح. رجالا ونساء وشبابا وعائلات يهجرون بيوتهم منذ صلاة المغرب، إلى حين انتهاء صلاة التراويح. تلك هي الصورة التي تختزل التفاعل القوي مع الفضاء الروحاني في حي عريق كدرب غلف واجه أزمة المساجد باستغلال قاعة مغطاة، أو عارية كما يحلو للبعض تسميتها، في ما يشبه الصحوة الدينية في الوسط الرياضي، إذ غالبا ما تنتهي الصلاة بوجبات السحور وبسجال حول الواقع الرياضي في المدينة والمملكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى