الرأي

إسلامي وشيوعي سابق.. سؤال الهوية الآن؟

عادت مسألة التوليفة الإيديولوجية للأحزاب المشكلة للحكومة الحالية إلى واجهة النقاش مع تصريح رئيسها في جامعة حزب التقدم والاشتراكية، بحديثه عن سريالية هذا التحالف من الناحية الإيديولوجية. فلولا أن الأمر يتعلق بـ«حزب شيوعي سابق وحركة إسلامية سابقة، لأصبح هذا التحالف ممكنا. والسؤال البديهي الذي يطرح هنا هو: إذا كان الحزبان كليهما «سابق» فما هي هويتهما الآن؟ هل طبيعة المرحلة التي مر منها المغرب ومايزال منذ 2011، تفترض هذا «المسخ الإيديولوجي»؟ هل الإيديولوجيا تحمل دوما معنى سلبيا وقدحيا؟ أليس الانتماء للوطن والدفاع عن ثوابت الأمة هو إيديولوجيا أيضا، أي عقيدة تجمع وتذوب الخلافات وتسمح بالتعايش بين أفراد الوطن الواحد وتسمح لهم أيضا بالتصدي الجماعي لأعدائه؟
ومن جهة أخرى، إذا كانت هذه الأحزاب اضطرت للتخلي عن إيديولوجيتها من أجل حكومة، فهل هذا يعفيها من المسؤولية الأدبية للشعارات الإيديولوجية التي كانت ترفعها قبل الانتخابات؟ وهل حزب العدالة والتنمية هو فعلا حركة إسلامية سابقة؟ ماذا عن علاقته بحركة التوحيد والإصلاح؟ ثم أليس حديث بنكيران عن كون حزبه يضمن حوالي مليون ونصف مليون صوت في الانتخابات القادمة، إعلانا رسميا عن عدد المنتمين لهذه الحركة، والذين لا ينظرون للحكومة باعتبارها سلطة تنفيذية، بل على أنها غنيمة في جهاد دعوي؟
صحيح أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي يتملص فيها قيادي من هذا الحزب من إسلاميته، فقد سبق للخلفي وحامي الدين وغيرهما إعلان ذلك. لكن السؤال الذي يطرح: إذا افترضنا جدلا أن هذا الحزب ليس إسلاميا، فما هي الصفة التي تميزه عن 33 حزبا على وجه التحديد؟ وما الذي يميزه عن الإسلاميين الذين مازالوا، حتى الآن على الأقل، متشبثين بهذه الصفة أمثال السلفيين وجماعة العدل والإحسان وغيرهما؟
نستطيع الإجابة بسهولة عن غياب أي أثر للطابع الإسلامي للحزب الحاكم على مستوى السياسات العمومية التي اتخذها، وهذا أمر مؤكد، اللهم إلا مع القليل من مفردات الخطاب الأخلاقي الذي ما فتئ قياديو الحزب ينثرونها. لا نريد الدخول في متاهات أكاديمية عن مفهوم الإيديولوجيا، ولكننا نؤكد فقط أن إصلاح المشهد الحزبي، ومن ثمة المشهد السياسي عامة لن يتم إلا بالإيديولوجيا. الإيديولوجيا بما هي مبدأ للمبادئ، الإيديولوجيا بما هي تحليل للواقع بموضوعية وتجرد، الإيديولوجيا بما هي شعور بالانتماء والوحدة لأفراد الوطن الواحد ليحل مفهوم «النحن» بدلا من مفهوم «الأنا»، وما عودة النعرات القبلية والعرقية على هامش الحادث المؤلم لوفاة شخص ينتمي للحركة الأمازيغية في جامعة مراكش، إلا دليل على حاجة هذه الأمة المغربية لإيديولوجيتها، لا هي بغربية ولا شرقية. لذلك فمن المؤسف أن يكون رئيس حكومة بهذه السطحية، ويصرح بكون الحكومة بدون إيديولوجيا. لكن ما يحسب له، في كلمته المذكورة، أنه طالب المثقفين بالحديث وعدم الصمت، لكنه نسي أيضا أن يطالب السياسيين بالصمت وعدم الكلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى