الرأي

الثورة السورية بعد خمس سنوات (2/2)

ثم يضيف الدكتور عمار من نمر في حوران:
(لم تغير المعاناة أخلاق الناس أبدا، بل عرت الكثيرين منا فظهرت العورات وانكشفت القيم الحقيقية الحاكمة لشعب يتحدث عن الفضائل، ويدعي انتسابه إلى خير دين! وهذا هو السبب الرئيس لطول الثورة، بل وتراجعها أمام الهجمة الروسية الأخيرة. الناس في بلاء عظيم وهذا للأسف كشف الكثير من العورات، لقد تحولت الثورة التي تقوم على التضحية والفداء إلى حرب، والحرب أعلى قيمها الغنيمة، وهذه القيمة أي قيمة الغنيمة، هي مقتل الثورة وهي المسيطرة اليوم. إن ما يحدث اليوم في سوريا يبرهن على استحالة التغيير عبر القوة أو بتغيير نظام الحكم، الأمر الذي جربه المسلمون عبر تاريخهم مئات المرات، ولكنهم لم يتفكروا به أبدا. إن التغيير مستحيل من خلال العمل المسلح، فالحرب تحيي في النفس أسوأ ما فيها من غرائز، والثورة كما تبدو اليوم هي فرصة للتغير، وبوابة له، هي إمكانية للتغير، والتغيير يمكن أن يحدث بعد الثورة التي تشبه تحطيم القيود على طاقات البشر، أما توجيه الطاقات وتوظيفها فهذا يتوقف على إمكانيات المجتمع الكامنة فيه، وهي إمكانيات متواضعة في مجتمع متصحر مصادر معزول عن المجال العام منذ صفين حتى اليوم.
المتدينون عموما من أسوأ الناس، وخاصة طلبة الشريعة الذين يمارسون «فلسفة كلبية» بكل معنى الكلمة إلا من رحم ربك وقليل ما هم، وهم برهان قائم على تخلف قيم التراث الإسلامي وكيف أنها منقطعة عن قيم القرآن وقيم الإنسانية المعاصرة.
أخيرا يوجه المحلل اللبناني (ميخائيل عوض) التحية إلى مسؤول «المخابرات الجوية» في النظام جميل الحسن، لما له من دور في «صنع البراميل المتفجرة التي أخذ بها الأسد بعد نصيحة منه»، معتبراً أنها «كانت أكثر فعالية من الصواريخ المجنحة، وأقل كلفة».
وأقر عوض، في برنامج «حوار اليوم» على «الفضائية السورية» أنّ «استخدام هذه البراميل، وفر على خزينة النظام ملايين الدولارات، حيث كلفة البرميل الواحد لا تتجاوز 150 دولارا بينما كلفة كل صاروخ موجه هي 500 ألف دولار».
وأكد «المحلل» اللبناني الموالي لنظام الأسد، والذي زعم معرفته بالعلوم العسكرية أن «استخدام هذه البراميل كان اختراعا فعالاً جداً، وكانت له نتائج إيجابية» ووجه خلال لقائه «تحية لمسؤولي النظام على هذا الاختراع الفريد».
وجاء هذا الإقرار الصريح بمسؤولية النظام عن استخدام البراميل على شاشة التلفزيون الرسمي، بعد أشهر فقط من إنكار رأس النظام السوري بشار الأسد في مقابلة مع قناة  bbcالإنكليزية استخدامه لها وقوله: «ليس لدينا أي براميل متفجرة وكل ما نملكه هي صواريخ موجهة نستخدمها».
كما يأتي بالتزامن مع كلمة المبعوث الدولي إلى سورية «ستافان ديمستورا» التي قال فيها موجها خطابه للشعب السوري: « كفى تدميراً للمباني، كفى قصفاً للمدن، أنا لا أعرف من الذي يقصف، أرى فقط القنابل، والصواريخ».
وكانت «منظمة العفو الدولية» أدانت في أحد تقاريرها استخدام نظام الأسد لهذا السلاح معتبرة الأمر «جرائم ضد الإنسانية» ومؤكدة أنه «قتل أكثر من 3000 مدني في 2014 في محافظة حلب، بينما أوقع أكثر من 11 ألف قتيل في سورية منذ عام 2012».
وبحسب صور أظهرتها الأقمار الصناعية فإن 90 بالمئة من مدينة داريا في ريف دمشق أصبحت ركاماً بسبب قصف المدينة بأكثر من 3430 برميلا متفجرا خلال عام 2015 فقط وفق ما أكده المجلس المحلي لداريا.
وبالنسبة للمفاوضات، كتب إدوارد حشوة كلاما منطقيا يقول فيه: (المسألة السورية لم تعد محددة بين النظام والمعارضة، هي الآن شكل من صراع إقليمي ودولي يتجاوز سورية، وعبر الحرب فيها تريد الدول الحصول على مصالحها ولا تحفل كثيرا بالدم السوري ولا بخراب البلد، لذلك يجب على طرفي التفاوض أن يعرفا هذه الحقيقة، فزمن البطولات والعنتريات انتهى، ومن يكون ذكياً هو الذي يعجل في وقف الحرب الدولية على الأرض السورية بتقديم تنازلات متقابلة لتحقيق انتقال سياسي كخطوة نحو إخراج سورية من حلبة الصراع الدولي. أقنع النظام الروس أن تدخلهم العسكري سيحسم المعركة في أيام فتبين لهم في المواجهات أن الحسم وهم لا يصدقه غير المجانين، ولا يروج له غير المنافقين .الأميركيون احتلوا العراق كله في أسبوعين والروس فشلوا خلال مئة يوم أن يحتلوا قرية أو يحافظوا على منطقة أحرقوها، لأن القتال بين الجيوش غير القتال مع أكثر من أربعمائة نقطة اشتباك تتحرك ضمن بيئة موالية وقادرة على الدفع بمقاتلين جدد من خزان بشري لا يبدو حتى الآن أن فاعليته نضبت، في حين يعاني النظام رغم الدعم الخارجي من إيران والميليشيات المختلفة وأخيرا الروس من نضوب خزانهم البشري .إنها حرب استنزاف طويلة لا يريدها الروس وقد ورطتهم أميركا فيها، وهم مستعدون للمبادلة على دورهم في سورية بتنازلات في أوكرانيا أو في فك الحصار الدولي عليهم اقتصادياً، خاصة أن الروبل يتهاوى بنسبة النصف وأسواق النفط الروسي تخسر والغاز الروسي يواجه منافسين أقوياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى