دين و فكر

الجنة حرام على قاتل نفسه

قال رب العزة في الحديث القدسي:
«بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة».
يقول الحق سبحانه:
«يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلى أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما». (النساء: 29)
إن الله تبارك وتعالى لم يرغمك على الإيمان، ولم يكرهك على الدخول تحت نطاق التكليف، فأنت باختيارك للإيمان ألزمت نفسك بالدخول إلى هذا التكليف باختيارك وطواعيتك. وما دمت قد جبلت على الإيمان باختيارك وطواعيتك فاجعل إيمانك بالله حيثية كل حكم يحكم به الله عليك من: افعل كذا ولا تفعل كذا، ولا تقل: لماذا أفعل كذا يا رب، ولماذا لا أفعل كذا يا رب؟ فالذي آمنت به إله حكيم قادر مأمون على أن يأمرك وينهاك، ولذلك يجيء الحق دائما قبل آيات التكليف بقوله سبحانه: « يا أيها الذين آمنوا». وإن كسرت حكما من أحكام الله تدخل في إشكال، ارتكاب السيئات أو الذنوب. ومن بينها قتل الإنسان لنفسه. ومثل هذا الإنسان نقول له: أنت نظرت لنفسك كإنسان معزول عن خالق أعلى، لكن المؤمن لا يعزل نفسه عن خالقه، فساعة يأتيه ظرف فوق أسبابه ولا يقوى عليه، فعليه أن يفكر: وهل أنا في الكون وحدي؟ لا، إن لي ربا، وما دام لي رب فأنا لا أقدر، وهو سبحانه يقدر. وهنا يطرد الإنسان فكرة الانتحار، لأن المنتحر هو إنسان تضيق أسبابه عن مواجهة ظروفه، فيقتل نفسه. كذلك من فقد أسبابه فعليه أن يخفف الأمر على نفيه فلا ييأس، فلم يقتل نفسه؟ واليأس هو قطع الأمل من حدوث شيء، حيث لا يملك الإنسان الفعل، ولو كان يقدر عليه لما يئس، والمؤمن لا ييأس أبدا، لأن الله سبحانه هو القائل: « يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون» (يوسف:87). المؤمن يعلم أن النعمة لها واهب، إن جاءت شكر الله عليها، وإن سلبت منه فهو يعلم أن الله سبحانه قد سلبها لحكمة. ولذلك فواهب الحياة هو الذي يأخذها، ومن ينتحر لا يدخل الجنة، لأنه لم يتذكر أن له إلها.
*مقتطفة من موسوعة الأحاديث القدسية 1 لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى