الرئيسية

الحسين مفتي قال ل”الأخبار” : «إن الوزير تحدى الجميع ولعب بقنبلة الباعة المتجولين انتخابيا»

حاوره : محمد سليكي
يكاد يكون ملف توزيع عزيز رباح، رئيس بلدية القنيطرة، للأكشاك على الباعة المتجولين بساحة بئر أنزران المثير للعاب التجار، واحدا من بين عديد ما وصف بـ«خروقات» انتخابية سقط فيها وكيل لائحة حزب «المصباح».
في هذا الحوار يضع الحسين مفتي، القيادي السابق بحزب العدالة والتنمية، تحت المجهر خروقات واختلالات ملف هذا المشروع الذي تفجرت عنه فضائح كبرى كشفت عنها أصوات باعة مقصيين ووقفات هيئات حقوقية مدافعة عن الشفافية وحقوق الإنسان، متهما عزيز رباح، رئيس بلدية القنيطرة، بالضلوع في ارتكابها.. كيف ذلك، إليكم نص هذه المقابلة الصحفية التي أجريت مع من كان يوصف بالأمس القريب «مفتي رباح».. والبداية من هنا.

  • باعتبارك قياديا سابقا بحزب العدالة والتنمية وشاهدا على عصر المجلس السابق، بماذا يمكن أن تنور الرأي العام حول ملابسات اتهام رئيس بلدية القنيطرة بارتكاب خروقات انتخابية واختلالات تدبيرية بسب مشروع إيواء الباعة المتجولين بساحة بئر أنزران وسط الحي التجاري للقنيطرة؟

في الواقع سؤالكم تتفرع عنه مجموعة من التساؤلات التي تتطلب تقديم إجابات عنها، فمن خلال الاطلاع على المراجع القانونية والقرارات التنظيمية الواردة في قرارات الترخيص المسلمة من رئيس المجلس للاستفادة من الأكشاك، نجدها هي ذاتها أكبر شاهد على كون التدابير والإجراءات التي رافقت عملية إنجاز مشروع إيواء الباعة المتجولين أو ما بات يعرف بـ«أكشاك بئر أنزران»، شابتها اختلالات عملية وخروقات قانونية، مردها بالدرجة الأولى إلى عدم احترام رئيس المجلس الجماعي لمقتضيات الميثاق الجماعي، وإلى عدم احترامه لمقررات وقرارات المجلس الجماعي، ويظهر ذلك سواء على مستوى شروط الترخيص، أو الشروط القانونية في تحديد هذا الفضاء، وفي حدود المسؤوليات وطبيعة العلاقة بين المجلس البلدي ورئيس المجلس، والسلطة الإدارية المحلية والجمعية المستفيدة وغير ذلك.

  • عفوا قبل تفصيلك القانوني والسياسي وقراءة مآل هذا المشروع برمته، علما أنه موضوع طعن قضائي من طرف أكثر من جهة، نود أن نعرف منك خروقات الترخيص وعلاقته بمناسبة الانتخابات؟

وإن كنت لا أحبذ تناول الإجراءات والتدابير والتراخيص، وتحليل الاختلالات التي رافقتها، على ضوء علاقتها بالهواجس الانتخابية، حتى لا يحول النقاش القانوني أو العلمي عن مساره، فهذا لا يعني أنني لم أسمع بطعون انتخابية شيدت على أساسه، والتي ربما انحصرت في زمن الترخيص، ومدى قانونيته قبيل الانتخابات بقليل، وإن كان في رأيي أن القضية أكبر من الزمن فقط، وتمتد إلى مدى احترام قرارات ومقررات المجلس الجماعي، وهذا لا يعني أن الاحتجاج على التوقيت ليست له مشروعيته الأخلاقية والأدبية والسياسية بل والقانونية أيضا.
فلو توقفنا فقط عند خروقات التراخيص، نجد أن عدم قانونيتها تكمن أيضا في كون تسليمها للباعة المتجولين، تم قبل إنشاء أو اكتمال إقامة الأكشاك، فهل يجوز تسليم رخص الاستفادة من أكشاك ضمن مشروع لم يكتمل؟ فالشركة- حسب الفصل 49 من دفتر التحملات- مكلفة بإقامة عدادات الكهرباء، والكهرباء لم يتوفر في أي كشك لحد الآن، ولما كان الأمر كذلك والحالة هاته، فإن تسليم الرخص للباعة المتجولين من طرف رئيس المجلس البلدي، يعد منافيا للقوانين والمراجع التنظيمية نفسها. ما يكسب مشروعية لتساؤلات عدة تثار حول ماهية الهواجس والدوافع التي كانت سببا في هذا الاختلال أو الارتباك الحاصل، وهل شرعت المصالح البلدية في استخلاص الرسوم بعد الدفعة الأولى المرتبطة بتسليم الرخص وتأسيسا عليها. فإذا سمحنا لأنفسنا أن نعود بالزمن إلى الوراء، سنجد المجلس الحالي تعامل بشكل مغاير في وضع مشابه نسبيا، ويتعلق الأمر بأكشاك الزنقة 18 بالخبازات، والذي أطلق عليه اسم «كوانطانامو» من طرف المسيرين الحاليين للبلدية أيام المعارضة، حيث شمل الاحتجاج الممثل الأعلى للسلطة بالجهة أي الوالي، بسبب حضوره عملية تدشين الأكشاك، على اعتبار أن هذا التدشين هو دعم سياسي وانتخابي لرئيس المجلس البلدي آنذاك، رغم بعد المسافة الزمنية عن الاستحقاقات. وبيت القصيد بالنسبة لي من هذه المقارنة، هو إثارة قضية أساسية هي المواقف المبدئية، بمعنى أن المواقف ينبغي أن يكون أساسها المبادئ وليس المواقع.

  • ماهي إذن الاختلالات القانونية التي رصدتموها بحق هذا المشروع الذي فجر فضائح كبرى كشفت عنها طعون باعة متجولين ووقفات هيئات حقوقية مدافعة عن الشفافية وحقوق الإنسان؟

ثمة حقيقة، مفادها ان عملية الاستفادة من الأكشاك، عرفت اختلالات في معايير توزيعها، ومن مظاهرها الصارخة، استفادة البعض من «أكشاك ثلاثة على ثلاثة أمتار مربعة (3⁄3 م مربع)، وآخرون كان نصيبهم ثلاثة على مترين ونصف (2,5⁄3 م مربع)، ومجموعة أخرى استفادت عناصرها من مناصفة مع غيرهم من أكشاك (2,5⁄3 م)، فضلا عن عناصر أخرى تشكو إقصاءها من الاستفادة أصلا، فضلا عن استفادة البعض من أكثر من كشك بطرق غير مباشرة. وترتب عن ذلك غليان في أوساط الباعة والرأي العام المتتبع لذلك، فالإحساس بالتمييز والإقصاء يغذي فتيل التوتر والصراع وقد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها. لذلك على الجميع أن يعلم أن التغاضي عن الاختلالات هو خرق قانوني كذلك، لأنه من الممكن معالجة بعض هذه الاختلالات إن لم يكن واجبا، أما رمي المسؤولية على الجمعية لوحدها أو ربما على السلطة لوحدها أو هما معا، فإنه يكشف حالة التلكؤ في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية، ويكشف أيضا حالة اللاقرار واللامسؤولية، والتقاعس عن أداء الواجب. فقد جاء في الفصل 35 من «دفتر الشروط والتحملات المتعلقة بتنظيم وتدبير استغلال الملك الجماعي العام مؤقتا وتهيئته قصد إيواء الباعة المتجولين» ما يلي: «يمنع الاستفادة من أكثر من كشك إما بصفة شخصية أو عن طريق الغير..». إذن على رئيس المجلس تنفيذ مقررات المجلس طبقا للمادة 47 من الميثاق الجماعي. لذلك فلو احترم رئيس المجلس القرارات التنظيمية واختصاصات السلطة، لما تم الاعتداء على مبدأ قانوني وأخلاقي وإنساني، ألا وهو «مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص» في الانتفاع بالأملاك الجماعية.

  • من بين الاختلالات المثارة حول هذا المشروع، هناك فضلا عن مساءلة تضارب عدد الأكشاك بين ما وافق عليه الرئيس رباح وما هو على أرض الواقع، موقع المشروع نفسه.. ما تعليقك؟

ما سميت «الموافقة المبدئية» التي وقعها رئيس المجلس البلدي للجمعية، والتي تم بموجبها تحديد عدد الأكشاك الممكن بناؤها في 120 كشكا، وتحديدا بالزنقة 151 فضاء لإقامتها، وواقع الحال المجسد اليوم على أرض الواقع، يظهر أن الأكشاك بلغت لحد الساعة 157 كشكا عوض 120، وربما ستشهد المزيد، وامتدت عملية إقامة الأكشاك إلى الزنقة 159، إذن عمليا هناك تباين بين الواقع والموافقة المبدئية، فمن رخص إذن لارتفاع العدد؟ وما هو الأساس القانوني الذي على أساسه تمت إضافة الزنقة 159؟ ومن رخص للشركة ببناء الأكشاك بها؟ وهل للجمعية علاقة بالزنقة 159 كذلك؟ وما موقع السلطة المحلية في هذه العملية، بل وفي هذا المشروع بالزنقتين؟.. هذه التساؤلات المقلقة تجرنا إلى الحديث عن مكان المشروع، وإلى الخرق القانوني المتعلق به، علما أن أكشاك بئر أنزران تندرج ضمن الأسواق على الرصيف، حسب القرار التنظيمي المتعلق بتنظيم وإيواء الباعة المتجولين في فضاءات عمومية، فالفصل 8 منه يشير إلى «فضاءات الأسواق»، وفي المادة 16 يشير أيضا إلى وجود أسواق دورية وأخرى حضرية وأسواق على الرصيف، وأخذا بالاعتبار كذلك أن تحديد المكان والأسواق- حسب الظهير الشريف المتعلق بالميثاق الجماعي- هو من اختصاص المجلس الجماعي وليس إلى رئيسه، ويمكنهما الاستعانة بلجان متخصصة أو مختلطة، لكن لا يمكن تفويض الاختصاص إليهما أو غيرهما، فقد ورد في الميثاق الجماعي بالفقرة 3 من المادة 39، أن المجلس الجماعي يقرر في إحداث وحذف أو تغيير أماكن المعارض أو الأسواق أو تاريخ إقامتها، فالقرار التنظيمي ينبغي أن يشمل الأمكنة وتحديدها في القرارات التنظيمية، وعدم تفويض ذلك لأحد كخرق سقط فيه رئيس المجلس البلدي للقنيطرة.

  • اذا كان الأمر كذلك والحالة هاته، فعلى أي أساس- برأيك- شيد المجلس في مواجهة معارضيه، «مرافعات» الدفاع عن «قانونية» قراراته تجاه الجمعية المستفيدة من المشروع؟

صحيح، فمسؤولو المجلس البلدي لا يتركون أي مناسبة للرد، دفاعا عن قراراتهم، لكن لا يصح الدفاع عن الخروقات القانونية، فالزعم أن «الموافقة المبدئية التي سلمها رئيس المجلس، أكسبت الجمعية القوة القانونية للتعاقد مع الشركة التي تكلفت بتهيئة فضاء بئر أنزران» غير صحيح، فالمجتمع المدني قد يكون شريكا، لكن التدبير المشترك يخضع لقوانين وضوابط قانونية، وما تم هو خرق، لأنه لا وجود لشراكة بين المجلس الجماعي والجمعية، مصادق عليها في دورة رسمية ومصادق عليها من طرف سلطة الوصاية، فلا يحق للجمعية أن تنشئ التزاما مع أية شركة لإنجاز إقامة أكشاك، وهو إجراء مخالف أيضا لمقتضيات دفتر الشروط والتحملات، المتعلق بتنظيم وتدبير استغلال الملك الجماعي العام مؤقتا وتهيئته قصد إيواء الباعة المتجولين في فضاءات عمومية داخل المدار الحضري القنيطرة، طالما أن البلدية هي من تقع عليها مسؤولية اختيار الشركة أو المقاولة، وفق القوانين الجاري بها العمل، للقيام بأشغال بناء الأكشاك بمنطقة بئر أنزران لإيواء الباعة المتجولين وليس الجمعية. فالفصل الثاني من دفتر الشروط والتحملات، القاضي بتنظيم وتدبير استغلال الملك الجماعي العام مؤقتا وتهيئته قصد إيواء الباعة المتجولين، يشير إلى وجود ثلاثة أطراف: الجماعة الحضرية لمدينة القنيطرة، والشركة المرخص لها من طرف رئيس المجلس البلدي، بإعداد وتهيئة مواقع الملك الجماعي، والبائع المستغل للملك الجماعي العام، وحدد مسؤوليات كل طرف. كما يشير دفتر التحملات إلى مسؤولية البلدية في الاختيار والتتبع والتسليم والتجديد للرخصة وغير ذلك، فالفصل 14 يقول: «ولا يمكن أن تكون هذه الرخصة بأي حال من الأحوال، موضوع أي تفويت أو استغلال من الباطن أو كراء أو إسناد أمر تسيير»، لكن ماذا يجري بها اليوم، والفصل 16 موضوعه تحديد مدة تدبير استغلال فضاءات الملك الجماعي العام مؤقتا 5 سنوات قابلة للتجديد، وطلب التمديد للشركة يوجه للبلدية وليس للجمعية حسب الفصل 17، وفي نفس الفصل 17 أيضا نجد: «وفي حالة عدم تعبير السلطة المانحة أي البلدية للرخصة عن رغبتها في تجديد الرخصة، فإن الرخصة تلغى بمجرد انتهاء المدة الأصلية المنصوص عليها في الفصل السادس عشر أعلاه». وفي الفصل 1 نجد: «.. رخصة تدبير استغلال الملك الجماعي مؤقتا مقابل إتاوة لميزانية الجماعة»، وبالمقابل لا وجود في القرارات التنظيمية لأي عبارة تفيد عكس ما ذهبنا إليه. لذلك فمن خلال هذه النصوص وغيرها، يظهر أن الترويج لمسؤولية الجمعية في اختيار الشركة، هو ما ليس صحيحا، وهو خرق قانوني ينضاف إلى باقي الاختلالات المرتبطة بإنجاز هذا المشروع.

  • في خضم هذه التهم بوقوع المجلس ومشروعه في هكذا اختلالات، يطرح سؤال مآل واجبات التحصيل المالي ومدى توفر الباعة المتجولين أصلا، على الشروط القانونية للاستفادة منه قبل وإبان الانتخابات الأخيرة. ما جوابك؟

أولا، إذا سلمنا بمسؤولية الجمعية عن التعاقد مع الشركة بمعزل عن مسؤولية المجلس البلدي ورئيسه، هل بموجب ذلك يمكن للرئيس إعفاء الشركة من إتاوة 10 في المائة، لفائدة ميزانية البلدية من مجموع مداخيل المستخلصات، الواردة في دفتر الشروط والتحملات القاضي بتنظيم وتدبير استغلال الملك الجماعي العام مؤقتا وتهيئته قصد إيواء الباعة الجائلين، وقد وردت عبارة الإتاوة في تعريف الأطراف، ووردت أيضا في الفصل 4 و5 و13 و23؟ ثانيا، في ما يخص شروط الترخيص، نقول إن قرارات الترخيص التي تم تسليمها إلى الباعة المتجولين، لم تحترم المراجع القانونية والقرارات التنظيمية، ومنها الفصل السادس للقرار المنظم لإيواء الباعة بالتجوال في فضاءات عمومية، الذي يشترط الإدلاء بشهادة إدارية لمزاولة النشاط مسلمة من طرف السلطة المحلية، وهذا الشرط ورد أيضا بالموافقة المبدئية المذكور آنفا، وهي شاهدة أيضا على هذا الخرق.

  • فمن له صلاحية الترخيص، إذن؟

لقد برر مسؤولو المجلس البلدي في هذا الإطار، بأن قرار التراخيص هو من صلاحية رئيس المجلس، لأنها تندرج ضمن صلاحية رخص احتلال الملك العمومي بدون إقامة بناء، من خلال الفقرة 20 من المادة 50 من الميثاق الجماعي، بمعنى أنها لا تندرج ضمن اختصاصات المجلس الجماعي، واحتلال الملك الجماعي عام، أو خاص، إقامة بناء أو بدون إقامته، وأي معاملة تهم الملك الجماعي، نفهمها مع الفقرة 7 من المادة 47 بقولها: (مباشرة أعمال البيع والكراء والاقتناء والمبادلة وكل معاملة تهم الملك الجماعي)، وعليه فالتي تندرج ضمن مقررات المجلس والرئيس ينفذها ويدبرها ويسهر على مراقبة تنفيذها، إذن عبارة «كل معاملة تهم الملك الجماعي»، لكن بالعودة إلى الميثاق الجماعي، فاختصاصات رئيس المجلس منظمة بموجب مواد تبتدئ بالمادة 45 وتنتهي بالمادة 56، بما فيها المادة 50 وفقراتها. غير أنه بمقتضى المادة 47 منه، يجوز لنا التساؤل كيف جاز للرئيس أن يوقع قرار الترخيص لفائدة الباعة الجائلين، دون احترام مقررات المجلس وتجاوز الشروط الواردة بها، من قبيل شرط «تسليم رخص الأكشاك بناء على اللائحة الممسوكة من طرف السلطة»، وهو شرط يفرض على البائع المتجول أن يقدم إلى مصالح البلدية شهادة إدارية مسلمة من طرف السلطة؟ علما أنه والحالة هاته، لم يتم تحديد أي فضاء أو سوق، سواء بئر أنزران، أو غيره، في أي مقرر أو قرار تنظيمي للمجلس البلدي، وهو ما يدفع بنا إلى طرح إشكالية الشرعية والمشروعية القانونية، ليس بشأن تراخيص رئيس الجماعة للاحتلال المؤقت للباعة فقط، بل حول الترخيص أصلا لإقامة المشروع بالزنقة 151 و159 ببئر أنزران، وهنا وجب التذكير أن الميثاق الجماعي يسمو عن القرار التنظيمي الذي يصدر عن المجلس الجماعي، والقرار التنظيمي يسمو عن القرار الإداري الفردي الذي يصدر عن رئيس المجلس الجماعي، ولا ينبغي أن يخالف الأدنى الأعلى، لذلك كان لزاما على رئيس المجلس الجماعي أن يحترم القرارات التنظيمية والميثاق الجماعي، ولا يخالفه في هذا الشأن.

علاقة السلطة والمجلس بالملف

  • ماذا عن علاقة السلطة بالمجلس في هذا الملف؟

قبل ذلك وجب التوضيح أن العلاقة بين القرارات التنظيمية للمجلس، والقرار الإداري الفردي للرئيس، كعلاقة الماء بإنائه، فهل يجوز أن تطلب لمن يسقيك ماء، أن يصطحب معه أو يحمل الماء في إناء؟ فالعلاقة بين الماء والإناء تحصيل حاصل، لذلك كان لزاما على رئيس المجلس الجماعي أن يحترم القرارات التنظيمية والميثاق الجماعي ولا يخالفه. وعن علاقة السلطة بالمجلس في هذا الملف، أستطيع القول إنه في هذه القضية، لم تقتصر تجاوزات رئيس المجلس صلاحيات المجلس فقط، بل تجاوز أيضا صلاحيات السلطة، فالمادة 49 من الميثاق الجماعي تشير إلى الصلاحيات والاختصاصات التي استثناها المشرع لفائدة السلطة الإدارية المحلية، كالمحافظة على النظام والأمن العمومي بتراب الجماعة، وتأسيس الجمعيات.. والانتخابات.. وتنظيم ومراقبة نشاط الباعة المتجولين بالطرق العمومية، والتي تمت ترجمتها في القرارات التنظيمية، بأن يكون البائع المتجول ضمن اللوائح الممسوكة لدى السلطة، وتسليم رخص الاحتلال المؤقت من رئيس المجلس الجماعي مشروط بتقديم شهادة إدارية مسلمة من طرف السلطة، فلو احترم رئيس المجلس القوانين الجاري بها العمل، لما تم الاعتداء على «مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص» في الانتفاع بالأملاك الجماعية، كما قلنا. ولذلك فالهدف من اتخاذ القرارات التنظيمية للمجلس والإجراءات والتدابير الفردية للرئيس، حسب المادة 50 من الميثاق، هي حماية ووقاية المواطنين، من كل ما من شأنه أن يخل بالنظام العام، من أمن وصحة وسكينة. وعليه فحالة الاحتقان والارتباك، التي خلفها مسؤولو المجلس البلدي في أوساط الباعة بمنطقة بئر أنزران، بسب ما ذكر من اختلالات وخروقات، مناقضة للأهداف التي على أساسها تقوم عملية إيواء الباعة الجائلين، إن لم يكن رباح من خلال هذا المشروع (بغا يكحلها عورها)، على اعتبار أن هذا الملف أضحى اليوم كرة ملتهبة في حجر المجلس البلدي للقنيطرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى