الرأي

الكيل بكراطتين

إلى غاية كتابة هذه السطور لم يصدر أي قرار في حق مدير ملعب «سولغر فيلد» الذي غمرته الأمطار رغم لجوء مستخدميه إلى «الكراطات» لشفط المياه التي أوقفت مباراة نصف نهائي كأس أمريكا بين الشيلي وكولومبيا يوم أول أمس الخميس.
اصطدم التحقيق الأولي بلازمة «فوق طاقتك لا تلام»، وكشف خبراء الكوارث الطبيعية، أن كمية الأمطار التي تهاطلت على الملعب ناتجة عن إعصار يزور المدينة كل سنة مرة. ونوه المحققون بالروح الوطنية للمتطوعين الذين استعانوا بـ»الكراطات» خلال توقف المباراة أملا في تجفيف المستطيل الأخضر، وفي نفس الليلة نام مدير الملعب ملء الجفون دون أن يداهمه كابوس الإقالة.
أعاد مشهد «كراطة» الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأذهان «كراطة» المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله المرعبة التي «كرطت» عددا من الرؤوس، قبل أن يعلن حكم المباراة التي جمعت بين فريق كروز أزولالمكسيكي ونادي ويستيرن سيدني الأسترالي، عن انتهاء المواجهة ميدانيا لتبدأ مباراة أخرى انتهت بمسلسل إقالات تجاوز حدود الملعب العائم إلى الميزانية العائمة.
نقلت أزيد من 60 قناة تلفزيونية بمقاربة جارحة، مشهد «السطل والكراطة والبونجة»، وتحولت جهود مستخدمي الملعب إلى مادة للسخرية في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، انتهت بسقوط الوزير الحركي محمد أوزين، بينما تعامل الإعلام الأجنبي مع «كراطات» ملعب «سولغرفيلد» بمهنية «غير مسبوقة» وانتقل إلى مصلحة الأرصاد الجوية يستطلع الخبر.
لكن ليس العشب فقط هو سبب نكبة ملعب الرباط، فقد تبين لاحقا أن نادي ويسترن سيدني منحوس تطارده اللعنة كلما خاض مباراة في جو ممطر، إذ تسبب في القتل غير العمد دون نية إحداثه للعديد من التظاهرات، لذا سيكون محمد أوزين أسعد الناس حين منحته السماء فرصة للحديث في تجمعاته الخطابية الحزبية عن غرق ملاعب الشعوب الأخرى، فيمسح كل الآثام في «كراطة» الفيفا التي أساءت إلى صورة البلاد، ولأن بلاتير قد أدين بالفساد فإن «كراطته» لن تنجو من هذا الوباء.
ليست مباراة كوبا أمريكا هي التي توقفت لأزيد من ساعتين إلى أن مرت العاصفة المطرية، بل كثير من المباريات لجأت إلى «الكراطة» لتجفيف المياه التي غمرتها، كملعب إيبار في إسبانيا قبل مباراة أتلتيكومدريد وإيبار. وفي نهاية الأسبوع الماضي استعان أعوان ملعب «أبا» جنوب نيجيريا بالتبن والتراب لتضميد كدمات ملعب إنيمبا الذي غمرته المياه خلال مباراة جمعت الفريق المحلي بالزمالك المصري. ولم يقتصر الفيضان على المستطيل الأخضر إذ غمرت المياه المركز الإعلامي بملعب آرينا داس دوناس بمدينة ناتال البرازيلية حيث تحطمت أنابيب المياه قبل استضافة مباراة جمعت بين الأوروغواي وإيطاليا برسم نهائيات كأس العالم.
تعامل الإعلام الأجنبي مع هذه الوقائع ككوارث طبيعية، قد تعصف بعشب الملاعب لكنها لا تطول المستخدمين الأبرياء الذين قاوموا السيول بالكراطة والبونج والسطل والعزيمة، قبل أن يدانوا بتهمة «تشويه» صورة المغرب في المحافل الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى