الرئيسيةسياسية

بنكيران يخرق قانون الأحزاب ويمدد ولايته على رأس العدالة والتنمية طمعا في كرسي الحكومة

إعداد: النعمان اليعلاوي

كما كان متوقعا منذ إعلان المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة الحالية، عزمه تقديم مشروع قرار من أجل تأجيل المؤتمر الوطني العادي للحزب إلى ما بعد الاستحقاقات الانتخابية لـ7 أكتوبر المقبل، والتمديد لولاية الأمين العام، عبد الإله بنكيران، إلى ما بعد الانتخابات التشريعية، صوت مؤتمر حزب «المصباح»، الذي انعقد أول أمس السبت، في دورة استثنائية، لصالح مشروع القرار الذي تقدمت به الأمانة العامة، والقاضي بتأجيل انعقاد المؤتمر الوطني الثامن، وذلك بموافقة 1566 صوتا من مجموع 1644، أي بنسبة 95,26 في المائة، مقابل 73 صوتا كانت ضد مشروع القرار و5 أصوات ملغاة. وبذلك يكون رئيس الحكومة وبصفته هاته، أول من يخرق قانون الأحزاب السياسية الذي ينص على انتظام عقد المؤتمرات الوطنية للأحزاب السياسية كل أربع سنوات. وبدا المؤتمر الوطني للحزب الذي تضمن نقطة فريدة في جدول أعماله، وهي تأجيل المؤتمر العادي وتمديد ولاية بنكيران على رأس الحزب، معدا لنتائجه من قبل، إذ صبت كلمات المسؤولين المجاليين في مجملها في منحى تأجيل المؤتمر الوطني للحزب، كما أن الكلمة الافتتاحية لعبد العزيز العماري، رئيس المؤتمر الاستثنائي، نحت في هذا المسار، وهو نفس ما أكده سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب، والذي دعا بدوره إلى التمديد لولاية بنكيران وتأجيل المؤتمر الوطني إلى ما بعد انتخابات أكتوبر المقبل.

لم يحمل المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية والذي انعقد أول أمس السبت، جديدا على المستوى التنظيمي للحزب غير ما كانت قيادته قد عبرت عنه من توجهها في منحى التمديد للأمين العام الحالي، لعام آخر بعد انصرام الآجال المحددة في القانون الأساسي للحزب لمغادرته دفة القيادة بعد استنفاده للولايتين اللتين ينص عليهما «دستور المصباح». وكان المؤتمر أقرب إلى محطة استعراضية وفرصة لتوجيه الرسائل للخصوم والأصدقاء على السواء مع دنو التسخينات الانتخابية، استعدادا لاستحقاقات السابع من أكتوبر المقبل، إذ شكل اختيار عقده بالقاعة المغطاة للمركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله، مناسبة للاستعراض العددي للحزب أكثر منه اختيار مكان وحسب، كما كانت جل استهلالات كلمات المتدخلين من مسؤولين مجاليين في الحزب تعرج على «القرار الديمقراطي» بعقد مؤتمر استثنائي للمصادقة على قرار التأجيل.

مع السادسة وضد دوزيم
على الرغم من أن برنامج المؤتمر الاستثنائي والذي جرى توزيعه على الحضور، يشير إلى أن بدايته ستكون بكلمة لرئيس المجلس الوطني للحزب، سعد الدين العثماني حول قرار تأجيل المؤتمر الوطني العادي، إلا أن الأخير اختار أن يهاجم في كلمته خصوم الحزب السياسيين من باب الإعلام، وهاجم بحدة الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري، على خلفية تصريحاته بخصوص إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم.
وقال عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية إن التصريحات السابقة لزعيم حزب «الجرار»، الذي لم يسمه، تشكيك في الثوابت، مضيفا «ما معنى أن يتهم مسؤول سياسي إذاعة محمد السادس بالتشجيع على التطرف؟ هذا أمر غير مقبول، لأن هذه ليست إذاعة عادية، هذه إذاعة محمد السادس، وكان عليه أن يذهب إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ويخبره بالبرنامج الذي رأى أنه يشجع على التطرف، أما اتهامه للإذاعة فهي رسالة للخارج، تشكك في النموذج المغربي والوطن وثوابت البلد»، حسب العثماني، الذي أضاف أمام أعضاء حزب «البيجيدي»، إنه «يجب أن نحذر من هذا الكلام الذي هدفه تصفية حسابات سياسية ضيقة»، مشددا على أن «العدالة والتنمية لن يقبل بالتلاعب بالوطن، أوالتشكيك فيه أو تصريف مواقف تسيء إليه ولسمعته».
وفي نفس المنحى، اتهم الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، في كلمته في ختام المؤتمر، إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة المعاصرة بـ «التطاول على الشأن الديني المحفوظ للملك محمد السادس»، وقال خلال المؤتمر الاستثنائي للحزب، «قلتم لنا لا تتدخلوا في الشأن الديني، نعم أسيدي تبنا ولم نعد نتدخل، ولكن تدخلتم أنتم واتهمتم قناة محمد السادس بالتشجيع على التطرف، ألا تعرفوا أن الشأن الديني محفوظ للملك، أمير المؤمنين، واش تتشوفوا قناة السادسة بعدا، يجب أن تقولوا لنا هل تحاربون الإسلاميين أم الإسلام؟».
وكال بنكيران النقد اللاذع للقناة الثانية «دوزيم» كما قال مخاطبا العماري الذي لم يسمه «بالزربة مشيتي للسادسة خصك تدوز من الأولى والثانية، هاديك الثانية ما كاتقضي عليها غير بلاغات الديوان الملكي هي لي كا تجبد لها ودنيها»، حسب قول بنكيران، الذي واصل الهجوم على العماري رغم أن تصريح الأخير بكون إذاعة محمد السادس تنشر التطرف مر عليه أكثر من شهر.

العثماني يحن للخارجية
رغم أن الورقة الخاصة بجدول أعمال المؤتمر تتضمن مضمون الكلمة التي من المفروض أن يقدمها سعد الدين العثماني من على منصة المؤتمر والمتمثلة في قراءة مشروع قرار التأجيل، إلا أنه فضل الاستفاضة في الحديث عن توجهات الخارجية للمملكة والانفتاح الدبلوماسي الذي يقوده الملك من خلال الزيارات الأخيرة لعدد من الدول، مؤكدا موقف الحزب من تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في المغرب. وحاول جاهدا ربط اجتماع المؤتمر الاستثنائي للحزب، بالتوجه الخارجي للمملكة والذي رسمه الملك محمد السادس، وأكد على «الخطاب التاريخي الذي ألقاه جلالة الملك خلال انعقاد القمة المغربية-الخليجية، والذي نبه إلى أن الوطن يعلو بأبنائه وأنه ليس بمحمية لأحد»، كما شدد على ضرورة اتخاذ «المواقف اللازمة للدفاع عنه وحمايته مما يحاك ضده من مؤامرات، في خضم معركة مستمرة بمنخرطيها بنفس وحس وطنيين».
وأشار في هذا السياق إلى «الأدوار الاستراتيجية التي لعبتها الملكية في المغرب، والدور الرائد الذي لعبه جلالة الملك في قيادة الإصلاحات التي شهدتها المملكة، وإرساء نموذج متميز كان نتاجا لإرادة مشتركة بين الملك والشعب» وقال إن «خيار التأجيل للمؤتمر العادي للحزب يأتي من باب تغليب مصلحة الوطن عن المصالح الداخلية للحزب والأفراد».
وأشار العثماني إلى الواقع العربي والاضطرابات الأمنية التي يشهدها وقال إن «حزب العدالة والتنمية محظوظ ويجب أن يشكر الوطن الذي وسعنا»، مضيفا «شكرا للوطن الذي فتح لنا المجال، بينما بلدانا أخرى لم تفسح المجال للذين يشبهوننا وأقصتهم وأدخلتهم السجون ونفتهم»، في إشارة إلى تنظيم الإخوان المسلمين بمصر وبعض الدول.

المرجعية.. سؤال التيه
كان حاضرا بقوة في خطاب كل من بنكيران والعثماني سؤال المرجعية الإسلامية للحزب، وهو السؤال الذي تجدد بعد المؤتمر الأخير لحزب النهضة التونسي الذي قرر الفصل بين الدين والسياسة، خصوصا أن الحزبين متقاربان وتكاد قيادة الجهتين تؤكد خروجهما من رحم واحد.
ففي الوقت الذي شدد العثماني على أن «الحزب ينطلق من مبادئ ويعمل ببوصلة واضحة، تتأسس على المرجعية الإسلامية التي كان جلالة الملك حارسا لها»، والتي «نعتز بها وسنبقى مدافعين عنها بنفس وطني ورؤية اعتدالية، جنبت المغرب الكثير من الانزلاقات، وذلك في إطار عدم التناقض بين المرجعية الاسلامية والانتماء للوطن»، اعتبر الأمين العام للحزب، عبد الاله بنكيران، أن العدالة والتنمية «اختار مسار حزب مدني» قائلا إن الحزب أصبح مرجعا لدى بعض الدول وعلى الخصوص المكونات السياسية الإسلامية، موضحا أن تلك المكونات السياسية استفادت من تجربة العدالة والتنمية في الحكم وقبله، وقال «لقد بدأتهم في وقت مبكر التفرقة بين الدعوة والسياسة وأصبحتم مرجعا في هذا واتخذتم نموذجا عبر العالم».

بنكيران خصم الجميع
لم يخل المؤتمر الاستثنائي للعدالة والتنمية من هاجس الدفاع عن حصيلة الحكومة التي يقودها الحزب، حيث قال بنكيران خلال كلمته في المؤتمر إن «هذه المرحلة من أفضل المراحل التي قضتها الحكومات منذ الاستقلال»، مشددا على أن من وصفهم بالخصوم «يفكرون في عرقلة مسار هذا الحزب، وفي كل مرة يأتون بمقترح وفكرة وقيادة جديدة من أجل إفشال المسار والفكرة»، وقال «إنهم لن ينجحوا في ذلك أبدا». وبقدر ما دافع بنكيران عن إذاعة محمد السادس، هاجم الإعلام الوطني، وقال موجها خطابه للأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة «هز ديك الكويغطات ديالك وسير راه ما اقراهم حد»، قبل أن يواصل الهجوم ضد الصحافة وقال إنه «ما عنديش الأخبار»، قبل أن يعرج لجريدة «الأخبار» وظل في تحد لحرية الرأي والتعبير يهاجم الجريدة التي وصفها بـ «المزيفة» قبل عودته إلى موضوع الإعلام ومواصلته الهجوم على الأصالة والمعاصرة عبر مشجب الإعلام، وقال «من يراهن على البريكولات الإعلامية من أجل التشويش على الحزب راه غير كا يحلم، والخصوم اعتمدوا على بضعة جرائد ومواقع وأشخاص إما يملكونها أو يتحكمون فيها، فلن يستطيعوا أن يوقفوا العدالة والتنمية».
ولم يخف بنكيران الميل نحو الانفراد بالحقل السياسي كحزب إسلامي وحيد، ودعا أعضاء الحزب إلى عدم الانصياع وراء أي مشروع إسلامي مغاير، وقال: «لي جاب ليكم شي بريكولاج إسلامي حتى هو ما تقبلوه»، حسب بنكيران.

انتخابات أكتوبر.. الهاجس الأكبر
مازالت نتائج الانتخابات المحلية لشتنبر الماضي والتي منحت الصدارة في البوادي لحزب الأصالة والمعاصرة لم تهضم بعد لدى قيادة العدالة والتنمية، حيث قال الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران: «لا أفهم كيف تسربت الحداثة للقرى حتى تم التصويت على حزب معين»، وهو هاجس بنكيران الذي لم يخفه، وقال أيضا إن كل «المعطيات الحالية تشير إلى أن العدالة والتنمية سيتصدر الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي ستجرى في السابع من أكتوبر المقبل».
وقال رئيس الحكومة والأمين العام لحزب «العدالة والتنمية»، عبد الإله بنكيران، مخاطبا إخوانه: «واش بغيتو الجنة ولا بغيتو الحكومة؟» وأضاف بنكيران، خلال كلمة ألقاها في المؤتمر الذي نظمه حزبه اليوم السبت 28 ماي، «راكوم جيتو لهادشي لوجه الله، إلى كنتو باغيين الجنة استمرو في هاد الطريق». وأردف المتحدث، وسط تعالي ضحكات أنصاره وقياديي حزبه، «إلى بغا ليكوم الله الحكومة غادي تمشيو ليها وإذا بغا ليكوم رئاسة الجماعة غاتمشيو ليها، دار الله بيكوم المعجزات». وتساءل بنكيران «هل تتخيلون كيف سيحس الشعب المغربي إذا سمع نتائج غير تلك التي ينتظرها؟»، في تلويح من بنكيران بالاحتقان الاجتماعي. وأشار إلى أن «استطلاعات» الرأي التي يتم الإعلان عنها في كل مرة و»تبوؤ العدالة والتنمية وقياداتها الصدارة تقض مضاجع الخصوم، ودعاة التحكم، وهو ما يدفعهم إلى المطالبة بسحبها عبر الهاتف»، منتقدا مطالبة البعض بإعادة النظر في الناخبين الذين تسجلوا في اللوائح الانتخابية بطريقة إلكترونية، ودعا مناضلي العدالة والتنمية إلى القيام بحملة أخرى من أجل حث المواطنين على التسجيل في اللوائح الانتخابية مرة أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى