الرئيسيةسري للغاية

حسن فرج: «خديجة كانت تسأل والدي عن حجم ثروته فكان يجيب بأنها ستعرف كل شيء عند موته»

حاوره: يونس جنوحي

مقالات ذات صلة
  • هل سبق للدكتور قنيدل أن زار والدك في المصحة أو في مسكنه؟

لا لم يسبق له أن التقاه، حتى أنني عندما كنت أتحدث معه كثيرا، قبل أن يغادر عبد الفتاح فرج المغرب بصفة نهائية، أكد لي مرارا أنه لا يعرف أي شيء عن والدي، وأن والدتي هي الصلة الوحيدة التي لديه مع عائلتي عموما.

  • ألم تسأله عن سر علاقته بوالدتك؟

سألته مرارا وسألتها أيضا وكانا يتهربان من الإجابة وينهيان الموضوع. سألتهما خلال بداية معرفتي به، وسألته بعد ذلك بعد أن توطدت علاقتي به أكثر، لكنهما كانا ينفيان دائما. وبخصوص علاقته بعبد الفتاح فرج، تذكرت زلة لسان بدرت من الدكتور قنيدل ذات مرة، سنوات بعد وفاة عبد الفتاح فرج.

  • في أي سياق بالضبط؟

كنا جالسين نتحدث أنا وهو كالعادة. لا أذكر أين بالضبط ولا عن أي موضوع، لكنه قفز بحماس وقال لي إن عبد الفتاح فرج شخصيا كان يتصل به هاتفيا ويطلب منه أن يتكفل بإجراءات طبع جواز سفره.
كان يريد أن يتباهى أمامي لكنه نسي أنه أنكر أكثر من مرة أن يكون على اتصال بوالدي عبد الفتاح، أو تكون له علاقة به.
أما بالنسبة لوالدتي فقد نفت بدورها أن تكون هناك أي معرفة لها بالدكتور قنيدل. في البداية، كنت أظن أنها تتواصل معه بحكم أنه موظف في السفارة المغربية ببرلين، لكن حدث مرة أن التقيتها بحضوره، وكان هذا يحدث نادرا، واكتشفت أنه يحاول أن يكون مستفزا معها، وبدا لي من الطريقة التي يتحدثان بها أمامي أنه يستفزها، أو أنه يعلم أشياء لا تريده أن يفصح عنها. هذه الشكوك سأفهمها لاحقا عندما سيأتي الدكتور قنيدل إلى المغرب بعد سنة 2007 بقليل وسأكتشف أمورا كثيرة بخصوصه.

  • طيب لنبق في المرحلة التي سبقت وفاة عبد الفتاح فرج..

الاتصال بيني والدكتور قنيدل كان عاديا وقتها، ولم تتوطد علاقتنا أكثر إلا بعد وفاة والدي عبد الفتاح سنة 2005. بعد هذا التاريخ أصبحت علاقتي بالدكتور قنيدل أكثر انفتاحا واتخذت طابعا شخصيا.

  • هل هذا يعني أنك حاولت أن تعلم منه حقيقة علاقته بعبد الفتاح فرج؟

+حاولت كثيرا لكنه كان ينفي دائما.. وأستبعد شخصيا أن تكون بينهما علاقة، والاحتمال يبقى ضعيفا جدا، لا أظن. علاقته بوالدتي، رغم أنها كانت قائمة، وعشت بعض تفاصيلها عندما كانت تنسق معه لاستقراري بألمانيا بعد طردي من الأسرة، تبقى هي الأخرى غامضة.

  • كيف كان حديثه معها؟

أحسست أنهما كانا حريصين على اختيار كلماتهما بعناية أثناء وجودي. أنا عاشرت الدكتور قنيدل وسكنت معه لمدة طويلة، ويوم التقى والدتي أحسست أنه يعرفها قبل تلك المرة، وأن الحديث بينهما مكهرب نوعا ما إن صح التعبير. لكن لا أحد منهما قدم لي جوابا بهذا الخصوص. جعلا الأمر يبدو وكأنهما تواصلا منذ البداية فقط لتأمين سكني في برلين، وما زاد شكوكي حولهما، هو الغلطة الكبيرة التي ارتكبها الدكتور قنيدل عندما اعترف لي مندفعا بأن والدي كان يتصل به عندما يحتاج خدمة من السفارة في برلين.

المنصب الذي شغله عبد الفتاح فرج كان يغنيه عن هذه الأمور. لن يحتاج سكرتير الملك ومدير كتابته الخاصة إلى وساطة ملحق ثقافي في السفارة المغربية ببرلين..
هذا ما قاله الدكتور قنيدل، لا يمكنني أن أعلق على كلامه.

  • هل كنت تعلم وقتها، في ألمانيا، أن والدك عبد الفتاح متورط في المشاكل بعد وفاة الملك الحسن الثاني؟

سمعت من والدتي أمورا كثيرة بعد وفاته. في ألمانيا بدا لي بوضوح أنه فعلا ترك وراءه مشاكل كثيرة في المغرب. وحتى قبل أن تحكي لي والدتي عن المشاكل والأيام الأخيرة له في منصبه مديرا للكتابة الخاصة بالقصر الملكي، كنت أتساءل دائما عن ثروته الضخمة، وأقارن بين وضعه ووضع عائلته والوسط الذي جاء منه.
ما زاد يقيني هو وضع ثروته بعد وفاته، واللغز الكبير الذي اكتنف المبالغ المالية المخبأة في حسابات بنكية في سويسرا. تساءلت كثيرا عن مصدر كل تلك الأموال.

  • هل كانت والدتك تخبرك عن مسار والدك عبد الفتاح؟ وهل كانت لها مثلا رواية أخرى لوصوله إلى منصب مدير الكتابة الخاصة للملك الراحل؟

حدثتني مرارا عن أصوله والوسط الاجتماعي الذي جاء منه. ما تقوله هي، وما يقوله آخرون، أن عبد الفتاح فرج كان موظفا في المالية، وكان بارعا في التدبير والحسابات، وعندما وصل إلى محيط الملك الحسن الثاني، لمس فيه هذه الأمور ووضعه في منصبه.
بعد أن حكيت لك عن طفولتي مع عبد الفتاح، لن تستغرب إن قلت لك إنه لم يتحدث معي أبدا عن طفولته أو بداياته، ولا كيف وصل إلى ما وصل إليه من نجاح في حياته المهنية. لكن والدتي كانت تحكي لي بين الفينة والأخرى بعض الأمور. أعرف مثلا أنه من مواليد 2 شتنبر سنة 1932، ويتحدر من مدينة الرباط، وبها درس المرحلة الثانوية في ثانوية مولاي يوسف، ومنها توجه إلى المدرسة الوطنية للإدارة، وحصل على الدبلوم، وبدأ مساره كإداري. في الحقيقة لم ألتق أبدا أحدا من أصدقاء دراسته حتى يقربني من شخصيته وماضيه، وهو موضوع فضول كبير بالنسبة لي منذ سنوات، لكن ما سمعته من والدتي، خصوصا في السنوات الأخيرة، أعطاني ملامح المراحل المبكرة من حياة والدي.
بفضل العلاقات التي نسجها مع أسماء كثيرة في الرباط، من قبيل المستشار والوزير السابق، أحمد رضا اكديرة، وبعضهم مروا معه من ثانوية مولاي يوسف وقتها، كان طبيعيا أن يتعرف على نخبة العاصمة، وهو ما عبّد له الطريق لكي يصل إلى محيط الملك الحسن الثاني.
بداية عبد الفتاح فرج المهنية مع القصر كانت في يناير 1964، عندما عين مكلفا بمهمة في الديوان الملكي، وبعدها بأربع سنوات، وبالضبط في يوليوز 1968، تم تعيينه رئيسا للكتابة الخاصة للملك الحسن الثاني.
أخبرتني أمي مرة، أن عبد الفتاح عندما كان يجلس مع ابنته خديجة، خصوصا في سنواته الأخيرة، كانت تسأله عن حجم ثروته، وكان يجيبها ضاحكا بأنها ستعلم بعدما يموت. وفعلا بعد وفاته ترك لها الملايير، وأموالا لم يكن أحد يعلم بوجودها، بالإضافة إلى الصندوق الحديدي الذي شكل مشكلا كبيرا، لأنه كان يحتوي على وثائق مهمة، لا أحد يدري كيف هربها عبد الفتاح معه إلى الخارج.
ثقة الملك الراحل الحسن الثاني به كانت كبيرة جدا، ولا شك أنه استغلها لتكوين ثروته الضخمة. لقد كان يتوقع أن تكون لديه مشاكل في الأخير، لذلك حرص على أن تبقى ثروته طي الكتمان، إلى أن آلت الأمور إلى ما آلت إليه، وبدأت المشاكل. ما أخذه عبد الفتاح فرج من الدولة المغربية كان أكثر من الأموال.

  • هل كانت والدتك عفوية معك عندما حكت لك هذه الأمور؟

كانت تخبرني بشكل متقطع، وهناك أشياء لم تخبرني بها، بل أخبرت بها أصدقاءها المقربين وعرفتها منهم في ما بعد. لكن أغلب الأمور التي أعرفها سمعتها منها مباشرة. بخصوص مسألة العفوية، فإنها كانت قريبة مني أكثر قبل وفاة والدي عبد الفتاح. بعد الوفاة وبروز مشاكل الإرث، لم تعد تحدثني كما في السابق، بل وكانت تنفي معرفتها بأي شيء، لكني سمعتها تتحدث في سرية مع أختي خديجة، وصدمت لأنهما كانتا تخبئان عني أشياء كثيرة، بخصوص ثروة عبد الفتاح فرج، والوصية التي كانت سرية في البداية، والتي ترك بموجبها عبد الفتاح فرج 80 في المائة من ثروته لابنته خديجة، ولأمي 20 في المائة المتبقية، وحرم الباقين بما في ذلك إخوته، من كل شيء.
يتعلق الأمر بحسابات بنكية في سويسرا لا أحد يعلم بالضبط مقدار الملايين المتراكمة فيها. ثروة عبد الفتاح فرج صدمت الكثيرين في الحقيقة بمن فيهم نحن الذين كنا مقربين منه، أي داخل الأسرة.

  • في آخر أيامه كان يفكر في أمر ثروته كثيرا؟

الوصية التي أتحدث لك عنها كتبها على فراش المرض، بشكل سري، وعندما علمنا بأمرها، كان الأمر صادما للجميع. لقد زاره عمي عمر فرج في ألمانيا عندما كان مريضا، وأخبره بأمر ثروته وممتلكاته، لكن الوصية شكلت صدمة للجميع، لأنها تزيح جميع الورثة وتسلم كل شيء لخديجة أولا ثم أمي من بعدها بنسبة يسيرة مقارنة مع ما حصلت عليه خديجة. ما زاد من وقع الصدمة، أن الثروة كانت كبيرة جدا بل خيالية.

  • ماذا تعرف عن زيارة عمك عمر؟ هل رأيته هناك؟

سمعت الأمر من والدتي مباشرة وحكت لي أن عبد الفتاح فرج استدعى أخاه عمر من المغرب، وجاء عنده والتقاه، وحكى له عن ثروته. لا أعلم بالضبط التاريخ الذي جاء فيه، لأنني كنت حينها في فرنسا، لكن والدتي حكت لي عن الأمر.

  • هل كانت خديجة على اتصال بعائلة عبد الفتاح؟

لا، لقد كانت تعيش في عالم خاص بها، حتى علاقتها بأمي كانت سيئة خصوصا قبل وفاة عبد الفتاح. لقد كانت تعيش في عالم خاص بها، وتعتقد نفسها أميرة في فترة من الفترات. لمست الأمر كثيرا من خلال تصرفاتها، كانت متعالية جدا. وازداد موقعها قوة بعد حصولها على الوصية التي تخول لها الحصول على 80 في المائة من إجمالي الثروة الضخمة لعبد الفتاح فرج، بالإضافة إلى أنه منحها وحدها أحقية الاستفادة من محتويات خزانة حديدية في سويسرا لا أحد يعلم مضمونها، لكن الأكيد أنه أكثر من الأموال.

  • هل ترجح أن يكون عبد الفتاح أخبر ابنته بتفاصيل ثروته قبل وفاته؟

لا أظن. أولا لأن حالتها النفسية لم تكن مستقرة، وثانيا لأنه كان حريصا على كتمان أمر ثروته ومقدارها وتفاصيل تأمينها في الأبناك خارج المغرب.
حتى أمر خروجه النهائي من المغرب رتبه في سرية، والدتي لم تكن تعلم كثيرا من الأمور، ولم تكن تملك أجوبة عن كل شيء. أحيانا تحس أنها لا تريد البوح ببعض الأمور، لكنها في أحيان كثيرة كانت عاجزة عن تقديم إجابات، وهذه كانت نقطة قوة عبد الفتاح فرج في حياته وحتى بعد موته. كان يحيط نفسه بسرية كبيرة، وأستبعد أن يكون، حتى من بين أصدقائه المقربين من رجال الدولة أو الوزراء أو الجنرالات، من كان يعرف عنه كل شيء. لذلك أتفهم ألا يملك الآخرون أجوبة عنه وعن حياته مهما كانوا قريبين منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى