الرئيسيةخاص

حقائق حول مزاعم الانتهاكات الحقوقية الواردة في التقرير الأمريكي

محمد اليوبي
نشرت وزارة الخارجية الأمريكية، أخيرا، تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان في المغرب، حيث قامت بإعادة نسخ ما ورد في تقارير سابقة، وكذلك الاكتفاء بنقل روايات بعض الجمعيات الحقوقية دون التحقق من صحة الادعاءات الواردة فيها حول الانتهاكات الحقوقية، وذكر بعض الحالات المزعومة، مقابل تجاهل التقدم الحاصل في هذا المجال، إذ غالبا ما تم الاعتماد على تقارير غير موثوقة بما يكفي ومعادية سياسيا، فضلا عن كون المعلومات المتضمنة غير دقيقة والتقييمات لا أساس لها من الصحة، والاستنتاجات كانت عامة ومتسرعة والإسقاطات جاءت مبالغا فيها بناء على حالات معزولة.
أعاد معدو التقرير سرد ما أسموه انتهاكات حقوق الإنسان، دون ذكر وقائع معينة لتأكيد هذه الاتهامات التي سبق لمنظمات دولية أن ذكرتها في إطار حملتها العدائية ضد مصالح المغرب. واستند التقرير على «مصادر متعددة» دون ذكرها، لترويج مغالطات حول انتهاكات قوات الأمن لحقوق الإنسان في مناسبات عديدة، بما في ذلك تقارير عن التعذيب في مراكز الاحتجاز، والحديث عن وضعية السجون ومراكز الاعتقال، واستقلالية القضاء. كما تحدث التقرير، استنادا دائما إلى منظمات غير حكومية محلية ودولية، عن وجود سجناء سياسيين دون كشف أسمائهم أو انتماءاتهم السياسية أو التهم الموجهة إليهم، واكتفى التقرير فقط بسرد حالات لمعتقلين بمقتضى قانون الإرهاب.

مغالطات ومزاعم كاذبة
وصل أصحاب التقرير إلى حد المس بالنظام الملكي بالمغرب الذي يحظى بإجماع المغاربة، من خلال حديثهم عن كون أهم المشاكل المستمرة لحقوق الإنسان تتمثل في انعدام قدرة المواطن على تغيير الأحكام الدستورية التي تنص على أن الدولة تتبع نظام الحكم الملكي، ووجود الفساد وتفشي عدم احترام قوات الأمن لحكم القانون، في حين تم التغاضي بطريقة ممنهجة عن التقدم الحاصل بالمغرب بعد اعتماد الدستور الجديد، وكذلك الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تم القيام بها خلال السنوات الخمس الأخيرة، والتي مكنت هذا البلد من وضع الاستقرار خلافا للعديد من البلدان المجاورة التي أصبحت تعيش حالة الفوضى بعد سقوطها في أيدي الجماعات الإرهابية المسلحة. كما أغفل التقرير أن المغرب دولة مؤسسات، ويتوفر على هيئات وطنية ذات مصداقية وجدية معترف بهما على نطاق واسع، ويتعلق الأمر بمؤسسات للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها (المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط وغيرها)، وأخرى للتقنين والحكامة (الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ومجلس المنافسة، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية ومحاربة الرشوة، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وغيرها).. إن هذه المؤسسات تبقى المعنية الأولى بتطور وضعية حقوق الإنسان في المملكة.
والمثير في الأمر أن وزارة الخارجية الأمريكية أصرت على إصدار التقرير بما يتضمنه من مغالطات، رغم جلسات عمل تقنية بين الوزارات المغربية المختصة وأعضاء السفارة الأمريكية المعنيين، والتي تم خلالها استعراض كل الحالات المشار إليها، وتم تقديم البراهين المعززة بالحجج على أنها لا ترتكز على أي أساس، فضلا عن تقديم أدلة ملموسة لتأكيد الطابع المغلوط للمزاعم التي وردت في التقرير، ما جعل السلطات المغربية تسجل أن هناك توجها في التقرير ينزع نحو نوع من اجترار مزاعم متقادمة كانت مع ذلك موضوع التفسيرات والتوضيحات الضرورية.

حالات التعذيب
جاء في التقرير أنه رغم القيام بعدة تحقيقات في حالات التعذيب، فإنه لم ترد تقارير عن حالات قامت فيها السلطات بمعاقبة أي أشخاص. علاوة على ذلك، وفي عدة قضايا، حُكم على مقدمي الشكاوى بالسجن لمدة سنتين وثلاث سنوات مع الغرامة «للادعاءات الكاذبة بالتعذيب» و«الإبلاغ عن جريمة يعلم المشتكي أنها لم تُرتكب».
وتحدث التقرير، استنادا إلى منظمة العفو الدولية، عن أنه خلال الـ 12 شهرا الماضية، واجه ثمانية من مثل هؤلاء الأشخاص عقوبات «للادعاء الكاذب بالتعذيب»، في حين تم ذكر حالة واحدة وهي حالة وفاء شرف، التي قدمها التقرير بأنها ناشطة في مجال حقوق الإنسان وناشطة سياسية، بالسجن لمدة سنتين وغرامة 5 آلاف درهم، بزعم قيامها بتقديم بلاغ كاذب باختطافها وتعذيبها من قبل أشخاص مجهولين، غير أن التحقيق القضائي الذي تم إجراؤه، وعمليات التنصت القانونية التي أشرفت عليها النيابة العامة في هذا الإطار، مكنت من التأكيد بشكل قاطع أن المعنية اختلقت بالكامل سيناريو حول اختطافها المفترض وحرضت أفراد أسرتها على الإدلاء بتصريحات كاذبة لتعزيز أطروحتها، وهو السبب الذي كان وراء إدانتها طبقا لمقتضيات القانون المغربي الجاري به العمل، بتهمة التبليغ الكاذب وتقديم حجج مزيفة تتعلق بجريمة وهمية وإهانة الشرطة القضائية وموظف أثناء أداء مهامه.
إلى ذلك، تضمن التقرير معطيات مغلوطة حول التعذيب بالمغرب، مستندا في ذلك على تقرير لمنظمة العفو الدولية، ورغم تأكيد التقرير على أن التعذيب لم يعد ممارسة تجيزها الدولة رسميا، تحدث عن «استخدام قوات الأمن المغربية طائفة من أساليب التعذيب لانتزاع الاعترافات بارتكاب جرائم، ولإسكات الناشطين، والقضاء على المعارضة». وخلص التقرير إلى أن الشرطة وقوات الأمن عادة ما قامت خلال هذه الفترة على نحو روتيني باستخدام الضرب، والخنق، والأوضاع الجسدية المرهقة، ومحاكاة الغرق والعنف السيكولوجي والجنسي. علاوة على ذلك، أشار التقرير إلى أن عدم التحقيق مع الأشخاص المتهمين بالتعذيب وتقديمهم للمحاكمة يساهم في خلق «أجواء الإفلات من العقاب».
وجاء في التقرير، الذي استند على تقرير فريق العمل التابع للأمم المتحدة، والمعني بالاحتجاز التعسفي الذي قام بزيارة السجون في سلا، وطنجة، وتطوان، والدار البيضاء والعيون، أنه «في القضايا المتعلقة بأمن الدولة، مثل القضايا التي تنطوي على الإرهاب والانتماء إلى حركات إسلامية أو الانفصاليين، وجد فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي أن هناك نمطا للتعذيب وإساءة المعاملة أثناء الاعتقال والاحتجاز بواسطة الشرطة، خاصة عملاء مديرية مراقبة التراب الوطني». وافادت المصادر أن كل ما ورد بهذا الخصوص، مجرد مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة، حيث اعتمد التقرير على محتوى خلاصات المقرر الأممي المعني بالاحتجاز التعسفي، وهو انحياز تام لما ورد في التقرير دون التأكد من صحته، لأنه يتضمن معطيات مجانبة للحقيقة، واعتمد على ما تروجه جهات معادية للمغرب، وتجاهل أصحاب التقرير أن أماكن الاعتقال والحراسة النظرية تخضع لمراقبة النيابة العامة المختصة، كما أن هذه الأماكن معروفة ومعلن عنها، وتخضع للمراقبة وزيارة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي ينجز تقارير حولها ويتتبع وضعية جميع المعتقلين.
أما بخصوص اتهام المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بأنها مصدر التعذيب والاحتجاز، فإن وزارة الخارجية الأمريكية اختارت الصمت عن الدور الكبير الذي يلعبه المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية، حيث تضمن التقرير أحكام قيمة، فضلا عن إعادة ترويج أطروحات معادية لمصالح المغرب، من خلال الحديث عن ضحايا للتعذيب مزعومين. كما أن هذا التقرير اعتبر بشكل تعسفي أن المديرية العامة للأمن الوطني هي المصدر الرئيسي لسوء المعاملة، وتجاهل ذكر المكتب المركزي للأبحاث القضائية باعتباره الهيأة المتخصصة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، تحت إشراف القضاء، مع عدم الإشارة إلى الجهود المبذولة من طرف المغرب في تحسين الحكامة الأمنية، والتي حظيت بإشادة من قبل المجتمع الدولي، خاصة المجهودات المرتبطة بمحاربة الإرهاب، حيث جرى تفكيك خلايا إرهابية خطيرة، ويتم اعتقال المشتبه فيهم تحت إشراف النيابة العامة وتقديمهم إلى القضاء في احترام تام لحقوق الإنسان والقوانين المعمول بها.
ورغم أن التقرير أشار إلى أنه في حالة الاتهام بالتعذيب، يلزم القانون القضاة بإحالة المحتجز إلى خبير طب شرعي إذا طلب ذلك المحتجز أو محاموه، أو إذا لاحظ القضاة علامات مثيرة للريبة على جسد المحتجز، فقد سجل، استنادا إلى البيانات التي وفرتها الحكومة، أنه كانت هناك 13 حالة مزعومة من حالات التعذيب بواسطة الشرطة، والتي قدمت إلى القضاء. وأشار التقرير إلى حالة وحيدة، أصدر بخصوصها وزير العدل مصطفى الرميد أوامر للشرطة القضائية في الدار البيضاء بإجراء تحقيق في اتهامات بالتعذيب قدمها رجل مسجون في سجن عين قادوس في فاس، اعتقلته السلطات بتهمة الاتجار بالمخدرات، فقد اتهم شرطة فاس بتزوير المستندات المتعلقة باعتقاله واستجوابه وبتعذيبه أثناء استجوابه، وذكر أن السلطات احتجزته ويداه مقيدتان خلف ظهره طيلة فترة التحقيق، وأن الشرطة عرضته للعنف الجسدي ما أدى إلى فقدانه للوعي. مضيفا أنه لم يدلِ بالتصريحات الواردة في مستندات الاتهام وأنه وقع عليها تحت التهديد بالتعذيب.
وحسب ما توصلت إليه «الأخبار»، فإن الأمر يتعلق بشاب يسمى عماد الريفي الملقب بـ«حريرة»، يبلغ من العمر 35 سنة، قدم شكاية ضد رجال أمن بفاس، اتهمهم من خلالها بأنهم عمدوا إلى إدخال عصا في مؤخرته، وذلك بعد اعتقاله من طرف دورية تابعة للمنطقة الأمنية الرابعة، وقضى ليلة داخل مخفر الشرطة رهن الحراسة النظرية بتهمة «السكر العلني» وليس «الاتجار في المخدرات» كما ورد في التقرير الأمريكي، وكان ذلك ليلة 7/8 نونبر 2015، وفي اليوم الموالي تقدم بشكاية إلى النيابة العامة يتهم فيها عناصر الشرطة بتعذيبه عن طريق إدخال العصا في مؤخرته. وكإجراء وقائي تم اعتقال أفراد الشرطة المتهمين ووضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي، قبل أن يتراجع الشخص الذي اتهمهم عن شكايته، والتي اعتبرها مجرد شكاية كيدية بهدف الانتقام من رجال الشرطة، فقرر قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية بفاس، إخلاء سبيل الأمنيين الثلاثة بعد أن نفوا المنسوب إليهم، مكتفيا بمتابعتهم في حالة سراح.

وضعية السجون
وتناول التقرير الأمريكي وضعية السجون، بحديثه عن وضع سجناء قاصرين مع البالغين، رغم أن القانون ينص على فصل السجناء القاصرين. وجاء في التقرير أن الحكومة ذكرت أنه في الحالات التي يقضي فيها قاضي محكمة الأحداث بأن اعتقال القاصر يعُتبر ضروريا، فإنه يتم حجز القاصرين دون سن الـ 14 بشكل منفصل عن القاصرين بين سن 15 و18. لكن التقرير، واستنادا دائما على تقارير صادرة عن جمعيات حقوقية، قدم معطيات مفادها أن بعض السجناء الأحداث والسجناء الأكبر سنا وحراس السجن كانوا يقومون بالاعتداء على الجانحين من صغار السن، بما في ذلك جنسيا. وسجل التقرير وجود اكتظاظ داخل السجون وسوء التغذية، وعدم تقديم الرعاية الصحية للسجناء، وأن 119 نزيلا توفوا في السجن خلال العام، كان 14 منهم قد توفوا في طريقهم إلى المستشفى بينما توفي 82 داخل المستشفى.
وفي ردها، اعتبرت المندوبية العامة للسجون أن التقرير يدين ظاهرة الاكتظاظ التي تعرفها سجون المملكة، بيد أنه لا يقدم حججا وأدلة كافية حول حقيقة هذه الظاهرة، إذ إنها لا تهم سوى عدد محدود من السجون. وأوضحت المندوبية العامة أنها قامت بإعداد برنامج خاص يهدف إلى تجديد وتوسيع حظيرة السجون، وذلك بإغلاق السجون القديمة واستبدالها بمؤسسات سجنية جديدة، حيث أصبحت السجون الجديدة تستقبل النزلاء في حدود الأسرّة المتوفرة بها، ولا يمكن في هذه الحالة الحديث عن معايير دولية ومحلية لإيواء السجناء، لأن لكل بلد معاييره الخاصة في ما يخص إيواء السجناء. وبتحديدها لعدد الأسرّة التي توفرها بكل مؤسسة سجنية جديدة، فإن المندوبية العامة تكون استجابت لحاجياتها الخاصة في ما يتعلق بمعالجة مشكل الاكتظاظ وبالاعتماد على معاييرها الخاصة.
أما بخصوص ادعاءات الاعتداء الجنسي المرتكبة من طرف موظفي السجون، على عكس ما ورد في التقرير بشأن الاعتداءات الجنسية المرتكبة في حق السجناء الأحداث، لم يتم لحد الآن تسجيل أية حالة من هذا النوع. وبخصوص فصل السجناء الأحداث عن البالغين، أشارت المندوبية إلى أن التقرير يتضمن العديد من المغالطات المتعلقة بظروف اعتقال الأحداث، إذ هناك فصل تام بين ثلاث فئات: السجناء البالغين أكثر من 20 سنة، السجناء الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و20 سنة والسجناء الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة. وتحرص المندوبية العامة على حماية السجناء الأحداث وضمان حقوقهم، من خلال فصلهم عن السجناء البالغين وإعطاء الأولوية لهذه الفئة في برامج إعادة الإدماج، والإبقاء عليهم قرب ذويهم بالنظر إلى سنهم واحتياجاتهم الخاصة.
وعكس ما جاء في التقرير بخصوص التغذية، فقد عرفت تغذية النزلاء تحسنا ملحوظا، حيث عهدت المندوبية العامة إلى شركات خاصة بتقديم هذه الخدمة داخل السجون، وبالتالي أصبح السجناء يستفيدون من قائمة متنوعة من الأغذية، تتوفر على السعرات الحرارية الضرورية. وأصبحت التغذية الجماعية للمعتقلين تشمل في الوقت الحالي جميع سجون المملكة.
وبشأن الرعاية الصحية، أكدت المندوبية أنه بغية تحسين ظروف الرعاية الصحية للنزلاء، تعمل المندوبية العامة سنويا وبشكل مستمر على تعيين أطر طبية وشبه طبية، من أجل الرفع من مستوى التأطير الطبي. أما بالنسبة للوفيات داخل السجون، فسجلت المندوبية وجود 150 حالة وفاة: أي حالتا وفاة من أصل 1000 سجين، في حين هناك 5.6 حالات من أصل 1000 نسمة؛
82 في المائة من حالات الوفيات حصلت داخل المستشفيات (خارج السجن).
وذكرت المندوبية العامة بأنها لا تتوانى في إخبار النيابة العامة بكل حالات الوفاة المسجلة، فيتم إثر ذلك إخضاع جثمان الهالك للتشريح الطبي.

حالة معتقلي أحداث «اكديم إيزيك»
ركز تقرير الخارجية الأمريكية بالخصوص على معتقلي أحداث «اكديم إيزيك»، والذين اعتبرهم التقرير «سجناء سياسيين» تمت إدانتهم بعد تفكيك المخيم سنة 2010. واستند التقرير على التقرير الذي أصدره عام2014 الفريق العامل المعني بالتعذيب والتابع للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن أعضاء الفريق التقوا22 من هؤلاء السجناء في سجن “سلا 1”. وفي الحقيقة فإن عدد المعتقلين هو 21 وليس 22، وتلقى الفريق، حسب التقرير شهادات عن التعذيب وسوء المعاملة ولاحظ تدهور الحالة الصحية لبعض السجناء نتيجة لأوضاع السجن.
لكن في حقيقة الأمر، فهؤلاء اعتقلوا على خلفية أحداث «اكديم إيزيك»، وهم معتقلون من أجل تهم متعلقة بتكوين عصابة إجرامية، والعنف في حق رجال القوة العمومية أثناء مزاولتهم لمهامهم، المفضي إلى الموت بنية إحداثه والمشاركة في ذلك، ما أسفر عن مقتل 11 عنصرا من أفراد الدرك والقوات المساعدة والوقاية المدنية، ويتم التعامل مع هؤلاء السجناء وفقا للقانون المنظم للسجون دون أي تمييز أو معاملة تفضيلية، ويحظى السجناء المعتقلون بتهم التطرف أو الإرهاب بالمعاملة نفسها وفقا للقانون المنظم للسجون. وذكرت المندوبية العامة للسجون أن سجناء هاتين الفئتين لم يطلهم أي سوء معاملة على الإطلاق، وأن ادعاءهم بكونهم «سجناء سياسيين» هو وسيلة من الوسائل المختلفة التي يلجؤون إليها للضغط على إدارة السجون للحصول على امتيازات على حساب فئات أخرى من السجناء، وتستخدم هذه الفئة شتى الوسائل لإثارة الانتباه، بما في ذلك الإضراب عن الطعام، وتقديم شكايات كيدية، إما مباشرة أو من خلال وسائل الإعلام، أو حتى عن طريق بعض المنظمات والجمعيات الوطنية والدولية. وتكفل المندوبية العامة لجميع السجناء الحق في تقديم شكاواهم إما شفويا أو كتابيا لمدير المؤسسة أو المندوب العام أو السلطات القضائية أو اللجنة الإقليمية للمراقبة، وذلك وفقا للقوانين الجاري بها العمل، وتفتح المندوبية العامة المجال للتواصل مع مختلف الهيئات العمومية والخاصة، من قبيل النواب البرلمانيين، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة وسيط المملكة ومختلف القطاعات الوزارية والمنظمات غير الحكومية.

حالات مزعومة
بخصوص ما ورد في انتهاك حرية الصحافة، قدم تقرير الخارجية الأمريكية بعض الحالات، حيث جاء أنه «يوم 29 يونيو، أدانت محكمة بالدار البيضاء حميد المهداوي، رئيس تحرير الموقع الإلكتروني الإخباري «بديل»، بعقوبة أربعة أشهر حبسا مع وقف التنفيذ، بتهمة القذف في حق المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي»، إلا أن التقرير لم يتحر بتاتا عن صحة الوقائع التي نقلها، مبرهنا بذلك عن الإهمال بل وربما سوء نية محرريه، ذلك أن الحموشي لم يكن، في الفترة التي تعود لها هذه المزاعم ضده، مكلفا بالإشراف على المديرية العامة للأمن الوطني، حيث كانت المديرية العامة للأمن الوطني، التي كان بوشعيب ارميل يشغل منصب مديرها العام آنذاك، قد أودعت شكاية يوم 5 يونيو 2014 ضد المهداوي من أجل «الإهانة من خلال التصريح بجريمة كان على علم بعدم وجودها»، و«إهانة هيئة منظمة والتبليغ الكاذب». وأورد التقرير حالة أخرى، حيث جاء فيه أن السلطات اعتقلت في 23 مارس 2015 صحافي الأنترنت عادل قرموطي بتهم تتعلق بـ«التشهير العلني، وإهانة موظفين أثناء أدائهم لعملهم، والقذف بحق مؤسسة نظامية»، هذه التهمة تشير إلى المديرية العامة للأمن الوطني بعد أن قام القرموطي بانتقاد المديرية ورئيسها آنذاك بوشعيب ارميل، بسبب تسجيل فيديو تم تسريبه ويبدو أنه يبين عناصر من قوات الأمن تطالب برشاو من سواح أجانب ومواطنين مغاربة، لكن في الحقيقة فإن اعتقال القرموطي، وهو عنصر سابق في صفوف القوات المساعدة، جاء بأمر من النيابة العامة بالقطب الجنحي بالدار البيضاء من أجل فتح تحقيق قضائي معه بسبب نشره لمقال في موقع «هبة بريس»، تضمن مقاطع اعتبرت المديرية العامة للأمن الوطني أنها تنطوي على تشهير في حق موظفي الأمن الوطني، لما ورد فيها من تعميم لشبهة الفساد وإسقاط للعديد من التهم على جميع الموظفين، وتمت متابعته في حالة سراح بتهمة إهانة هيئة منظمة وفقا للقانون الجنائي المغربي، وقضت المحكمة في حقه بأربعة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 10 ملايين سنتيم تعويضا لبوشعيب ارميل، المدير العام السابق للأمن الوطني، وغرامة قدرها 10 آلاف درهم تعويضا عن الملف.
وتناول التقرير حالة كل من هشام مرآة وهشام المنصوري والمعطي منجب الذين خضعوا للتحقيق بشأن عدد من التهم المحتملة، والتي تشمل «تلقي تمويل أجنبي بدون إشعار الأمانة العامة للحكومة» و«تهديد الأمن الداخلي للدولة»، كما تم اعتقال المنصوري متلبسا بالخيانة الزوجية مع امرأة متزوجة داخل شقة كان يكتريها بحي أكدال بالرباط، وذلك بناء على شكاية في الموضوع. وتناول التقرير حالة المدير السابق لمنظمة «الأصوات العالمية»، هشام المرآة، ومجموعة من زملائه، الذين كانوا رهن التحقيق بخصوص تهمة «تلقي تمويل أجنبي لم يتم الإبلاغ عنه».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى