شوف تشوف

الرأي

شرفتي المطلة على الصبر

فقدت نعمة الأصدقاء الحقيقيين ضمن ما وقع من سلتي حين تعثرت بك..!
الأصدقاء الذين يسايرون خطوتي على أي حالٍ أكون عليه.. الذين يبطئون عندما يجهدني الطريق الذي أسلكه نحوك.. والذين يسبقونني عمدا كي يخفون عن عيون الناس رقعة في ثوبي..
الأصدقاء الذين يتكفلون بتنظيف جراحي دون إحداث ضجة.. ويكنسون عن ذاكرتي الخيبات التي يخلفها الأشخاص أمثالك بنعومة لا تثير فزعي..
الأصدقاء الذين يطلبون الحياة أن تكون رحيمة بي.. فتقتلهم الشقوق التي يرونها في وجهي.. تطحنهم تقطيبتي.. وترديهم دموعي حين تنهمر..
أصدقائي الطيبين الذين لطالما رفعوا عني كسفا من السماء كادت أن تجعلني اسما عابرا.. الذين يفهمون حاجتي للأشياء دون التطرق إلى فج الكلام.. أصدقائي الذين يعرفون ثقل الكلام فيعفونني منه.. يكشفون الستار عن قلبي بأدب بالغ.. ثم ينتظرون استطاعتي متى ما جاءت.. مرحبين بكل ما فيها من صقيع ولهب.. لا يهمهم أي جزء منهم سيعطب.. أي جزء سيحترق..!
أصدقائي الذين يدفعون مركبي بعيدا عن الشاطئ كلما تجرأ علي الخوف.. يجدفون بحماستي حتى منتصف البحر.. ويتركونني قريبة من الشمس.. مطمئنين وواثقين بأني بحجم الأمل الذي تركوني على مشارفه.. فقدت لأجلك الأصدقاء الذين تفزعهم الزوابع حين تمر بي.. فيثبتون مثل وتدٍ عميق.. ويميلون علي ككفٍّ واحدة كي لا تطير من قلبي ورقة.. فقدت لأجلك أيها العابث ظلالي.. شرفتي المطلة على الصبر..
ومصافحتي الحارة للحياة .. لهذا.. كان من الجيد أن أتخلّص منك.. رغم هذا الألم الذي خلّفه قراري.. نعم أنا قاسية للحد الذي أجعلك تتحول من رجل يدهشني وأحبه إلى لوحة خشبية لا حياة فيها..
امرأة مثلي تداري كبرياءها منذ الأزل.. لا ينبغي لها أن تحتفظ برجلٍ يستولي على فكرها ومشاعرها بهذه الضراوة.. امرأةً مثلي خُلقت لتقرأ عن الحب وتكتب عنه.. لا أن تحياه.. أن أعيش قصة هُيام ذلك يعني أن أسكن الآخر.. أن يستعمر ذهني وينهب راحتي وسكينةَ ليلي.. أن أعشق ذلك يعني أن أنساني وأتذكرك..
وهذا ما لا أقبله.. ما لا أقبله على الإطلاق..!
امرأة تقرأ لا تشعر بالوحدة بالطريقة التي تستشعرها الأخريات.. قد تتعثّر لكنها لا تسقط أبدا.. امرأة قادرة على الانعزال بعوالم أخرى.. إذ تقابل شخوصاً لا حصر لهم في كتاب.. تحتسي معهم نشوة الفكرة.. فيبكون ويضحكون معا.. لن تكثرت لرجل مثلك يا صغيري.. أو لعشرة من بني جنسك..
لذلك حين تحب تجنّب المرأة القارئة/الكاتبة.. سيكون حجم ذكائها شاهقا إلى الحد الذي يستحيل معه التنبؤ بردود أفعالها..
يسهل عليها تقمّص أدوار أبطالها.. والتنقّل بين روابي الأمزجة المختلفة بحيث يصعب عليك مجاراتها واللحاق بها.. لأنك يوم تخذلها سترديك قتيلا لغيابها.. وستتعثر بعدها بنساءٍ عابراتٍ يفضحنك أمام قلبك بحقيقة أنك خاسر ووحيد بشكل مثيرٍ للشفقة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى