الرئيسية

عزيمان في حوار حصري لـلأخبار : «المدرسة المغربية وصلت إلى وضعية خطيرة  وصار إصلاحها وتجديدها أولوية وطنية»

حاوره: المصطفى مورادي  

  • ما سبب التأخر في نشر الرؤية الاستراتيجية للعموم بالرغم من مرور حوالي شهرين على تقديمها لجلالة الملك؟ ثم ما حقيقة الأخبار التي تؤكد أن الرؤية لم تنضج بعد في بعض القضايا الخلافية بين أعضاء المجلس على الرغم من تقديمها الرسمي؟
    على عكس ما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام، يمكن التأكيد على أن الأمر لا يتعلق البتة بعدم نضج الرؤية الاستراتيجية للمجلس في ما سميتموه بعض القضايا الخلافية بين أعضاء المجلس؛ إذ أن هذه الرؤية الاستراتيجية هي حصيلة عمل كل عضو من أعضاء المجلس وجميع هيئاته، كما تمت بلورتها من خلال سيرورة تشاركية عبر جميع محطات الإعداد التي تُوّجت بمصادقة الجمعية العامة عليها يوم 16 ماي 2015.
    وتجري حاليا عملية تعميم النص الورقي لهذه الرؤية الاستراتيجية في صيغتيها العربية والفرنسية، على القطاعات والمؤسسات الحكومية والفاعلين في التربية والتكوين، والبرلمان، وهيئات الحكامة، ووسائل الإعلام…
    كما تم نشرها على الموقع الإلكتروني للمجلس ابتداء من يوم الثلاثاء 21 يوليوز 2015، وذلك قصد تمكين عموم المواطنات والمواطنين من الاطلاع عليها.
  • طالبتم في الكلمة التي ألقيتموها في حضرة الملك محمد السادس بسن قوانين تلزم الجميع بما جاء في الرؤية؟ ألا يعني هذا تخوفا من تعرض الرؤية لتشويه أو على الأقل تجاهل من طرف السلطات الحكومية المتدخلة في قطاع التربية والتكوين والبحث العلمي.
    بعيدا عن أي تخوف، يمكن القول بأن تضمين المجلس رؤيته الاستراتيجية للإصلاح مستلزما وازنا يروم بلورة مضمونها في قانون – إطار، يصادق عليه البرلمان، أملته الحاجة إلى حشد تعبئة الجميع حول الإصلاح، وتوفير ضمانة يتقاسمها الجميع لإنجاحها في المدى الزمني المخصص لها بصرف النظر عن إكراهات ومتغيرات الزمن السياسي، ومن ثم جعل هذا الإجراء دعامة لتيسير تنفيذ توصية المجلس الرامية إلى إعلان 2015-2030 مدى زمنيا للتعبئة الوطنية من أجل إصلاح وتجديد المدرسة المغربية، وإيلائها عناية قصوى كأولوية وطنية، من قبل الدولة والجماعات الترابية، ومؤسسات التربية والتكوين والبحث، والمنظمات النقابية، والقطاع الخاص والأسر والمجتمع المدني، والتلاميذ والطلبة، والمثقفين، والفعاليات الفنية، ووسائل الإعلام.
    لذلك، نريد لهذا القانون الإطار أن يجسد قمة التعاقد الوطني الذي يتقاسمه الجميع، ويلتزمون بتفعيله وتتبعه اليقظ، محفزين بالاجتهاد الجماعي الذي أبان عنه أعضاء المجلس، وشركاؤنا خلال فترة الاستشارة الموسعة التي أجراها المجلس تحضيرا لهذه الرؤية.
    في نفس الاتجاه، هناك تعاون بناء مع القطاعات الحكومية المعنية بإصلاح المدرسة المغربية، قائم على التجاوب المتبادل والمتواصل، وإرادة متقاسمة على إنجاحه، وهو ذات النَّفَس الذي سيطبع، من دون شك، علاقة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي مع الحكومات القادمة، من أجل دعم الإصلاح، وحسن تطبيقه، وعدم تفويت هذه الفرصة التاريخية لإنجازه بفعالية، خصوصا مع التقاء إرادة الأمة المغربية على تجديد مدرستها، وتحسين جودتها ومردوديتها الداخلية والخارجية.
  • تعليقات كثيرة واكبت جلسات الجمعية العامة للمجلس شككت في جدوى النقاشات التي تجري فيها، وأكدت وجود حلول مسبقة بغض النظر عما انتهت إليه، هل تنفون ذلك؟ وكيف استطعتم تدبير الخلافات الحادة التي كانت حول قضايا معينة؟
    لا بد من التذكير بأن المجلس دأب منذ تنصيبه على الاشتغال بشفافية تامة، واضعا نصب عينيه التحلي بالموضوعية وإضفاء المصداقية والفعالية على نتائج أعماله التقييمية والاستشارية والاقتراحية.
    فالرؤية الاستراتيجية للإصلاح، كما ذكرنا سابقا، جاءت ثمرة عمل جماعي مكثف، منطلقُه الأساس نتائج مناقشات وأشغال اللجان الدائمة للمجلس، وخلاصات الاستشارات الموسعة التي قام بها المجلس، ولاسيما الحوار الجهوي من أجل تأهيل منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي الذي انعقدت لقاءاته خلال شهر اكتوبر 2014. كما أنها ثمرة تشخيص موضوعي لحالة منظومتنا التربوية انتهى إلى إصدار التقرير التحليلي الذي انصب على «تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين 2000-2013».
    وقد كان إخضاع مشروع الرؤية الاستراتيجية للتداول سواء داخل اللجان الدائمة، أو على مستوى مكتب المجلس، أو من قبل الجمعية العامة، عاملا إيجابيا في تعميق النقاش حول فصولها ورافعات التغيير ومستلزمات التجديد التي تتضمنها، مما أفضى إلى بلورة مضمون منسجم ومتكامل لهذه الرؤية.
    هذا النقاش داخل مكتب المجلس وجمعيته العامة كان شفافا وموضوعيا ومثمرا، وازعه الأساس غيرة الجميع على المدرسة المغربية، ووعيهم بخطورة الوضعية الحالية، والتقاؤهم حول هدف إصلاحها وتجديدها المستمر.
    طبيعي أن تتخلل مداولات هيئات المجلس بعض أوجه الاختلاف، وحدة النقاش النزيه في إطار الاحترام المتبادل والاجتهاد الجماعي؛ فالمجلس بوصفه مؤسسة دستورية مستقلة تعددية، مهمتها إبداء الرأي في جميع السياسات العمومية والاختيارات الوطنية المتعلقة بالتربية والتكوين والبحث العلمي، هو بالدرجة الأولى فضاء للنقاش الحر وتعدد الرأي والذكاء الجماعي، ومن ثم حرصه على إعمال فضائل الحوار والنقاش والممارسة الديمقراطية.
    إن كل ممارسة ديمقراطية لا بد أن تفضي إلى اتخاذ القرارات المرغوبة؛ وفق هذا المنطق انتهت الجمعية العامة، إثر مداولاتها المعمقة، إلى اعتماد الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، والتعبير عن استعداد أعضائها إلى التعبئة حولها في مختلف المواقع التي ينتمون إليها، وفي مختلف الفضاءات.
    وجدير بالتأكيد أن طريقة إدارة المناقشات هي بمثابة نتيجة للاختيارات التنظيمية، وكذا لمنهجية سير المجلس التي دأبنا عليها منذ البداية بوصفها قناعة راسخة لدينا، وهو ما أفضى إلى النتائج الإيجابية التي وصلنا إليها في سيرورة اشتغالنا.
    برمج المجلس سلسلة ندوات في بداية السنة الدراسية المقبلة لتعميق النقاش حول قضايا جوهرية في قطاع التعليم، من قبيل الحكامة وربط التعليم بسوق الشغل وتكوين الأطر، كيف تخططون لجعل القطاعات المعنية تتجاوب مع نتائج هذه الندوات؟
    فعلا، وضع المجلس برنامجا مكثفا من أجل التواصل والتعبئة المتواصلة حول الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، سينطلق تطبيقه ابتداء من شتنبر المقبل، على أن يظل متواصلا ومفتوحا ومواكبا لتطبيق الرؤية.
    سيأخذ هذا البرنامج التواصلي صيغا متعددة لكنها متكاملة في مقدمتها: نشر الرؤية الاستراتيجية على نطاق واسع؛ لقاءات ميدانية مع الفاعلين وشركاء المدرسة؛ ورشات عمل؛ حوارات إعلامية؛ تنكب تارة على تقديم وتفسير مضمون الرؤية، وتارة موضوعاتية تركز على جانب أو جوانب محددة منها.
    والمجلس حريص كل الحرص على أن ينخرط أعضاؤه كافة في برنامج التواصل والتعبئة هذا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى