الرأيشوف تشوف

عندما يغيب العدل 1/2

يحب وزير العدل وما تبقى من حريات أن يحمد بما لم يفعل، فقد أوحى إلى كتبته أن يروجوا عنه أنه قام بثورة غير مسبوقة عندما نجح في تفكيك وزارة العدل عن آخرها، إلى درجة أن وزير العدل لم يعد مسؤولا سوى عن بناء وترميم المحاكم وصرف رواتب وتعويضات القضاة وموظفي الوزارة.

مقالات ذات صلة

وهكذا بعدما كان الجميع ينتظر من الوزير الوفاء بوعده وإصلاح منظومة العدالة، نجح سعادته في إصلاح المنظومة الغذائية بإدخاله لتغييرات جوهرية على لائحة الطعام الخاصة بديوانه ومساعديه وضيوفه.

والظاهر أن وزير العدل، بفقدانه لسلطة رئاسة النيابة العامة، لم يعد لديه دور حقيقي في الوزارة، اللهم ترميم جدران المحاكم والنظر في تصاميم البنايات الجديدة، وهو عمل يستطيع أن يقوم به أي “طاشرون”.

ومؤخرا انتفخ واهتز وزير العدل طربا وهو يزف إلى المغاربة خبرا اعتقده مفرحا عندما قال إنه لأول مرة يرسب أبناء قضاة كبار في امتحانات وزارة العدل.

وفات سعادته أن يخبر المغاربة عما فعله لتنفيذ وعده الذي قطعه على نفسه بافتحاص ممتلكات القضاة، خصوصا بعض الذين كانوا فقراء فظهرت عليهم فجأة آثار النعمة وأصبحوا ينظمون لأبنائهم وبناتهم أعراسا تشبه أعراس ألف ليلة وليلة، منافسين في ذلك عراسيات مليارديرات المغرب.

ومن يسمع خبر رسوب أبناء قضاة كبار في مباريات وزارة العدل يعتقد أن معالي وزير العدل وما تبقى على عهده من حريات حريص على المساواة بين أبناء المغاربة، رغم أن معاليه أعطى مؤخرا إشارة في الاتجاه المعاكس تماما لهذا الاعتقاد.

فبعد وصفه لقضاة النادي بعمال النظافة ووصفه احتجاجهم باحتجاج «العروبية»، ثم تشبيههم ببني إسرائيل ووصفهم بشعب الله المختار، لم يبق لمعاليه سوى عموم القضاة والموظفين والمنخرطين المستفيدين من الأعمال الاجتماعية لوزارة العدل، حيث اتخذ الوزير قرارا ارتجاليا وغير مدروس يقضي بحل أحد أعرق الأندية الرياضية المغربية المتخصصة في رياضة السباحة والمنضوية تحت لواء الجامعة الملكية المغربية للسباحة، حيث أصدر تعليماته لمدير المؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية لقضاة وموظفي العدل بمنع تداريب فريق العدل للسباحة داخل المسبح المغطى بالنادي الرياضي للعدل بالرباط، فتسبب بقراره المتهور في طرد ما يفوق 100 طفل من أبناء المنخرطين بنادي العدل للسباحة.

والسبب الرئيسي وراء هذا القرار هو الموقف المحرج الذي تعرض له سيادة الوزير من طرف مجموعة من الأطفال المنتمين لنادي العدل للسباحة، عندما قاموا بوقفة رمزية رفقة آبائهم أمام قاعة الندوات بحي الرياض عندما كان الوزير يحضر ندوة مع المحامين، حيث استفسره الآباء عن سبب منع التداريب بالفريق، فادعى عدم علمه بالموضوع، ليتم إخبارهم بعد يومين بقرار المنع الكلي للفريق، مما اضطرهم لنقل تسجيل أبنائهم إلى نواد مختلفة بمدينة الرباط حتى يتسنى لهم التدريب والمشاركة في المنافسات الرياضية المنظمة من طرف الجامعة الملكية المغربية للسباحة.

وفريق نادي العدل للسباحة ليس فريقا عاديا بل فريق ومنذ تأسيسه في بداية التسعينات، شارك في معظم التظاهرات الرياضية الوطنية والإفريقية والعربية والدولية، حيث فاز ببطولة كأس العرش وبالبطولة الوطنية وبطولة المغرب المفتوحة والبطولة الشتوية عدة مرات في مختلف الفئات، كما فاز بكأس الاستحقاق الذي تمنحه الجامعة الملكية المغربية للسباحة عند نهاية كل موسم رياضي لأحسن فريق على الساحة الوطنية.

وإذا كان وزير العدل قد حطم الرقم القياسي العالمي في رياضة التهديد بتقديم الاستقالة، فإن النادي حطم أرقاما قياسية حقيقية، فقد حصل النادي على ثلثي الأرقام القياسية الوطنية، أي 62 رقما قياسيا حسب التقرير الرياضي التقني للجامعة.

ومنذ تقلد الوزير للمسؤولية على رأس الوزارة وبصفته رئيسا لمجلس التوجيه والمراقبة، قام بحرمان النادي من الإعانة السنوية التي كانت تقدمها المؤسسة للجمعيات التابعة لها، والتي كانت تغطي مصاريف المدربين ونقل السباحين وإقامتهم خلال المنافسات الرياضية.

ويبقى الرابح الأكبر من هذه العملية هم بعض المستخدمين بالمسبح المغطى والذين قاموا بتحريض المدير الجديد على الفريق، ليخلو لهم المجال للقيام بدروس خصوصية مؤدى عنها لبعض المحظوظين من المنخرطين وغير المنخرطين بنادي العدل بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى