الرأي

عن السخرية السياسية

اختفى أحد أبرز نجوم السخرية السياسية في العالم. إذ يوم الخميس الماضي قدم جون ستيوارت أشهر المعلقين الساخرين في الولايات المتحدة آخر حلقات برنامجه «ذا ديلي شو» الذي ظل يباشره يوميا منذ ستة عشر عاما، وقرر الاعتزال أخيرا، بعدما ذاعت شهرته في أنحاء العالم حتى أصبح من بين العوامل المؤثرة على الرأي العام وعلى المناخ السياسي الأمريكي. ذلك أنه طول الوقت جمع بين المتابعة الإخبارية الجادة ونقد السياسة والسخرية اللاذعة التي لم ترحم أحدا من السياسيين أو من الشخصيات العامة، وكان الرئيس السابق جورج بوش الابن ونائبه ديك تشيني والمرشح السابق للرئاسة دونالد ترامب ضمن الذين نالوا نصيبا وافرا من نقده وسخريته، وقد استخدم في ذلك مواهبه المتعددة كممثل وكاتب ومنتج يتمتع بحضور قوي وجرأة بالغة وخفة ظل نادره.

العرض الصاخب الذي قدمه يوم الخميس تابعه مئات الملايين في داخل الولايات المتحدة وخارجها. وثمة اتفاق بين الدارسين على أن نسبة مشاهديه من الشباب أعلى من غيرهم. وحسب استطلاع أجراه مركز «بيو» في واشنطن فإن نصف الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة قالوا في استطلاع إنهم يتابعون الأخبار يوميا من خلال برنامجه. وذكرت مجلة «رولنج ستون» أن شعبيته خارج الولايات المتحدة أكبر منها في داخلها. وبسبب اهتمام الشباب ببرنامجه فإن السياسيين حرصوا على متابعته لذات الغرض، أعني لمحاولة كسب تلك المجموعات. حتى الرئيس باراك أوباما، بعد ست سنوات في البيت الأبيض وافق أخيرا على الظهور في البرنامج. ورغم أن الرجل وجه إليه أسئلة فكاهية أغرقته في الضحك، إلا أنها كانت في الصميم ولمست أبرز اهتمامات المواطن الأمريكي.

في تقرير نشرته جريدة الشرق الأوسط يوم الجمعة 7 غشت أسهب مراسلها بواشنطن في وصف آخر ليالي جون ستيوارت على شاشة قناة «كوميدي». ومما قاله عن أكثر حلقات برنامجه صخبا أن الرئيس أوباما لم يظهر في البرنامج كي يودعه، ولكن وزير خارجيته جون كيري كان هناك، وكذلك هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة والمرشحة للانتخابات الرئاسية القادمة. وبين الحاضرين ظهر السناتور جون ماكين ومذيع التليفزيون بيلي أورايلي.

وسط تصفيق وضحكات الجمهور ظهر ستيوارت وبدا قائلا: ماذا يجري؟ ــ هل هناك شيء غريب الليلة؟.. إلا أن التصفيق اشتد وبين حين وآخر كان الحضور يهتفون «لا تذهب» ــ لا تترك البرنامج. ولحسن حظه فإنه في وقت بث الحلقة عقد قادة الحزب الجمهوري المرشحون لرئاسة الجمهورية أولى مناظراتهم. ومن كليفلاند (ولاية أوهايو) حيث انعقدت المناظرة نقل مراسل البرنامج الخبر في خلطة من جد وفكاهة. ولأن عدد المرشحين كان كبيرا فقد تندر عليهم ستيوارت وذكر أنهم أكبر من عدد المراسلين. وبعد تغطية المؤتمر عدد ستيوارت بعض مراسلي البرنامج خارج الولايات المتحدة، وأشار إلى اسم الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف الذي سأله عن الذين تربصوا به حتى اوقعوا به، لكن ستيوارت قال ان اعتزاله وإنهاء برنامجه كان قراره هو، في إشارة إلى أنه لم يتوقف بضغط من أي جهة. وفي منتصف البرنامج ظهرت صور وفيديوهات عدد من السياسيين والشخصيات العامة الأمريكية، ووجه كل منهم كلمة قصيرة تخللتها لحظات من الضحك والمرح. ومما قالته هيلاري كلينتون: تترك برنامجك وأنا بدأت حملتي الانتخابية، يا لسوء الحظ، وظهر في هذه اللقطات جون كيري وزير الخارجية وعدد من أعضاء مجلس الشيوخ وبعض حكام الولايات والإعلاميين، لكن الصيحات والهتافات زادت حين ظهر أحد تلاميذ ستيوارت اسمه ستيفن كولبيرت، وهو مذيع يقدم برنامجا فكاهيا آخر، وخلال كلمات ثناء من تلميذ لأستاذه تدفقت عواطف الرجلين وسالت الدموع من عين ستيوارت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى