الرئيسيةثقافة وفن

في ذكرى مرور 55 سنة على صدور «دفاتر السينما»

ابراهيم الخطيب
كانت «دفاتر السينما» أول مجلة متخصصة في النقد تحت إدارة أندري بازان (1918- 1958)، متخصصة في النقد السينمائي، لكن محتوياتها، خاصة في السبعينات، عكست الحراك الثقافي الذي عرفته فرنسا بعد حركة ماي 68 الطلابية. إلى جانب ذلك، عكست المجلة في معالجتها السينمائية المباشرة ظهور البوادر الأولى للنقد الشكلاني والبنيوي والفرويدي، وكذا الإيديولوجي. وفي هذا الإطار، ندرج حوارا مع الناقد الفرنسي الراحل سيرج داني، بمناسبة انعقاد (اللقاء العربي للسينما) بمكناس في شهر أبريل سنة 1976، ونشر بصحيفة «المحرر» يوم 22 من الشهر نفسه.

  • إن التسييس التدريجي لمجلة «دفاتر السينما» قد حدث حسب عدد معين من المعالم في الواقع الفرنسي. هل تستطيع أن تعطينا موجزا تاريخيا لهذه العملية؟

أعتقد أن الحدث الحاسم، بالنسبة للحياة الثقافية الفرنسية منذ بضع سنوات، يبقى هو ماي 68. ففي مواجهة قوة الحركة الجماهيرية وتجذر التمرد الطلابي والعمالي، وجد المثقفون (وبينهم السينمائيون ونقاد السينما) أنفسهم مرغمين على إعادة تحديد أماكنهم (أفكارهم، والتزامهم، وعلاقاتهم بالسلطة الحاكمة وبالأحزاب.. إلخ). في هذا الإطار، وبعد ماي 68، كان الحزب الشيوعي الفرنسي يظهر كحزب متين، جاد ومنظم، بحيث بدا لكثير من المثقفين أنه إطار صالح للعمل. ولقد تقاسمت «الدفاتر» مع هؤلاء المثقفين، ولأجل محدود، هذا الوهم (ما بين 68 و70) لكننا أدركنا بسرعة أنه في ما يتعلق بالفن والثقافة، فإن مواقف الحزب الشيوعي الفرنسي لا تختلف – في محتواها – عن المواقف البورجوازية التقليدية.

  • هكذا بدأت قطيعتكم مع الخط السياسي للحزب الشيوعي؟

أريد أن أقوم بتنبيه: فنحن لم نقطع صلاتنا بالحزب الشيوعي الفرنسي فقط على أساس الخط السياسي (في 1971). ولكن، أيضا، على أساس الخيبة والرفض اللذين استشعرناهما نحو سياسة الحزب الثقافية. إن هذه السياسة كانت تقطع علاقتها مع اليسار التقليدي، خصوصا حول مسألة الفن والثقافة، وهكذا فإن مشاكل كان الحزب الشيوعي الفرنسي يسجلها منذ زمن طويل كـ(الثقافة والذاكرة الشعبية، والدعاية والفيلم المناضل.. إلخ) قد بدأ يعاد طرحها عمليا. اعتمادا على هذا التحليل تبنت المجلة في 1971 اتجاها (ماويا). ورغم بعض الدوغمائية وبعض الصلابة والتشدد، فإن هذا التوجيه كان من المفروض أن يقود «الدفاتر» (وجماعات أخرى) إلى طرح ضرورة تجميع جبهة ثقافية ثورية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالنضالات الاجتماعية. ولقد وجدت هذه الجبهة الثقافية عقبات شتى، وذلك نظرا لحالة الجزر التي كان عليها اليسار المتطرف كقوة سياسية. وإذ ذاك وجدت «الدفاتر» نفسها، كمجلة مرغمة (بعد 1974) على الابتعاد عن الملامح الأكثر انغلاقا في هذه السياسة (الأمر الذي قاد المجلة إلى الاستهانة شيئا ما بالبحث الموضوعي والنوعي في المجال السينمائي).

  • الآن، كيف تعمل «الدفاتر» كجماعة؟

ينبغي الإشارة أولا إلى أن «دفاتر السينما» تعمل بطريقة مستقلة كليا. من الناحية القانونية نتمتع بكامل الحرية. والرقابة الوحيدة الموجودة هي رقابة اقتصادية. فبواسطة الاقتصاد تعمل السلطة الحاكمة على خنق المجلات. ولهذا فإن «الدفاتر» ليست مجلة غنية.
> كيف تقود «الدفاتر» النقد الفرنسي للسينما؟ وماهي، في رأيكم، مهمة ووظيفة هذا النقد؟
إذا اعتبرنا سنة 1968 كسنة محورية، فيمكننا أن نقول بأن حقبة ما من حقب نقد السينما قد ولت، إذ لم يعد ممكنا اليوم لناقد سينمائي أن يقوم بمهمته على أحسن وجه، لأن هنالك عددا كبيرا من الأفلام التي ينبغي أن تشاهد، وتحت أشكال كثيرة مختلفة. كيف يستطيع ناقد واحد أن يفهم جميع هذه الألوان؟ وفي الواقع، فإن العمل الذي كان يقوم به الناقد (وهو الإعلام، والتفكير، والحكم) قد أصبح يقوم به أشخاص آخرون. ماذا يصبح الناقد؟ إذا كان لا يريد أن يصير مجرد دولاب آخر في نظام «إنتاج- توزيع» الأفلام، ومجرد سند دعائي، فإن عليه، وهذا هو رأينا في «الدفاتر»، أن يلتزم من الآن فصاعدا باختياراته، وأن يرفض التظاهر بأنه يستطيع أن يتحدث في كل شيء، وأن يتكلم فقط – بطريقة حقيقية – في ما يجب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى