الرأي

لماذا تتحارب الأمم؟

مع توتر الجو بين السعودية وإيران في مطلع عام 2016م والإعلان عن حفلة إعدامات في كل من السعودية وإيران ثم إغلاق السفارات وتوقف الرحلات، تبرز الظاهرة التي وضعنا لها كعنوان: لماذا تتحارب الأمم؟ لأنه لو قفزت إيران ـ كما تحلم ـ فالتهمت البحرين ثم جن جنونها فقامت بغزو المنطقة الشرقية من السعودية حيث يحتشد الشيعة وفيها ينابيع النفط، فلا شك أن المنطقة سوف تلتهب بجنون فظيع الأبعاد، والحرب كما أعرفها أنا دوما بثلاث كلمات: جنون وجريمة وعجز عقلاني وإفلاس أخلاقي.
كتاب جديد من سلسلة عالم المعرفة وقع تحت يدي يعود إلى شهر غشت 2013م العدد (403) يبحث في هذه الظاهرة من جنون بني البشر، فيه بذل المؤلف ريتشارد نيد ليبو (Richard Ned Lebow) جهدا خرافيا في محاولة الإمساك بهذه الظاهرة الفريدة والمتكررة في تاريخ الإنسان.
عنوان كتابه: لماذا تتحارب الأمم؟ الماضي والمستقبل عن دوافع الحرب.
لقد قام الرجل بمحاولة مسح التاريخ منذ عام 1648م فوصل إلى الرقم 150 في عدد الحروب التي خاضتها الدول وكان أفظعها على الإطلاق ما تم في القرن العشرين.
وحسب مكنمارا وزير الدفاع الأمريكي الأسبق أيام أزمة كوبا في أكتوبر 1962 فهو يقرر أن عدد قتلى الحروب في هذا القرن الذي عشناه بلغ 160 مليونا من الأنام.
ويعرف الحرب أنها تلك التي تخوضها مجموعات بشرية متحاربة يصل عدد القتلى فيها على الأقل إلى ألف إنسان، ويذكر عن خطة التشغيل المتكاملة التي كانت في حوزة قيادة القوات الجوية الأمريكية التي يرمز لها بـ (SIOP) أن 200 مدينة سوفيتية كانت على خارطة المسح بالقنابل الذرية؛ بل كل مدينة يزيد عدد سكانها عن 25 ألف نسمة.
وذكر وهو الخبير أن توقعاته لعدد القتلى كانت ستبلغ باشتعال حرب حرارية نووية في الطرف الشيوعي مابين 360 ـ 525 مليونا من الأنام، فإذا رصدنا عدد البشر على وجه الأرض آنذاك أي في الستينات من القرن المنصرم أنها كانت مليارين من البشر حيث وصل رقم البشر للمليار الأول عام 1800 م واحتاج 130 سنة ليصل إلى مليارين في حين بلغ في غشت 2013 أزيد من سبعة مليارات من الأنام (7,144,930,256) فلو وقعت الواقعة في الستينات، وحسب تقديرات روبرت مكنمارا أنه وفي الأسبوع الأول كانت ستأكل حوالي ربع الإنسانية، وسيكون الرد الانتقامي على رؤوس الأمريكيين كارثة تأخذ بحياة مائة مليون إنسان إلى الآخرة.
لكن الجميل في الكتاب تقرير بعض الأمور الإيجابيةو منها أن الديمقراطيات لا تتقاتل، وأن تواتر حروب الدول يميل مخططه إلى الانخفاض، وأن عدد الأسلحة النووية وصل يوما ما إلى سبعين ألف رأس لكنه الآن في تراجع، وأن المفاهيم ضد الحرب تأخذ كل يوم اتجاها أعمق في التربة الإنسانية.
يقول( ليبو) المؤلف إن عناصر مثل المكانة والمصلحة والانتقام والخوف محركات لمشاعر الكراهية والانزلاق إلى قدر الحرب، وهو يقول ربما كان تفسير الحرب من فوضوية العالم الذي نعيش فيه، وربما في قسم منه إلى تركيبة أدمغتنا،
وهو بحث أكده عالم الأعصاب (ماك كلين) على ما جاء في كتاب (الخوف الكبير) للجنرال فيكتور فيرنر، أن دماغنا في الواقع هو ثلاث متراكبات، بدون ترجمان بينها، وأن قرارات الحرب تأتي أحيانا بدون منطق ومراجعة وعقلانية؛ وإلا كيف نفسر استخدام بشار البراميلي السلاح الكيماوي لإزهاق أرواح 1429 إنسانا منهم 426 طفلا في صيف عام 2013م؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى