الرأي

ماذا عن حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره؟

بخصوص الأزمة مع السويد، لنتأمل الصورة التالية: السويد وهي ملكية دستورية تطبق نظاما جهويا متقدما، تسعى للاعتراف بمنظمة يتحكم فيها رجل وزوجته لأزيد من أربعين سنة، ويدعمها نظام جزائري ممركز، لم يخض فيه رئيسه الحالي عبد العزيز بوتفليقة الحملة الانتخابية لكونه مقعدا، كما أنه نظام مايزال إلى حدود اليوم يعين العسكر على رأس المحافظات. والمقصود من هذه الصورة هو أننا فشلنا في تسويق نموذجنا مع دولة تفهم جيدا الفرق بين مملكة جهوية، بدأت طريق الديمقراطية التشاركية، وجمهورية مستبدة ألغت المشاريع الموجهة لشعبها، بمناسبة انخفاض أسعار البترول عالميا، في حين لم تلغ مساعدتها للغرباء..
فما حدث من ردود أفعال على هامش اعتراف البرلمان السويدي بمرتزقة البوليساريو، يستفاد منه الكثير. أولا أننا مخطئون إن كنا نعتقد أن الاختيارات الكبرى التي أقدم عليها المغرب منذ 2011، سوف تكون بردا وسلاما على «أشقائنا اللدودين». فإذا علمنا أن جيراننا في الشرق أضحوا محترفين في تصدير أزماتهم الداخلية وذلك على مر عقود.. فإنه من غير المعقول أن نعتقد أن أزمة الحكم التي تعيشها الجزائر اليوم بسبب غموض مصير قصر «المرادية» بعد بوتفليقة المشلول، واستفحال الأزمة الاقتصادية بسبب الانهيار غير المسبوق لأسعار البترول عالميا. بشكل أدى لإلغاء كل المشاريع الموجهة بالأساس للشعب الجزائري.. لن تكون مبررا للعسكر بأن يعملوا على إلهاء الشعب الجزائري بانتصارات وهمية ولو في جزيرة الوقواق لأنهم كالسرطان الخبيث تماما، والذي كلما تمت محاصرته في عضو إلا وضرب قويا في عضو آخر. ومن يتتبع وسائل الإعلام التابعة لقصر «المرادية» بعد كل خطاب ملكي أو حدث تدشين مشروع كبير، سيكتشف حجم العقدة التي بات المغرب يشكلها للعسكر. فبدل أن يشرحوا للشعب الجزائري لماذا عليهم أن يستمروا في تمويل منظمة انفصالية، في الوقت الذي جمدوا فيه كل المشاريع الموجهة له، بسبب أزمة أسعار النفط.. فإنهم مستمرون في إعطائه المزيد من حبوب الهلوسة، التي تظهره في صورة «المنتصر».
ثانيا: ردود أفعال الحكومة بخصوص السعي إلى الاعتراف بالدولة الوهمية في تندوف، فيها الكثير من التسرع وتفتقر للحكمة، سيما أن الأحزاب المشكلة لها اتخذت من الحدث مناسبة فقط لتوجيه رسائل للداخل المغربي بأنها «وطنية».. كذا؟ دون أن تنتبه إلى أنها توجه رسائل خاطئة للمعنيين بالأمر. فالبرلمان السويدي ليس هو البرلمان الجزائري أو الموريتاني، حيث الكل يدور في فلك «الرفيق بوتفليقة وأخيه» والانقلابي ولد عبد العزيز، بل برلمان ديمقراطي في حياة سياسية ديمقراطية بإجماع كل أمم العالم. فأن تجمع كل مكونات البرلمان السويدي على رأي واحد، هو رأي المرتزقة، المتاجرين بمآسي بني جلدتهم، دون أن تلتفت إلى الرأي المغربي المسنود بالحقائق والوقائع وليس فقط بالأوهام، سيما المستجدات الدستورية والتنموية والسياسية المهمة التي أقدم عليها المغرب في السنوات الأخيرة، والتي تدمج ملف الصحراء ضمن مقاربة تنموية وتدبيرية، ستحول المغرب من دولة ممركزة إلى دولة ذات جهويات. فهذا يعني شيئا واحدا، وهو أن من يمثلوننا هناك كسالى ومقصرون. فضلا عن التقصير الكبير في مواكبة ما يحدث عندنا على مستوى الدعاية خارجيا.
رابعا؛ فالذي يحدث أيضا على هامش هذا المستجد الدبلوماسي، هو أن الوهم الجزائري أوشك على أن ينتصر على الواقع المغربي، في ساحة لا قيمة فيها إلا للحقائق. ووجه تقصيرنا الفادح هو عدم إظهار الطفرات التنموية التي حققناها في صحرائنا بعد أن تركها الإسبان مجرد كثبان مترامية من الرمال. وكذا «نوعية تقرير المصير» الذي تدعيه منظمة يحكمها مستبد رفقة زوجته بالحديد والنار لأكثر من أربعين سنة.. أي مقصرين بأن نخاطب الشعب السويدي الديمقراطي بالاستبداد الذي يتعرض له المحتجزون في تندوف، وكذا نوعية الدولة التي يسعى هؤلاء لتكوينها في صحرائنا. فالبرلمان السويدي هو ضحية تغليط من طرف متخصصين، جعلوا من الوهم تجارة لهم. ونحن من يتحمل مسؤولية الفراغ الذي تركناه هناك، والذي أدى إلى ملئه بالأوهام. والعمل يبدأ بأن نتساءل معهم: «ماذا عن حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره»؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى