الرئيسيةبانوراما

مغربيات مهووسات بالجمال يبحثن عن أجسام مثيرة داخل منازل خاصة

لمياء بحر الدين
قبل حوالي أسبوع، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” خبر الفتاة ذات الـ26 سنة، التي تعرضت لحروق من الدرجة الثانية على مستوى مؤخرتها، بعدما أجرت حصصا لتكبيرها بأحد المنازل بالبيضاء، والتي تتخذها إحدى السيدات مقرا لها لإجراء عمليات التكبير بدون جراحة، معتمدة على “القلة” والماء الحارق. “الأخبار” انتقلت إلى منزل إحدى المتخصصات في عمليات التكبير بطريقة “القلة” والحقنة، ونقلت تفاصيل الجحيم الذي تتحمله مجموعة من المغربيات من أجل الظفر بقوام شبيه بما تمتلكه النجمات العالميات.
في أحد الأزقة القديمة وسط الحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء، بدأت مشوارها، وبالعلاج بالحجامة والرقية استهلت مسيرتها المهنية رفقة زوجها. الفترة الصباحية يخصصها الزوج لاستقبال مرضاه من الرجال، فيما تستقبل هي زبوناتها بعد فترة الظهيرة.
نساء من كل الأعمار والطبقات الاجتماعية، كما عاينت « الأخبار»، لجأن إلى «ختي سميرة» بعد استنفادهن كل الطرق والوصفات المنزلية وخلطات العشابين وإرشادات الأنترنيت ونصائح نوادي الرياضة. لهن نصيب من الجمال، لكن هوسهن بكمال أجسامهن يفوق أي تصور. منهن من أتت للحصول على سيقان مثيرة تصر الناظرين، ومنهن من هي على استعداد لدفع أي مقابل من أجل إصلاح ما عبثت به يد الزمن في أجسادهن، فيما أغلب زبونات «سميرة» باحثات عن مؤخرات مفقودة.
منزل “ختي سميرة”، كما تحب أن تناديها الزبونات، يقع في الطابق الأول في بيت قديم من طابقين. رائحة العطور والأعشاب القوية هي ما يدل على البيت المنشود دون الحاجة للسؤال عنه. المحظوظات من الزائرات يأتين قبل التئام شمل فتيان الحي حتى يسلمن من كلماتهم اللاذعة، إذ لم يعد سرا أن كل من ولجت منزل «سميرة» إلا وهمها الأول تكبير إحدى علامات الجمال عند المغاربة.
“أتيت بناء على طلب من زوجي، هو من سمع عن مفعول «القلة» في تكبير المؤخرة والصدر، لم يود إخباري كيف علم بأمر هذه التقنية، المهم هو من يعطيني المال للاستفادة من جلسات التكبير”، تقول إحدى النسوة اللواتي غصت بهن قاعة الانتظار واللائي يتبادلن القهقهات في انتظار أن يحين دورهن. بين الفينة والأخرى، تخترق أصوات الضحكات آهات وصرخات وأنين من غرفة «العمليات» المجاورة.

في غرفة العمليات
كلما خرجت زمرة من النساء اختلست الأخريات بفضول النظر إليهن لمعرفة مدى التغيير الحاصل على قوامهن، وبينما يتبادلن عبارات “بصحتك أختي» أو «واللهيلا، جاتك زوينة»، تنادي «سميرة» على مجموعة ثانية من خمس نساء. حين تظهر، تتنافس الحاضرات للحديث إليها، بين من تسأل عن ثمن جلسة التكبير بـ»القلة» ومن تود أن تعرف ثمن «القويلبات» أو عدد جلسات التكبير بطريقة «الحقنة» الصحراوية. ومنهن من تنتظر تحضير وصفتها لتنقية الوجه وإنبات الشعر.
تتلقى «سميرة» كل التساؤلات بــ «صدر رحب» وتتباهى بقوامها الممتلئ عن «آخره» مما يطمئن الزبونات على مصير أجسادهن. فالسيدة فور وصولها، من شقتها الفاخرة التي انتقلت إليها في حي المعاريف الراقي، تنزع خمارها لتبرز مفاتنها أمام الزبونات، خصوصا اللواتي أتين للوهلة الأولى والخائفات من لهيب «القلة» أو وخز «الحقنة». «الأخبار» سألت عن طريقة «الحقنة» فأجابت «سميرة» بأنها تتم على الطريقة الصحراوية، إذ “تستلقي المرأة على بطنها ويتم إدخال خرطوم في شرجها، ثم يسكب ماء البحر عبر الخرطوم. والهدف من وراء ذلك غسل الأمعاء من الرواسب قبل الشروع في تناول الأعشاب الصحراوية التي تعمل على التكبير وثمنها 100 درهم”. إلا أن الطريقة التي تلقى إقبالا أكبر هي طريقة «القلة»، خصوصا وأن ثمنها يبقى في المتناول، إذ يبلغ سعر الحصة 60 درهما على أن تحضر الزبونة ثلاثة أيام متتالية، ثم بعد ذلك تحضر مرة في الأسبوع، مع ضرورة استعمال التحاميل “القويلبات” يوميا لمدة شهر. ويبلغ ثمن هذه التحاميل المصنوعة بطريقة تقليدية 600 درهم.

«عندي دواك»
مثل الموت، للجمال سكرات، تبدأ بصرخات مجلجلة مع وضع «سميرة» لـ «القلة» الملتهبة على مؤخرة الزبونة، ثم تتقلص إلى آهات متتالية، وتصير أنينا يخفت شيئا فشيئا. وزن «القلة» الواحدة قد يصل إلى ست كيلوغرامات، وبصعوبة يمكن حملها بيد واحدة… لكن المفاجأة هي أن كل زبونة تحمل على مؤخرتها «قلتين». تستلقي على بطنها، لتقوم «سميرة» بدهن زيت من مستخلصات الأعشاب، وتشعل منديلا ورقيا، ترميه داخل «القلة»، قبل أن تضعها على المؤخرة. ثم «واااااااااو، حيديها حيديها أختي سميرة ما بقيتش بغيت». هكذا صرخت فتاة في الرابعة والعشرين من عمرها، جاءت رفقة خالتها لتحسين القوام، ثم أجابت «سميرة» لا تخافي، اصبري قليلا وسيزول الألم. “أنت بالذات بحاجة لعدة جلسات..” رمقتها بنظرة حديدية قبل أن تضيف: “را حالتك صعيبة.. ولكن متخافيش عندي دواك”.
15 دقيقة من الجحيم تعيشها «الباحثات عن الجمال» تحت رحمة «القلة»، لكن معظمهن يتحملن كل ألم في سبيل الحصول على قوام مثالي، عملا بالمثل القائل «للي بغا الزين يصبر لتقيب الودنين». ورغم ما يخلفه استعمال «القلة» من آثار وحروق على البشرة إلا أن النسوة لا يترددن في إعادة الكرة يقينا من نتائجها الناجحة ومن أنهن سيصبحن «قرطاسات»، حسب مصطلح يحببن ترديده نقلا عن الشباب الذين كثيرا ما وصفوا به بعض الفتيات المارات من أمامهم.
يتطلب زوال الحروق وآثارها ما بين أسبوع وعشرة أيام، ومع تكرار الجلسات لا تترك أي أثر، لأن تلك المنطقة من الجسم تعتاد على العملية.

العطار لا يصلح ما أفسده الدهر
تركنا «سميرة» تتمم تحضير خلطاتها المطلوبة من كل حدب وصوب وتضعها في الثلاجة الصغيرة إلى أن يحين دور طالباتها، وتوجهنا إلى «فتيحة». هذه الأخيرة ليست صاحبة مصحة للتكبير ولا دكان لمواد التجميل، لكن لشدة تجربتها لمواد التسمين سواء عند «سميرة» أو عند «سعيد العطار» صارت خبيرة بخبايا وأسرار تجميل القوام، حتى وأنها باتت مقبلة على السفر إلى الإمارات العربية للعمل هناك.
في الثلاثين من عمرها، تجاهد “فتيحة” للعمل على صقل قوامها ولا تتردد في دفع ما يطلب منها من مال. في جوابها عن سؤال للجريدة حول عدم لجوئها إلى مصحات التجميل المعروفة، أجابت «أنا أخاف من التخدير ومن الآثار الجانبية للعملية، لا ينقصني المال للخضوع لها، ما يلزمني هي الشجاعة… خصوصا وأننا نسمع بين الحين والآخر عن وفاة فتيات على طاولة الجراحة. ما ساخياش بعمري”. خوفها من عمليات التجميل أسقطها بين يدي نصاب يبيع الأعشاب الصحراوية المختلفة وحقن التسمين التي يصنع موادها بيده فيما تتكلف أخته بحقنها للزبونات. 80 ألف درهم قيمة ما سلبه من «فتيحة» من مال مقابل الأدوية، دون أن تظهر لها النتيجة التي وعدها بها وهي الآن تشن حملة مراقبة وتحريض لزبوناته لكي لا يقعن في شركه، ورغم ذلك فإن شعبية «سعيد العطار» وقدرته القوية على الإقناع جعلت منه قبلة منشودة لجمال مفقود.
تنضاف «فتيحة» إلى قائمة طويلة من النساء ضحايا القوام المفقود والمهووسات بــ «كمال الأجسام»، وفي ظل غياب المراقبة والصرامة القانونية تجاه تجار الجمال يتعزز وجودهم ويعلو نجمهم ويستمرون في تدمير صحة نساء لاهثات «خلف» الوهم.

3 أسئلة للبروفيسور عبد الله عباسي

  • ما هي الآثار الجانبية لعمليات “تسمين الأرداف” بالطريقة التقليدية ؟

تحتوي المواد المستعملة على الكورتيكويد، والتي تؤدي إلى الانتفاخ في كامل الجسم وخصوصا المناطق التي تتركز فيها الدهون ويحد من النمو الطبيعي لدى الفتيات المراهقات. إذ إن الأملاح والماء يغمران تلك المناطق فتنتفخ الخلايا وتكون مضاعفاته خطيرة، إذ يؤدي إلى هشاشة العظام والإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم ونقص النمو بالنسبة للفتيات. أما بالنسبة للطرق الأخرى أو ما يسمى بالطريق الميكانيكية، فهي تتسبب في التهاب الأعضاء الدهنية تحت الجلد ومن ثم يحدث الانتفاخ. وهو في الحقيقة ضرر تكون السيدات في غنى عنه، إذ يؤدي إلى تحجر وتكلس في تلك المناطق مما يستدعي العلاج.
بعبارة أخرى، تسمى هذه العملية إدخال سموم الطبيعة للطبيعة (أي تركيب المواد الطبيعية المختلفة إلى الجسم الطبيعي). أما في ما يتعلق بطريقة «الحقنة» فباختصار هي تشبه الطريقة المستعملة لتسمين الأكباش قبيل العيد، إذ يعطونهم المياه والملح والتي تتسبب في انتفاخهم ولكن بعد مدة قصيرة يعودون لحالتهم الطبيعية.

  • لكن النساء اللواتي يلجأن لهذه الطريقة يعبرن عن خوفهن من الوفاة اثناء عمليات الجراحة التجميلية، فماهي أسباب هذه الوفيات؟

هذا خطأ شائع، ليست العملية ما يؤدي إلى الوفاة، عمليات التجميل لا تقتل. ما قد يتسبب في ذلك هو التخدير. إذ أن الشروط الصحية لبعض النساء لا تسمح بالتخدير الكلي. ومن ثمة وجب قبل أي جراحة الانتباه لكافة تفاصيل وظروف إجرائها. فالأمر يتعلق بعملية جراحية قبل أن تكون تجميلية ويتم إدخال الجانب الفني إليها. كما لا يمكن أن ننكر أن بعض النساء لا يكن راضيات 100 بالمئة على النتيجة خصوصا اللواتي يطمحن للتشبه بالمشاهير واللواتي يطلبن الحصول على أنف أو خد أو أرداف شخصيات مشهورة، في الوقت الذي لا يتناسب شكل وجوههن مع هذا النوع من الأنف”.

 البعض الآخر يتهرب من عمليات التجميل بسبب التكلفة !!
ثمن عمليات الشد والشفط يتراوح بين 2500 و70 ألف درهم، بحسب نوع العملية التي تود السيدة القيام بها. فالأمر أشبه بتأثيث المنزل. كل يؤثثه حسب ذوقه وميزانيته. وأود أن أشير أن مراكز التجميل تستقبل زبائن من الرجال أيضا وخصوصا الأجانب، واليوم أصبحت اسعار عمليات التجميل في المتناول بسبب كثرة العيادات».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى