الرأي

نحن النبيلات..

نحن النبيلات.. نجتاز بعشاقنا الأزقة المحظورة.. نقيهم طلق الكلام الطائش..
ننكفىء على أخاديدهم متلقين عنهم الصواعق المباغتة.. نلقي بهم في قواربنا.. نعطيهم مجاديفنا.. أستارنا.. وأطواق النجاة.. ولا نبقى على الشاطىء للتلويح..
كان هذا مزاحا ثقيلا.. روجه «مَخذول» سابق ليغرق مشهدا سينمائيا بقصته عن الفراق المؤذي الذي لا نستطيعه..
إننا نجتاز بكم اللّجة.. وننجو بكم من الظلام والفواجع.. مبتسمات.. هادئات.. متصالحات مع النهايات بالتنهد الخفيف.. بدمعة لا يثير سقوطها في العلب الفارغة أي ضجيج.. ونعود إلى بيوتنا مُحتقنات.. نخبىء تحت تنانيرنا الباقي من أحلام نهار فائت..
نعود لرائحة المطابخ.. وبكاء الصغار.. وهول المهام المنزلية..
نعود لخيباتنا بحقيبة يد.. حقيبة صغيرة.. فيها كل الحكاية.. ملطخة بالقليل من الكحل وقلم الشفاه.. كي تبدو الحكاية منطقية لأنثى..
وإنني مثل كل النساء لدي حقيبة يد.. واثنتان.. وثلاث..
الثالثة فارغة.. عليك أن تختار منطقها.. عليك أن تلطخها بقُبلة.. فأنا لا أهتم بأكثر من قلم كحل قصير.. اهترأ في لقاءاتك..
عليك أن تمسح عليها بكلمة.. ستكون كل إرثي عندما أعود من قاربك.. مبتلة بالحنين.. مملحة ببحر عينيك..
لا شيء يخيفني أكثر من رقم هاتفك عندما أمحوه..
أي فراغ من بعدك سأعلق فيه؟!
أي صوت بعد صوتك سيتكفل بليل حورية وحيدة؟!
والنهار الذي اتفقنا أن نمدده بالغزل المهذب.. كيف ستزحف شمسه الشاحبة فوق صدري؟!
أي بيت هذا الذي سيتستر على مثل هذا الوجع؟! أي نافذة ستسدل أستارها على ذاكرتي
ولا تعود لكشف وجهك؟!
آاااه….. لا عليك..!
قد مر دهر على هذا القلب.. وأعرف أن مثل حزني هذا إلى انقضاء..
علي فقط أن أتذكر كم كنتَ رائعا..
رائعا بما يكفي لتعطيل ذاكرتي.. وتعديل الفكرة القاسية عن الفراق..
لهذا سيحدث أن تتسلل رائحة عطرك كفراشة نهارية مباركة.. فتستقيم أصابع عازف بيانو في أوبرا كسولة بأطراف المدينة..
يثمل كناري الحديقة فينشد غزلا.. وترتعش القصائد وتهذي بين يدي شاعر..
يرقص نهر محركا أمواجه في وجه الأشجار مداعبا.. وتنبت أجنحة لحافلة أطفال مدرسية فتطير..
تتوب قبيلة من الأشرار.. وتنام مدينة كاملة تعج بالعشاق..
فرحا بطلتك يا أنت حد الاشتهاء والبكاء..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى