ثقافة وفن

هكذا تنتج أصيلة جيلا من الرسامين

لا يكاد يخلو زقاق من أزقة المدينة القديمة لأصيلة ولا جدار من جدران بيوتها ناصعة البياض من لوحة تشكيلية في الغالب ما يكون من خطها هو صاحب البيت بنفسه بأنامل مبدعة، كما لا تكاد تخلو دار من بيوت أصيلة من فنان عشق اللوحات وتنفس عبق الفن التشكيلي، زخم من الفنانين والفنانات يجعل العابر بالمدينة وضيفها يتوقع أن كل سكانها هم فنانون تشكيليون بالفطرة.
فما هو سر هذا العدد اللامتناهي من الفنانين التشكيليين الذين يجوبون أزقة المدينة أثناء موسمها الثقافي أو في غيره من الأوقات ويعرضون لوحاتهم في الممرات وعلى الحيطان ومن الشرفات محولينها إلى معرض مفتوح للوحات التشكيلية ؟  ما السر وراء هذه الأجيال القادمة من فنانين صغار لم يبلغوا من العمر عتيا ويتحدثون عن الرسم والمدارس الفنية واللوحات التشكيلية بلغة العارفين الدارسين؟
بين تلك الأزقة الناصع بياضها وسط بناية أشبه بالرياض ذات الحديقة الغناء المزهوة عصافيرها بتغاريد الصباح، يتعالى ضجيج أطفال صغار كالذي يصدر عن تلاميذ المؤسسات التعليمية لحظة خروجهم للاستراحة، غير أن هؤلاء ما هم بتلاميذ، وما هي باستراحة، بل ورشة من ورشات تعليم الرسم التشكيلي للأطفال الصغار، والتي دأبت مؤسسة أصيلة التي تشرف على الموسم، على تنظيمها كل عام على امتداد أيام الموسم الثقافي، حيث يحج لها أطفال المدينة في ما يشبه معهدا صيفيا للتكوين في فنون الرسم والتشكيل، وذلك على يد رسامين تشكيليين من مدن مختلقة وأيضا من دول تعودت المشاركة في الموسم.
تقول كوثر الشريكي، أستاذة الفنون الجميلة بالمعهد العالي للفنون الجملة بتطوان، ومديرة ورشة الفنون التشكيلية للأطفال، أن الهدف الأول من هذه الورشات الفنية الخاصة بالأطفال، هي منحهم حرية التعبير، عن أنفسهم وأفكارهم وتصوراتهم للحياة والناس والوجود من خلال ما ينتجونه من لوحات فنية، مضيفة أن ميولات الطفل تكون دائما في اتجاه الألوان والصباغة الرسم، وأن ما يقوم به الأطفال في ورشتهم هو لعب لكن بطرق متقدمة تشكل في ذات الوقت تطورا لمهارات الطفل الإبداعية والفكرية، وأيضا تعزيزا لعلاقاتهم الاجتماعية من خلال التواصل المشترك من باقي الأطفال الذين يشاركونهم الورشة ويكونون في الغالب غرباء عنهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى