بانوراما

هل تكون الحشرات هي مستقبل التغذية لدى الإنسان مكان اللحوم؟

إعداد : سهيلة التاور
الحشرات، المخلوقات الصغيرة التي غالبا ما نعتبرها وبدون استثناء مصدرا للإزعاج إن لم يكن للعدوى، المرض واللسع، هي نفسها التي يتغذى عليها ملياران من الناس على سطح الأرض، وهي المرشحة لأن تكون بمثابة غذاء بديل للبشر.. غذاء صحي واقتصادي ومليء بالبروتين.
مع زيادة نمو البشر، من الضروري جدا تقليل استنزاف موارد الطبيعة ومن بينها خفض استهلاك الأغذية البروتينية الحيوانية. ومع هذا الخطر الداهم كان لابد أن يطرح العلماء بدائل للبروتينات الحيوانية التي يستنزف إنتاجها موارد الأرض. واتفق العلماء على أن الحشرات قد تكون بديلا جيدا للبروتينات عالية الجودة وفي نفس الوقت لا تستنزف موارد الطبيعة مثل الأغذية الحيوانية.
لاسيما وأن كل عام العالم يزداد 70 مليون نسمة جديدة، وإذا استمر نمو السكان في العالم كله بنفس هذا المعدل، فمن الممكن أن يصل إلى عدد سكان العالم إلى أكثر من 9 ملايير نسمة بحلول عام 2050.  ويبقى تعريف المواطنين بأهمية هذه الحشرات وتناولها ضروري، وخصوصا مع هذه الأرقام الهائلة بداية من هذا العام إلى عام 2050، والتي تستهلك اللحوم والدواجن والأسماك التي لم تستطع توفيرها بعد ذلك.

رأي منظمة الصحة العالمية،
حسب دراسة لمنظمة الصحة العالمية «فاو» أعلنت عنها في المؤتمر الدولي عن دور الغابات في الأمن الغذائي والتغذية، فالحشرات، يقول المدير العام للمنظمة جوزيه دا سيلفا، تشكل أكثر من نصف الكائنات الحية على ظهر الكوكب، بتنوعها الذي يبلغ نحو مليون نوع حشري مصنف إلى الآن، مضيفا أن الحيوانات البرية والحشرات تشكل مصدر البروتين الرئيسي لسكان الغابات.
وبالاستناد إلى البحوث التي أجرتها المنظمة بالاشتراك مع جامعة «فاغننغين» الهولندية، فثمة أكثر من 1900 نوع حشري يُستهلك فعليا كغذاء من قبل البشر في جميع أنحاء العالم.
وعلى الصعيد الدولي تتراوح الحشرات الأكثر استهلاكا بين الخنافس (31 في المائة) واليسروع (18 في المائة) والنحل والدبابير والنمل (14 في المائة) والنطاط والجراد والحالوش أو الحفار الإفريقي (13 في المائة).
ويملك العديد من الحشرات كميات مرتفعة من البروتين والدهون الجيدة والكلسيوم والحديد والزنك. وعلى سبيل المثال يحتوي اللحم البقري على ستة ملليغرامات من الحديد لكل 100 غرام من الوزن الجاف، فيما يتراوح المحتوى الحديدي للجراد بين ثمانية و20 ملليغرام لكل 100 غرام من الوزن الجاف، حسب خصائص النوع ونوعية الغذاء الذي تقتات عليه الحشرة.

أبحاث مُؤكدة
أبحاث العلماء تؤكد تلك الحقيقة وتعطي على الأقل شعورا بالاطمئنان على غذاء المستقبل في حالة نقصه، فالحشرات غنية بالبروتين ـ فمثلا هي تحتوي على 28.5 في المائة مقارنة بما تحتويه الأسماك، وتحتوي الديدان على نحو 28.2 في المائة من البروتين، كما يوجد بالنمل الأبيض نحو 46 في المائة من البروتين. وقد أظهرت دراسات تحليلية أن بعض الحشرات المكسيكية والأفريقية، تحتوى على قدر أكبر من البروتين يتراوح بين 60 و70 في المائة. من جهة أخرى، أثبت العلماء أن البروتين الحشري يماثل نظيره الموجود في الأغنام والدواجن والأبقار، وأظهرت التحليلات أيضا أن دهنيات الحشرات هي من نوعية صحية جيدة، تشبه دهنيات أسماك السالمون والماكريل. ذلك أنها تحتوي على قدر متدن للغاية من الكوليسترول، كما تمتاز بارتفاع محتواها من الأحماض الدهنية الصحية من نوع (أو ميجا 3). وهذا بالطبع غير أصناف الأملاح المعدنية المهمة مثل الحديد والزنك والكالسيوم والفوسفور والبوتاسيوم، وكذلك أصناف الفيتامينات، لاسيما فيتاميني (أ)، (د). حيث قد أتقنت بعض دول العالم صناعة وجبات الحشرات، وأصبحت وجبة أساسية في بلدان آسيا وأمريكا اللاتينية ففي المطاعم هناك يمكنك أن تطلب الجراد المشوي أو الزواحف المقلية أو الجنادب المحمرة وحتى الديدان المسلوقة، في تايلاند على سبيل المثال تنتشر محلات بيع الحشرات المطبوخة في كل ركن وفي كل شارع، إنها الغذاء الشعبي الأول هناك وتباع السلاطة مخلوطة بالديدان، فهي ذات فائدة صحية عالية ويقبل عليه الناس نظرا لرخص أسعارها .

الجراد لسد الفجوة الغذائية
أحد أهم الحشرات التي ينظر لها باهتمام على أنها يمكن أن تلعب دورا في المستقبل في سد الفجوة الغذائية في حالة تفاقمها هي حشرة الجراد فهو ينتشر في رقعة تضم 64 دولة وتتركز في قارتي أفريقيا وآسيا ويمكن أن يصبح غذاء محتملا بالنظر إلى تكاثره بشكل كبير. فقد رصد العلماء في أحد الأوقات سربا مساحته 400 ميل مربع، يضم نحواً من 40000 مليون جرادة، بوزن لا يقل عن 160 ألف طن.
أن تغذية الجراد على النباتات النظيفة الخضراء جعلت الناس تطمئن إلى مصدر لحمه، والجرادة تأكل في كل يوم قدر وزنها من النباتات. وهي تزداد وزنا شيئا فشيئا حتى يبلغ وزنها من 3 إلى 5 غرامات. وكلما ازدادت وزنا تضاعف ما تأكل من أعشاب نظيفة ونباتات. ومن الثابت علميا أن نوع الغذاء الذى يتغذى به الحيوان يعد هو المقياس الذى يحدد قابلية لحمة لتغذية الإنسان.
صراصير الليل هي الأخرى وجبة مفضلة لدى الشعوب في أمريكا اللاتينية، لاسيما القبائل التي تعيش في المناطق الحارة والدافئة فقد يعمد بعض هنود جزيرة جاميكا إلى جمع صراصير الغيط لتؤكل بعد تحميرها، ويجمع منها في ساعات عدة كيلو غرامات.
ولا يقتصر الغرام بأطباق الصراصير على البلدان النامية، بل إن سوق منتجات الصراصير بدأ ينتعش في الكثير من الدول الغربية الغنية. ففي واشنطن العاصمة نجد رجل الأعمال «مارك نيفين» الذي يمتلك مطعما فخما، بدأ يقدم لزبائنه أطباقا من صراصير الليل، يقوم بجلبها من مزرعة لتربية الحشرات في كاليفورنيا.
في ألمانيا هناك تقدم ملحوظ في وضع الحشرات المطبوخة والمقلية الآن على الموائد، خاصة وأنها رخيصة مقارنة بنفس الأطعمة البحرية التي يفضل الألمان التهامها مثل الروبيان والمحار وسرطانات البحر، والآن يمكن القول بأن المزاج الأوروبي العام تحول بشكل كبير إلى التهام الحشرات التي تحتوي على نفس البروتينات ونفس القيمة الغذائية كاللحوم، ولكن بأسعار أقل .

فوائد أكل الحشرات
ـ الحشرات مليئة بالبروتين:
حيث إن القيمة الغذائية للحشرات تختلف من حشرة إلى أخرى حسب النوع والعمر وطريقة  التحضير.
ـ أكل الحشرات يساعد على كبح السمنة:
تحتوي الحشرات على كمية من الدهون تماثل تقريبا تلك التي نحصل عليها من اللحوم ولكن تتميز دهون الحشرات بأنها تساعد في إبطاء انتشار وباء السمنة، ويمكن أن ترشيح الحشرات كمصدر غذائي صحي للأشخاص الذين يعانون من السمنة، واعتباره حلا جيدا  لمكافحة نقص الغذاء التي تعاني منه بعض المناطق، خصوصا تلك المناطق ذوات الدخل المحدود التي تضم في حناياها أطفالا يعانون من سوء التغذية ومن المخاطر الصحية القاتلة.
ـ الحشرات لا تسبب لنا الأمراض كاللحوم :
الحشرات الصالحة للأكل تشكل خطرا غذائيا أقل من اللحوم، فنحن بالفعل نأكل الحشرات في حال أعجبنا ذلك أم لا، فالشكولاتة تحتوي حوالي 50 جزءا من الحشرات و كذلك زبدة الفول السوداني فهي  تحتوي على 30 جزء من الحشرات، إضافة إلى القرفة، فهي تحتوي على 400 جزء من  الحشرات.

قريبا في الصحون السويسرية
اعتبارا من عام 2016، من المتوقع أن يعثر المتسوقون في سويسرا على صرار الليل، ويرقات الخنافس السوداء، والجراد النطاط على رفوف محلات البيع بالتجزئة بوصفها موادا غذائية. وفيما يأنف البعض من أكل الحشرات ويعتبرونه أمرا مقززا، يرى فيها آخرون غذاء ذا محتوى عال من المغذيات ولاسيما البروتين، ومصدر غذاء لسكان الأرض في المستقبل. ورغم استعداد المنتجين لاستزراع الحشرات بالفعل، إلا أن بعض الأسئلة تظل مفتوحة.
في سويسرا، مازالت المتاجرة بالحشرات وبيعها كمواد غذائية ممنوعة. بيد أن هذا الوضع لن يستمر طويلا. حيث أن كريستيان بيرتش، مسؤول في المكتب المجتمعي الخاص بأصحاب المشاريع الاجتماعية والمبتكرين، ومع أن لا شيء يوحي بأن مستقبل الطبخ السويسري يُقرر في هذا المكان أبدى بولعه الشديد بالحشرات ورغبته في إضافتها كغذاء على قائمة الطعام السويسري.
وبغية تحقيق حلمه هذا، قام أصيل مدينة فينترتور (شمال كانتون زيورخ) وبمشاركة عدد من الشباب الراغبين بإنتاج مواد غذائية من الحشرات، بتأسيس شركة «أسنتو» الناشئة. وتحدو جميع المؤسسين الشباب ثقة كبيرة باحتلال «منتجاتهم اللذيذة» رفوف الأسواق في غضون 3 إلى 4 أعوام.
«لقد قمنا بتطوير همبرغر مصنوع من يرقات الخنافس السوداء (أو ديدان الفرينة)، وهو يختلف في طعمه عن طعم الهمبرغر النباتي (بأنواعه المختلفة)، كما صنعنا معجونا يدهن على الخبز هو Tenebrio-Paté. وليس هذه فحسب، ولكننا طورنا رقائق الشيبس، والرافيولي، والمعكرونة والخبز أيضا. وهناك عدد كبير جدا من التطبيقات التي تمكننا من استخدام هذه المكونات القيمة»، كما يشرح بيرتش. لكنه كان يفتقر إلى «عينة للتذوق» للأسف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى