الرئيسيةسياسية

وزارة بلمختار تقلص مؤسسات تجريب مناهج الابتدائي إلى واحدة بدل 10 في المائة في كل نيابة

المصطفى مورادي

قبل أن يصدر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تقريره الاستراتيجي النهائي، بادرت وزارة التربية الوطنية إلى إخراج نسختها من الإصلاح والتي سمتها “التدابير ذات الأولوية” والهدف من إعطائها هذا الاسم، هو انطلاق الوزارة من كونها من جهة مجبرة على اتخاذ خطوات يجمع كل المشاركين في المشاورات التي نظمتها، على أولويتها، وفي نفس الوقت انتظار تقرير المجلس الأعلى للحسم في الصيغة النهائية للخطة الإصلاحية. من هنا كان ملف إصلاح المناهج على رأس هذه الأولويات. وتم إعطاءه صفة “التدبير رقم 1”.
ففي البداية، وأثناء بدء العمل على هذا المشروع، قررت مديرية المناهج اختيار نسبة 10 في المائة من المؤسسات التعليمية على مستوى كل نيابة، لتكون مؤسسات تجريب، على أن تواكب هذا التنزيل دراسات تقويمية وكذا تأطيرية في أفق بلورة صيغة نهائية للبرامج والمناهج الدراسية الخاصة بالسنوات الأربع الأولى للتعليم الابتدائي، والبدء في تطبيقها ابتداء من السنة القادمة. لتتم تعبئة المدرسين والأطر الإدارية داخل المؤسسات التعليمية، وتم بناء استعمالات الزمن وتوزيع التلاميذ والحصص الدراسية في هذه المؤسسات بناء على قرار الوزارة هذا، كما تم اتخاذ مجموعة من القرارات الموازية على مستوى كل نيابة. خاصة على مستوى أطر المراقبة التربوية، لجعلهم يواكبون هذا الإجراء. لكن ومع ظهور الرؤية الاستراتيجية للملف، وجدت وزارة التربية الوطنية ذاتها وقد تسرعت كثيرا في الإجراءات التي اتخذتها.
ففي 24 يوليوز 2015 عرض مدير المناهج التدبير الأول على المجلس الأعلى للتربية والتكوين، قصد استقراء آراء أعضائه حول محتوى ومنهجية هذا التدبير المُهَيْكِل. وقد عبر أعضاء المجلس عن تخوفهم من قدرة الوزارة على ضمان تأطير مناسب لعدد هائل من المؤسسات في السنة الأولى للانطلاق (10 في المائة تمثل حوالي 800 مؤسسة)، خصوصا أن المنهاج المنقح يهم كل المواد الدراسية.
مدير المناهج يبرر
هذه الملاحظات التي عاكست عنصرا مهما في برنامج عمل مديرية المناهج، دفعت مدير هذه المديرية إلى إرسال رسالة تبريرية للمتعاونين معه جهويا، توصلت بها جريدة “الأخبار”، وفيها يعلن لهم أن المنهاج المنقح يجرب للسنوات الأربع الأولى من التعليم الابتدائي بمؤسسة تعليمية واحدة على صعيد كل نيابة، تُختار من بين المؤسسات التـ (10%) التي سبق تحديدها لتجريب عدد من التدابير، مع ضرورة الاعتماد في ذلك على الفرق التربوية (التي تنسقون أعمالها) والتي تم تشكيلها لتأطير ومواكبة مدرسات ومدرسي مؤسسات التجريب، وذلك بالمساهمة في إعداد جذاذات الدروس وتحديد الوثائق التربوية التي ستُستثمر بالنسبة لكل مقطع تعليمي، وكذا في إعداد أدوات التقييم ورصد وتقييم التجربة برمتها.
ذات الرسالة، تعلن أن الوزارة تُخصص بقية مؤسسات العينة المختارة لمُكَوِّن القرائية، بحيث سيتم تجريب الطريقة الأحرفية méthode sylabique في تعلم القراءة في السنتين الأولى والثانية ابتدائي، مع توظيف مكتسبات هذه الطريقة في معالجة تعثرات القراءة التي يتم رصدها لدى تلاميذ المستويات الموالية.
3. يُشرع في تطبيق محتويات المنهاج المنقح بمؤسسات التجريب ابتداء من الدخول المدرسي 2016-2015، وفق ما اتفق عليه مع السيدات منسقات والسادة منسقي الفرق التربوية في الورشة المنظمة أيام 7-9 يوليوز 2015 بمركز التكوينات والملتقيات الوطنية.
مديرية المناهج أكدت أيضا أن الدراسة تنطلق بشكل عادي بالنسبة لمؤسسات تجريب البرنامج القرائية (المقررات الحالية وجداول الحصص الحالية)، على أساس الانطلاق في هذا البرنامج حال انتهاء الفريق التربوي المركزي من إعداد الوثائق التربوية الضرورية لذلك.
وتفعيلا للتوصيات المنبثقة عن اللقاءات المنظمة على صعيد الأكاديميات خلال شهر يونيو، أكد ذات المسؤول، بحسب نفس الرسالة، أنه يُعتمد بالنسبة لأستاذات وأساتذة مؤسسات تجريب المنهاج المنقح، الجدول الزمني المتضمن لـ 24 ساعة أسبوعية مخصصة لحصص التدريس، بالإضافة إلى ثلاث ساعات أسبوعية تُخصص وجوبا للتكوين والتكوين الذاتي (30 ساعة سنوية) ولحصص الدعم والأنشطة الموازية (72 ساعة سنوية) تُستثمر في إطار مشروع المؤسسة (علما أن الحصة الأسبوعية للتلميذ هي 27 ساعة حين يتوفر مُدرس (ة) الأمازيغية).
2. تُعتمد بالنسبة للسنتين الخامسة والسادسة بمؤسسات تجريب المنهاج المنقح حصصٌ مماثلة لحصص السنة الرابعة، مع ضرورة استثمار الثلاث ساعات الأسبوعية المتبقية في حصص دعم التلاميذ المتعثرين، والتحضير لامتحان نهاية السلك الابتدائي، أما في البرنامج المنقح للغة الفرنسية فيطبق بالنسبة للموسم الدراسي 2016-2015 في السنة الأولى ابتدائي فقط، على أن يتم تطبيقه تدريجيا في المستويات الموالية سنة بعد سنة.
مهزلة البرنامج الاستعجالي تطل من جديد
هذا الارتجال الواضح في خطط مديرية المناهج، دفع متتبعين إلى إبداء تخوفاتهم بخصوص الإجراءات المتخذة، وذلك لكون نتائج التجريب في مؤسسة واحدة على صعيد كل نيابة ليست عينة علمية لاستنتاج نتائج يمكن الحكم بموضوعيتها، وتعميمها على باقي المؤسسات التعليمية بالمغرب. علما أنه من الشروط العلمية لقياس نجاح منهاج، هو أن يتسع برنامج التقويم ليشمل كل أهداف المنهج، فلا ينصب على بعضها دون غيرها، والشمول يعني أيضاً تقويم كل العوامل التي يمكن أن تؤثر في تحقيق المنهج لأهدافه، مثل تقويم: الدارس، والمربي، والأنشطة التعليمية/التربوية، والمقررات الدراسية والكتب وطرق التدريس والوسائل التعليمية، والإمكانات المادية والبشرية بالمدرسة… إلخ، فكل من هذه العوامل وغيرها له تأثيره على المنهج الدراسي، كما أن تعرف نواحي القوة والضعف فيما يمكن أن يكون ذا فائدة كبرى في تحسين المنهج، أما إذا اقتصر تقويم المنهج على بعض هذه الجوانب، فإن أية محاولة لإصلاح المنهج ستكون جزئية ومؤقتة.
كما أن تقويم المنهاج يجب أن يكون مستمرا ولن يقتصر كما قررت مديرية المناهج على مؤسسة واحدة. أي امتداد عملية التقويم طوال مدة تنفيذ المنهج (طوال مدة الدراسة)، أي إن الدراسة والتقويم يجب أن يسيرا جنباً إلى جنب، وعنصر الاستمرار في عملية التقويم يمثل أمراً ذا أهمية بالغة، فمعرفة نواحي القوة والضعف في كل عنصر من عناصر المنهج يتطلب أن يسير التقويم جنباً إلى جنب مع تحديد أهداف المنهج، واختيار محتواه، وتنظيمه، واختيار أنشطته وتطبيقها… إلخ، وهذا يعني أن يكون تقويم المنهج عملاً ملازماً له منذ تحديد أهدافه، حتى نتأكد من تحقيقها وهو الأمر الذي لم يتم الالتزام به عند البدء في تجريب بيداغوجيا الإدماج، والتي تم البدء في تجريبها على 25 في المائة من المؤسسات التعليمية، ومع ذلك أعطت نتائج كارثية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى