شوف تشوف

دين و فكر

استخدامات «الدين» في القرآن الكريم

د. محمد ديـرا

استخدم القرآن الكريم كلمة «الدين» بجميع مدلولاتها، سواء بمعنى الخضوع للسلطة العليا والطاعة والإذعان لها، أو بمعنى الشريعة والنظام، أو بمعنى الحساب والجزاء، ويمكن أن نذكر من ذلك ما يلي:
1 – فالدين بمعنى السلطة العليا يعبر عنه قوله تعالى: «هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين» (غافر:65)، وقوله تعالى: «وله مافي السماوات والأرض وله الدين واصبا» (النحل: 52).
2 – الدين بمعنى الطاعة والإذعان، يقول تعالى: «أفغير دين الله تبغون»(آل عمران:83)، ويقول أيضا: «وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء» (البينة:5).
3 – الدين بمعنى الشريعة والنظام، يقول تعالى: «فأقم وجهك للدين حنيفا»(الروم:30)، ويقول سبحانه: «أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم ياذن به الله» (الشورى:21)، ويقول سبحانه: «لكم دينكم وليَ دين» (الكافرون:6).
4 – الدين بمعنى الحساب والجزاء، يقول عز وجل: «وإن الدين لواقع» (الذاريات:6)، ويقول عز من قائل: «وما أدراك ما يوم الدين»(الانفطار:17).
وقد أطلق القرآن الكريم كلمة الدين سواء على الدين الحق أو على الدين الباطل، ففي ما يطلق على الدين الحق يقول سبحانه وتعالى: «ألا لله الدين الخالص»(الزمر:3)، وقوله تعالى: «ذلك الدين القيم»( التوبة:36)، وقوله تعالى: «هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله»(الصف: 9، وكذلك الآيات: التوبة:29، الأنفال: 39، آل عمران: 19، المائدة: 3، النصر: 2، النور: 55، البينة: 5).
فهذا هو الدين الصحيح المعتمد الذي أكمله الله تعالى وأتمه وارتضاه للبشرية، وهو رسالة الأنبياء أجمعين، قال تعالى: «يا بني آدم إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون»(البقرة:132)، وقال سبحانه: «شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه»(الشورى:13).
وأما استخدامات القرآن الكريم للدين بمعناه الباطل، فمنه قوله تعالى: «لكم دينكم ولي دين» (الكافرون:6)، وقوله تعالى: «ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين» (آل عمران:85)، وقوله تعالى: «يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق»(النساء:171)، وقوله تعالى: «إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يُظهر في الأرض الفساد» (غافر:26).
مما سبق يتبين أن كلمة الدين تطلق على الدين الصحيح، والدين الباطل، وحينما تأتي جمعا كلمة (أديان) فهي كلمة شاملة تعني كل دين سواء كان إلهيا صحيحا، أم إلهيا محرفا، أو أرضيا باطلا، مادام أن القرآن الكريم أطلق على ما عليه أهل الكتاب بعد تحريفهم دينا، وما عليه المشركون من تعدد ووثنية اسم دين.
والدين الإلهي يجب أن يشتمل على ما يأتي:
1 – المصدر: وهو الذات الإلهية التي يتجه إليها بالعبادة والخضوع.
2 – الوحي: وهو طريق التوصيل من الإله إلى الرسول أو الواسطة بينهما.
3 – موحى إليه: وهو الرسول المكلف بالتبليغ إلى الناس.
4 – موحى به: وهو الكتاب الذي ينظم شؤون الحياة أو المنهج الذي يجب اتباعه.
فإذا لم تتوفر هذه العناصر الأربعة في أي دين، فهو ليس إلهيا بل يطلق عليه دين أرضي مثل البوذية وغيرها، وإذا توفرت في دين وحرفت تعاليمه في ما بعد فهو دين إلهي لكنه محرف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى