الرئيسيةخاص

الأخبار تكشف «خروقات» تدبير المجلس الإقليمي لطاطا

طاطا: محمد سليماني

ولد المجلس الإقليمي لطاطا في خضم جدال وصراع بين عدة أحزاب، لم يكن الجامع بينها سوى الإطاحة بالرئيس السابق للمجلس. بعد تنفيذ الهدف، برزت إلى السطح صراعات خفية أحيانا بين مكونات المكتب، وأيضا المجلس، وأحيانا تبرز هذه الصراعات إلى العلن تحت يافطة الدفاع عن الإقليم.
المعطيات تشير إلى أن كل طرف يسعى لبسط نفوذه وقيادة المجلس، عبر سحب البساط من تحت أرجل زميله. وكشفت عملية افتحاص مالي وإداري قام بها مفتشان من وزارتي المالية والداخلية عن «خروقات» جمة ظلت طي الكتمان بمقر المجلس الإقليمي المتواجد فوق جبل لا يصله الناس إلا بشق الأنفس. وحصلت «الأخبار» على تقرير لجنة الافتحاص لتعيد نشر العديد من المعطيات المثيرة الواردة فيه.

منح صفقات لمقاولين بطرق «مشبوهة»
قامت لجنة الافتحاص، التي أعدت تقريرا مفصلا عن مجمل أداء المجلس الإقليمي لطاطا، بافتحاص 17 صفقة متعلقة بمشاريع في طور الإنجاز. ووقفت اللجنة على مجموعة من الخروقات، من بينها عدم اشتمال أغلب ملفات الصفقات التي تمت معاينتها على وصولات رفع اليد على الضمان المؤقت.
ووقفت اللجنة، أيضا، على خرق آخر يتعلق بقبول مجموعة من المتنافسين للمشاركة في صفقات، رغم إدلائهم بتصاريح للشرف تشير إلى كونهم خاضعين لمسطرة التسوية القضائية، ودون الإدلاء بتراخيص لمزاولة نشاطهم مسلمة من السلطات القضائية المختصة، واعترف موظفو المجلس الإقليمي للجنة بأنها أخطاء لم يتم الانتباه إليها.
وتبقى مشاركة هؤلاء المتنافسين غير قانونية، كونها تخالف المادة 26 من مرسوم الصفقات العمومية، وبالتالي من الواجب إبعاد هؤلاء المتنافسين المعنيين من التنافس على الصفقات.
ويتعلق الأمر بشركات تنافست على صفقة متعلقة بأشغال تهيئة الحزام الأخضر بإقليم طاطا، وصفقة حول استشارة معمارية رقم 17/BP/2014 تتعلق بتتبع أشغال بناء مقر المجلس الإقليمي لطاطا، وصفقة رقم 24/BP/2015 تتعلق بإنجاز أشغال تأهيل مدخل مدينة طاطا، وصفقة مماثلة تحمل رقم 28/BP/2016 تتعلق بأشغال إنجاز ثلاثة نوادي نسوية.
أكثر من ذلك، أشار تقرير لجنة التدقيق إلى منح صفقات لمقاولين بطرق «مشبوهة»، حيث لم يتم إقصاء نائلي صفقات لعدم استجابتهم للشروط المنصوص عليها، كما هو الشأن بالنسبة للصفقة رقم 02/BP/2016 المتعلقة ببناء مركب للصناعة التقليدية بجماعة فم زكيد، حيث لوحظ أن لجنة فتح الأظرفة لم تعمل على إبعاد نائل الصفقة من المنافسة بالرغم من أنه أدلى بسيرة ذاتية تخص المشرف على الأشغال وأخرى لرئيس الورش دون المصادقة عليهما من طرف السلطة المختصة، في حين تم إبعاد متنافسين آخرين من الصفقة ذاتها للسبب نفسه، وهو ما يتنافى مع المبادئ المنصوص عليها في المادة 1 من مرسوم الصفقات العمومية القائم على المساواة.

اختفاء سيارات من مرأب المجلس الإقليمي
أثناء عملية جرد السيارات والآليات المملوكة للمجلس الإقليمي، لم تعثر اللجنة على السيارة ذات الترقيم 186947/ج بالمرأب، إلا أن مفاجأة اللجنة كانت كبيرة عندما علمت، عن طريق المسؤول عن المرأب، أن هذه السيارة متواجدة لدى رئيس المجلس، وهي معطلة، وأكثر من ذلك لم يتم إصلاحها. كما لم تعثر اللجنة على آلية (Chargeuse peleuse) ذات الترقيم 164371/ج، والتي أفاد المسؤول نفسه بأنها تعطلت خلال استعمالها في إحدى المهام، وظلت هناك معطلة. وكشف التقرير أن المجلس الإقليمي قام بتوزيع 15 سيارة إسعاف على جماعات الإقليم بناء على محاضر تسليم، إلا أن بعض المحاضر لا تحمل تاريخ التوقيع عليها.
ومن بين «الاختلالات» الأخرى التي هزت أركان المجلس الإقليمي، إصدار أوامر بمهمة استعملت فيها سيارات إسعاف سبق وأن تم وضعها رهن إشارة جماعات ترابية تابعة للإقليم، كما أن السائق تابع للإقليم أيضا، فهذه الأوامر يجب أن تصدر عن الجماعة، وسائق سيارة الإسعاف يجب أن يكون تابعا للجماعة أيضا.

منحة مالية سمينة للموظفين
في الوقت الذي يبلغ عدد الموظفين التابعين للمجلس الإقليمي لطاطا 100 موظف، لا يزاول عملهم بالمجلس سوى خمسة موظفين فقط، في حين أن بعضهم أشباح، والبعض الأخرى موضوع رهن إشارة إدارات أخرى. في المقابل، استفادت جمعية الأعمال الاجتماعية للموظفين من منحة مالية برسم سنة 2016، بلغت قيمتها 100000 درهم مخصصة لإنجاز مشروع تجزئة سكنية لفائدة المنخرطين في الجمعية، إلا أن هذا المشروع تشوبه عدة خروقات قانونية، من أهمها عدم تسوية الوعاء العقاري، وشروع الجمعية في الأشغال قبل الحصول على رخصة التجزيء. فالدعم الممنوح للجمعية، حسب تقرير التدقيق، غير قانوني لأنه لا يعترف لها بالمنفعة العامة، طبقا للمادة 141 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم.
عجز المجلس عن تبرير مصاريف الوقود
خلال قيام مفتشي الإدارة الترابية والمالية بالتدقيق في ملفات وصفقات المجلس الإقليمي لطاطا، وقفا عند ملف الوقود، حيث بلغت المصاريف المحددة ما مجموعه 469305.44 درهما، والتي تم صرفها بالكامل سنة 2016، إلا أن المجلس عجز عن مد اللجنة بوثائق تبريرية بخصوص هذه المصاريف. مع العلم أن المجلس لجأ، خلال السنة ذاتها، إلى سند طلب يحمل رقم 31/2016 متعلق بشراء 21300 لترا من الغازوال، والذي حازت عليه إحدى المحطتين.

الكاتب العام للعمالة ينوب عن الرئيس
كشفت وثائق أوامر بمهمة عن قيام الكاتب العام للعمالة بتوقيع وختم هذه الأوامر نيابة عن رئيس المجلس الإقليمي.
ووقفت لجنة التدقيق على ما أسمته ممارسات «غير قانونية» متمثلة أساسا في توقيع أوامر بمهمة من طرف الكاتب العام لعمالة طاطا أثناء غياب رئيس المجلس الإقليمي، رغم كونه غير مؤهل قانونيا لذلك، وهذا الوضع يبين أن التعويضات عن التنقل الممنوحة للموظفين ليست قانونية.
ووقفت لجنة التدقيق على تكاليف بمهام تدخل ضمن اختصاصات مصالح الإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، أسندت إلى موظفين تابعين لميزانية الإقليم، فرئيس المجلس الإقليمي هو المخول بتوقيع هذه الأوامر بمهام، ومن الواجب أن تكون تلك المهام تدخل ضمن اختصاصات الإقليم.

توقف مشاريع وتعثر أخرى
بخصوص برمجة المشاريع ورصد الاعتمادات المالية لها، تبين للجنة التأخر في إنجاز مجموعة من المشاريع المبرمجة لعدم كفاية الاعتمادات المرصودة لها، على غرار إنجاز الحائط الوقائي على واد طاطا، وبناء مقر الوقاية المدنية بجماعة أقا.
وهناك مشاريع مبرمجة خلال السنوات الماضية لم يعد إنجازها ممكنا لأسباب متعددة، من قبيل تبليط حي العايش وحي مايوحل بطاطا، وربط دوار اميتك بشبكة الكهرباء، وبناء مركز للتكوين المهني النسوي بأقا، فضلا عن التأخر في إنجاز مشاريع عبر مقارنة تاريخ البرمجة وتاريخ الالتزام بالنفقات وتاريخ أدائها. في المقابل، ثمة مشاريع لم تبدأ مسطرة إنجازها، وأخرى لم تتم تعبئة العقار اللازم لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى