شوف تشوف

الرئيسيةثقافة وفن

«الإسلام-اليساري» مفهوم يثير نقاشا محتدما في الساحة السياسية والثقافية الفرنسية

تعرف الساحة الثقافية والسياسية الفرنسية خاصة، والغربية عامة، نقاشا محتدما حول الكيفية التي سيتم بها التوفيق بين قيم الإنسانية والتعايش من جهة، وقيم اللائكية الغربية من جهة أخرى، سيما إذا تعلق الأمر بالموقف من التيارات الإسلامية خاصة والمسلمين عامة. هكذا أثار مانويل فالس، رئيس الوزراء الفرنسي، أخيرا، مفهوما خلف جدلا كبيرا بين التيارين اليميني واليساري، هو مفهوم «الإسلام اليساري»، وذلك ردا منه على طلب تقدم به المفكر الإخواني، طارق رمضان، للسلطات الفرنسية للحصول على الجنسية الفرنسية، لكون زوجته ذات أصول فرنسية. فبالنسبة إلى مانويل فالس، فالإسلاميون واليساريون وجهان لعملة واحدة، لكونهما يرعيان التطرف والعنف.

طارق رمضان يخلق الحدث مرة أخرى
في تدوينة له في «الفايسبوك»، أعلن المفكر الإخواني طارق رمضان عزمه التقدم بطلب للحصول على الجنسية الفرنسية، معتبرا ذلك حقا مشروعا له، وهي مناسبة لإظهار احترام قيم الجمهورية، حيث سيجمع الجنسية السويسرية بالجنسية الفرنسية، مؤكدا أن الوقت قد حان للإقدام على هذه الخطوة، سيما بعد سنوات من التفكير كان مترددا في اتخاذها، حتى لا يفهم منها أنه يريد تمثيل المسلمين أو قيادتهم. بالنسبة للكثير من الذين لا يعرفون عنه سوى اسمه، يرون أن طارق رمضان يشكل تهديدا لأنه حفيد لحسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. هذه الجماعة تعتبر إلى يومنا هذا محظورة في مصر، لأنها أعلنت تأسيس دولة إسلامية، أي دولة تُطبق فيها الشريعة الإسلامية. كان سعيد رمضان، والد طارق رمضان، قد هرب إلى سويسرا ليعيش هناك في المنفى، وقام بتأسيس مركز إسلامي بجنيف. ولد طارق بسويسرا عام 1962، ودرس علوم الإسلام ونال درجة الدكتوراه في التخصص ذاته، وذاع صيته في السنوات الأخيرة من خلال محاضراته وحواراته وكتبه العديدة. وفي هذه المناسبات يتحدث باسمه فقط وليس باسم الإخوان المسلمين، كما أنه لا يدافع عن برنامجهم في أوربا كما يدعي نقّاده دائما.

الإسلام اليساري.. التطرف والعنف
بالنسبة إلى مانويل فالس، رئيس الوزراء الفرنسي، فالإسلاميون واليساريون متطرفون وعنيفون، وهو التوصيف الذي جمعه في مفهوم «الإسلام اليساري»، وحسب فالس دوما، فهذا التوافق يظهر بشكل جلي في الحوار بين الناطقة باسم اليسار «كليمونتين أوطان» والإسلامي «طارق رمضان»، وهي المقارنة التي أثارت جدلا، وجعلت الناطقة باسم اليسار تطالب باعتذار رئيس الوزراء، أو رفع دعوى قضائية ضده.
من جهته، صرح مانويل فالس، رئيس الوزراء الفرنسي، أنه ليس هناك «أي سبب» يدعو إلى منح المفكر الإسلامي السويسري، طارق رمضان، الجنسية الفرنسية. وقال فالس في مقابلة أجرتها معه إذاعة «راديو جي» اليهودية الباريسية قبل مغادرته، السبت الماضي، باريس متوجها إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وتم بثها بعد ظهر الأحد الماضي، «ليس هناك أي سبب يدعو إلى حصول طارق رمضان على الجنسية الفرنسية». وأضاف: «حين يتطلع شخص ما إلى أن يكون فرنسيا، فهذا يعني أنه يتطلع إلى تقاسم قيم»، إلا أن رسالة رمضان «تتناقض» مع قيم فرنسا، برأي فالس. وندد رئيس الوزراء الفرنسي أيضا بـ«اليسار الإسلامي»، وهو التيار الذي يجعل اليسار والإسلاميين معا رعاة للتطرف والعنف، فطارق رمضان هو حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصري حسن البنا، ويتهم بأنه يعتمد خطابا مزدوجا ويروج للإسلام السياسي ضمنا. غير أن رمضان الراغب في الحصول على الجنسية الفرنسية، يشدد على تمسكه بـ«قيم الجمهورية». وهذه ليست المرة الأولى التي يخلق فيها طارق رمضان الحدث في فرنسا، سيما في ظل استمرار الجدل بشأن نواياه الحقيقية، بين من يعتبره إسلاميا متفتحا وعصريا، بل إن هناك من يعتبره من الشخصيات الإسلامية الأكثر تأثيرا في العالم، وبين من يعتبره رجل دين منغلق يخفي نواياه الحقيقية.

طارق رمضان: «لم أطلب وسام جوقة الشرف»
في رده على تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي، والتي يعلن فيها رفضه منح الجنسية الفرنسية لطارق رمضان، لكونه يعارض قيم الجمهورية، كتب هذا الأخير في «تويتر»، اليوم نفسه الذي تمت فيه إذاعة حواره في إذاعة فرنسية، بأنه طلب فقط الجنسية ولم يطلب «وسام جوقة الشرف»، حيث تساءل: «لو طلبت وسام جوقة الشرف، هل كنت ستمنحه إلي؟»، وذلك في ربط بين طلبه الجنسية الفرنسية والوسام الذي منحه فرانسوا هولاند لولي العهد السعودي، محمد بن نايف، وهو الوسام الذي أثار جدلا واسعا في فرنسا، بسبب الوضع الحقوقي السيئ الذي تعرفه العربية السعودية. هذا الربط بين طلب الجنسية والوسام، يحيل إلى نقاش حاد. دفع «جان مارك أيرو»، وزير الخارجية الفرنسي، إلى الدفاع عن قرار حكومته منح ولي العهد السعودي محمد بن نايف وسام جوقة الشرف، أرفع الأوسمة الفرنسية، بعدما أثار القرار موجة من الاحتجاجات في وسائل التواصل الاجتماعي. وقال الوزير أيرو الذي تسلم مهام منصبه، أخيرا، لإذاعة «فرانس إنتر»: «إنه تقليد دبلوماسي، وأستطيع أن أحدثكم عن العديد من هذه الأوسمة التي منحت». وقال أيرو إن حفل منح الوسام «لم يتسم بالفخامة»، مضيفا أنه يتفهم ردود الفعل السلبية لقرار الحكومة.
وكان الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، قد منح الوسام لولي العهد السعودي الزائر – الذي يشغل أيضا منصب وزير الداخلية – يوم الجمعة الماضي، «لجهوده في محاربة التطرف والإرهاب.» لكن الحكومة الفرنسية تكتمت على الخبر ولم تعلنه، إلا أن وكالة الأنباء السعودية نشرته. يذكر أن فرنسا باعت السعودية أسلحة بمليارات الأورو، وتنظر إليها على أنها عضو مهم في منظومة تبادل المعلومات حول المجموعات الجهادية. ولكن منتقدي القرار يقولون إن السعودية مولت ولعقود عديدة نشر فكرها الوهابي المتزمت حول العالم، مما أدى إلى نمو التهديد الذي تقول فرنسا إنها تحاربه الآن. كما يتهم كثيرون السعودية بانتهاك حقوق الإنسان، خصوصا في ما يتعلق بتطبيق عقوبة الإعدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى