الرأي

الجسر

هي
اعتبرتك الجسر الذي سأمرّ عبره إلى الضفة الأخرى، وسأترك هذا العالم القذر الذي يحيطني. كنت القاصر الضحية لزواج مدبر من شخص أباح له العقد اغتصابي كل ليلة، وخارت قواي في إحدى الليالي لأخرج مهرولة صارخة تلقفتني يد المارة قبل أن تدهسني شاحنة.
مضت بضع سنوات قبل أن ألقاك. لم أنس الماضي، بالرغم من أنه رحل عني رسميا بطلاق دون أولاد. لم أخبرك بوضعي، ولم تدقق أنت في معرفة ما حصل معي في السابق. وجل ما كان يعنيك هو أن تحصل علي، وخصوصا أنني زدت جمالا وزاد الرجال فيّ رغبة؛ وحين لا نرغب في الشيء نجده.. وهكذا الحياة تمشي بطريقة عكسية. وكنت أحقد على كل الرجال، بدءا من ذلك الوحش الذي مر من حياتي ذات مرحلة ضعف. الآن، غدوت أكثر وعيا بالحياة.
وكان عليّ أن أغادر لأرى عالما آخر، حيث تعيش المرأة معززة مكرمة دون خوف ودون ضغوط. وهكذا، وافقت على أن أرتبط بك، وأن أمر إلى هناك. ولم أجد غير هذه الطريقة، بالرغم من أنني لم أكن لأتزوج مجددا في كل حياتي؛ ولكن الظروف اقتضت أن أفعل.
وتزوجنا بسرعة كبيرة، وتمكنت أخيرا من الوصول إلى هناك، ولاحت لي الحرية بارقة لامعة، وابتسمت في وجهي الحياة.

هو
عشت في الغربة سنوات قبل أن أقرر الارتباط بابنة البلد. عدت ذات صيف أبحث هنا وهناك، ووجدتك امرأة ناضجة وأنثى مثيرة يتمناها أي رجل.
ولقد كان يتمناك الكثيرون، وسألت عنك فقالوا إنك لا تعيرين للرجال اهتماما، ولم أحسبه عداء وحقدا دفينين بينك وبينهم؛ بل اعتبرت الأمر غرورا منك واعتدادا بنفسك. وهكذا، وقعت ضحية خدعتك وخدعة عدم فهمي، فرجوتك الزواج مني؛ لكنك وضعت شروطا أهمها ألا تتم الدخلة إلا بعد أن آخذك إلى البلد الذي أعمل فيه. وجاهدت لألبي لك طلبك، وأخيرا طارت بك الطائرة معي إلى حيث حلمتِ؛ لكن الدخلة لم تتم، فلقد رفضت أن تلمسك يدي، وباءت كل محاولاتي معك بالفشل. وحين انتهى اللين بدأت أشدد المعاملة معك. وكان ذلك ما تصبين إليه، فلقد توجهتِ بعدها إلى السلطات وإلى الجمعيات، وأثبتت أنك ضحيتي، وأخذوني إلى السجن.
وبعد قضاء المدة المحكوم بها عليّ وخروجي من السجن، سحبوا أوراق إقامتي وطردوني؛ فقررت تطليقك. وحين أخبرت المحامي بأنك مازلت عذراء، ولم ألمسك ضحك كثيرا وهو ينظر إلى عقد الزواج، وقال بأنك كنت مطلقة حين تزوجت بك.
تذكرت أنني يومها ومن شدة فرحتي وبلادتي وقّعت ورقة الزواج ولم أقرأ منها شيئا، وهل ينفعني اليوم أسفي بعد أن جعلت مني جسرا مررت من فوقه ثم قمت بهدمه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى